إن تملك لاعبين أجانب مميزين ويصنعون الفارق فأنت قادر على الذهاب بعيداً في المنافسة"، هذه قاعدة يؤمن بها كثير من محبي ومتابعي الكرة السعودية، وعدد لا يستهان به من المختصين بالأمور الفنية، ومرد ذلك إلى أن متبني هذه الفكرة يؤكدون دوماً أن مستوى العناصر المحلية متقارب للغاية، وأن الفروقات الفنية والبدنية بسيطة جداً إن وُجدت أصلاً. وفي وقت تعاني الكرة السعودية من شح واضح في معظم الخطوط وخصوصاً خط الهجوم، بسبب عدم قدرة المهاجم السعودي على مزاحمة الأجنبي وتحقيق أرقام مميزة، جاء قرار اتحاد الكرة بالسماح للأندية بالتعاقد مع حارس مرمى أجنبي ليفتح أمام أزمة محتملة في هذا المركز الحيوي الذي لا يشغله إلا لاعب واحد، خصوصاً وأن الحراس المميزين القادرين على قيادة فرقهم لتحقيق نتائج إيجابية لا يتجاوز الواحد أو الاثنين. وبمجرد محاولة قياس "نظرية الأجانب المميزين" على أرض الواقع، نجد أن قائمة هدافي الدوري السعودي في المواسم الأخيرة شهدت استحواذاً مطلقاً للعناصر الأجنبية وغياباً واضحاً للمهاجمين السعوديين، في وقت تلجأ معظم الفرق أيضاً لانتداب مدافع أجنبي وأحياناً أكثر مثلما فعل الهلال عندما استخدم ورقتين أجنبيتين في خطوطه الخلفية قبل موسمين القرار يبدو للوهلة الأولى أقرب إلى الاحترافية ويضع كل الخيارات أمام الفرق للاستفادة من اللاعبين في أي مركز يختاره صاحب القرار الفني، لكنه عملياً سيعني أننا سنكون أمام معضلة كبيرة خصوصاً مع تراجع مستويات حراس المرمى وعدم بروز أسماء ذات قيمة فنية عالية، باستثناء حارس الشباب المنتقل للأهلي محمد العويس الذي لا يمكن تأكيد قدرته على العودة للملاعب بعد انتهاء قضيته والتحاقه بفريقه الجديد بنفس مستواه السابق باعتبار أن مركز الحراسة يتطلب حضوراً ذهنياً والدخول في أجواء المباريات بشكل سريع وهو الأمر الذي لن ينتظره الأهلاويون ولن يحتملوا معه أي أخطاء ربما تكلفهم ألقاباً، في وقت كان الحارس الشاب أحد الأسماء المهمة في قائمة المنتخب السعودي قبل ظهور قضيته معاناة الكرة السعودية مع حراسة المرمى ظهرت منذ رحيل الحارس الأسطورة محمد الدعيع، وقرار مثل هذا يعني أن بعض الفرق ستلجأ لورقة الحارس الأجنبي، ما يعني أن عدد الأسماء السعودية التي ستقف بين الخشبات الثلاث ستكون أقل من السابق وهذا عملياً يعرقل ظهور وجوه جديدة على الأقل بمقياس النسبة والتناسب، ما يعني أن معاناة كرتنا مع ندرة المهاجمين ستتكرر على المدى المتوسط أو الطويل في مركز الحراسة.