القبض على باكستاني في جدة لترويجه مادة (الشبو) المخدر    تشيلسي يتعاقد رسميا مع جيتنز حتى 2032 مقابل 75 مليون دولار    "المياه" السعودية تنفذ 19 مشروعًا مائيًا وبيئيًا في جازان    مبادرة كنوز السعودية بوزارة الإعلام تطلق الفيلم الوثائقي "الوجهة"    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات بولاية هيماشال براديش الهندية إلى 72 قتيلًا    البدء بصيانة جسر خادم الحرمين وتقاطع الملك عبد العزيز بالدمام    بطلب من رونالدو..تحركات في النصر لضم نجم ريال مدريد    الحرب التجارية تطرق أبواب العالم.. وفرض الرسوم الأمريكية ينذر بأزمة اقتصادية عالمية شاملة    الرئيس الكونغولي يعلن حالة الإنذار القصوى لمواجهة تفشي الكوليرا    المركزي الروسي يرفع سعر صرف الدولار واليوان ويخفض اليورو    ضبط (17863) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    موسم جني بواكير التمور بالقصيم يعزز الحراك الاقتصادي بالمملكة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية كابو فيردي بذكرى استقلال بلاده    رياح نشطة وأتربة على عدة مناطق في المملكة    ترامب يوقع مشروع الميزانية الضخم ليصبح قانوناً    مدرب فلومينينسي: الهلال فريق منظم وقوي    إنزاغي: الهلال تأثر ببعض المتغيرات    الهلال يودع مونديال الأندية من ربع النهائي    فلومينينسي ينهي مغامرة الهلال في كأس العالم للأندية    أمير المنطقة الشرقية يعزي أسرة الراجحي    جمعية الدعوة بصبيا تُطلق الدورة العلمية الأولى لعام 1447ه بمحاضرة عن فضل العلم    محافظ صبيا يُدشّن حملة "لقمتنا ما تنرمي" للتوعية بأهمية حفظ النعمة في المناسبات    مجمع الملك سلمان وتنمية الحياة الفطرية يطلقان معجم "مصطلحات الحياة الفطرية"    نادي الصقور يعلن عن فعالياته في المملكة    السديس في خطبة الجمعة: الهجرة وعاشوراء دروس في اليقين والشكر والتوكل على الله    سمو ولي العهد يستقبل سمو نائب حاكم أبوظبي مستشار الأمن الوطني الإماراتي    أمين منطقة القصيم يتفقد مشروعي امتداد طريق الأمير محمد بن سلمان وطريق الملك سعود بمدينة بريدة    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران تطلق فعاليات برنامج أولمبياد أبطالنا 2025    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر يونيو 2025    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم مؤتمر: "مسؤوليَّة الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري    بلدية محافظة الأسياح تنفذ 4793 جولة رقابية في النصف الأول لعام2025م.    جمعية الكشافة تختتم مُشاركتها في ملتقى القطاع غير الربحي في التعليم والتدريب    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُُنفّذ "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    قطاع ومستشفى المضة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي لسلامة الغذاء"    قطاع أحد رفيدة الصحي يُفعّل "اليوم العالمي للبهاق" و "اليوم العالمي لإضطراب مابعد الصدمة"    محمد بن عبدالرحمن يُشرّف حفل سفارة الفلبين لدى المملكة    إنقاذ طفل ابتلع حبة بقوليات استقرت في مجرى التنفس 9 أيام    فرع هيئة الأمر بالمعروف بالشرقية ينظم ندوة للتوعية بخطر المخدرات    "ملتقى خريجي الجامعات السعودية يجسّد جسور التواصل العلمي والثقافي مع دول البلقان"    تأشيرة سياحية موحدة لدول مجلس التعاون.. قريباً    أنغام: لست مسؤولة عما يحدث للفنانة شيرين عبد الوهاب    دعم النمو وجودة الحياة.. الرياض تستضيف"سيتي سكيب"    غندورة يحتفل بقران «حسام» و«حنين»    جامعة الملك سعود تحذر من خدمات القبول المزيفة    