وزير الخارجية الألماني يبدي تحفظه إزاء إمكانية نشر قوات ألمانية في أوكرانيا    270 حالة وفاة بالكوليرا في دارفور    فالكونز السعودي يتصدر المشهد العالمي    وزارة الثقافة تشارك في صوْن التراث بجازان    شاطئ المستقبل.. وجهة سياحية جديدة تجذب أهالي جدة وزوارها    الأمير سعود بن مشعل يطلع على أبرز إنجازات مطار الملك عبدالعزيز الدولي.    «التغدية العلاجية» تختتم فعالية الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية بجازان    أمير تبوك يطلع على سير العمل بالمنشآت الصحية بالمنطقة    أمير جازان.. رؤية تلامس الواقع وإنسانية تحاكي القلوب    الرياض تستضيف الطاولة المستديرة السعودية – السورية    أمير نجران يتابع استعدادات العام الدراسي    تحت رعاية خادم الحرمين.. الهيئة العامة للصناعات العسكرية تُنظّم معرض الدفاع العالمي    الشؤون الإسلامية تنفذ أكثر من 2,9 مليون منشط توعوي وإرشادي    السياحة في السعودية بين عبق التاريخ ودهشة الطبيعة    الصحة القابضة والتجمعات الصحية يطلقون "تعلّم بصحة" بالتزامن مع العودة للدراسة    شهر للغة العربية في أذربيجان    أكاديمية الإعلام السعودية بوزارة الإعلام تعلن انطلاقة أولى مراحل مسار "قادة الإعلام" في سويسرا    تعليم جازان ينظم لقاءً افتراضيًا لمديري ومديرات المدارس استعدادًا للعام الدراسي الجديد    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس سيراليون    جمعية التكافل وشركة نهضة التنمية تبحثان عن سبل التعاون المشترك    جمعية عين تختتم مشروع عمليات اعتلال الشبكية بدعم من "غروس" وشراكة مع مركز بن رشد للعيون    أمير حائل يستقبل مدير مكافحة المخدرات المعين حديثًا بالمنطقة    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير سجون المنطقة الشرقية بمناسبة تعيينه    تراجع سوق الأسهم السعودية 11 نقطة بضغط من 4 قطاعات قيادية    يايسله: هذا موسم الحصاد في الأهلي    الأحوال المدنية تطلق الإصدار الجديد من شهادتي الميلاد والوفاة    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ مبادرة استشر طبيبك لمنسوبيها    القوات الإسرئيلية تعتقل 33 عاملاً فلسطينيا    تايكوندو السعودية تواصل حصد الإنجازات العالمية    عشّاق القهوة بمزاج أفضل بعد فنجانهم الأول    السعودية تستقبل وفدا سوريا استثماريا برئاسة وزير الاقتصاد والصناعة    القيادة تعزي رئيس باكستان في ضحايا الفيضانات    سرقة مليوني دولار من الألماس في وضح النهار    أمر ملكي: إعفاء طلال العتيبي مساعد وزير الدفاع من منصبه    أوامر ملكية بإعفاء الماضي والعتيبي والشبل من مناصبهم    «رونالدو وبنزيمة» يسرقان قلوب جماهير هونغ كونغ    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. مؤتمر «مسؤولية الجامعات» يعزز القيم والوعي الفكري    صابرين شريرة في «المفتاح»    لا تنتظرالوظيفة.. اصنع مستقبلك    الأرجنتيني كوزاني يحمي مرمى الخلود    تربية غريبة وبعيدة عن الدين!!    ميسي يعود لإنتر ميامي بهدف وتمريرة حاسمة    الجيش يؤكد عدم اخترق أجواء سوريا.. وعون: لا تدخل في شؤون لبنان    الشرع: وحدة سوريا فوق كل اعتبار    انتكاسة الإخوان في الانتخابات البلدية الليبية    «إثراء» يدعم المواهب ويعلن المسرحيات الفائزة    مُحافظ الطائف يطلع على تقرير برنامج المدن الصحية    «الحياة الفطرية» يطلق أكبر رحلة استكشاف للنظم البيئية البرية    استعراض إحصائيات ميدان سباقات الخيل بنجران أمام جلوي بن عبدالعزيز    زرع الاتكالية    فيضانات باكستان غضب شعبي وتحرك حكومي    قنصلية السودان بليبيا تطلق مبادرة العودة الطوعية    المملكة.. وقوف دائم مع الشعوب    أمانة الرياض تكثّف رقابتها على المقاهي ومنتجات التبغ وتغلق منشأتين    تجمع مكة الصحي يخصص عيادة لعلاج مرضى الخرف    القيادة تعزي رئيس باكستان في ضحايا الفيضانات    "قيمة العلم ومسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة" موضوع خطبة الجمعة بجوامع المملكة    المشاركون في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يغادرون مكة متجهين إلى المدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لندن بعدسات المشردين
«هرجة 53»:
نشر في الرياض يوم 14 - 01 - 2017

"لندن الخفية Hidden London " أو "لندن بعيون متشرديها"، ما الذي تتوقع أن تراه بعيون المشردين؟ هذا السؤال كان المحرض وراء هذا المشروع الذي قام بتنفيذه مقهى الفن بلندن، وجاءت الإجابة التي أذهلت الجميع.
