البرلمان العربي يرحب باعتماد الجمعية العامة قرار يؤيد إعلان نيويورك بشأن حل الدولتين    إنزاغي يُبعد لاعبه عن قائمة مواجهة القادسية    التعاون بين القطاعات يعزّز مسيرة تحقيق أهداف "رؤية 2030" عبر برامج متكاملة في الصحة والتعليم والثقافة المالية    بلدية القطيف تنظم ورشة "السلامة المهنية والحماية من الحرائق"    يايسله يشيد بأداء الأهلي رغم التعادل    الشباب يتغلّب على الحزم بهدف في دوري روشن للمحترفين    بعد غياب 5 أشهر.. العالمي يزيد الراجحي يستأنف مشوار الراليات من البرتغال    القبض على شخصين في تبوك لترويجهما مواد مخدرة    إدارة مساجد الدمام تنظم حملة للتبرع بالدم تحت شعار "قيادتنا قدوتنا"    الأمير ناصر بن عبد الرحمن يفتتح معرض "حياة في زهرة" الذي نظمته جسفت عسير    مكتب الضمان الاجتماعي بالقطيف ينظم فعالية صحية لتعزيز وعي الموظفين    جورجيا: توقيف أوكرانيَين بتهمة تهريب مواد شديدة الانفجار    نائب أمير مكة يتوّج الفائزين في مهرجان ولي العهد للهجن بالطائف    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعرب عن تقديرها العميق للمملكة وفرنسا    السعودية تدين تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضد دولة قطر    بنك الرياض شريك مؤسس في مؤتمر Money 20/20 Middle East    «الحياة الفطرية»: تصوير الكائنات الفطرية في بيئاتها الطبيعية لا يعد مخالفة بيئية    وزير التعليم يبحث التعاون الأكاديمي والبحثي مع جامعات أستراليا    تركي آل الشيخ: التوقيع مع كانيلو الأكبر في تاريخ الملاكمة    جامعة الإمام عبدالرحمن توقّع مذكرة تفاهم مع الجمعية السعودية للصيدلة الإكلينيكية    إجتماعاً تنسيقياً لبحث أولويات مشاريع الطرق في حاضرة الدمام    الأسهم الآسيوية تُعزز آمال تخفيف إجراءات أسعار الفائدة لتصل إلى مستويات قياسية    الوسطاء يبيعون الوهم    كتب في العادات والانطواء والفلسفة    في العلاقة الإشكالية بين الفكرين السياسي والفلسفي    حصر 1356 مبنى آيل للسقوط خلال 2025م    تخريج (3948) رجل أمن من مدن التدريب بمنطقتي الرياض ومكة    التحالف الإسلامي يختتم في عمّان ورشة عمل إعلامية لمحاربة الإرهاب    150 مستفيدا من مبادرة إشراقة عين بالشقيق    أبحاث أسترالية تؤكد دور تعديل نمط الحياة في خفض معدلات الإصابة بالخرف والزهايمر    د. بدر رجب: أنا اتحادي.. وأدعو جميل وبهجا لمنزلي    ثوابت راسخة ورؤية متجددة    مجلس الشورى.. منبر الحكمة وتاريخ مضيء    التكامل بين الهُوية والاستثمار الثقافي    مها العتيبي.. شاعرة تُحاكي الروح وتكتب بوهج اللحظة    القيادة والاستثمار الثقافي    هبات تورث خصاماً صامتاً    سِيميَائِيَّةُ الأَضْوَاءِ وَتَدَاوُلِيَّتُهَا    حراسة المعنى    الراية الخضراء    المملكة توزّع (797) سلة غذائية في أفغانستان    العالم يترقب «دوري أبطال أوروبا» البطولة الأغلى والأقوى في العالم    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُعيد قدرة المشي لستينية بإجراء جراحة دقيقة لاستبدال مفصلي الركبة    كشف مبكر لمؤشرات ألزهايمر    خريطة لنهاية الحرب: خيارات أوكرانيا الصعبة بين الأرض والسلام    تطابق لمنع ادعاء الانتساب للسعودية    الوفد الكشفي السعودي يبرز أصالة الموروث الشعبي في فعالية تبادل الثقافات بالجامبوري العالمي    أمين القصيم يوقع عقد صيانة شوارع في نطاق بلدية البصر بأكثر من 5,5 ملايين ريال    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الخطاب الملكي يؤكِّد على المبادئ الراسخة لهذه الدولة المباركة    خلال تدشينه جمعية كافلين للأيتام بالمحافظة محافظ تيماء: خدمة الأيتام تتطلب فكرًا وعملًا تطوعياً    ⁨جودة التعليم واستدامته    " كريري" يزور المدخلي للاطمئنان على صحته بعد نجاح عمليته الجراحية    محافظ الطائف يلتقي القنصل الامريكي رفيق منصور    السعودية ترحب وتدعم انتهاج الحلول الدبلوماسية.. اتفاق بين إيران والوكالة الذرية على استئناف التعاون    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    وزير الدفاع لرئيس وزراء قطر: نقف معكم وندين الهجوم الإجرامي السافر    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الخفي إلى المرئي
جودار (2- 3)
نشر في الرياض يوم 01 - 10 - 2016

في أفلام جان لوك جودار نجد إحالات وإشارات إلى أفلامه السابقة.
