المملكة وعدد من الدول وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامية تدين مصادقة الكنيست الإسرائيلي على مشروعَي قانونين يهدفان لفرض "السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية المحتلة وعلى المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية غير القانونية    بدء أعمال صيانة وتأهيل طريق الملك سعود "القشلة" اليوم    الذهب يرتفع مع تعزيزات الطلب وتزايد المخاطر الجيوسياسية والتوترات التجارية    الأسهم العالمية ترتفع وسط سلسلة أرباح معزَّزة بمكاسب قطاع الطاقة    أمير منطقة تبوك يواسي أسرة القايم    العلا يتصدر دوري يلو بعد الجولة الخامسة وسط أرقام قياسية في الأهداف والأداء الدفاعي    منتدى الأفلام السعودي يعود ب"لقاء يغير المشهد"    جديد أزمة لودي في الهلال    نائب مساعد وزير الداخلية للشؤون التقنية: الخدمات الجديدة بالأحوال المدنية تعزز التحول الرقمي    شرطة القصيم تلقي القبض على متورط في إحراق مركبة نتيجة خلافٍ سابق    وزارة التعليم تتجه لإعادة هيكلة إداراتها وتقسيمها إلى خمس مناطق تعليمية رئيسية    الدريهم يكتب… ثبات ماجد والباقي يتغير    انطلاق ملتقى الصحة العالمي 2025 الأسبوع المقبل بالرياض    دعوات لتوظيف الذكاء الاصطناعي في خدمة الهوية المعمارية    التعاون الاسلامي يطالب بتعزيز التعاون للوصول لمستقبل مائي مستدام    بيع صقرين ب 163 ألف ريال في الليلة ال 11 لمزاد نادي الصقور السعودي    59.1% من سكان السعودية يمارسون النشاط البدني أسبوعيا    بروكسل تعد القاهرة بمساعدات بقيمة 4 مليارات يورو خلال أول قمة أوروبية – مصرية    لشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية ورئيسًا لهيئة كبار العلماء ورئيسًا عامًا للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمرتبة وزير    وزير الشؤون الإسلامية يشيد بالأمر الملكي بتعيين الشيخ صالح الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة    محافظ الطائف يلتقي مدير الدفاع المدني اللواء القحطاني    نائب أمير نجران يتسلم تقريرًا عن مشاريع الأمانة    تكليف العنزي مديراً للإعلام ومتحدثاً لوزارة الشؤون الإسلامية    حراك دولي مكثف لتثبيت اتفاق غزة    "الإحالات الطبية" ينفذ خمسة آلاف إخلاء سنويًا ويُنقذ 30 ألف حياة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يرسم الابتسامة على وجه ثلاثينية بالحمل والولادة بعد عقم استمر 12 عاماً    السعودية إلى كأس العالم    في الجولة الثالثة من «يوروبا ليغ».. أستون فيلا لمواصلة الانتصارات.. واختبار أول لدايش مع نوتينغهام أستون فيلا لمواصلة الانتصارات.. واختبار أول لدايش مع نوتينغهام    في الجولة السادسة من دوري روشن.. كلاسيكو مثير بين الاتحاد والهلال.. والنصر والأهلي في ضيافة الحزم والنجمة    ملك مملكة إسواتيني يستقبل نائب وزير الخارجية    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ علي عبدالله الأحمد الجابر الصباح    أكد رسوخ الوفاء والمبادرات الإنسانية.. محافظ الأحساء يكرم مواطناً تبرع بكليته لوالده    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة علي الصباح    نتنياهو يؤكد العمل مع واشنطن لتحقيق السلام.. ونائب ترمب: مهمة نزع سلاح «حماس» صعبة    آل حلوّل والضليمي يزفون داؤود    المرور: الانحراف المفاجئ أبرز مسببات الحوادث    زوجة الجفري في ذمة الله    أجريت إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. نجاح عملية عيب خلقي في القلب لطفلة فلسطينية    بالونات مجهولة تثير مخاوف الأمريكيين    برنامج ثقافي سعودي- فرنسي يمتد حتى 2030.. 50 مليون يورو لدعم مشروع «مركز بومبيدو»    «السمحانية».. جمال المكان وروح التاريخ    عرض مسرحية «المايسترو» مطلع نوفمبر    الجاسر مستشاراً لمهرجان الأفلام    ترمب يعلن إلغاء الاجتماع مع بوتين: «لم أشعر بالراحة»    «التجارة»: 59% نمو سجلات الألعاب الإلكترونية    أمر ملكي بتعيين الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    جذب شركات واستثمارات أجنبية واعدة..القويز: 1.2 تريليون أصول مدارة في السوق السعودية    الاستثمار في رأس المال البشري.. البيز: 339 سعودياً يدرسون الأمن السيبراني في أمريكا    رئيس وزراء مملكة إسواتيني يستقبل نائب وزير الخارجية    معقم الأيدي «الإيثانول» يسبب السرطان    نادي الساحل يكرم حملة التطعيم    339 مبتعثا يدرسون الأمن السيبراني بأمريكا    التراث يحفّز الاستثمار ويقود ازدهار المتاحف    الفوزان مفتيا للمملكة    تصعيد ميداني في أوكرانيا وتوتر بين ترمب وبوتن    نائب أمير منطقة الرياض يرعى حفل جائزة الاستدامة المالية    محافظ الأحساء يرعى توقيع اتفاقيات إستراتيجية لجمعية زهرة    أمير حائل يستعرض خطط وبرامج جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر الوسطية والاعتدال
نشر في الرياض يوم 29 - 05 - 2019

يسَّرَ الله لدولتنا المباركة المملكة العربية السعودية انتهاج سبيل الاعتدال، وعدم التزحزح عنه قِيدَ أنملةٍ؛ لأنها تحكم الشرع الحنيف، وتستند أنظمتها إلى أحكام الفقه الإسلامي الذي كان إليه المُنتهى في الاتّزان والاعتدال..