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    عقب تصريحات وزير العدل الإسرائيلي بأهمية ضم «الضفة».. تحذيرات أممية من مشروع «استيطاني استعماري»    وسط توترات إقليمية متصاعدة.. إيران تعلق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية    استعرض التعاون البرلماني مع كمبوديا.. رئيس الشورى: توجيهات القيادة أسهمت في إنجاز مستهدفات رؤية 2030    49.4 مليار ريال إنفاق الزوار في الربع الأول    الإنجاز والمشككون فيه    «تسكيائي» اليابانية.. وحوار الأجيال    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    الأمير ناصر بن محمد يستقبل رئيس غرفة جازان    ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    بلدية المذنب تطلق مهرجان صيف المذنب 1447ه بفعاليات متنوعة في منتزه خرطم    انطلاق النسخة الثامنة لتأهيل الشباب للتواصل الحضاري.. تعزيز تطلعات السعودية لبناء جسور مع العالم والشعوب    العثمان.. الرحيل المر..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعزيز الهوية وظاهرة «اللامنتمي»
نشر في الرياض يوم 24 - 09 - 2016

نعيش هذه الأيام ذكرى اليوم الوطني للمملكة، وهي ذكرى مهمة، لكنها بقدر ما تشعرنا بالتحوّل الكبير الذي شهدته بلادنا في ظل الوحدة الوطنية والامتزاج الكبير بين أبناء الوطن والنمو المتسارع الذي تعيشه كافة مناطق ومدن المملكة إلا أنها ذكرى "مؤرقة" لأنها تعيد لنا صورة الخلل "الاجتماعي" العميق الذي بات يهدد "الهوية الوطنية"، فالمشكلة الآن هي إلى أي مدى يستشعر ابناؤنا والجيل الحالي بشكل عام قيمة الوحدة الوطنية وانتمائهم لوطن واحد وإلى أي درجة هم فعلا مؤمنون بهذه الوحدة؟ أقول هذا لأني ارى يوميا حالات تباعد بين الشباب وانتمائهم المكاني والثقافي والاجتماعي. هناك من يرى أن المشكلة "دينية" وأن الهوية الدينية أصبحت مشوشة لدى الشباب؛ لذلك قل الانتماء على المستوى الوطني، وهناك من يرد على هذا الرأي بقوله إن تضخيم الهوية الدينية هو الذي أحدث هذا الارتباك وجعل كثيراً من الشباب يرى في انتمائه الوطني والعربي مخالفة دينية، فأصبح لا يعلم هل هو ينتمي إلى وطن ومحيط عربي أو إلى أمة إسلامية غير واضحة الحدود والمعالم. ويبدو لي أن مسألة الهوية وحدوث أي إرباك فيها ينذر بمخاطر جمة لا نعي حقيقة مدى تأثيرها المستقبلي لأنه قد يسلخ جيلاً كاملاً من انتمائه لوطنه ويشتت ارتباطه بالمكان والمجتمع الذي يفترض أن ينتمي له.
إن تفكك الهوية يعني تفكك الانتماء وإن احتفالنا بيومنا الوطني هو ليس مجرد احتفال، بل هو دعوة لتعزيز الهوية الوطنية وتنقيتها من الشوائب ومعالجتها إن كانت مصابة بوعكة، وتحويلها إلى برنامج «إصلاح»..
في الكويت عقد الأسبوع الفائت منتدى لتعزيز الهوية الخليجية حضره الأمير سلطان بن سلمان، وقدم فيه ورقة مهمة ركز فيها على أهمية البعد الحضاري لمنطقتنا وأهمية فهم الجيل الحالي لهذا البعد والدروس السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى العمرانية التي يمكن أن يتعلموها وتصبح مرجعا لهم يسترشدون بها في التعريف بوطنهم ويواجهون من خلالها الأزمات التي تحيط بهم في الواقت الراهن الذي تتكالب فيه علينا الأمم من كل صوب وحدب. فالإيمان بالقوة الداخلية والمقدرة على التماسك لمواجهة الأزمات تتجاوز الأوطان المخاطر، ويفترض أن الهوية تصنع هذه الوقاية وليس العكس، لأن البعض يتخذ من الهوية سلاحا لتفكيك الداخل وعزل نفسه عن بقية الوطن وإعطاء محيطة المكاني والاجتماعي خصوصية تفصله عن جسد الوطن الكبير، وهذا ما يمكن أن نسميه "الهوية القاتلة"، على حد قول "أمين معلوف" لأنها هوية تفكك ولا تربط وهي بذلك خطيرة جدا.
