التغيير سنة الحياة وحكمة الله في خلقه وأن يحدث هذا التغيير على مستوى دولة بحجم المملكة دون أن تصاحبه توابع تعصف بالبلاد والعباد فهذا أمر يستحق أن نشكر الله تعالى عليه ونحمده كثيرا وربما كنّا بالأمس القريب لا نشعر بأهمية استقرار نظام الحكم لدينا لكن رب ضارة نافعة فبعد الكوارث التي صاحبت ما سمي بالربيع العربي وهو بكل تأكيد ليس ربيعا ولا هم يحزنون بل جحيم في جحيم أدركنا هذه الحقيقة وأهمية أن يكون النظام السياسي متماسكا حتى يستمر الوطن آمنا ووحدة واحدة فكل هذه الدول التي عصف بها الجحيم العربي استغل الأعداء خلافات أبنائها ومشاكلهم السياسية والاجتماعية ليتلاعبوا بمشاعرهم وعقولهم ويسخروا كل ذلك لخدمة مشروعهم التدميري للمنطقة حيث دمر هؤلاء بلدانهم بأيديهم وتسببوا بمقتل مئات الآلاف غير الجرحى والمعاقين والمشردين وعادت هذه البلدان إلى الخلف عشرات السنين وكل ذلك تحت مبررات ظلم الحاكم وديكتاتوريته وبدعوى الحصول على الحرية والكرامة والعيش الكريم وشعارهم إسقاط النظام وقد تحقق لهم ذلك فسقط النظام وانهارت بالتبعية الدولة وتفرق الذين اتحدوا وانقلبوا على بعض لأنهم أصلا لم يكونوا على قلب رجل واحد ولم يكونوا أصحاب مشروع حقيقي أو خالص لوجه الله أو حتى لوجه الوطن ولأنهم أساسا اختاروا الطريق الخاطئ منذ البداية فتغيير النظام لا يأتي بقوة السلاح وإن كان هذا هو الطريق الوحيد فبقاء النظام أصلح حتى لو كان سيئا والرافضون له أفضل منه لأن القوة تعني حربا داخلية وهذه الرابح فيها خسران والخاسر الأكبر الوطن. والمتمعن في حال دول الجحيم العربي يجد أن شعوبها لم تحصل على أي شيء مما نادت به ولم يتحسن حالها بل أصبحت أسوأ بكثير باستثناء دولة واحدة لم تتحسن كثيرا لكنها على الأقل أفضل حالا من الدول الأخرى والسبب أن النظام لم يسقط بحرب أهلية، والحقيقة أن الشاهد من الإشارة إلى الجحيم العربي هو التحذير من بعض الأصوات النشاز التي تهول وتحول الأخطاء الموجودة لدينا إلى كوارث وتصور الحالة وكأنها ظلام دامس وحالك السواد فوجود الأخطاء أو النقص في الخدمات لا يعني أن الصورة سوداوية وأن الدولة لم تفعل الكثير لصالح المواطن لكن لكي تكون الصورة ناصعة تماما يجب أن تتضافر جهود الجميع أفرادا ومؤسسات وشعبا وحكومة فهناك حقوق وواجبات وأي خلل في أحدهما يشوه الصورة وفي كل الأحوال الخطأ وارد وهو من طبيعة البشر والمجتمعات النامية تكون نسبة الخطأ فيها أعلى لكن نحن كشعب نعيش حياة كريمة وفي بلد مستقر وآمن، ولذلك علينا أن نكون صفا واحدا وسدا منيعا في وجه كل عابث أو يحاول أن يعبث بأمن هذه البلاد ووحدتها - نعم نختلف ننقد الأخطاء نطالب بالإصلاح لكن دون تحريض على القيادة أو على الأمن فهذا هو المدخل لضرب الوحدة الوطنية وعلينا كشعب أن لا ننخدع بشعارات دينية أو ديمقراطية فالأولى لسنا بحاجة لمن يضحك علينا بها ونحن نؤدي شعائرنا الدينية بكل طمأنينة وأريحية والثانية منتوج ثقافي لكي نصل إليه لا بد أن نكون على مستوى متقدم على الصعيد الفكري والثقافي والاجتماعي أي أن العملية الديمقراطية عملية تطور ذاتي تنبع من الداخل ولا تفرض من الخارج سواء دول أو مواطنين ينفذون أجندة خارجية ويتلقون تعليماتهم من هناك فالتعجل وتطبيقات الديمقراطية المستوردة التي لا تتناسب مع واقع الحال وفرضها على المجتمعات العربية رأينا نتائجها في العراق وليبيا وغيرهما، وبناء عليه يجب أن نلتف حول قيادتنا ونتفاءل بهذا الانتقال السلس من عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز رائد الإصلاح والتنمية طيب الله ثراه إلى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي بدأ عهده بحزمة من الأوامر الملكية والقرارات البناءة وعلينا أن ندرك حساسية المرحلة التى تولى فيها حفظه الله مقاليد الحكم وحجم الأخطار المحيطة والتي تحتم علينا أكثر من أي وقت مضى أن نكون يدا بيد مع القيادة وأن نكون على العهد دائما وأبدا وأن نعلم أن هناك من يتربص بنا ويحيك المؤامرات دولا وجماعات فلا نمكنهم من أنفسنا ومن الوطن ولنأخذ العبرة مما حدث ويحدث في الدول المجاورة وأن لا نقع في الفخ الذي وقعوا فيه، ونسأل الله أن يحفظ بلادنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين مليكنا المكين وولي عهده الأمين وولي ولي عهده وزير الداخلية أسد العرين لما يحبه ويرضاه ولخير البلاد وصالح العباد وأن يمكنهم من قيادة سفينة الوطن إلى بر الأمان ونحن معهم قلبا وقالبا قلما ودما وبالأرواح والجوارح.