موسم جدة 2025 يطلق موجة الرعب والتشويق هورور كون    الصين وأمريكا تتفقان على عقد جولة جديدة من المشاورات الاقتصادية والتجارية    مسؤول أممي: الوضع الإنساني في غزة كارثي    انطلاق النسخة الرابعة من بطولة حائل الدولية لجمال الخيل العربية الأصيلة في نوفمبر المقبل    القيادة تهنئ رئيس أذربيجان بذكرى يوم إعادة الاستقلال    "البيئة" تطلق خدمة إصدار رخصة ممارسة النشاط الزراعي عبر منصة "نما"    شارع السمحانية يجمع بين الطراز النجدي الأصيل والمعاصرة الحديثة    الشؤون الإسلامية بجازان تنظم محاضرة نسائية بقرية المدرك بعنوان «خطورة هجران القرآن الكريم» مساء اليوم    تُعلن شركة معاهد طيبة العالية للتدريب عن استحواذها على أكاديمية "إلسو" لتعليم اللغة الإنجليزية (ELSO)    ضبط أكثر من (23) ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    أمانة الطائف تطرح حديقة الملك فيصل للاستثمار    البركة الخيرية" تخدم أكثر من 38 ألف مستفيد خلال الربع الثالث 2025    عمادة الدراسات العليا والبحوث تطلق برنامج "التمكين البحثي المتقدم" لتعزيز جودة البحث العلمي    أكتوبر يجمع نجوم الصيف والشتاء في سماء عرعر    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    بحضور السواحه.. الطلاب السعوديون يحتفون بالبروفيسور عمر ياغي    يايسله مدرب الأهلي: أداؤنا غير متوقع أمام الشباب    مدرب الشباب: الحكم أهدى الأهلي ركلة جزاء    الشباب يخطف نقطة ثمينة من الأهلي في دوري روشن للمحترفين    رئيس مجلس الشورى يستقبل عددًا من رؤساء المجالس والوفود التشريعية الخليجية    القبض على يمني لترويجه مادة الحشيش المخدر في عسير    زيلينسكي يعرض تزويد أميركا بآلاف المسيّرات مقابل صواريخ «توماهوك»    بنزيما يعتذر لجماهير الاتحاد    قريبًا.. كورنيش بيش بحلّة جديدة تواكب التطور وتحتفي بالجمال    وزير الصحة يختتم مشاركته في أعمال الدورة 72 للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط    أكثر من 13 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال أسبوع    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ حملة التطعيم ضد الانفلونزا الموسمية    جمعية عطاء تواصل تنفيذ برنامج "نور قناديل" لتعليم الأمهات    سالم الدوسري يُعلق على جائزة الأفضل في آسيا    المنتدى السعودي للإعلام يعقد ورشة "جسور الإعلام" في كان    ليلة طرب.. السلطان وموضي والطلاسي يشعلون حماس جماهير جدة    خطيب المسجد الحرام: العبد الموفق يعيش في خير لم يسأله ونعيم لم يتوقعه    خطيب المسجد النبوي: الدعاء سلاح المؤمن وسبيل الثبات في الشدائد    ابتدائية مصعب بن عمير تعقد لقاءً توعويًا مع أولياء الأمور حول اختبارات "نافس" والاختبارات المركزية    في أجواء أسرية بهيجة.. عقد قران المهندس خالد القحطاني    سخاء المدني أول سعودية متخصصة في طب الفضاء والطيران    اختيار السغودية رئيسة للذكاء الاصطناعي عالميا    د. عبدالحق عزوزي يترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية    سباق الذكاء الاصطناعي تنافس بلا خط نهاية يهدد التوازن العالمي    هل استقام ظل لسلام الشرق الأوسط    النهائي يتجدد بين ألكاراز وسينر في "Six Kings Slam الرياض 2025"    آل الشيخ ل"الوطن": المملكة تسعى لنشر الإسلام الوسطي المعتدل في شتى أنحاء العالم    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري    14 عالماً من جامعة الفيصل ضمن قائمة ستانفورد لأفضل 2% من علماء العالم    إنقاذ حياة مريضة