ويتلخص المشروع في مساعدة المشردين على التعبير عن أنفسهم بوساطة الفن، ولقد قام المقهى بتوفير عدد 100 آلة تصوير من تلك التي يمكن استعمالها لمرة واحدة disposable وتقديمها للمشردين الذين تم الالتقاء بهم في كاتدرائية سانت بول بلندن، وأعقب ذلك أن تم منحهم تدريباً قصيراً على كيفية استعمال الكاميرات من قبل الجمعية الملكية للتصويرthe Royal Photographic Society، ثم تم تسريحهم حيث تركت لهم حرية تصوير لندن من وجهة نظرهم My London، على أن تتقدم الصور الملتقطة لمسابقة يتم فيها انتخاب الأفضل لعرضه في معارض منظمة لتشجيع أولئك المشردين المصورين الهواة على أن يجدوا هدفاً لحياتهم و السعي لتغيير مسارهم.
ويشرح القائمون على مقهى الفن أهدافهم من ذلك المشروع الثوري والذي لايخطر على البال بقولهم: "الغاية أن نمنح أولئك المشردين فرصة جديدة للوجود بكرامة، بجدوى." ويضيف مدير المشروع "هذه ليست السنة الأولى التي ننظم فيها هذه التجربة، سبق وقمنا بها من قبل وراقبنا التغير الذي يطرأ على الفرد، فالصورة بحد ذاتها ليست مهمة، الأهم هو تأثير الكاميرا في حاملها. انها تصنع منه إنساناً مسؤولاً وتنبش عن طاقاته الدفينة."
ويؤمن على ذلك أحد المتشردين المشاركين في المسابقة، والذين لايولون أهمية للدعاية لأنفسهم، يتحدثون إليك دون تأكيد لأسمائهم، يقول، "لقد ذهلت حين وجدت الكاميرا بيدي وأن علي أعاود الانضمام لتيار الحياة، بل وأن التقط مشاهد من هذه الحياة التي نقمت عليها، أن اكتشف جمالها وفلسفتها التي تتجاوز محنتي كفرد عاثر الحظ. لقد أذهلت نفسي واحترمتها مع كل صورة التقطتها، كل صورة كانت مصالحة مع الحياة، إن منحي الكاميرا جاء كتشريف أخرجني من ظلمات اليأس وغرقي في شخصية المشرد."
ويقول المشرد ديفيد توفي David Tovey "مدهش مايمكن لهذه الكاميرا أن تصنعه في رفع المعنويات وتعزيز احترام الفرد لذاته، فحين أصبت بالجلطة دمرتني، ووجدت نفسي بلاعمل ولاسقف، انتهيت في الطريق لكن الكاميرا ردت لي إنسانيتي، منحتي المعنى الذي سلب مني. أذكر كيف انضممت لهذه المسابقة لأول مرة عام 2014، لقد حضرت مثل شبح للمكان الذي توزع فيه الكاميرات، ترددت في الدخول إذ لم أكن قادراً على الكلام مع أي أحد، ولا على النظر في عين أحد، تقدمت مطأطيء الرأس بعيني تنظران لقدمي طوال الوقت، كنت مثل كائن معتوه عديم القيمة، اختطفت الكاميرا و قبضت عليها بقوة كمن يتشبث بآخر رمق للحياة، ولم يتوقع أحد أن أنجز بها أي شيء، وتوجهت بها للخارج، بشكل ما فلقد غيرت تلك الكاميرا حياتي. أنه النهوض أو البعث بعد الانهيار." ولقد فازت صورتان من صور ديفيد في مسابقة عام 2014، صورة تم وضعها كغلاف لتقويم 2014، والأخرى فازت بالمركز الثاني من انتخاب الجمهور. هذا الرجل العاجز عن الكلام والنظر في وجوه الناس وقف خطيباً في مناسبة توزيع الكاميرات في العام التالي، ولقد انتج ديفيد قمصانا مطبوعة بأعماله لمؤسسات اجتماعية تقوم بالإنفاق على المشردين، ديفيد لم يسترد ذاته فقط وإنما تحول لعنصر فعال اجتماعياً يساهم في أعمال خيرية لإنقاذ غيره من المشردين.
المتشردة التي صورت ظلها أيضاً لم تهتم بتكرار اسمها للصحافيين، جل همها شرح تأثير الكاميرا عليها، قالت: "الصور شكلت مثل جسر بين حياتي الحالية و طفولتي، ارجعتني لبراءتي قبل أن انتهي في الطريق، الصورة هي شريحة من مشاعري التي نسيتها في الطريق. لاتظنوا بأنكم معصومون، أي واحد منا ومن سدة الغنى يمكن أن ينتهي فجأة في الطريق ويتحول لمتشرد، وأنا لم يخطر لي قط أن يحدث ذلك لي."