يقول جودار: "أنا أتحرك بعيداً عن شيء اسميه الدراما. أغلب الأفلام توظف الدراما، لكنني أعتقد أنها تصلح للمسرح لا السينما. أنا أحاول أن أتجنب الدراما. لكن الدراما لا علاقة لها بالقصة، بالسرد. الأدب الفرنسي، على سبيل المثال، قد تجنب الدراما منذ زمن. أفضل الروائيين – حتى الكلاسيكيين، مثل غوستاف فلوبير أو مارسيل بروست، اللذين يعتبران اليوم كلاسيكيين جداً – لم يخلقا أبداً دراما مثل توماس هاردي في انجلترا أو فولكنر في أمريكا. هما لم يعرفا كيف يخلقان الدراما.. لقد أنتجا شيئاً مختلفاً تماماً".
جودار يريد أن يكون قادراً على رؤية ما لا يُرى. لا يريد أن يعرض ثانيةً ما سبق أن رآه.. كما يفعل معظم المخرجين.
بالنسبة لجودار، الأفلام هي حركة. إنها تنطلق من اللامرئي إلى المرئي، من الجزء الخفي من الجبل الجليدي إلى الجزء المرئي. إنه عبور: الشاشة هي تخم بين الفنان والجمهور.
وهو يرى أن الأفلام تم اختراعها لتنظر إلى الأشياء، وتتحدث عنها، وتدرسها. هي، في الدرجة الأولى، أداة علمية لرؤية الحياة بطريقة مختلفة.
في أكثر من موضع يصرّح جودار أنه اختار السينما لأنه ببساطة لم يجد طريقة أخرى للعيش إلا بصنع الأفلام.
يقول جودار (Sight and Sound, Spring 1983): "صنع الفيلم يشبه أن تكون في البيت، إنه بحث عن البيت. في النهاية، أظن أن هذا البحث هو الذي يجعلني استمر في تحقيق الأفلام. أنا أبحث عن السينما، أفتش عنها، حتى ترفضني، كما قال بيكاسو عن مواصلته الرسم حتى يرفضه الكانفاس. أظن أن هناك اعتقاداً قديماً جداً فينا جميعاً بأن هناك شيئاً بداخلنا يتخطى ذواتنا، والناس تحتاجه. الفن يؤكد هذا، وإلا لم يقف الناس طوابير لمشاهدة زهور عباد الشمس التي رسمها فان غوخ بينما كان يبحث عن خاصية معينة من اللون الأصفر وجنّ بسبب ذلك. البحث عن البيت هو بحث عن الإنسانية".
لكن السينما، في نظر جودار، ينبغي أن تكون أكثر شعرية.. الشعرية بالمعنى الأوسع والأرحب.
2
الأسلوب، بالنسبة لجودار، طريقة لرؤية العالم. وفي موضع آخر يقول: "الأسلوب، بالنسبة لي، مجرد الجزء أو المظهر الخارجي من المحتوى، والمحتوى هو المظهر الداخلي للأسلوب، مثل خارج وداخل الجسد الإنساني، كلاهما يكونان معاً ولا يمكن الفصل بينهما".
جودار يضبّب التخوم بين الدرامي (أو القصصي) والوثائقي. وهو لا يرى الكثير من الفروقات بين الفيلم الدرامي والوثائقي.
في ما يخص الشكل، مسيرة جودار الفنية تقوم على التحرّر من الشكل، وعدم الإذعان إلى شكل معيّن، والبحث عن لغة سينمائية جديدة.
3
في أعمال جودار نجد انشغاله، إلى حد الاستحواذ، باستنطاق الأصوات والصور، كما نجد اهتماماً، إلى حد الاستغراق، بالتقنية السينمائية والتلفزيونية، إضافة إلى تجاربه مع مناهج مختلفة، أكثر تعاونية، في تحقيق الأفلام.
منذ بداية مسيرته الفنية كمخرج، كان جودار مهتماً، أو ممسوساً، بالتكنولوجيا والتقنيات السينمائية. ومع أنه لم يستخدم كاميرات 16 ملي قبل 1965، إلا أن استخدام الكاميرا الخفيفة، المحمولة باليد، وتصوير اللقطة الطويلة التي تستغرق دقائق، والاعتماد على الصوت المباشر، كل ذلك يبدو جلياً في أفلامه الأولى.
