تمليك أكثر من 3700 وحدة سكنية للأسر المستحقة.. ودعم ما يزيد عن 16 ألف من متعثري سداد أجرة المسكن خلال النصف الأول من 2025    نائب أمير الرياض يستقبل سفير المكسيك لدى المملكة    البديوي يدين هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلية على أراضي الجمهورية العربية السورية الشقيقة    كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 يحتضن منافسات Mobile Legends: Bang Bang للسيدات    مكتبة الملك فهد الوطنية تمدد ساعات العمل بعطلة نهاية الأسبوع إلى منتصف الليل    أمير القصيم يرعى توقيع اتفاقية شراكة بين جمعيتي الثقافة والفنون وجمعية المسرح    القصيم: قسطرة قلبية تنقذ رضيعًا من متلازمة داون يعاني من تشوه خلقي    أمير منطقة جازان يستقبل مدير بنك الرياض بمنطقتي جازان ونجران    تعزيز الشراكة مع القطاعات العسكرية خطوة استراتيجية لتحقيق استدامة بيئية شاملة    أمير جازان يزور بيت الحرفيين ويطّلع على برامجه في تطوير الحِرف اليدوية    إيقاف 7 شركات عمرة واستدعاؤها للتحقيق لتسكينها معتمرين في سكنٍ غير مرخص    إطلاق جمعية سقيا الماء في جازان لتروي عطش ألف أسرة    مفاوضات سعودية-أوروبية لإبرام شراكة إستراتيجية    محامي : من يتحمل المسؤولية عند اعتماد الذكاء الاصطناعي في الطب    كوالا لمبور تستضيف قرعة ملحق التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026    السديس يُدشّن مبادرة "زائراتنا شرف لمنسوباتنا"    استشهاد 20 فلسطينيًا في غزة    جامعة طيبة تُعلن فتح القبول في السنة التأهيلية للصم وضعاف السمع للعام الجامعي 1447ه    ارتفاع أسعار الذهب    اكتشاف كوكب غامض يبلغ حجمه ضعف حجم الأرض    مسيرات وصواريخ روسية تصيب مدنا أوكرانية    امطار خفيفة على جنوب المملكة وطقس حار على الشرقية والرياض    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    "وِرث الفن".. رحلة ترفيهية تدمج التراث السعودي بالتقنية    حقوق الإنسان تتسلم شكاوى ضد 57 أسرة    الشؤون الإسلامية بجازان تنفذ برامج دعوية بمحافظتي بيش وصامطة لتعزيز الوعي بشروط وأهمية الصلاة    خيول أصيلة تحرج الجيش الفرنسي    بعد توقف عامين استئناف جلسات منتدى الأحساء    إسلامية جازان تُطلق البرنامج الدعوي "الأمن الفكري في المملكة العربية السعودية " بمحافظة أبو عريش    متى يجب غسل ملاءات السرير    تحسن طفيف في التلقيح العالمي للأطفال    ما الذي يدمر المفصل    النصر يعلن وصول " جيسوس"وطاقمه الفني إلى الرياض    مفتي المملكة يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية النور    ناقل الحطب المحلي في قبضة الأمن    الهلال يفاوض"نونيز" بطلب من إنزاغي    نادي النجم الأزرق.. قصة نجاح في "الرابعة"    أبرز سلبيات مونديال الأندية..المقاعد الفارغة ودرجات الحرارة وغياب أبطال أوروبا    سحب الجيش والشرطة العسكرية تتولى المهام.. وقف إطلاق النار في السويداء    أكدت عدم السعي لتوسيع رقعة الصراع.. إيران تفتح «نافذة الدبلوماسية»    كريم عبد العزيز أول بطل ل 4 أفلام بنادي ال «100 مليون»    استغلت أحداث غزة لجمع التبرعات.. الأردن يكشف شبكة ال«30 مليون دينار» الإخوانية    بقيمة 143 مليار ريال.. 454 فرصة مطورة بالقطاعات الصناعية    اكتمال طرح الصكوك المحلية    المفتي يستعرض جهود "النور" في تحفيظ القرآن    يسرق بطاقات بوكيمون ب 113 ألف دولار    وافق على تنظيم مركز الإحالات الطبية.. مجلس الوزراء: