تأتي ضمن أولويات واهتمامات الهيئة الملكية للجبيل وينبع منذ انشائها وإعطائها السلطات الكاملة لتطوير وإنشاء وتشغيل مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، منحها صلاحيات استثنائية تتمثل في تخصيص ميزانية مستقلة لها ومنحها استقلالاً إدارياً لتمكينها من تحقيق الأهداف المنوطة بها وجعلها مؤسسة فريدة من نوعها في المملكة العربية السعودية. وكما هو متعارف ومعلوم فان تقديم التعليم لجميع شرائح المجتمع في مدنها الصناعية من مسؤولياتها الكاملة، فجعلت أحد أهدافها الاهتمام ورعاية التعليم والتعلم بنظمه الحديثة المتميزة، وجعل كافة المعارف والعلوم متاحة لجميع قاطني المدينتين الصناعيتين عن طريق بناء المرافق التعليمية، وتأهيل أعضاء هيئة التدريس، ودعم الأبحاث العلمية. فرضت طبيعة الواقع والتطورات السريعة المتلاحقة انشاء جامعات للعلوم والتقنية بمدن الهيئة الملكية الصناعية يغلب عليها الطابع التطبيقي تتناسب مع الدور الكبير المناط به القطاع الصناعي في خطط التنمية المتعاقبة والتي ركزت على تدريب وتنمية القوى البشرية ورفع كفاءتها، وأن هناك حاجة ملحة الى ايجاد روافد جديدة لتخريج وتأهيل كوادر وطنية تلبي احتياجات الصناعة المتزايدة من العمالة وفقا لأهدافها وفلسفتها. أن مفهوم التعليم الجامعي وأهدافه قد تطور في أغلب دول العالم ليواكب التطور العلمي والتقني المعاصر، فتظهر حاجة القطاع الخاص وخاصة الصناعي في مجال التعليم الجامعي كجهود تتساند وتتكامل مع الجهود الحكومية في المساندة والدعم المادي والمعنوي. أن الفكرة تبدو سليمة ومناسبة وآن الأوان لتحقيقها بعد دراسات متعمقة حتى لا تكون المسألة مجرد نقل أفكار لاتتناسب وواقع الحال في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، وانما من أجل ايجاد روافد لمؤسسات التعليم العالي في بلادنا، ولعدة عوامل تتطلب الظروف معايشتها، على رأسها الأعداد الكبيرة من خريجي الثانوية العامة سنويا والتي تعجز الجامعات القائمة عن استيعابهم مهما بذلت من محاولات. ان الموضوع برمته يجب أن ينظر اليه بشمولية أكبر، انطلاقا من التركيبة السكانية وعناصر التنمية الوطنية، وأهمها توفير قوى عاملة مؤهلة تحقق رغبات القطاع الصناعي. ان الفكرة تواجه العديد من الصعوبات تتمركز في كيفية ادخال نمط حديث من التقنية والنوعية في تخصصات الجامعات المقترح انشاؤها، تواكب ما هو متاح في الدول المتقدمة وتحقق رغبات السوق وتساهم في توظيف خريجيها، كذلك اتاحة المجال لاستيعاب النخبة من خريجي الثانوية العامة في هذه الجامعات وتمكينهم من ممارسة ابداعاتهم في أجواء معرفية متقدمة، واخيرا تسهيلات وآليات توفر المادة العلمية الراقية وطرق تدريس تتجاوز الأطر التقليدية المتسببة في قتل روح الابداع والتطور. وتأتي كليات الجبيل وينبع الصناعيتين والجامعية مع جميع تخصصاتها النواة في انشاء الجامعات، حيث تتوفر فيهما معظم التخصصات الهندسية التقنية، علوم الحاسب الآلي، الادارة الصناعية، والعلوم العامة. أما فيما يختص بالنظم القانونية والتنظيمية والادارية فنقترح أن تكون المنشأة ربحية لتوفير الأموال اللازمة وتحقيق عائد على رأس المال، فتؤسس شركات استثمارية مساهمة وبدعم من الشركات الصناعية الكبرى كشركة سابك، حيث تقوم الهيئة الملكية ببناء وتجهيز مرافق الجامعات ومن ثم تأجيرها للمنشآت الصناعية الداعمة. أما في حالة أن تكون الجامعات منشآت غير ربحية ، فبالاضافة للدعم الحكومي فتحصل على تمويل خارجي من خلال الهدايا والمنح والتبرعات وغيرها من مصادر الدخل، وأن تتضافر المؤسسات التعليمية والتربوية والمالية في دعمها، حيث لا يمكن لاي جامعة أن تقف لوحدها لتستجيب لمختلف المتطلبات، فالمؤسسات التعليمية القائمة والتابعة لوزارة التعليم العالي وبما لديها من امكانات كمراكز البحوث والمكتبات لابد أن تمد يد العون للجامعات الناشئة خاصة في مرحلة النشأة والنمو لترى الجامعات الحياة والنور. إن التعليم الجامعي قد لا يكون مردوده المالي كبيرا الا أنه خدمة جليلة للوطن ومؤشر على نمو الوعي والشعور بالمسؤولية، وهي مسئولية تساهم فيها جميع الأطراف فينطلقون مسرعين الى تحقيق ما نجزم جميعا أنه مشروع ثقافي حضاري في المقام الأول يستهدف الأستثمار في الانسان الذي هو أغلى ما في الكون د. ياسر عبدالعزيز حادي - ينبع