نائب أمير مكة يستقبل عدد من اصحاب السمو والمعالي والفضيله    سمو الأمير حسام بن سعود يرعى حفل تخريج 3483 خريجًا وخريجة بالدفعة 18    طموحنا عنان السماء    ترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة.. أمير تبوك يؤكد اهتمام القيادة براحة ضيوف الرحمن    نائب أمير الرياض يرعى حفل تخرج الدفعة الثالثة عشرة من طلبة جامعة دار العلوم    صحة نباتية    بلادنا وتحسين إنتاجية الحبوب والفواكه    الرؤية والتحول التاريخي ( 2 – 4)    «كاوست» تطلق مبادرة المدارس الخضراء    يستهدف تمكين الفتيات المتسربات.. مركز الملك سلمان يكمل برنامجاً تعليمياً في اليمن    الاحتراف تحدد مواعيد تسجيل اللاعبين في دوري روشن و"يلو"    المان سيتي يكسر عقدة ملعب توتنهام الجديد وينفرد بصدارة الدوري الإنجليزي    الهلال والنصر.. والممر الشرفي    ريال مدريد يحتفل بلقب الدوري الإسباني بخماسية في شباك ديبورتيفو ألافيس.. وفينيسيوس يُسجل هاتريك    الخريجي يستقبل مسؤولاً أمريكياً    شاهد | ليفربول يتعادل 3-3 مع أستون فيلا في مباراة مثيرة    اختتام بطولة القادسية الدولية للسهام    شرطة الرياض تقبض على مروجي حملات حج وهمية    الهواء داخل السيارة يحتوي مواد كيماوية ضارة    الفصول الثلاثة    حالة مطرية في معظم المناطق حتى السبت    الملك سلمان: خدمة الحرمين ورعاية قاصديهما من أولويات المملكة    أمير منطقة تبوك يثمن البروفسور العطوي إهدائه لجامعة تبوك مكتبته الخاصة    انطلاق برنامج الرعاية الأكاديمية ودورة البحث العلمي في تعليم الطائف    ..أنيس منصور الذي عاش في حياتنا 2-1    مكانة بارزة للمملكة في عدد مقاعد «آيسف»    تمكين المواهب وتنشيط القطاع الثقافي في المملكة.. استقبال 2200 مشاركة في مبادرة «إثراء المحتوى»    حجز العربات الكهربائية عن طريق "تنقل".. وصول أولى رحلات مبادرة «طريق مكة»    حمام الحرم.. تذكار المعتمرين والحجاج    "طريق مكة"    ( قلبي ) تشارك الهلال الأحمر الاحتفاء باليوم العالمي    الكلام أثناء النوم ليس ضاراً    تأثير العنف المنزلي على الأطفال    الملحق الثقافي في أميركا يكشف عن فرص علمية وبحثية للشباب السعودي    2200 مشاركة في مبادرة «إثراء المحتوى العربي»    واشنطن تحظر استيراد الوقود النووي الروسي    الحرب تركت مجتمعًا مدمرًا    ضبط مواطن بالرياض لترويجه الحشيش والإمفيتامين وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    5 أزمات أمام القادة العرب في قمة البحرين    5 محاور لأدوات الإعلام السياحي بهيئة الصحفيين بمكة    أمير المدينة يستقبل أمين جائزة أمين مدني    أمير الباحة: سنخاطب المالية لدعم الأمانة وبلدياتها    انطلاق «استجابة 14» لاختبار قدرات 39 جهة في التعامل مع الطوارئ البيئية    جرس شوري لدراسة تأثير التجارة الإلكترونية على الاقتصاد    بيان مشترك لمجلس الشراكة الإستراتيجي السعودي البريطاني    5.8 مليار لصيانة المساجد خلال 5 سنوات    وزير دفاع روسيا: نريد النصر في أوكرانيا ب"أقلّ" خسائر بشرية ممكنة    وصول الطائرة السعودية 49 لإغاثة أهالي غزة    مستشفى الملك سعود بعنيزة ينهي معاناة"خمسينية" من تشنجات متكررة    