تمديد العمل ببرنامج الرهن الميسر ل3 سنوات    دعا لإعادة تأهيل المناطق المتدهورة بالشعب المرجانية.. "الشورى" يطالب بوضع آلية لرسوم وتراخيص المنشآت الترفيهية    نيابةً عن سمو أمير منطقة الباحة.. وكيل الإمارة للشؤون الأمنية يرعى حفل ملتقى الباحة للحرفيين ويدشّن مبادرة "تجربة السائح" ضمن مهرجان صيف الباحة 2025    إغلاق منشأة تداولت منتجات تجميلية متلاعباً بصلاحيتها    8 منتخبات إقليمية تتنافس في النسخة الثانية من بطولة تحت 13 عاماً بالطائف    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    محافظ أبو عريش يرأس اجتماع المجلس المحلي لبحث الاستعدادات لموسم الأمطار    استقبل وفداً من هيئة الأمر بالمعروف.. المفتي يثني على جهود«نعمر المساجد»    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    محمد بن عبدالرحمن يستقبل نائب أمير جازان وسفير عمان    أمير الشرقية يستقبل سفير جورجيا    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطيبا الحرمين : أصحاب الشركات مسؤولون ومحاسبون أمام الله عن الغش في تنفيذ المشاريع
الشريم : من ولاه ولي الأمر عملاً فضيعه خائن للأمانة ولولي الأمر والمجتمع
نشر في الندوة يوم 26 - 12 - 2009

قال امام وخطيب المسجد الحرام الدكتور سعود بن ابراهيم الشريم إن من ولاه ولي الأمر عملاً فضيع فيه فهو خائن للأمانة ولولي الأمر والمجتمع بأسره، مشيراً في خطبة الجمعة أمس الى أن الخائن للأمانة يعد من المنافقين.
وحذَّر في ذات الصدد من انقلاب المفاهيم وعدم التمييز بين الخائن والأمين.
ومضى قائلاً: ما منا من أحد إلا وقلبه مشرئب للفلاح وبلوغه وإنه ما غاب قلب عن هذا الاستشراف إلا حكم عليه بالمرض إن لم يكن قضي عليه بموت القلب فمن هو العاقل الذي يرى فلاحه يمنة ثم هو يسلك ذات شمال ومن هو هذا الذي لم يفلح أو يحدث نفسه بالفلاح فإما يكون جاهلا لم يفقه أو مريضا لم ينقه وكلا الأمرين علقم.
وأوضح فضيلته أن مطلب الفلاح أمر فطري غريزي جاءت به الشريعة الإسلامية الغراء مؤيدة له حاضة عليه محرضة على تحصيله وجعلت الفلاح مشارب ومراكب كل يورد ويبصر على ما وهبه الله من الهمة والحرص والأمل بيد أن من أهم أنواع الفلاح ما كان سببه متعديا لا قاصرا شاملا لا مبعضا مسهبا لا مطنبا.
وأضاف إذا أردنا الوصول إلى أميز طرق الفلاح وأعظمها وأوسعها نفعا فإنه طريق الأمانة التي عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا.
إنها الأمانة العظمى الأمانة بمفهومها الواسع الذي أراده الله لها وأرادها رسوله صلى الله عليه وسلم وهي ضد الخيانة بمفهومها الواسع الذي نهى الله ورسوله عنها لتكون الأمانة في كل ما افترض الله على العباد ثم إنه لا يمكن أن يكون الأمين أمينا إلا إذا كان عافا عما ليس له به حق مؤديا ما يجب عليه من حق لغيره حريصا على حفظ ما استؤمن عليه غير مفرط به فإن من اجتمعت فيه هذه الركائز فهو في دائرة المفلحين الذين قال الله جل وعلا عنهم (قد أفلح المؤمنون)إلى أن قال (والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون).
وأفاد أن الأمانة من أبرز أخلاق الرسل والأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام فهذا نوح وهود وصالح ولوط وشعيب كل واحد منهم قد قال لقومه إني لكم رسول أمين ورسولنا صلى الله عليه وسلم ما كان يعرف في قومه إلا بالصادق الأمين وقد جعل البارئ جل شأنه هذه الصفة للروح الأمين جبريل عليه السلام في قوله (نزل به الروح الأمين).
