أمير القصيم يواسي خالد بن صالح الدباسي في وفاة زوجته وابنتيه    الاتفاقية الإستراتيجية مع شركة هيوماين تتبنّى تقنيات متقدمة وتوطين حلول الذكاء الاصطناعي    توقيع مذكرة تعاون بين إمارة القصيم والمركز الوطني لسلامة النقل    مسار رياضي لذوي الإعاقة بتعليم مكة    مرتفعات تروجينا وجبل اللوز تشهد تساقط الثلوج وهطول الأمطار    270 ألف طالب وطالبة بالطائف يحتفون باليوم العالمي للغة العربية بحزمة من الفعاليات    إطلاق عدد من الطيور الجارحة في السودة    سورية: مقتل شخص واعتقال ثمانية بعملية أمنية ضد خلية ل«داعش»    احتجاز الآلاف و70 من طواقم صحية بجنوب دارفور «الصحة العالمية» تطالب بالإفراج الآمن وغير المشروط    هل الإنسانُ مُختَرَق؟    أمير القصيم: سوق العمل الموجّه الحقيقي للتخصصات التعليمية    في الشباك    كوزمين: المركز الثالث في كأس العرب "إنجاز"    أوبك تبقي توقعات الطلب على النفط مستقرة عند 1.3 مليون برميل يوميا    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «تعافي»    دار التوحيد بالطائف.. بدايات العلم والمعرفة    وزير البيئة يرأس اجتماع مجلس إدارة صندوق التنمية الزراعية    الحسني يقرأ ثقافة الخوارزميات بديوانية المزيني    رسائل الأدباء في القرن العشرين على طاولة «كتاب جدة»    نعمة الذرية    موسم الشتاء.. رؤية طبية ونصائح عملية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يشخص أورام الرئة عبر تقنية تنظير القصبات الهوائية بالأشعة الصوتية EBUS    "القصيم الصحي".. اعتماد "سباهي" و"عناية الكبار"    تعزيزاً لمكتسبات رؤية 2030.. المملكة مقراً إقليمياً لبرنامج قدرات المنافسة    تعول على موسكو لمنع جولة تصعيد جديدة.. طهران تعيد تموضعها الصاروخي    في ذمة الله    البيطار يحتفل بزفاف مؤيد    القحطاني يحصل على الماجستير    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك صباح الناصر الصباح    أكد أنه امتداد لدعم القطاع الصناعي من ولي العهد.. الخريف: القرار يعزز التنمية الصناعية ويطور القدرات الوطنية    فرص امتياز في معرض أبها    «الأسير» يعيد هند عاكف بعد غياب 16 عاماً    خالد عبدالرحمن يصدح في «مخاوي الليل»    الكلية التقنية بجدة تنتزع لقب بطولة النخبة الشاطئية للكرة الطائرة 2025    مدربا ميلان ونابولي: مواجهتنا صعبة والتركيز سيمنحنا بطاقة العبور لنهائي السوبر الإيطالي    هنأت ملك بوتان بذكرى اليوم الوطني لبلاده.. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة جابر مبارك    الاتحاد العربي يستعرض مسيرة 50 عاماً في معرض بالدوحة    تصاعد الاستيطان الإسرائيلي يثير إدانات دولية.. واشنطن تؤكد رفض ضم الضفة الغربية    حرقة القدم مؤشر على التهاب الأعصاب    علماء روس يطورون طريقة جديدة لتنقية المياه    حنان الغطيمل تحصد جائزة عالمية وضمن 100 قيادية    الفتح يتعادل إيجابياً مع النصر ودياً    رئيس الأكاديمية الأولمبية السعودية "بن جلوي"يشهد تكريم خريجي دبلوم الدراسات الأولمبية    البكري تحذر من الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي    تفوق رقمي للأفلام مقابل رسوخ محلي للكتب والمكتبات    أمسية شعرية سعودية مصرية في معرض جدة للكتاب 2025    ضبط 952 كيلو أسماك فاسدة ببيشة    تصعيد ميداني ومواقف دولية تحذر من الضم والاستيطان    موسكو ومسارات السلام: بين التصعيد العسكري والبعد النووي للتسوية    أبو ملحة يشكر أمير عسير    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    الشؤون الإسلامية بالمدينة تشارك في البرنامج التوعوي "إنما يعمر مساجد الله من آمن" بمحافظة ينبع خلال شهر جمادى الآخرة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل وفد من أعضاء مجلس الشورى    المساحة الجيولوجية : الهزة الأرضية المسجلة اليوم بالمنطقة الشرقية لم تحدث خسائر    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    «هيئة الحرمين» توفّر سوارًا تعريفيًا للأطفال    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    الحياة الفطرية يطور الحوكمة ب« الثقوب الزرقاء»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتفاض المؤسسات الوسيطة
نشر في المدينة يوم 10 - 06 - 2011

في التكوين السياسي الحديث يوجد نوعان من المؤسسات: المؤسسات الوسيطة والمؤسسات الكبرى أو الشمولية. الصنف الأول يشتمل على الأسرة والقبيلة والعشيرة والعلاقات التراحمية وغير ذلك من الأفكار التقليدية والفطرية التي نشأ الإنسان منذ فجر تاريخه على تبنيها والاعتداد بها وباتت تعتبر في العصر الحديث بمرتبة الوسيط بين الإنسان أو الفرد والدولة، أما القسم الثاني فيشتمل على مؤسسات الدولة ببساطة، وذلك بالنظر إلى كون المؤسسات والقطاعات الحكومية هي ذات امتداد شمولي وبيروقراطي وما يدعم من قوتها أنها ذات سلطة عسكرية مباشرة وذات شرعية مطلقة للتحكم في الأفراد. المتابع لواقع التحولات العربية الراهنة وعصر الثورات الكبرى في بلاد العرب سيلحظ أن القطاعات الحكومية سيطرت على الأفراد بصورة تامة، ولكن بنفس الوقت نلاحظ أن المؤسسات الوسيطة لم تندثر ولم يتم تدميرها تماما بل هي العكس ربما احتفظت بقوة كامنة غير فعالة ولكن ذات استعداد قوي للفعل والتغيير.
هذا الاستعداد تم الإبقاء عليه عمدا من قبل القطاع الشمولي في المؤسسات الكبرى ذات السلطات الكاملة، فعلى الخلاف من التجربة الغربية التي مسحت الطاولة تماما أمام الأسرة والعشيرة والقبيلة وحولت المجتمع بأسره إلى ذراري صغرى ومشتتة، مما أثر سلبا على البنية الأخلاقية والإنسانية في تلك المجتمعات، فإننا بالمقابل نلفي المجتمع العربي قد ارتكز على نمطين من المؤسسات تم ذكرهما في صدر المقالة، هذان النمطان تم تلفيقهما معا وبصورة غريبة وممعنة في الشذوذ، فلم يتم تبني الطرح القديم القائل بأولوية المؤسسة الوسيطة (الأسرة والقبيلة والعشيرة وأولو الرحم) وتفضيلهم على ما سواهم وبالتالي نكون قد عدنا إلى المجتمع الجاهلي حيث التكوين الأصلي والأولي للفكر العربي، ولم نكن -أيضا- قد اتجهنا نحو المؤسسة العامة طبقا للتصور الغربي حينما تم إمحاء الأسرة بشكل شبه كامل ولم يبق منها سوى الاسم، بل ما حصل كان شديد الغرابة والتناقض.