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الحدود الشمالية    الكلام أثناء النوم قد يتطلب استشارة الطبيب    سابتكو تواصل الخسائر رغم ارتفاع الإيرادات    اعتماد اشتراطات الإعفاء للأسواق الحرة بجميع المنافذ الجمركية    القمة العربية في البخرين نحو تعزيز التضامن العربي ومواجهة التحديات المشتركة    الاتفاق يواصل استعداداته لمواجهة الأخدود    نائب أمير مكة: منع الحجاج المخالفين ساهم بتجويد الخدمات    أمير حائل يشكر المعزين في وفاه أخيه: البدر جسد احساس ومشاعر أسرته وشعب المملكة في شعره    أمير المنطقة الشرقية في ديوانية الكتاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاثنينيّة.. الإنسان والتّاريخ
نشر في المدينة يوم 21 - 11 - 2012

* لا أكتب هنا عن عبدالمقصود خوجة رجل الأعمال أو الوجيه؛ وإن كان ذلك ممّا فتح الله به عليه من فضله ونعمته، ولكنني أكتب عن عبدالمقصود الإنسان الذي عرفته على مدى ما يقرب من ثلاثين عامًا، كما عرفه غيري من المشتغلين بشؤون الفكر وشجون الأدب، أو ممّن تنطبق عليهم وصفًا المقولة المأثورة: لقد أدركتهم حرفة الأدب.
** الإنسان عبدالمقصود الذي تخرّج في جامعة الحرم المكّي الشريف، وأدرك صفوة أهل العلم الذين درس على أيديهم من أمثال المشايخ الأجلاء: محمّد العربي التبّاني، وعلوي المالكي، ومحمّد نور سيف، ومحمّد أمين كتبي، ومحمّد بن مانع -رحمهم الله جميعًا-، وكان هؤلاء؛ إضافة إلى دروس العلم والأصول التي يعقدونها في رحاب بيت الله الحرام، كانوا يقومون كذلك بالتدريس في مدرسة الفلاح، التي أنشأها الرّائد محمّد علي زينل في عام 1330ه، كما أنّه ارتبط أيضًا بتراث أجداده وآبائه، فجدّه الشيخ عبدالمقصود خوجة كان عالمًا أزهريًّا متفتّحًا، وكان الأزهر -وما زال- إحدى منارات العلم والفكر الوسطي والمعتدل، والمعبّر مع غيره من دور العلم عن الجوهر الحقيقي لتعاليم الدّين الإسلامي، كما كان لوالده محمّد سعيد عبدالمقصود دور هام ومؤثّر في الحياة الفكريّة والأدبيّة في بداية العهد السعودي، حيث عمل مديرًا لصحيفة أمِّ القرى ومطبعتها، وكان ذلك في عام 1345ه، ولقي جيل الروّاد من أمثال عزيز ضياء، وعبدالله بلخير، وطاهر زمخشري، وأحمد ملائكة، وعبدالله عريف، وحسين خزندار -رحمهم الله- وسواهم، لقوا منه كلّ الرعاية، أو كما قال الرّائد عزيز ضياء واصفًا دوره الطّليعي: "لقد ملأ محمّد سعيد عبدالمقصود علينا حياتنا في تلك الفترة التي عشناها قبل الحرب العالميّة الثّانية وعلى التّحديد بعد أنّ أسّس الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- المملكة العربية السعودية"، ثمّ أدرك المرحوم محمّد سعيد عبدالمقصود دور الأدب في الحياة المعاصرة، والارتقاء بها، فألّف مع صديقه الشاعر عبدالله بلخير كتاب "وحي الصحراء" الذي صدر في عام 1355ه، وضمّ الإنتاج الفكري والأدبي للجيل الصاعد آنذاك، وأضحى فيما بعد أحد أهمّ مصادر الأدب السعودي، مثله في ذلك مثل "أدب الحجاز"، و"خواطر مصرّحة"، و"نفثات من أقلام الشباب الحجازي"، و"شعراء الحجاز في العصر الحديث"، و"شعراء نجد المعاصرون"، و"شعراء هجر"، وغير ذلك من الدراسات الأدبيّة والنّقدية التي يرجع إليها الباحثون عند دراسة الأدب في بلادنا.