إن استشعار دول الخليج بأزمة الهوية المعاصرة التي تعيشها شعوب المنطقة يؤكد أن المسألة بلغت مرحلة الخطر، فالأمر لم يعد فقد خلل في التركيبة السكانية التي تعاني منها أغلب دول الخليج العربية، بل تعدت ذلك إلى نفور شباب المنطقة من بلدانهم ونظرتهم الدونية لها، وهذا والله هو الخطر بعينه. مقاطع "اليوتيوب" المنتشرة التي تصور بعض شباب الخليج وهم يقارنون البلاد التي يسافرون لها ببلدانهم تشير إلى أن هناك "تفككاً" واضحاً للانتماء وتنامي شعور قوي بعدم الرضا وعدم الرغبة في العمل والاجتهاد من أجل الاصلاح. المشكلة هي في تراكم الشعور باليأس وأن التغيير فات آوانه وأن أي عمل في الوقت الحالي يعتبر وقتا ضائعا. التشكيك في المنجز الوطني من خلال المقارنات غير العادلة والبحث عن شماعة لتعليق الاخطاء عليها دون القيام بأي عمل هي سمات "الهوية الاجتماعية" الحالية في منطقة الخليج، وهي سمات تصنع حالة "اللاانتماء" التي تطغى على كثير من شباب المنطقة.
يقول أحد المستشرقين إذا أردت أن تهدم حضارة فعليك بهدم الأسرة والتعليم والقدوة، ويبدو أن أزمة الهوية تتقاطع مع هذا القول لأن الهوية هي أول عنوان الحضارة، وأنا شخصيا منبهر بمقدرة الحضارة الاسلامية في العصر الأموي لسرعتها الفائقة التي صنعت فيها هويتها الخاصة رغم أنها كانت واقعة بين حضارتي الروم والفرس إلا أن الأمويين استطاعوا بناء هوية عربية اسلامية مختلفة ومميزة. السؤال المهم هو: كيف ولماذا استطاعوا تحقيق هذا؟ جوابي الذي يحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة هو أن الشعور بالانتماء والايمان بالمرجعية الثقافية الدينية (القدوة) والثقة الكبيرة في النفس التي ولدتها هذه المرجعية (التربية الأسرية) هي التي مكنتهم من تحقيق ذلك الانجاز المبهر.
كيف ننظر لأنفسنا وكيف ينظر الآخر لنا، من نكون وكيف نكون، كلها أسئلة جوهرية نقدية يفترض أنها تمكننا من فهم حالنا المعاصرة. كما أن هناك جانبا آخر للهوية يفترض أن يوضع في الاعتبار، وهو العمل على تحقيق ما نريد أن نكونه فعلا لا التوقف عند مجرد الامنيات، وأقصد هنا أن هناك من ينظر للهوية كصورة تجريدية خارجية دون أن يعي أن الخارج يعكس الداخل، وأن تزيين الخارج لن يجدي نفعا ولن يحقق حالة انتماء دائمة لأنها ستكون حالة واهمة ومؤقته تنقضي بانقضاء الصورة الخارجية المزيفة. لذلك فإن توصيات منتدى الكويت لتعزيز الهوية يجب أن تتحول الى برنامج عمل ويجب أن تتبعها قرارات وإصلاحات في التعليم وفي البنية الاجتماعية والثقافية بشكل عام، ولعلي هنا أعيد المبادرة التي طرحها الأمير سلطان بن سلمان لتبني وثيقة مرجعية للهوية الخليجية ترتكز على أربعة أطر هي: الإطار الديني واللغوي والإطار الحضاري والتاريخي والإطار الاجتماعي وأخيرا الإطار الاقتصادي. والحقيقة أن هذه الوثيقة هي برنامج عمل آني وبعيد المدى يضع أسساً إصلاحية واضحة على مستوى التعليم والتربية الاسرية ومنظومة القيم والثقافة الاقتصادية بشكل عام لمجتمعات الخليج العربية.
يجب أن نضع في اعتبارنا دائما أن تفكك الهوية يعني تفكك الانتماء وأن احتفالنا بيومنا الوطني هو ليس مجرد احتفال، بل هو دعوة لتعزيز الهوية الوطنية وتنقيتها من الشوائب ومعالجتها إن كانت مصابة بوعكة، وتحويلها إلى برنامج "إصلاح"، وأنا أقول هذا الكلام وأتمنى أن يتحقق لأن الحديث عن الوطن والوطنية يملأ الصحف وهذا في رأيي يؤكد أن هناك مشكلة في مسألة الانتماء، فالكل يشعر بالمشكلة والحل غائب أو هو عسير، لأن "الكلام" في الهوية سهل لكن تحويل هذا الكلام إلى عمل صعب جدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.