تأثرت النتائج المالية المعلنة لشركات التأمين عن الربع الأول من عام 2018 بتوصيات الخبير الإكتواري المتعلقة بتعديل احتساب الاحتياطيات الفنية وتخصيص احتياطيات إضافية، بما يتوافق مع الأنظمة الرقابية، والضوابط الفنية للاكتتاب، الأمر الذي أدى إلى انخفاض أرباح بعض الشركات مقارنة بالعام الماضي. هذا، وقد أعادت توصيات الخبير الإكتواري حسابات شركات التأمين بزيادة الإحتياطيات الفنية لمواجهة المطالبات المحتملة. وشكل التزام شركات التأمين بالتوصيات الإكتوارية إلى دعم القدرة المالية على المدى البعيد، بالرغم من انعكاساتها السلبية المتوقعة على قوائمها المالية على المدى القصير، وذلك من خلال تأثيرها على الأرباح التشغيلية سواء بالتخفيض أو بتحقيق خسائر. ويأتي الإعلان التزاماً من تلك الشركات بمبدأ الافصاح والشفافية المعمول به بالمملكة، ومن المتوقع أن تؤدي زيادة الاحتياطيات الفنية لشركات التأمين إلى دعم قدراتها المالية للوفاء بالتزاماتها تجاه حملة الوثائق وسداد المطالبات التأمينية في كافة فروع التأمين خاصة فرع التأمين الطبي، الذي سجل بدوره ما يربو عن 15.3 مليار ريال بنهاية عام 2017، بحسب إعلان مجلس الضمان الصحي التعاوني. وكان قطاع التأمين السعودي قد سجل ارتفاعاً في الاحتياطيات الفنية خلال الفترة ما بين 2010 و2016 بمتوسط معدل زيادة سنوي قدره 17 % تقريباً، حيث ارتفع من 11.9 مليار ريال عام 2010 إلى 29.7 مليار ريال في عام 2016، وسط توقعات أن تتجاوز الاحتياطيات الفنية الإضافية خلال عام 2017 في السوق ل30 مليار ريال. وجاء إعلان الشركات تماشياً مع تعليمات مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، التي كانت قد أصدرت في يناير 2016 «اللائحة التنظيمية للأعمال الإكتوارية لشركات التأمين وإعادة التأمين» التي تهدف إلى إيجاد معايير عالية الجودة لممارسة الأعمال الإكتوارية في المملكة، حيث ألزمت المؤسسة شركات التأمين وإعادة التأمين بتطبيق اللائحة في مطلع يناير 2017م. وقد حددت اللائحة إجراءات تعيين الخبير الإكتواري، ومهامه، ومسؤولياته، حيث يعتبر الشخص الذي يقوم بتطبيق مبدأ الاحتمالات والإحصاءات التي تشكل عنصراً هاماً في تسعير الخدمات، وعلى أساسها تقوّم الالتزامات، وتكوّن المخصصات. وأكدت مؤسسة النقد على أنه إذا تبين لها أن الخبير الإكتواري المعين غير مناسب للقيام بالمسؤوليات المذكورة، فإن لها أن تطلب من الشركة إبداله بآخر يتمتع بالكفاءة اللازمة للقيام بتلك المسؤوليات، وإذا لم تعين الشركة إكتواريًا بديلًا فإن للمؤسسة الحق بتعيين إكتواري على نفقة الشركة، وأن عدم الالتزام بالأحكام الواردة في هذه اللائحة يُعدّ مخالفة لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني ولائحته التنفيذية، وشروط الترخيص أو الموافقة على العمل، ويعرّض شركة التأمين وإعادة التأمين والإكتواري للعقوبات النظامية. وشددت مؤسسة النقد على أنها تولي عناية خاصة بحماية حقوق المتعاملين في قطاع التأمين، وأن تطبيق هذه اللائحة سيكون له آثار إيجابية على مستوى حماية حقوق المتعاملين فيه. ويتمتع الخبير الاكتواري بالقدرة على الجمع بين النظريات والتطبيقات في علوم الرياضيات والاحصاءات والاقتصاد والعلوم المالية لقياس المخاطر المستقبلية وإيجاد الحلول لها. ويمكن للإكتواري أن يساهم في نقاط كثيرة في مجالات التقاعد والتأمين بأنواعه، ومن مجالات عمله: تطوير أعمال الشركات والمؤسسات، تحليل عائد الاستثمار، تحليل تطور المخاطر، تحليل المصاريف العامة، والعمل على تحقيق التوازن بين الموجودات والمطلوبات، توزيع الأرباح، إتفاقيات إعادة التأمين، المساهمة في تشريع الأنظمة، والكثير من المهام الأخرى. وفي مجال التأمين يعرف الخبير الاكتواري (actuary) بأنه الخبير الفني في التأمينات ودفعات الحياة والأدوات المالية، وهو الذي يطبق معرفته الرياضية والحسابية على العديد من القضايا والمشاكل في عدد من المجالات بما في ذلك التأمين والاستثمار والقضايا المالية وإدارة الأخطار والقيم المالية وغيرها من الأمور ذات العلاقة. ويتمتع الخبراء الاكتواريون بعلاقة عريقة مع شركات التأمين، حيث يقدمون العديد من الخدمات لهذه الشركات بما في ذلك تطبيق إحصائيات وحسابات الوفيات في تأمينات الحياة والأساليب الفعالة ماليا من أجل تحديد مدى كفاءة وكفاية الأقساط لتلبية المسؤوليات والالتزامات المستقبلية. ويشترط فيمن يمارس الأعمال الاكتوارية أن يكون حاصلاً على شهادة متقدمة في تخصص علم الرياضيات أو الإحصاء أو المالية ثم اجتياز تدريباً متقدماً (ماجستير أو دبلوم في العلوم الاكتوارية). في الوقت الذي تحتم جميع قوانين التأمين في العالم على شركات التأمين أن تُظهر في ميزانياتها احتياطيات ومخصصات خاصة بعمليات التأمين، بالإضافة إلى الاحتياطيات النظامية التي يتم احتجازها لتدعيم المركز المالي للشركة، وهي حق من حقوق المساهمين يحق لهم المطالبة به إذا زادت عن الحدِّ القانوني. أما المخصصات الفنية فهي جزءٌ من إيراداتِ الشركة تُحتجز لمقابلة التزامات مؤكدة الحدوث أو محتملة لكن يصعب تحديد قيمتها بدقة، وتشكل عبئاً على الأرباح. Your browser does not support the video tag.