تأتي أعياد ومناسبات وأحداث وتنتهي الى غيرها بسرعة، ومعها تنتشر علوم الدين والتاريخ والفكر والأدب ونتاج الأمم الأخرى، وتكثر محاضرات وندوات وقنوات ولقاءات وكتب ودوريات. صارت المعارف والثقافات شائعة متداولة، وانجلت غوامض وتفتحت آفاق. فهم سنن الحياة وأسباب وحلول مشاكلها صار متاحا للناس. لذلك يكتسب المرء مع السن علما وتجارب وخبرات ويقينا وحياة متجددة مطمئنة متزنة. لكنك تجد من هو أسن منك يقابلك محتدا ويلقي بالخصام، ليس لأنك قتلت أو سرقت، بل لأنك لم تبادره بالاتصال ولا بالسؤال ولا بالحضور. تفاجأ من الاستقبال وتتحمله ثم ترد بابتسامة وهدوء: «أعتذر لك ولكن لعلي كنت مريضا أو مسافرا او مشغولا فهلا بادرت أنت بالاتصال؟»، فاذا به يصيح، كأنه محق وحده، غير راض بما تقوله لأن الواجب عليك أنت فهو أكبر منك؟!. أخي وحبيبي وسيدي الأسن مني: أعلم أن «ليس منا من لم يوقر كبيرنا»، لم أحفظ غيرها منك. أنا أوقرك وأقدمك وأتذلل أمامك. لكن أطلبك أن تدلني على ما يعذرك أنت إن نفرت بسبب سنك من أخيك وابن اخيك وذي رحمك وقاطعتهم إن تأخروا عنك. أقبل رأسك من أجل أن تسهل حياتك وحياتي. أرجوك أن تنورني، أن تعطيني دليلا، ليس على التوقير الحاصل، بل على أن التواصل والزيارة حتم واجب على أحبتك نحوك ويسقط عنك بسبب السن، وأنت لست مقعدا ولا مريضا ولا ذاهب العقل. أرجوك أجب: أين الحب والمعزة والافتقاد وأنت لا تقابل أخاك بأي عذر له ولا على الأقل بلطف المقابلة وزينة الصبر وأدب الاستماع، مهما قدم الولاء والتبجيل والاحترام؟ يظل كل من يقل ويزيد عنك في السن اخا لك، لا تعلم أنت ولا غيرك من أفضلكم وأكبركم عند الله. يا رسول الله. أنت سيدي حقا وسيد من أعرف ولا أعرف. أنت قدوتي مهما خالفت من حولي، مهما سخط وتعلل وتعالى هذا وذاك. يا رسول الله ورحمته إلينا: كلام الله مرجعي وأنت إمامي وسنتك طريقي ولا أبالي بمن يعبد أوهامه ويظن أن حقه على غيره أعظم من حق غيره عليه، وأن احترام وتقدير غيره له لا يجتمع مع احترامه وتقديره لغيره. إن عدلنا في أنفسنا قضينا على الهموم والحواجز والمظالم وتفرغنا لمهامنا في الارض، لاعمارها بالايمان والاحسان، بقضاء الحوائج، وبالعمل والقول والابتكار. اللهم صل على سيدنا وقدوتنا الحبيب اللين وعلى آله وصحبه وسلم. فارس محمدعمر توفيق - المدينة المنورة