ما حصل هو أن القطاع العام تم التلاعب به لمصالح فئوية ضيقة، مصالح أسرية وعشائرية وعنصرية غير معلنة، فما كان معلنا هو رفع شعار الدولة الحديثة (لا سيما في الجمهوريات الثورية) وأحيانا الشعار الديني كنقيض للجمهورية الثورية، في الحالتين يتم تصوير الدولة على أنها تعيش في القرن الحادي والعشرين، مظاهرها الخارجية توحي بذلك وبنيانها مشيد على أحدث طراز وإعلامها يلمع الصورة على أكمل وجه، ولكن من الداخل وفي العمق، تتبنى هذه المؤسسات العامة سلوكا مغايرا لما يتم الإعلان عنه، وهذا السلوك لا يوجد مواطن عربي لم يعان منه ومن ويلاته، حيث الإجحاف بالحقوق وتغليب شريحة اجتماعية على أخرى ونبذ الجنس الآخر وتفضيل البشر بعضهم على بعض بغير كفاءاتهم واستحقاقاتهم. هذا الطرح « التلفيقي « كما أحب تسميته دوماً، استطاع أن يعيش عقودا طويلة دون أن تنكشف تناقضاته وذلك بالنظر لانشغال العالم كله بالسياقات السياسية الكبرى العالمية والبعيدة نوعا ما عن جوف المنطقة الملتهب والمصاب بالأمراض الأزلية، وما أن تحطم الصراع الثنائي بين القوتين السوفييتية والأمريكية وبروز هذه الأخيرة كعرابة وحيدة للسياسة الدولية حتى برزت التناقضات واندفعت نحو نهايتها المنطقية، لم تكن هذه النهاية سوى « الصراع «! لقد فشل التحالف بين ما هو وسيط وما هو عام، وانفصم عقد الزواج بين العشيرة والسياسة عندما ثارت الأولى على الثانية وانفضّ الحلف بين أتباع العشائر وأتباع الكراسي، فالثورة الليبية مدعومة من القوى القبلية وقد هدد سيف الإسلام بوجود حرب قبائل لو رحل أبوه عن الكرسي ولكن ما حصل هو انقلاب القبائل عليه وتوحدهم ضده، والأمر نفسه يقع في سوريا واليمن. هذا الانقلاب لا يجب فهمه بطريقة مجتزأة ومختصرة وإنما يفترض أن يتم دمجه ضمن سياق أعمق وهو تهافت التركيبة السياسية العربية المعاصرة وانقضاء أجلها عبر انهيار أنموذجها التلفيقي الواضح في ليبيا واليمن وسوريا حالياً، فلم يعد بالإمكان المزاوجة بصورة شاذة بين العصرين الجاهلي والحداثي، وليس بالمستطاع أن تتكئ الدولة المعاصرة على عكازتي القبيلة والمؤسسة، لقد تمت تربية القبائل على أنها الذراع الأيمن للدولة ولكن هذه الذراع القوية صفعت صاحبها، وما يحصل حاليا هو تدمير القبيلة للطغيان المؤسسي والحكومي في البلدان الثائرة، هذا التدمير له أسبابه الإنسانية الوجيهة ولكنه بالأساس ناتج عن التناقض المريع المشار إليه أعلاه. ولنا أن نسأل أنفسنا سؤالا نختتم به هذه المقالة القصيرة: هل سيؤدي انتصار القبيلة إلى مفارقة جديدة وهي بناء الدولة الحديثة والعصرية على أنقاض الاستبداد البوليسي الغاشم في الدول المذكورة، وذلك عبر اصطناع عقد اجتماعي جديد يجمع بين القبائل التي توحدت تحت حلف حروب الكرامة ضد الطغيان والاستبداد العسكري؟! هذا ما لا نستطيع الإجابة عليه الآن، فنحن نعرف القبيلة جيدا لكننا لا نعرف « المستقبل « الخاص بدولنا العربية التي لا زالت تخوض في دوامة الدولة والأسرة، كما لا يمكن استباق الأحداث والحكم على هذه التجمعات القبلية الثورية بأنها مجرد عصبية جاهلية، فهي قد اختارت السلم في البدء ولكنها اضطرت مكرهة إلى الحرب ورفع سارية القتال.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.