متشردة أخرى قالت، "بدأت عاشقة للفن، لكن ظروفي تعقدت فجأة وانتهيت بلا مأوى ولا أهل، لقد كبرت في العراء، التشرد لم يعد جديداً عليَّ، لقد عشت لفترة في أنبوبة من أنابيب المجاري المنسية في أحد ضواحي لندن، ثم وكما سقطت من أحلامي فجأة ردت لي تلك الأحلام فجأة في صورة هذه الكاميرا، والتي وضعت بين يدي على غير توقع، أي قدر رحيم هذا الذي جعلهم يختارونني ليسلموني هذه الكاميرا، لاأعرف. لكنه قدر أعاد لي ذاتي المفقودة، لقد منحتني الكاميرا الفرصة لإعادة خلق نفسي."
حكام المسابقة ضموا أعضاء من مجلة المصورين الهواة، وفوجي فيلم ومهرجان لندن للتصوير، وكريستيز ورابط المشردين. ويعترف المحكمون "لقد ذهلنا بالصور التي التقطها المشردون، لأنها أرتنا وجهاً من لندن لم يسبق ورأيناه رغم أننا أبناء هذه المدينة ونحيا فيها ونظن أننا نعرف كل وجوهها وخفاياها."
هذا ولقد نجح المشردون في التقاط 2500 صورة، تم في الفترة مابين 1-7 أغسطس 2016 تشجيع الجمهور في سبيتالفيليدز ماركت Spitalfields Market على اختيار 20 صورة منها للعرض في معرض فني خاص، وتم توظيف ال13 صورة الأولى من تلك المختارة لاستعمالها في إخراج تقويم سنوي للعام 2017 بعنوان "لندني My London " وسيتم تسويقه بشكل واسع في المكتبات العامة. ويكفي أن نعرف بأن هذا المشروع قائم بجهود ذاتية و لايتلقى أي مساعدات أو دعم حكومي، رغم التكلفة الضخمة للمشروع، فبصرف النظر عن تكلفة الكاميرات فإن طباعة الصور تصل تكلفتها لعشرة آلاف جنيه استرليني.
وتطمع اللجنة أن يساعد بيع التقويم - الذي انبثقت فكرته منذ عام 2014 - على تأمين دخل للانفاق على المشاريع المتعددة للمقهى في العام القادم، أن يساهم المقتنون للتقويم في انتشال أولئك المشردين من هوة البؤس التي انفتحت تحت أقدامهم وانتهوا بلاسقف على رؤوسهم ولا دخل يحميهم من سكنى العراء. إذ لايقتصر الأمر على تسويق الأعمال الفنية وإنما يسعى المقهى لإعادة تأهيل أولئك المشردين ليعاودوا الانضمام للمجتمع كأعضاء فاعلين، فإن الأعمال المتتشرة بالمقاهي هي دعوة مفتوحة للقاء الفنان بالمتلقي، حيث ينظم المقهى لقاءات بين الفنانين المشردين ومن يقتني لوحاتهم، بشجع الطرفين على الحوار والاحتواء. ومقهى الفن يديره الثنائي Paul Ryan and Michael Wong، ولقد بدأ نشاطاته منذ عام 2012، وهو متخصص في عرض أعمال فنية منجزة من قبل أفراد مسهم التشرد، يقول بول رايان، "هدفنا رفع معنوياتهم و تعزيز احترامهم لذواتهم."
شعار المقهى في موقعهم على الانترنت طريف ويتلخص في ست كلمات "مرحباً باتباع الفن وعشاق القهوة." ولقد نجحوا في استقطاب عشرين من مقاهي لندن لتتبرع بجدرانها لعرض الأعمال الفنية التي أنجزها المشردون، "بكوب قهوة بالحليب في يدك، غص في مقعدك، استرخ و تمتع بهذا الفن الذي رسمه قلب واقتناه قلب آخر." ولقد بدأت الفكرة بمقهى واحد وجماعة فنية تديرها منظمة قطاع التشرد، ولقد ألهم الفكرة مايكل وهو أحد المتطوعين في جماعة سانت منجو للفن قرب كنج كروس بلندن.
ولقد تطورت أنشطة المقهى وصارت تحظى باهتمام وتشجيع جمهور غفير ممن يؤمنون بالهدف الأساسي ألا وهو منح الذين تنكب لهم الحظ فرصة حياة جديدة بوساطة الفن، ويدهشك أن تعرف أن المقهى يتلقى آلاف التعليقات الإيجابية من الجمهور على أنشطته، ومعظم تلك التعليقات تثني على توظيف القلب في الفن. وعاماً وراء عام تتوسع أنشطته ونشأت برامج للتعاون الدولي بين منظمات التشرد بأنحاء العالم.
فكرة رائدة وتستحق الاحتذاء ملخصها أن للفن دوراً مهماً في إحداث التغيرات الاجتماعية وتعزيز تفرد الإنسان.
إحدى لقطات المشردين
متشردة صورت ظلها
نجح المشردون في التقاط 2500 صورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.