514 مليار ريال الصادرات غير النفطية السعودية في 2024    مجلس الجمعيات الأهلية بجازان ينفذ لقاء التواصل الثالث مع ممثلي الجمعيات بالمنطقة    مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع مساعدات غذائية وإيوائية للنازحين من محافظة السويداء إلى محافظة درعا    المملكة تحصد 7 جوائز دولية في الرياضيات والمعلوماتية    صدور قرار تقاعد مدير مكتب التعليم بطريب والعرين الأستاذ حسين آل عادي    رياح نشطة وأتربة مثارة في عدة مناطق    الداخلية : ضبط (23167) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    حرائق الغابات تلتهم 6 ملايين هكتار في كندا حتى الآن    الفريق الفتحاوي يواصل تدريباته بحضور رئيس النادي    الاتحاد يضم الغامدي حتى 2023    بوصلة إيزاك تتحول من ليفربول إلى الهلال    إنقاذ 18 عاملًا في منجم ذهب بكولومبيا    تراجع أسعار النفط    مقتل ثلاثة أشخاص في انفجار بمركز تدريب للشرطة في لوس أنجلوس    البرازيلي "شاموسكا" مدرباً للتعاون مجدداً    الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    إدارة "النصر"تعيّن البرتغالي"خوسيه سيميدو"رئسياً تنفيذياً    أمير الشرقية يدشّن المخطط العام لمطار الملك فهد الدولي... الأحد    القبض على (3) أشخاص في القصيم لترويجهم مواد مخدرة    النصر: تعيين البرتغالي سيميدو رئيسًا تنفيذيًا مكلّفًا    أرقام رائعة تُميز ديفيد هانكو مدافع النصر المُنتظر    الهلال يدخل سباق التعاقد مع مهاجم نيوكاسل    للمسؤول … طريق لزمة – الوهابة في انتظار كاميرات ساهر والإنارة    "وِرث" و"السودة للتطوير" تطلقان برنامجًا تدريبيًّا لفن القط العسيري    1.9 مليون مصلٍ بالروضة الشريفة وأكثر من 3.4 مليون زائر للنبي صلى الله عليه وسلم    المعيقلي: «لا حول ولا قوة إلا بالله» كنز من كنوز الجنة    حسين آل الشيخ: النميمة تفسد الإخاء وتورث العداوة    حساد المتنبي وشاعريته    حملات إعلامية بين «كيد النساء» و«تبعية الأطفال»    ميراث المدينة الأولى    أبعاد الاستشراق المختص بالإسلاميات هامشية مزدوجة    "هيئة الطرق": الباحة أرض الضباب.. رحلة صيفية ساحرة تعانق الغيوم عبر شبكة طرق متطورة    إنقاذ مريضة تسعينية بتقنية متقدمة في مركز صحة القلب بمدينة الملك سعود الطبية    جراحة تنهي معاناة مريضة من آلام مزمنة في الوجه والبلع استمرت لسنوات ب"سعود الطبية"    تجمع مكة الصحي يفعّل خدمة فحص ما قبل الزواج بمركز صحي العوالي    اختتام أعمال الإجتماع الأول للجان الفرعية ببرنامج الجبيل مدينة صحية    خارطة لزيادة الاهتمام بالكاريكاتير    مهند شبير يحول شغفه بالعسل إلى علامة سعودية    معادلة عكسية في زيارة الفعاليات بين الإناث والذكور    السعودية: نرفض كافة التدخلات الخارجية في سوريا    جامعة الإمام عبد الرحمن تختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي    (إثراء) يعلن عن فوز 4 فرق في المنافسة الوطنية لسباق STEM السعودية    برنامج تطوير الثروة الحيوانية والسمكية يعلن توطين تقنية «فيچ قارد»    المملكة تعزي العراق قيادة وحكومة وشعبًا في ضحايا «حريق الكوت»    صدور بيان عن السعودية و 10 دول حول تطورات الأحداث في سوريا    أمير منطقة جازان يستقبل وكيل الإمارة والوكلاء المساعدين الجدد    المدينة المنورة تبرز ريادتها في المنتدى السياسي 2025    الأولى عالميا.. التخصصي يزرع جهاز دعم بطيني مزدوج بمساعدة الروبوت    المفتي يستعرض أعمال "الإفتاء" ومشاريع "ترابط"    د. باجبير يتلقى التعازي في وفاة ابنة شقيقه    20 قتيلاً.. وتصعيد إنساني خطير في غزة.. مجزرة إسرائيلية في خان يونس    بوتين لا ينوي وقف الحرب.. روسيا تواصل استهداف مدن أوكرانيا    ضبط 275 كجم مخدرات والإطاحة ب11 مروجاً    وزارة الحج والعمرة تكرم عمر بالبيد    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد السليمان..العنصرية الخفية!
