التشاؤم هذه الآفة مابرحت ترهق العقول والقلوب، لاادري كيف ننقذ أنفسنا من اوهام تعبث بقيمنا وترهق أعصابنا وهي لا تمت للواقع بصِلة ، فعلى سبيل المثال وعلى صعيد الاتصالات وحينما تتصل على أحد الزملاء أو الأقرباء أو حتى رئيسك بالعمل بالجوال ولا يجيب هنا فإن التصور وبسرعة البرق سيتجه إلى التحليل الخاطئ والأسوأ في الوقت ذاته وتكون الأفكار المؤذية في الصدارة ليش مارد أكيد زعلان ، أكيد أخذ على خاطره ، ليش ما رد ؟ وتضيق المساحة لالتماس العذر، ربما يكون الجوال في الوضع الصامت ، مشغول ، نائم ، يقود السيارة ، مشكلة في الجهاز ، وقس على ذلك في ظروف الحياة المختلفة لاسيما على صعيد العلاقات الأسرية ، الاستنتاج الاستباقي الخاطئ يضيق الفرص ويحجب الرؤية ومعها الحلول عند الشخص المتأزم، فيما يتعرض التفاؤل لإبعاد غير مستحق وينحرم البعض من فيء ظلال هذه القامة الشامخة ، وهكذا تتآكل القوة المعنوية بفعل التصورات الخاطئة وفي نهاية الأمر تجد الأمور كلها تمام التمام ، فيما تكون الشكوك المؤذية قد نالت من صحته النفسية بل والعامة. وكلما غاص الإنسان في التشاؤم غرقت الحلول المتاحة في بحر اليأس ليسدل القنوط المنهي عنه إزاره البائس ويجره من حيث لايحتسب إلى النهاية المحزنة والخسارة الحتمية ، والسؤال هنا لماذا نغضب لأتفه الأسباب وتنحسر مسألة التحمل وحكمة الاستيعاب ؟ ولماذا نستبق النتائج من خلال التسرع في الحكم ؟ مسألة التحكم بالمشاعر في هذه الحالة من الضرورة بمكان وتنطوي على سلامة العقل ونضج الادراك، ومن السهولة تحقيقها متى ما كانت الثقة بالله وحده هي المقياس، الهدوء والتروي والتريث والتؤدة والأناة مقومات لطرق الفضيلة في استشعار للأهداف النبيلة لجمال الروح ، وعلى النقيض من ذلك تجد التسرع والعجلة والرعونة معاول هدم تقوض القيم وتجهز على الحس الإنساني في بهيمية أقرب ما تكون إلى إقصاء العقل عن أداء دوره الفعال، اذ يتوجب محاربة هذا الجيش الجرار من الاوهام بكل ما نملك من أدوات تمكننا من إبادته من خلال التوازن وأهمية الإستقرار النفسي والفكري في حياة الإنسان ، وقد وردت الوساوس في القرآن الكريم والاستعاذة منها ، ذلك أنها تهلك المقومات الفكرية والمعنوية لدى الفرد وتسعى إلى تحطيمه واستدراجه لأمور سيئة باستباق الشرور والحكم على النوايا، فطالما الإنسان يؤمن بالله واليوم الاخر ويحب الله ورسوله ومخلص في نيته، ويجتهد ويعمل ويلتزم بقيمه فلم التوجسات السلبية المؤذية ؟ فإذا كنت واضحاً في عملك في علاقاتك في تعاملك فلا تلتفت إلى هذه الترهات، الخلل في التوازن الكيميائي المضطرب والمربك منشؤه غياب المحفزات العاطفية للطمأنينة والسكينة والاستقرار في حين أن التعاطي مع الأمور بإيجابية يستميل محفزات دعم الروح المعنوية في اطار التصالح مع الذات ومن خلال التعامل مع المشاعر بأريحية تستلهم الجانب المضيء من اللباقة واللياقة الفكرية.