من حقِّ أمة الإسلام أن تغتبط بما حباها الله من النعم العظيمة، والمنن الجسيمة، حيث اجتباها وجعلها خير أمةٍ أخرجت للناس، وبعث إليها أفضل رسله الكرام، وخصّها بشريعةٍ لن تنسخها شريعة، بل هي باقية شاملة تصلح لكل الأزمان، وتناسب كل الأجناس، ولا توجد مزيّةٌ حقيقيةٌ، ولا فضيلةٌ ثابتةٌ إلا وللإسلام فيها الحظُّ الأوفر، كيف لا وهو الدين الذي رضي الله لهذه الأمة وامتنّ عليها بذلك فقال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً).
ومن مزايا الإسلام العظيمة كونه دين الاعتدال والوسطية، والتيسير والرفق، ولا يقف على جليّة ذلك إلا دارسو الشريعة، العارفون بكليات الشرع، والمطّلعون على كثيرٍ من جزئيات أحكامه، والاعتدالُ عبارةٌ عن خطٍّ وسطٍ بين طرفين مذمومين هما الإفراط والتفريط، والإسلام هو دين الاعتدال والوسطية، لا يُقرُّ الغلوّ ولا التقصير والإخلال، ومن مظاهر محاربته للغلو والإفراط ما يلي:
أولاً: النصوص الناهية عن الغلوّ، الموجبة للاعتدال، ومنها قولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ»، وقولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» أخرجه البخاري.
ثانياً: أن العبادات البدنية المُرغب فيها لم يؤذن بالغلو فيها، فلم يُشرع استغراق الليل في الصلاة، بل المشروع تجزئته بين الصلاة والراحة وشؤون الحياة، كما لا يُشرعُ صيام الدهر ولا وصال الصوم، ولا التبذير في الصدقة، بل إن من أهم قواعد الوسطية ما أُنزل في الصدقة من قوله تعالى: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم لشدة حرصه على مصلحة الأمة لا يبلغه عن أحدٍ من أصحابه مبدأ من مبادئ الغلوّ إلا بادر بكفِّهِ وزجره عنه، فقد ردّ على بعضهم التّبتّل، والعزوف عن النساء تفرّغاً للعبادة، ولم يأذن لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما بصوم الدهر وقيام الليل كله، وعن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».
ثالثاً: أن الإسلام دين السماحة والتيسير، ولا تخلو تشريعاته في العبادات والمعاملات من تسهيلاتٍ ورخصٍ تنمُّ على رفع الحرج والإصْرِ عن الأمة، وتكون كفيلة بتحصيل المصالح ودرء المفاسد، والغلوّ مُناقضٌ لهذه السماحة وهذا التيسير، فإنما يكون الغلوّ بتجاوز حدود الشرع؛ ولهذا سمّى الله تعالى بعض أنواع الغلوّ اعتداءً فقال: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)، بل إن الغالي يتناسى ما أرسى الإسلام من دعائم الاعتدال، ويتخيّلُ بفهمه السقيم أن تنطّعه، وتطرّفه أهدى سبيلاً، وأقوم منهجاً من الوقوف عند حدود الشرع، والالتزام بقواعده.
أما التفريط فهو ثاني الطرفي المذمومين، وهو الإخلال بواجب التّعبّد، بمخالفة الأوامر، واقتحام المنهيات، والعزوف عن فعل الخيرات، والواجب على المسلم عدم التفريط، ونصوص الوحيين متضافرة على ذمِّ التفريط في جنب الله، والحث على الاجتهاد في الطاعة، واستثمار الوقت فيما ينفع، وقد يسَّرَ الله لدولتنا المباركة المملكة العربية السعودية انتهاج سبيل الاعتدال، وعدم التزحزح عنه قِيدَ أنملةٍ؛ لأنها تحكم الشرع الحنيف، وتستند أنظمتها إلى أحكام الفقه الإسلامي الذي كان إليه المُنتهى في الاتّزان والاعتدال، ومن مظاهر اهتمامها بذلك رعاية خادم الحرمين الشريفين سلمه الله تعالى لمؤتمر (قيم الوسطية والاعتدال في نصوص الكتاب والسنة واللقاء التاريخي لإعلان وثيقة مكة المكرمة ) الذي نفّذته رابطة العالم الإسلامي، وافتتحه سمو أمير منطقة مكة المكرمة سلمه الله تعالى، وفيه تجسيدٌ لدور المملكة في ترسيخ قيم الاعتدال في عالم يعجُّ بتياراتِ الإفراط والتفريط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.