بتركيب صمام رئوي عبر القسطرة بدون جراحة    أمير القصيم يرعى حفل تخريج 167 حافظًا لكتاب الله    مائة معلم سعودي يشرعون في دراستهم بالصين لاستكمال برنامج ماجستير تعليم اللغة الصينية    رئيس أمن الدولة يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    لضمان تنفيذ وقف النار.. استعدادات لنشر قوة دولية في غزة    بوتين للشرع: حريصون على استقرار سوريا.. تعاون ومشاريع شراكة بين موسكو ودمشق    ضبط مليوني قرص إمفيتامين بشحنة مكسرات    المرور السعودي: 6 اشتراطات لسير الشاحنات على الطرق    أنف اسكتلندي.. حبة بطاطا    البرد يرفع مستويات السكرفي الدم    العمري يبحث احتياجات أهالي صامطة    أمير مكة: مشروع بوابة الملك سلمان يعكس اهتمام القيادة بالتنمية في المنطقة    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مآلات العلمانية السعودية
نشر في الرياض يوم 02 - 12 - 2016


د.عبدالله الزازان
سنحاول الاقتراب إلى هذا الموضوع المتشعب والمعقد اقترابا عقلانيا من منظور نظري وسنحاول إسقاط الفكرة على البعد الفردي ما أمكن إذ إن البعد التنظيمي أو البعد الجماعي لا وجود له على الإطلاق لا على مستوى المجتمع السعودي أو الحياة العامة وإن كان له وجود على مستوى الأفكار رغم أن الأفكار التي تدفع إلى العلمانية مجرد تنظيرات لا تتفاعل مع الواقع ولا تصيب المجتمع.
ومن بين تلك الأفكار رؤية د. تركي الحمد بأن العلمانية تيار فلسفي فكري أولا ومن ثم أسلوب حياة، وهي لا تعني فصل الدين عن الدولة فقط، بل إنها فصل منهجي بين العام والخاص.
وفي نفس سياق الأفكار يرى د. الحمد أن مقولة الإسلام دين ودنيا مقولة مضللة وأدت إلى ظهور طبقة من رجال الدين المتحكمين في كل تفاصيل الحياة.. وأن تحقيق التقدم لن يتم دون عزل السياسة عن الدين فالسياسة في الإسلام هي من أمور الدنيا، التي يجتهد فيها صاحب الأمر فردا كان أو مؤسسة في البحث عن أفضل سبل، لتحقيق مصلحة الجماعة التي فوضته هذه الوظيفة وبقيت رقيبة عليه.
إن اضافة الإسلام الكبرى تتمثل في تغيير معنى الديني أصلا من خلال وصله بالدنيوي وتغيير معنى الدنيوي عبر وصله بالروحي والديني بما يجعل الواحد منهما وثيق الصلة بالآخر..
ويفرق د. الحمد بين العلمانية الجزئية فصل الدين عن الدولة مع التزام الصمت بخصوص القضايا النهائية والعلمانية الشاملة فصل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية عن الحياة في جانبيها العام والخاص ونزع القداسة عن الإنسان بحيث يتحول العالم بأسره إلى مادة استعمالية يوظفها الأقوى لحسابه.
ففي عرف د. تركي الحمد أن العلمانية تترك حيزا واسعا للقيم الإنسانية والأخلاقية المطلقة بل وللقيم الدينية ما دامت لا تتدخل في عالم السياسة وهذه الصيغة هي الشائعة عند الكثير من المفكرين.
ويرى د. تركي الحمد أن الدين وفقا لهذه الرؤية محدد للسياسة ومؤثر فيها من حيث المبادئ العامة والخطوط العريضة والغايات النهائية. أما الأمور التفصيلية أو العملية فهي من أمور الدنيا.
لم أجد أدل من هذه الأفكار على اختلال فهم معنى العلمانية عند د. تركي الحمد فالعلمانية ليست مجرد تحول في مستوى الوعي بل إن العلمانية في فكرتها الحقيقية تغييب الدين على نحو منهجي متلاحق فقد نكون مفرطين في السذاجة إذا اعتقدنا أن العلمانية مجرد تطور الوعي الفكري فهي بأقل تعبير حركة تاريخية كاسحة تهدف إلى تهميش الحضور الديني.. وإن كانت قراءة د. تركي الحمد مستمدة من سياقات التجربة الغربية والتي تخضع الإسلام لنماذج نظرية قائمة على الجذر المسيحي الغربي.
