هَدِيلْ الفَرَحْ

حيَاتنا محَطات يُرغمنا الزَمن عَلى أنْ نتوقَف فِيها بَين الحِين والآخر ، وأجمَل محَطات العُمر تِلك التِي تغمُرنا بالفَرح الذِي يُدخل البَهجة والسرُور لأنفُسنا ، فللفَرح لِذة لَا تُوصف ومعَان نحُبها ونشتَاق إليهَا كُلما باعَد بِها الزَمن ، أوْ أفتقَدتها النَفس لِأنها زَاد أيامِنا ، واليَوم بعَد أنْ رحَل مِن العُمر مَا رحَل عَبر الأثِير أتَى همْس الفُؤاد إلَى مسمعِي يَزف لِفؤادي الفرَح بِأن هَديل الفُؤاد رزقهَا مُسبب الأسبَاب بِشاب طلبهَا عَلى نَهج الكِتاب ، وسُنة سَيد الأحبَاب عَليه صَلوات رَب العِباد ليقضيَا معاً بَاقي أيَام العُمر فِي سعَادة وهنَاء وسَلام ، فأمْسكت القَلم لتتحَرك أناملِي والفَرحة تغمُرني ، ونسِيم الشَوق يملئنِي لأخُط عَلى الوَرق أجمَل لوحَة فَرح ، ولكِن أخشَى أنْ أعجَز عَن التعبِير فِي صيَاغة مَشاعري يَا وحِيدة الفُؤاد ، فَتلك الفتَاة التِي كَانت قَبل أعْوام مَضت طِفلة صَغيرة تَلهو وتلعَب بِبراءة الأطفَال غَدت اليَوم عرُوسة ، وتحقَق لهَا الحُلم الجمِيل الذِي كَان يُراودها بِأن ترتَدي فُستان الفَرح الأبيَض ، فَأنت اليَوم يَا إبنَة الفُؤاد تنعمِين بِنعمة مِن أجَل النِعم التِي وهَبك إيَاها الرحمَن ، نِعمة الإسْتقرار التِي يجبْ عَليك أنْ تستثمِريها كمَا ينبَغي لِتنعمِي بحيَاة تُرفرف السَعادة عَليها مَا تعَاقب اللَيل والنهَار ، فَأول خطوَاتها اتقِي رَبه ، ثُم أعْرفي حَقه ، واسمعِي نُصْحه ، واصدقِي قَوله ، وأحسنِي عِشرته ، وافهمِي طبيعَته واسلُكي نهجهَ ، وليَكن رِضاه غَايتك ، فَهو حَاضرك ومستَقبلك ، ونعِيم حيَاتك ، ومفتَاح جنتِك ، وأنتِ اليَوم بِأمر إلهِي كرِيم أصبحتِ مَلكة لمملَكتك التِي لَا يُشاركك فِي حُكمها أحَد ، فأحسنِي إدارَتها ، وبعَين الرضَا والحبْ أكرمِي أهلهَا ، وبفنُون مَنزليه تُجيدي التعَامل معهَا مارسيهَا لينعَم بهَا ، وأعلمِي أَن السعَادة الزوجِية أشبَه بِقرص مِن العَسل تُبنيه نحلتَان ، وكلمَا زَاد الجهدْ فِيه زادَت حَلاوة الشَهد فِيه ، يَا تَوأم رُوح الوحِيدة مَودتي الحبِيبة كمْ كَانت لَيلة خُطوبتك جمِيلة ، لَيلة مِن أجمَل لَيالي العُمر ، فيهَا أنتَثر الفَرح عَلى كُل الوجُوه ، والبَسمة لمْ تُغادر شِفاه الحضُور ، والكُل فِي فَرح وسعَادة وسرُور ، هَديل الفُؤاد راجياً مِنك العُذر بُنيتي فَلن أستطِيع أنْ أسترسِل فِي الحدِيث أكثَر لِأن قَلمي تعَثر فِي وَصف فَرحتي بفرحِك .
نبيه مراد العطرجي - مكة المكرمة