يقول لويس جيانيتي في كتابه عن جودار، والصادر في العام 1975، أن جودار، بخلاف أغلب المخرجين، يتعمد تسطيح عمق العديد من صوره. بدلاً من النموذج المعتاد في التكوين (المقدمة، المنتصف، الخلفية) الذي يجاهد أغلب المخرجين في تحقيقه، يقوم جودار بوضع الشخصيات على طول مستوى بصري واحد، غالباً بخلفية مسطحة لمنع عين المتفرج من التجوال أو الطواف في عمق المشهد. هو، على نحو مقصود، ينكر وجود البعد الثالث في المكان، راغباً أن يحرز من وراء ذلك: اليسر التقني، السرعة في الإنجاز، كثافة التركيز، الإيحائية الرمزية.
رداً على سؤال بشأن ندرة استخدامه للقطات العامة وزوايا الكاميرا المدروسة، وهل هذا لأن نقطة الانطلاق عنده هي الشخصية، وهو يميل إلى البقاء قريباً منها، قال جودار (Sight and Sound, winter 1966): "ربما. كقانون عام، أميل إلى استخدام اللقطات المتوسطة، ربما لأن اللقطات العامة هي أكثر صعوبة. اللقطات القريبة هي، بالتأكيد، محركة للمشاعر أكثر، إذا نفذّت بشكل جيد. يمكن للمرء القول بأن إخفاق روسيلليني راجع إلى أن المقوّم الأساسي وجمال أفلامه تكون مصورة من مسافات بعيدة. هو على الأرجح يصورها هكذا مفترضاً أن فكرته، المفهومة ضمناً، هي الشيء الأكثر أهمية، لكن الأفراد المرئيين من بعيد قلما يكونون مثيرين للمشاعر. أنا دوماً أتتبع تاريخ الشخصية من وجهة نظر عاطفية، محاولاً أن أجعل الجمهور يفهم ويصبح متورطاً مع الشخصيات".
عن تقنية الفيديو، أبدى جودار إنحيازه لهذه التقنية، وقام بتوظيفها منذ فترة طويلة. يقول جودار: "مع الفيديو تستطيع أن تصنع فيلمك في أي وقت.. لن تحتاج إلا إلى القليل من المال".
عن كاميرا الفيديو الرقمية (الديجيتال) يقول:
"كل شخص يقول أن الفيديو الديجيتال يتيح لك أن تفعل هذا الشيء أو ذاك، لكنه لا يخبرك ما الذي تم إنجازه حقاً. الفيديو الديجيتال يسمح لك بأن تكون حراً، لكن حراً لتفعل ماذا؟ وفي أي لحظة؟ في الواقع، أشياء قليلة تغيرت".
عن موت الشريط الفيلمي (السيلولويد)، يقول جودار:
"اليوم الذي لا يعود يوجد فيه شريط السيلولويد، سيكون العالم قد تغيّر. طريقة معينة في التخزين، في التسجيل، والتي تشاطر السينما والأدب معاً، سوف تختفي. السينما توفّر لنا مجازاً لهذا النظام".
4
جودار يلح على حقيقة أن الصورة ليس لها حياة مستقلة بذاتها خارج الأعراف التي توجد لتحديد معانيها. والفيلم لا يوجد كوسط محايد من أجل توصيل رسائل مستقلة، بل هو يجد معانيه في سلسلة من العلاقات الاجتماعية.
كان جودار، منذ زمن طويل، مولعاً بما كان باشلار يسميها الصورة الكامنة المفهومة ضمنياً، تلك التي تنبع من شعرية الخيال، وتجد موضعها المدرَك ضمن تيار التفكير والتداعيات غير الواعية.
يقول جودار ((Sight and Sound, June 2005: "بعض وزراء الثقافة في فرنسا يطلبون من الشباب أن يتعلموا كيف يقرأون الصور والأفلام. لا. هم بحاجة لأن يتعلموا كيف يرونها. تعلّم القراءة شيء مختلف".
5
في علاقة جودار بالممثلين، هو يعتبرهم جزءاً من المادة الخام، المتغاير الخواص أو العناصر، للفيلم. ولا ينبغي للمخرج، حسب رأيه، أن يتصرّف بحيث يثبّت الممثلين في صورته.
يقول: "لست بارعاً في إدارة الممثلين مثل رينوار أو كيوكور، اللذين يتيحان للممثل أن يتدرب المرة تلو الأخرى حتى ينجحان في انتزاع أداء جيد منه. أنا أميل إلى التسلل من وراء الممثل، تاركاً إياه وحيداً ليصون نفسه، متتبعاً حركاته وهو يتلمس طريقه في الدور، محاولاً أن يمسك باللحظة المناسبة، المفاجئة، غير المتوقعة، التي تبرز تلقائياً وعلى نحو غير متوقع. هكذا أبني شيئاً فشيئاً الفكرة لما أحاول أن أفعله بنفسي".
أمين صالح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.