يقول د. تركي الحمد إن مقولة الإسلام دين ودنيا مقولة مضللة أدت لظهور طبقة من رجال الدين في كل تفاصيل الحياة وهذا القول – على علاته – جدير بوقفه لمناقشته.
فإذا كان الوعي الغربي المسيحي يرى أن الإسلام يدفع أتباعه إلى الإقبال على الدنيا فالدين لا يمكنه إثبات حضوره في هذا العالم إلا من خلال تجلياته الدنيوية فكل ما هو زمني لا يكتسب قيمته إلا من خلال المسافة الأخلاقية الروحية فالمادي والزمني ليسا إلا درجة في مسار الروحي وحركته الدائمة.
وبهذا المعنى لا توجد مفاضلة بين المادي والمثالي وبين الروحي والزمني لأن كل ما هو مادي ودنيوي هو في كينونته روحي.
ولعل هذا ما حدا ببعض المفكرين الغربيين أمثال فولتير ومارسيالياد ونيتشه إلى اعتبار الإسلام نموذجا مكثفا للدين الطبيعي المناقض للزهدية المسيحية.
إن اضافة الإسلام الكبرى تتمثل في تغيير معنى الديني أصلا من خلال وصله بالدنيوي وتغيير معنى الدنيوي عبر وصله بالروحي والديني بما يجعل الواحد منهما وثيق الصلة بالآخر.
ولعل التقارب الاشتقاقي لكلمتي دين ودينا في اللغة العربية فضلا عن اقترانهما الوثيق في سياق الخطاب القرآني يبرز هذا الوثاق الشديد بينهما.
ويمكن القول هنا إن الإسلام يؤسس ضربا جديدا من الدنيوية يمكن تسميته الدنيوية الروحية كما أنه يعطي دلالة جديدة لمعنى الروحي والديني في إطار ما يمكن تسميته بالروحية الدنيوية ففي حين يحث الإسلام على التمتع بالحياة الدنيا، يحرص على إكسائها بالفضائل الأخلاقية والروحية بغية الارتقاء بالمادي إلى طور السمو الروحي. وهكذا يمكن القول إن جوهر الاختلاف بين الإسلام والعلمانية لا يعود إلى ارتباطه بالمطلقات الغيبية مقابل ارتباط العلمانية بعالم الدنيا النسبية بقدر ما يتعلق بنوعية الرؤية الى هذه الدنيا وصلتها بالآخرة.
وخلافاً لقراءة د. تركي الحمد التي ترى أن الديني لا يكتسب سموه وأفضليته إلا بقدر نأيه عن مشاغل العالم، فإن القاعدة العامة التي تحكم الإسلام تقوم على كون الديني لا يكتسب قيمته إلا من خلال انخراطه في مشاغل العالم، ومن ثم استيعاب ما يسمى الدنيوي ضمن بنيته الداخلية، وهذا ما ينطبق فعلا على الإسلام، إذ يتعاضد الطبيعي مع الدين الشريعي إلى الحد الذي لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر.
ولهذا السبب قدم الإسلام نفسه باعتباره وارثا للديانات التوحيدية السابقة ومتجاوزا لها في الوقت نفسه فقد جاءت المسيحية لتلطيف شطط النزعات الدنيوية التي استبدت باليهودية بسبب إخضاعها لأغراض قومية استعلائية ورهانات دنيوية ضيقة، فكان أن شددت المسيحية في مقابل ذلك على نزعة زهدية ترى في المادي والدنيوي رمزا للخطيئة.
أما الإسلام فقد عمل على صب هذه الدنيوية ضمن قالب روحي، كما عمل على الارتقاء بمعنى القومية الضيقة إلى مفهوم الأمة الجامعة، وبشيء من المقارنة يمكن القول هنا إذا كانت المسيحية تتجه إلى تفقير الحياة فإن الإسلام يعمل على إثراء الحياة والارتقاء بها عبر ضخها بدلالة روحية متعالية.
وإذا كانت اليهودية قد أخضعت الدين لمصالح دنيوية وقومية ضيقة فقد عمل الإسلام على توسيع آفاق المصلحة باتجاه الكوني والإنساني الجامع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.