نشر في المدينة يوم 26 - 02 - 2014

لم تستطع الإنسانية برغم كل مظاهر التمدن والتحضر من نزع فكرة الفوقية والدونية في تعاملاتها الحياتية، فثمة مجموعات إثنية تدعي لنفسها تفوقًا على غيرها من الأجناس الأخرى، وغالبًا ما يكون هذا الادعاء مستندًا إلى عوامل مورفولوجية، تأخذ أسبابها من ظواهر الاختلاف في الخلق بين الناس، وتفاوت أعراقهم وألوانهم، حسب الفطرة الإلهية ومقتضاها وحكمتها. وأول ما ظهر هذا النزوع نحو التفضيل وادعاء التفوق إنما جاء من باب (الحامية والسامية)، رجوعًا إلى الأبوين الأولين (سام، وحام) أبني نبي الله نوح، وفق لون الجسد في المقام الأول على اعتبار أن الساميين بيض البشرة بتفاوت درجة (البياض)، والحاميين (سود) بتفاوت درجات السواد أيضًا،
والمثير للسخرية أنه داخل المنظومة اللونية الواحدة تظهر فكرة الفوقية والدونية، ف(البيض) يتدرجون في ذلك بحسب قياس (البياض)، الآريون يحسبون أنهم الأنقى عرقًا، والأجدر ب(السمو) والارتفاع عن الآخرين، وعلى ذلك قس في منظومة الإثنيات السوداء.
هذا ما عرفته الإنسانية منذ وقت طويل، وجاءت الكتب السماوية والقوانين المتحضرة لتذيل الفوارق، فأفلحت على المستوى النظري في وضع إطار إنساني محكم للتعامل المتساوي عبر القرون، غير أن النفوس ما زالت تعاند ذلك بما توطنت في دخيلتها من نزوع نحو إشعار الآخرين بتفوقها عليها على ذات القاعدة من التفاوت في لون البشرة تحديدًا، ففي عصرنا الحاضر يبدو العنصر الإفريقي محط النظر الدوني، وحائط التصويب من كنانة الألفاظ العنصرية، من مختلف الجبهات، حتى في المجتمعات المتقدمة – بزعمها -.
ولم تكن المملكة بعيدة عن هذه الظاهرة العالمية، وكانت قيادتنا الرشيدة أوسع أفقًا وأبعد نظرًا وهي تمضي إلى تطهير المجتمع من نظرة الدونية والفوقية في نسيجه، وأن تجعل من مثل هذا السلوك أمرًا موجبًا للمعاقبة القانونية. لكن من المهم والأجدر أن نتعامل مع الأمر بحقيقته الماثلة، فلا يمكن لأي أحد القول بأن الظاهرة منتفية تمامًا في مجتمعنا، فهي حاضرة بشكل أو آخر، حتى وإن بدت كامنة في (لاوعي) عدد غير قليل، ولعل هذا ما ظهر جليًا في مدرجات كرة القدم مؤخرًا، من مظاهر استوجبت سرعة التعامل معها بطريقة تنسفها قبل أن تستفحل.
ومن بين ما قرأت في هذا السياق، مقال بعنوان (السعودي سامي الجابر!) لكاتبه الأستاذ خالد السليمان بجريدة عكاظ، تناول في ثناياه ما تعرض له الجابر مدرب فريق الهلال لكرة القدم من عنصرية صدرت من أحد المشجعين، ونقلتها قناة العربية التي قدمت اعتذارها عبر الإعلامي الكبير بتال القوس وتوضيحه على الملأ أنها لم تكن مقصودة تمامًا.
السليمان كان محقًا في نقده للعنصرية وتبعاتها، غير أنه للأسف نسف نقده الجميل عندما ختم مقالته بقوله «وعلى الأقل - يا سامي - تمت نسبتك لبلد يرجع له كل عربي أصيل، لكن هناك مدرج بأكمله نسب لمجاهل أفريقيا!» ويقصد بذلك أهازيج (نيجيريا.. نيجيريا) التي يطلقها البعض كالجماهير الهلالية ضد مدرج نادي الاتحاد.
وليت السليمان لم يفعل ذلك لأن (طبطبته) على كتف الجابر جاءت على حساب أشخاص آخرين أساء لهم عندما ذكر كلمة (مجاهل أفريقيا) الذين هم برأي السليمان ليسوا في مستوى (العرب الأصليين).
لا اعتقد أن الأستاذ خالد السليمان يختلف معي بأننا نحن كسعوديين (مسلمين) نرفض العنصرية ضد كافة الأشخاص بمختلف جنسياتهم ولغاتهم وأصولهم، وقاعدتنا في ذلك قوله تعالى «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» وقوله صلى الله عليه وسلم «لا فرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى» وأستاذنا الكبير يعلم بلا شك أن رسول الأمة وبعد انتشار الإسلام في جزيرة العرب وأثناء فتحه لمكة اختار الصحابي بلال بن رباح (الأفريقي – الحبشي تحديدًا) عن سائر الصحابة (العرب) بمختلف مكانتهم الاجتماعية ليصعد أعلى الكعبة ويؤذن في الناس، وهذا الصحابي سلمان (الفارسي) يرجع له الفضل في انتصار المسلمين في معركة الأحزاب عبر فكرته (الفارسية) المتمثلة في مصيدة الخندق، ومن باب التذكير، أقول إن كتب الأمهات الست والتي تحمل الأحاديث الشريفة التي نذكرها في خطبنا ونرددها في مجالسنا لم يدونها إلا رجال ينتمون إلى ديار تقع (خارج جزيرة العرب).
ولأنني من متابعي أستاذنا الكبير وما يطرحه من أطروحات اجتماعية راقية، فإني أحسن الظن به، فلا أراه إلا مقتنعًا بأنه لا فرق بين عربي أو أفريقي أو غيرهما إلا بالتقوى، فلربما كانت زلة قلم أو أنه قد كتب على وجه السرعة ولم يراجع، ولا أخاله إذن إلا معتذرًا ومتراجعًا عن ما قاله، وما ذلك - إن فعل - إلا من شيم الكبار.
(*) كاتب وباحث أكاديمي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.