لا تستغرب عند مرورك هذه الأيام المقاهي التي يرتادها أبناء الجالية اليمنية بجدة: إذا كانت أبرز الأحاديث التي تدور على الطاولات هناك تدور في فلك السياسة وعلى وجه الخصوص «مؤتمر الحوار الوطني»: والذي انطلقت فعالياته 18 مارس ويستمر حوالى ستة أشهر. فمعظم المفردات المتداولة على طاولات تلك المقاهي تتمحور حول عملية الحوار الوطني والذي يشكل أهم المنعطفات في تاريخ اليمن الحديث, ولعل أهم القضايا التي شهدت جدلًا ساخنا حتى قبل بدء الحوار هي قضية الجنوب. ففي قهوة عدن» في منطقة باب مكة: وتحديدا خلف جامع الملك عبدالعزيز: يتجمع أبناء الجالية اليمنية نهاية كل أسبوع, حيث البساطة والألفة التي تحيط بالمكان, أجواء يمنية بامتياز تسود المكان, بدءا بالأزياء الشعبية لبلادهم وانتهاء بالأطباق المحلية التي يقدمها المقهى لرواده, حيث يرتاده أبناء الجالية اليمنية المقيمين بجدة لقضاء أوقات فراغهم هناك والاجتماع بأبناء جلدتهم. الشاي العدني «واحد عدني» هي أول مفردة يطلقها رواد المقهى منذ وصولهم, ثم تبدأ بعدها أحاديث الوطن وهمومه وتطلعاته وذكريات الأهل والأحباب من على طاولة تلك المقاهي. ففي إحدى الطاولات اجتمع علي قاسم, ومطهر عيسى, وعبدالرب اليافعي, وكان معظم حديثهم يدور حول مدى نجاح مؤتمر الحوار الوطني في بلاهم, فقد كان لعلي قاسم فقد راهن على نجاحه, حيث قال: «تم التحضير لهذا المؤتمر بشكل مبكر وجيد, وأعتقد أن المخرج الأفضل لنا جميعا للخروج من هذه الأزمة السياسية الطاحنة في بلادنا بهذا الحوار والتحاور, ونحن نراقبه ونتابع جلساته منذ انطلاقته على أمل نجاحه بإذن الله» فيما كان رأي زميله اليافعي مخالفا له إذ قال: «القضية الجنوبية لا حل لها سوى الانفصال وما عدا ذلك فهو ضياع وهدر للأوقات والجهود, فقد جربنا الوحدة على مدى عقدين من الزمان وبالرغم من ذلك باءت بالفشل الذريع, فبدلا من ضياع الوقت (6 أشهر) مدة الحوار كان عليهم أن يجروا استفتاء للشعب الجنوبي ليحدد مصيره, ولكن لا حياة لمن تنادي». جدل ساخن أما إحدى الطاولات فقد لفتتني بالأصوات المرتفعة من على مقاعدها, حيث شهدت جدلا ساخنا وحدة في الصوت كاد أحدهم أن يقوم من مقعده لولا تهدئته من قبل بعض أصدقائه الآخرين, وكان ذلك بسبب الاحتدام في نقاش حول نجاح المؤتمر وبعض القضايا المطروحة للنقاش ولعل من أهمها صياغة الدستور الجديد,ومعالجة القضية الجنوبية,وأسباب التوتر في صعدة, حيث يعتقد جلال أمين وهو من محافظة تعز أن بعض الجنوبيين يستعينون بجهات من الخارج كورقة ضغط على الدولة, ويقول: «من كان عنده أدنى ذرة من وطنية فلا يساوم على وطنه, لكن من يفعل ذلك همهم الأخير مصلحتهم الشخصية بعيدا عن الوطن». وفيما كانت الأجواء السياسية هي السائدة على تلك الطاولات, شدنا منظر مجموعة من اليمنيين وهم يقومون بالاتصال على ذويهم في اليمن للاطمئنان والسؤال عليهم خاصة في ظل الأجواء المتوترة في بعض المحافظات اليمنية تزامنا مع انطلاق الحوار الوطني. أطباق اليمن وعن الخدمات التي يقدمها المقهى لرواده, يقول أحد العاملين فيه: «يقدم المقهى لزواره بعض الأكلات الشعبية اليمنية لمختلف محافظات الجمهورية, سواء الفطائر, أو الايدامات, والكعك, إضافة إلى الشاي العدني الشهير, حيث تقوم العمالة اليمنية القائمة في المقهى بتجهيز وتحضير تلك الأكلات» مشيرا إلى أن المقهى يقدم أطباق اليمن الواحد بعيدا عن التعصب السياسي.