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: وإذا نظرنا إلى كلمة الأمانة فإننا سنجد فيها معنى الأمان والاطمئنان فكان الأمن والطمأنينة والراحة والاستقرار مرهونة كلها بتحقيق الأمانة على وجهها الصحيح وفي حين إن القرآن الكريم قد ذكرت فيه الأمانة في مواضع كثيرة فإنه في الوقت نفسه قد جاء التحذير من ضدها وهي الخيانة فقال الله جل شأنه (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وانتم تعلمون) وكفى بالخيانة شرا وقبحا ومقتا إنها سبب في دخول جنهم وبئس المصير.
وأردف يقول: إنها النار يامن خنت الأمانة انه العذاب الأليم يامن خنت ربك وخنت ولي أمرك وخنت أمتك وخنت نفسك التي بين جنبيك لقد سمى رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم الوظائف أمانات وطلب من ذوي القوة الإحسان فيها والتيقظ لها ونصح الضعفاء عن طلبها والتعرض لها فقد سأله أبو ذر رضي الله عنه أن يستعمله فضرب بيده على منكبه وقال (يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) ومن هذا الحديث نستطيع أن نبعث رسالة إلى كل من تطوعت نفسه واشرأبت إلى أن تتولى مصلحة من مصالح المسلمين دون استحضار القدرة عليها والشعور بقيمتها وعظم المسؤولية والتبعة فيها والقوة في هذا الحديث هي التي تعني حسن الإدارة الموصوفة بالإجادة إذ لا احد يشك في إيمان أبي ذر رضي الله عنه وتقواه ومع ذلك وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ضعيف والضعف عيب في تحمل المسؤولية ولذا فإننا نشاهد في كل عصر ومصر من توكل إليه المسؤولية وهو طيب في نفسه ومؤمن بربه وحسن في عبادته ولكنه لا يفعل خيراً في مسؤوليته ولا يحز شرا وترى من تحت مسؤوليته فوضى فمثل هذا لم يدرك أن وظيفته عهد بينه وبين ولي الأمر أو أي مؤسسة للقيام بعمل محدود مقابل عوض مخصوص ومن فرط في أداء مثل هذا الواجب فهو ممن لم ينفعه إيمانه في أداء واجبه إذ كيف يرضى المؤمن بالغش أو الخيانة أو التقصير في ما استأمنه عليه ولي الأمر من مصالح العباد وحاجاتهم لان النبي صلى الله عليه وسلم يقول(لا إيمان لمن لا عهد له لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له) ولذا فإن الوظائف كبيرها وصغيرها ليست وسيلة للترفع أو الترفه إنما هي كيان دولة وضمان مجتمع وحاضر أمة ومستقبلها فمن ولاه ولي أمر المسلمين عملا فضيع فيه فهو خائن فهو خائن للأمانة ولولي الأمر وللمجتمع بأسره (إن الله لا يحب الخائنين) وما هذه حال المؤمن الصادق الناصح لان النبي صلى الله عليه وسلم يقول(والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) ثم إن الخائن للأمانة ليعد من المنافقين النفاق العملي بنص النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال (أية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا اؤتمن خان) فالحذر الحذر من انقلاب المفاهيم وعدم التمييز بين الخائن والأمين.
وقال الشيخ الشريم : إنه ما اتصف أحد بصفة الأمانة إلا كان الفلاح حاديه والسكينة والطمأنينة مطيته ولم يتفق العقلاء قديما وحديثا رجالا ونساء كبارا وصغارا على استحسان خلة كخلة الأمانة يتحلى بها المرء المسلم ألا ترون إلى ابنة شعيب عليه السلام حينما خاطبت أبيها عن موسى عليه السلام قائلة (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) ومن هذا المنطلق فإن صفة الأمانة صفة مطلقة لا تخضع للنسبية والتعددية للفرد الواحد فلا يمكن أن يكون المرء خائنا أمينا في الوقت ذاته ولا يمكن أن تتطرق الخيانة إليه بوجه من الوجوه حتى في مقام تحصيل حقه ومبادلة المثل بالمثل لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول(أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك) ذلك إن الخيانة لا تحتمل المحمدة البتة نعم قد يكون المكر في مقابل المكر والكيد في مقابل الكيد والخديعة في مقابل الخديعة فقال الله جل وعلا (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم) وقال سبحانه (ويمكرون ويمكر الله) وقال جل وعلا(إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا) ولكنه في مقام الخيانة نزه نفسه العلية عنها فقال جل وعلا (وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم).
