ما بين الانخفاض الحاد الملحوظ الذي يراه العديد من المحللين الاقتصاديين بالمملكة وبين التصريحات الرسمية المفعمة بالأمل لغد أفضل، وبين لسان حال المواطن الذي يلوح بالضيق مما يراه وقصر ذات اليد أمام أسعار العقارات المرتفعة والتي تقضي علي أحلامه، نجد أنفسنا حائرين أمام قراءة حال السوق الأكثر جدالاً داخل أروقة كل بيت سعودي وهو سوق العقارات. فبحسب تقرير موقع سوق المال.كوم عن سوق العقارات في السعودية خلال الربع الأول من عام 2015 والذي تم اعداده بناء على استطلاع رأي، تبين أن حوالي 85.71% من السعوديين المشاركين في الإستطلاع يسكنون في منازل بالإيجار وذلك لعدة أسباب منها إرتفاع أسعار العقارات حيث يأتي هذا السبب في المرتبة الاولى بنسبة تصل الى 50% من إجمالي النسبة المذكورة أعلاه. وبرغم مما ترصده العديد من المؤشرات من انخفاض ملحوظ في مؤشر السوق العقارية السعودي في الأشهر الماضية لأكثر من 28% عن العام الماضي، حيث لم تتجاوز قيمة الصفقات المبرمة في جميع مناطق المملكة خلال الشهر المنصرم 16.5 مليار ريال حسب تقديرات عدد من المحللين، إلا أن رئيس اللجنة العقارية بالغرفة التجارية الصناعية بجدة السيد خالد بن عبد العزيز الغامدي، يؤكد أن إجمالي حجم السوق العقاري في السعودية يتجاوز 1.3 تريليون ريال خلال الوقت الحالي. وأوضح أن المملكة توفر فرصاً استثمارية عدة للمطورين والمستثمرين في قطاع العقارات والذي يعتبر أكبر سوق عقاري في منطقة الشرق الأوسط، متوقعاً وصول حجم السوق إلى 1.5 تريليون ريال خلال السنوات القليلة المقبلة، ولعل ذلك يكون حافزا ايجابيا حيث اعتبر استطلاع الرأي المذكور ان السبب الثاني للنتيجة التي اسفر عنها يتمثل في عدم وجود منتجات تمويل عقاري مناسبة - بحسب أرآء المشاركين - من قبل البنوك وشركات التمويل المرخصة من مؤسسة النقد العربي السعودي. وقد أضاف الغامدي أن السوق العقاري السعودي يواصل انتعاشه في طفرة اقتصادية تؤكد مسيرة التنمية السعودية واستمرارها المالي، إذ إن المحافظ الاستثمارية والعقارية في المملكة تقدر بنحو 50 مليار ريال، بينما تؤكد التقديرات الرسمية أن المملكة بحاجة إلى أكثر من 5 ملايين وحدة سكنية جديدة في كافة مدنها بحلول عام 2020. ولفت الغامدي إلى أن السوق سيشهد حركة غير مسبوقة من حيث حجم الاستثمارات حيث قدرت حاجة المملكة إلى 640 مليار دولار استثمارات عقارية، فيما تشكل الوحدات السكنية 91% من حجم الاستثمارات العقارية المستقبلية، منوها بأن اللجنة العقارية بغرفة جدة وبتوجيهات من رئيس مجلس إدارة الغرفة صالح بن عبد الله كامل ستتماشى مع إيقاع الطفرة التي يشهدها الاقتصاد السعودي حالياً. غير أن المحلل الاقتصادي سعود العصيمي من جهة أخرى يستشهد بوجود موجة ركود تضرب السوق العقاري بالسعودية، مرجعاً ذلك إلي تراجع الصفقات العقارية بشكل عام بسبب انخفاض نسبة التضخم الاقتصادي، واستمرار عملية التصحيح التي بدأت منذ عام 2013 في المملكة، بعد غلاء العقارات نتيجة المضاربات خلال العشر السنوات الماضية حتى وصلت إلى 400 % ، مشيراً إلي انه العمارة السكنية كانت تبني بتكلفة لا تتجاوز ال "90 ألف ريال"، أما الآن فقد تضاعف سعر التكلفة بشكل غير واقعي. ومن جانبه أيضا لم يبدِ الخبير العقاري فيصل المهنا تفاؤلاً بحدوث تغيير كبير على أسعار العقارات خلال السنوات الثلاث القادمة، لا سيما فيما يتعلق بالعقارات التجارية، معتبراً في الوقت نفسه أن ارتفاع أسعار القطاع التجاري من أهم أسباب تراجع عدد الصفقات العقارية التجارية خلال العام الحالي مقارنة مع الأعوام الماضية، فيما تشهد العقارات السكنية انخفاضا طفيفاً في الأسعار. وبحسب بيانات وزارة العدل، فقد طغت الصفقات السكنية على التجارية بما قيمته 11.4 مليار ريال، فيما بلغت الصفقات العقارية التجارية حوالي 5 مليارات ريال، وتوزعت الصفقات بين شراء قطع أراض وشقق وأراض زراعية وعمارات ومحال ومنازل ومراكز تجارية واستراحات، إلا أن قطع الأراضي سجلت النسبة الأعلى. إلا أن المواطن السعودي كان له رأي أخر حيث بدى لسان حاله أكثر تهكماً علي الوضع الحالي متسائلاً: كيف لبلد شاسع المساحة وصحرائه تمتد علي مد البصر بينما نسبة تملك العقارات فيه لا تتجاوز ال 30%؟، مشيراً الى أن كافة المخططات الجديدة ليست جميعها بالجيدة من حيث البنية التحتية والتصميمات العامة، إلي جانب الأسعار الخيالية التي تجاوزت في بعض الأحياء السكنية حاجز ال 2000 دولار إي ما يعادل 7400 ريال سعودي وهو ما ليس دائما في متناول المواطن العادي، لذا فقد بدأالاتجاه أكثر فأكثر نحو تملك العقارات خاصة المنازل بالتقسيط بدلاً من السعي لتملك الفلل مرتفعة التكاليف.