ماذا لو أنك استيقظت وخرجت إلى الشارع ورأيت أن الحي القديم المتهالك والذي تسكنه وقد عفى عليه الدهر، قد تحول إلى معرض فني كبير نابض بالحياة؟؟.. أجزم أن الابتسامة لن تفارق محياك والفرح سيرقص في قلبك وستطير عالياً محلقاً في سماء البهجة. هذا ما حدث فعلاً لسكان مدينة الخبر تحديداً حي الصبيخة - الخبر الجنوبية - في المبادرة الأولى من نوعها على مستوى المملكة لنشر ثقافة الفن التشكيلي لطبقات المجتمع كافة، والعمل على تحسين الشكل الجمالي للأحياء القديمة، وقد قامت بذلك الفنانة التشكيلية مضاوي الباز مدير عام ضاوي جاليري، وهي صاحبة مبادرة (الفن شرقي) مع ما يزيد على عشرين من الفنانين التشكيليين من مدن مختلفة من بلادي، وتحت رعاية ودعم من صاحبة السمو الأميرة عبير بنت فيصل بن تركي آل سعود حرم أمير المنطقة الشرقية، وعدد من رجال الأعمال والمؤسسات الخاصة، وبتسهيل من عدد من القطاعات الحكومية. الذي حدث في ذلك الحي أن الهدوء القاتل تحول إلى أصوات من الصخب المفيد بل إن شوارع الحي أصبحت خلية عمل من الصباح حتى غروب الشمس، فنانين وأصباغ وريش، وغطت جدران المنازل ألوان زاهية برسومات معبرة، وتحول الحي حتى قبل انتهاء العمل إلى مزار يومي للكثيرين من مختلف الجنسيات والاهتمامات والأعمار، وما زال الزوار حتى اللحظة، فهو بمثابة معرض فني كبير. العمل استغرق عشرة أيام من العمل الجاد والمنظم، وقد قام الفنانون باستخدام فن الجرافيتي والذي عرف برسائله السلبية في شوارع العالم، لكن الفنانين في مبادرتهم قدموا وجهاً جديداً لهذا الفن؛ حيث كانت رسالة كل فنان شيئاً جديداً على هذا الفن، ومنها رسائل حب للوطن وتجسيد لُوح رائعة عن وطننا الغالي، واستخدموا الخط والزخرف العربي، إضافة إلى معالجة ظواهر اجتماعية بشكل إيجابي، وتلونت مساحات من الجدران بلوح تعبيرية تشع سعادة وفرحاً. المبادرات المجتمعية والتي بدأت تنتشر في وطننا الغالي، وتتلمس احتياجات الناس هي كثيرة وفي مناطق مختلفة وفي قطاعات متعددة، يبادر بها كثيرون أفراداً وجماعات ومؤسسات خاصة وعامة، والذي نطمح له جميعاً هو أن تكون مبادرات مستدامة تساهم بها أيادٍ بيضاء، وتكمل مشوارها أيادٍ خضراء، وتشرف عليها أيادٍ زرقاء، وهكذا يتلون الوطن بألوان الخير، ولا منة لهم بذلك بل هو واجب على كل فرد قادر أن يقدم شيئاً للوطن، وفي ظل ثقافة المبادرات وخدمة المجتمع نتطلع إلى جرأة وقوة في الطرح وتقديم ما يحتاجه المجتمع بالفعل دون تكرار أو استعراض ورغبة حقيقة للعطاء.. من دون إهدار للجهود والطاقات. الحي السكني الذي شملته هذه المبادرة الجميلة (الفن شرقي) شاهد على جمال أرواح المتطوعين، وكثرة الزوار دليل على نجاح المبادرة.. ومنا لهم كل الشكر الذي لا يكفي. Your browser does not support the video tag.