وافاد فضيلته أن للأمانة من الدقة والأهمية مايوضحها قوله صلى الله عليه وسلم (إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة) ومما يؤكد دقتها وخطورتها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ربه مستعيذا به من ضدها حيث قال(اللهم إني أعوذ بك من الجوع فانه بئس الضجيع وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة) فإننا نعيش في أعقاب الزمن الذي تبدلت فيه أخلاق الفطرة وآداب الشريعة وتخلف الكثيرون عن اللحاق بركبهما والسير على منهاجهما فانطمست بعض العالم حتى لم يدر البعض ما الأمانة وما الخيانة ولقد صدق المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال(أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون الصلاة) وفي الصحيحين من حديث حذيفة رضي الله عنه عما يكون من الفتن في الناس فكان مما قال (ويصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة فيقال إن في بني فلان رجلا أمينا).
وفي المدينة المنورة ألقى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ خطبة الجمعة أوضح فيها أن الحياة المثلى لا تتحقق إلا بالإحسان والحضارات لاتُبنى إلا بالإتقان حيث قال صلى الله عليه وسلم (إن الله كتب الإحسان على كل شيء ).
وقال فضيلته : إخوة الإسلام مع أحوجنا حينما تمر بنا البأساء والضراء وتحل بنا الكوارث والمصائب إلى وقفات للمحاسبة ولحظات للمراجعة فمقياس حضارة الأمم ومعيار تقدمها ورقيها أن تكون صادقة مع ذاتها تعرف مواضع الخلل لتُصلحها وتلحظ آماكن الزلل لتتلافاها.
وأردف يقول : إن كل مصيبة تقع على المسلمين وكل كارثة تحصل بالمؤمنين يجب أن تقودهم إلى التوبة إلى الله جل وعلا والرجوع والإنابة إليه قال تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ. فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
وقال فضيلته: إن كل شيء يقع في الدنيا هو بقضاء الله وقدره ومشيئته وحكمته (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ). ولكن إذا وقعت مصيبة وحصلت كارثة فلا نقف عند هذا الحد عاجزين عن معرفة الأسباب والعلل للعلاج ودرء الخطر في المستقبل ، فمن المتقرر شرعاً أن القدر يُحتج به في المصائب ولا يُحتج به في المعايب بمعنى إذا وقعت بنا كارثة فلا نقول إن هذا قدر على ألا نغير من واقعنا وفي مستقبلنا شيئاً فالجواب على من تسلم قمم المراتب وتبوأ أعالي المناصب من الوزراء والمديرين والأمناء أن يستشعروا مسؤوليتهم أمام الله جل وعلا وأن يعلموا أنهم قد تحملوا أمانة عظيمة أمام الله سبحانه ثم أمام ولي الأمر ثم أمام المجتمع ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ). إن الأمر جد خطير فيا من ولاه الله جل وعلا منصباً من المناصب تذكر موقفك أمام الله جل وعلا واتق الله في المسلمين واعلم أن حلاوة المناصب متضمنة غرماً عظيماً ، يُذكرنا به النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال أبوذر رضي الله عنه له ألا تستعملني - أي تجعلني - والياً أو أميرا فقال عليه الصلاة والسلام ( يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها ) ، فهل استشعرت يا من قلدك الله منصباً من المناصب خطورة هذا الأمر فأوليت الرعاية التامة ما استؤمنت عليه وبذلت الجهد العظيم للعمل بما يخدم المصالح العامة والمنافع الكبرى للمجتمع ، هل صدقت مع الله جل وعلا ثم مع ولي الأمر في تقديم الخدمة التي تتحقق بها المشاريع النافعة على أحسن وجه وأكمل حال ، وإلا فالويل ثم الويل لمن ولاه ولي الأمر القيام على مصالح المسلمين ثم فرط في ذلك أو أهمل الرعاية الواجبة ، صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه ) ، بمعنى أن حرص الرجل على المال وعلى المناصب إذا لم يتق الله في ذلك كان مفسداً لدينه.