** قبل حوالى ثلاثين عامًا أنشأ الأديب عبدالمقصود منتداه الأدبي والفكري "الاثنينيّة"؛ والذي أضحى فيما بعد من العلامات المضيئة والبارزة في تاريخنا الأدبي، حيث دوّن من خلال تكريمه لشخصيّات أدبيّة محلّية وعربيّة وإسلاميّة ما يشكّل مادة علميّة وفكريّة وأدبيّة يفيد منها الدّارسون لدراسة الأدب السُّعودي خاصّة، والعربي عامّة، وحرص على تتبّع تراث الروّاد ليجمعه من مكانه في الصّحف والمجلات والمخطوطات، ويقدمه في مجلّدات صدرت تباعًا، ناعتًا إيّاها ب"الأعمال الكاملة"، وكان من آخرها أعمال الروّاد والأدباء محمّد سعيد العامودي، وحسين سرحان، ومحمّد حسن كتبي، ولقد فاتحني قبل عدّة سنوات في دار المستشار محمّد سعيد طيب برغبته في جمع تراث الأديب والشّاعر حمزة شحاتة، وشكّل لجنة لهذا الهدف السّامي، وتشرفت بأن أكون أحد أعضائها، مع الأساتذة الأفاضل: محمّد صالح باخطمة، وعبدالفتّاح أبومدين، وعبدالله فرّاج الشّريف، ود.جميل مغربي، ود.محمود حسن زيني، ود.محمّد الحسن المحجوب، والمرحوم حسين الغريبي، إضافة إلى الدكتور هشام محمّد نور جمجوم، الذي قدّم للّجنة التي كان يرأسها الأستاذ عبدالمقصود خوجة نفسه ما يقرب من أربعين قصيدة لم تنشر، وهي من محفوظات مكتبة والده الشيخ محمّد نور جمجوم -رحمه الله-، والذي كانت تربطه علاقة مودة وصداقة مع المرحوم شحاتة.
** ولم يكتف أديبنا عبدالمقصود بهذه المبادرة الكريمة لشاعر يعتبر في طليعة أدباء هذه البلاد المجدّدين، وأكثرهم قدرة على الإبداع الشّعري والنّثري المتميّز على حدٍّ سواء، بل أقام احتفاليّة بمناسبة مرور مائة عام على ولادته 1328-1391ه، مع أنّ هناك اختلافًا في الرّأي عند الباحثين حول تحديد تاريخ ولادته.
** الإنسان عبدالمقصود لا يحتفي فقط برجال العلم والفكر والأدب في دارته العامرة، بل هو يسأل عنهم إذا ما غابوا، ويزورهم ويواسيهم إذا ما جرى عليهم مكروه، ولهذا كان غياب اثنينيّته أو انقطاعها لظروف طارئة ولمدّة تزيد عن عام كامل عاملاً حفّز العديد للكتابة عن مآثر الاثنينيّة، مطالبين بعودتها واستمرارها. وفي الاثنينيّة الماضية التي دشّنها صاحبها بتكريم العالمة السّعودية "حياة سندي" دلّل أرباب الكلمة ومبدعوها على تثمينهم وتقديرهم للدور الذي قامت به الاثنينيّة على مدى ثلاثين عامًا من العطاء المعرفي الخالص، كما كانت أيضًا دليلاً قويًا على المشاعر العفويّة والصّادقة التي تختزنها قلوب النّاس على مختلف مشاربهم لصاحب الاثنينيّة، ومع أنّ الإنسان والأديب عبدالمقصود يرفض فكرة الاحتفاء به تقديرًا للدور الوطني والأدبي الذي قدّمه طوال حياته؛ إلا أن الاحتفاء الحقيقي كان من خلال ذلك الحبّ والتّقدير الذي جسّدته جموع النّاس، التي جاءت متقاطرة ومتشوّقة لتقول له كلمة شكر وعرفان ومودّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.