وزاد فضيلته يقول: إن القيام على تنفيذ المشاريع والمرافق التي تخدم المصالح العامة في البلاد والعباد هي أمانة كل مسؤول من أعلى سلطة إلى أدنى مستوى من المسؤولية فعلى الجميع التزام الأمانة والتحلي بلباسها قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ). ويحذرنا من الخيانة( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول ( آية المنافق ثلاث ) وذكر منها إذا أؤتمن خان وفي حديث آخر حديث عظيم يُحذر من تخلق بالأمانة والغدر ( لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له ). كما أنه يجب أن يولى هذه المناصب أهل القوة والأمانة والنزاهة والإخلاص في العمل.
وأفاد فضيلته أن أصحاب الشركات التي تبوأت مقاليد العمل في المشاريع العامة في بلاد المسلمين مسؤولون أمام الله جل وعلا عن كل ما يأخذون من المشاريع والأعمال التي يصرف عليها من بيت مال المسلمين فلا يجوز لهم المبالغة في الأسعار ولا الغش في التنفيذ والتأخير في تنفيذ المشاريع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من غشنا فليس منا ).
وقال فضيلته : إن التفريط في أموال المسلمين ومشاريعهم من أعظم الموبقات عند الله جل وعلا ، قال صلى الله عليه وسلم ( إن أقواماً يتخوطون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة ).
وبين فضيلته أن من أسباب الخراب العظيم والفساد الوخيم الرشوة والتهاون في التصدي لها تلك الجريمة النكراء التي تجعل من الحق باطلاً ومن الباطل حقاً وتحمل المسؤول على تحقيق ما يُريده الراشي من مقاصد سيئة ومآرب فاسدة على حساب المصالح العامة ، إنها السحت الذي ذم الله جل وعلا بني إسرائيل على أخذه والتعاطي فيه وهي سبب لحصول اللعن على العبد ، فعن عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لعن الله الراشي والمرتشي ).
وأضاف أن من الجرم العظيم والإثم المبين استغلال المناصب للمصالح الشخصية والاختلاس من الأموال العامة قال جل وعلا (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول ( من استعملنا منكم على عمل فكتمنا مخيطاً فما فوقه كان غلولاً يأتي به يوم القيامة...) الحديث ، فهل ترك محمد صلى الله عليه وسلم من البلاغ والبيان أفصح وأعظم من ذلك. كيف تغدر أيها المسلم بالأمانة التي استرعاك الله عليها وخولك ولي الأمر إياها وقد حذرك رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ومن ذلك قوله ( إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يُرفع لكل غادر لواء يُعرف به فيقال هذه غدرة فلان ). أفتبغي أيها العبد أن يُقال لك هذا لأمر يوم القيامة تب في هذه الدنيا قبل أن لا يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وشدد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي على أن الواجب المتحتم والفرض اللازم على أجهزة الرقابة التي ولاها الله جل وعلا مسؤولية الرقابة والتي أولاها ولي الأمر هذه المسؤولية أن تتقي الله جل وعلا وأن تبذل جهدها في مراقبة كل صغير وكبير وأن تُحاسب كل جهة مسؤولة عن كل مشروع محاسبة متناهية الدقة للجليل والحقير باذلة أوجه التنقيب والمساءلة في كشف الحقائق وإظهار مواطن الزلل والخلل والفساد.
وقال فضيلته إن النبي صلى الله عليه وسلم حاسب ابن اللتبية فلما قدم وقال : هذا لكم وهذا لي فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله ثم قال ( ما بال العامل نبعثه فيأتي فيقول هذا لكم وهذا لي فهلا جلس في بيت أبيه وأمه ينتظر أيهدى إليه أم لا ) وجاء في بعض الروايات بلفظ فحاسبه صلى الله عليه وسلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.