نفى الدكتور حمود البدر الأمين العام السابق لمجلس الشورى أن تكون هناك “معارضة” داخل المجلس بالشكل المتعارف عليها في البرلمانات الأخرى، مبينًا أن اختلاف الرأي كان واردًا في أثناء الجلسات ويتم التعبير عنه ب “أدب وصراحة”، مشيرًا إلى أن فكرة اختيار أعضاء مجلس الشورى عبر الانتخابات لها جوانب سلبية وأخرى إيجابية، منوّهًا إلى أن “شراء الأصوات” يعد من أكبر مثالب عملية الانتخابات. كذلك كشف البدر عن ملابسات فتح جلسات مجلس الشورى أمام الصحافيين، مبينًا أن الشيخ ابن جبير كان حذرًا أمام هذه الخطوة، كما أنه عارض فكرة حضور الوفد البريطاني لجلسات المجلس، التي كان لها السبب المباشر في قبول الصحافيين داخل المجلس، حيث أبدى الوفد البريطاني دهشته من انضباط وصراحة أعضاء الشورى، مما أزال كثيرًا من المواقف.. كذلك أشار البدر إلى أن المملكة ليست بحاجة في الوقت الراهن إلى صحف ورقية جديدة، لافتًا إلى أن الشباب والشريحة الاجتماعية الجديدة ما عادت تهتم كثيرًا بالصحف الورقية في ظل الانفتاح الإلكتروني الكبير، مؤكدًا أن البيروقراطية هي التي عطلّت مشروع تحويل الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء إلى هيئات.. موقف البدر من استقلالية الجامعات، ورأيه في أداء بعض وسائل الإعلام، وقراءته لعمل جمعية “إنسان” وغيرها من المحاور الأخرى طي هذا الحوار.. * متغيرات كثيرة طرأت على الساحة الإعلامية بدخول الإعلام الجديد عليها من فيس بوك وتويتر وإنترنت وغير ذلك.. فكيف تقرأ تأثير هذه العوامل على الخطاب الإعلامي؟ ** تأثيرها كبير جدًّا وغير متخيل، ولولا أن الإنسان يعيش هذه المستجدات لما صدق بوجودها على أرض الواقع بهذا الحجم وهذه السرعة. * نسمع دائمًا عن الإعلام أنه السلطة الرابعة فكيف ترى هذه المقولة؟ ** الإعلام أصبح السلطة الأولى (قالها ضاحكًا). بطبيعة الحال هم يقصدون من تسمية السلطة الرابعة أن له سلطة حقيقية. توجّه إلكتروني * هل ترون أن الإعلام الإلكتروني سيؤثر على وجود الصحافة الورقية التقليدية بصفتك متخصصًا في الإعلام؟ ** بالتأكيد. كم توزع الصحف الورقية خلال العشر سنوات الأخيرة؟! حتى لو زاد معدل التوزيع كان من المفترض لولا وجود الصحافة الإلكترونية أن تكون الزيادة بمقدار الضعف أو يزيد. الشباب والشرائح الجديدة في المجتمع عمومًا لم يعودوا يقرؤون الصحف الورقية وتجدهم دومًا يتلقون معلوماتهم من خلال الإعلام الإلكتروني. تجربة محصورة * هناك مطالبات لدى المؤسسات الصحافية بأن تتحول إلى شركات بحيث يفتح أمامها المجال للاستثمار.. وأنت عضو في مجلس إدارة إحدى المؤسسات الصحافية كيف ترى الوضع لو تحولت المؤسسات الصحافية إلى شركات؟ ** لا أستطيع الحكم على ذلك لأن تجربتي كانت محصورة عندما كنت مدير تحرير في اليمامة، لكن الإعلام الإلكتروني لا شك أنه يؤثر تأثيرًا كبيرًا لأن الإنسان يستطيع أن يراه في كل أوقات اليوم، وهو نائم أو مستيقظ، جالسًا أو مستلقيًا، كما يستطيع أن يحمله في جيبه من خلال الجوالات الصغيرة التي بها مثل هذه التقنيات. هذه الجوالات بها خصائص كثيرة جدًّا ولم تعد مجرد وسائل للحديث. لا حاجة إلى صحف جديدة * هناك من يطالب بوجود مشاريع صحافية وفتح مؤسسات صحافية جديدة.. هل ترى أن سوق المملكة مستعد لاستيعاب ذلك؟ ** أعتقد أنه لا يستوعب؛ لأن العالم صار كله مفتوحًا ولا توجد به حدود. الشباب كما ذكرت لك يعتمدون على الإعلام الإلكتروني، حيث يطالعون الإعلام السعودي وغير السعودي. في السابق كانت الصحف الورقية محصورة داخل البلد الذي توزع فيه، الآن لا يوجد إعلام يمكن توزيعه لأنه موزع أصلًا من خلال الأجهزة الإلكترونية، قد تحدث بعض العوامل التي يمكن أن تحجب بعض مواقع هذا الإعلام الإلكتروني أو قد يحدث خلل في الأقمار الصناعية، قناة الجزيرة الفضائية على سبيل المثال تم إيقاف بثها على القمر الصناعي “نايل سات” وتم إيقاف بثها عن بعض الدول، هذا يمكن أن يتكرر مع بعض الوسائل الإعلامية الأخرى، لكن بصفة عامة لا أعتقد أن المملكة العربية السعودية بحاجة إلى مزيد من الصحف. تصيّد الإثارة * أصبحت لبعض وسائل الإعلام خصومات مع الدول، حيث نجد في مصر شبه قطيعة مع الجزيرة ونفس الحال بالنسبة لقناة العربية في ليبيا.. فكيف ترى هذا الصراع بين الأنظمة والإعلام؟ ** هناك قاعدة إعلامية تقول إنه ليس خبرًا أن نقول إن كلبًا عض رجلًا ولكن الخبر عندما نقول إن رجلًا عض كلبًا؛ لذلك فإن الإثارة تبقى مطلبًا لهذه الوسائل الإعلامية، لذلك فهي تتصيد على الدوام الأخبار المثيرة بصرف النظر عما يؤدي إليه نشر هذه الإثارة، في بعض الأحيان يصل الأمر إلى حد التحريف وتكون التغطية بغير ما قُصد من الحدث نفسه. حرية وسهولة حركة * ماذا يعني تميز الإعلام خارج إطار القنوات سواء كان وزارات أو غيرها.. لماذا تتميز هذه الوسائل الخاصة؟ ** هذا عائد لوجود حرية أكثر وحركة أكثر؛ لا أعني من الحرية أن تقوم الوسيلة الإعلامية بالشتم والسب والقذف ولكن أعني حرية الحركة وأن تقوم بإصدار طبعة ثانية وثالثة ورابعة. مشكلة الإعلام الحكومي أنه يخضع للروتين، والروتين قاتل بالنسبة للإعلام كنشاط إبداعي، هناك تسلسل من المسؤولين، هذا يتبع ذاك وآخر يتبع لغيره، قد يتخاذل أحد هؤلاء حتى لا يكون في موقع مسؤولية، وقد لا يستطيع هذا الشخص اتخاذ القرار بسبب عدم موافقة رئيسه المباشر، عندما كنت أعمل في اليمامة كانت الصحيفة تطبع في مطابع الرياض وكانت المقالات والأخبار تصف بواسطة اليد، كان هناك أناس مختصون بصف هذه الحروف، انتهى العمل في إعداد الصحيفة ولم يتبق إلا أن يتم صفها فدخلت وتم صفها، قبل أن تدخل الصحيفة للمطبعة جاء خبر عاجل مفاده أن خروشوف قد تمت إقالته، فقلت إنه لا يمكن أن تصدر الصحيفة بدون هذا الخبر فقمت بإيقاف الطباعة، لم يكن هناك من يقوم بصف الحروف فاضطررت لعمل ذلك بنفسي، وكتبت الخبر بصيغة مختصرة جدًّا لكن رغم ذلك استغرق مني العمل حوالى ساعتين لصف خبر يتكون من ثلاثة أسطر أو أربعة، لكنه نشر في الصحيفة وكنا الصحيفة الوحيدة التي نشرت هذا الخبر. قيود البيروقراطية * هناك أمر سامٍ في المملكة لتحويل الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء إلى هيئات.. فكيف ترى هذا الأمر الذي تأخر كثيرًا؟ ** التأخير حدث بسبب البيروقراطية؛ الموظف الحكومي يخضع لسلسلة من التبعية وهذه السلسلة هي التي تعوقه عن إنجاز عمله بصورة مثلي، من جانب آخر فإنه نادرًا ما يحصل على ترقية كبيرة أو رتبة جديدة أو زيادة في راتبه بسبب تجويد عمله، لذلك لا يتحرك بسرعة، لكن الموظف في القطاع الأهلي يتحرك بسرعة ويبادر بالتجديد ويكون أداؤه سريعًا جدًّا لذلك يكون أكثر فعالية من نظيره في القطاع الحكومي. إبداع بإذن * أقسام الإعلام في الجامعات السعودية متهمة بعدم تخريج مبدعين في مجال الإعلام سواء الورقي أو التلفزيوني.. كيف تدفع هذا الاتهام بصفتك أستاذًا في الإعلام؟ ** هذا الاتهام له وعليه، هناك قدر من الصحة فيه، هناك من يبدعون ويأتون بالجديد والمبتكر، وبالمقابل هناك من يتراخون ويتقاعسون، السبب في ذلك هو إحساس الموظف بأن راتبه لن ينقص إذا تقاعس ولن يزيد إذا تفاعل، ولن تتم معاقبته إذا ارتكب خطأ، وإذا اجتهد وقام بالتطوير فقد ينظر بعض رؤسائه إلى ذلك على أنه خطأ، إذا أبدع دون أن يحصل على إذن من البيروقراطيين فقد يصير ضحية لإبداعه. دخول حذر * سابقًا كنت في مجلس الشورى وفي الأمانة.. فكيف بدأت تجربة فتح جلسات مجلس الشورى أمام الإعلاميين وبثها إعلاميًّا؟ ** عندما تم فتح المجلس فإن ذلك تم بنوع من الحذر، عندما بدأ مجلس الشورى لم يكن أمام الناس فكرة عن آلية عمله، الشيخ ابن جبير كان حذرًا وكان رجلًا له نظرة بعيدة، لذلك قال إنه لا داعي لإثارة الناس على المجلس وينبغي التدرج شيئًا فشيئًا، كان لا يرى صحة دخول الإعلاميين إلى جلسات مجلس الشورى، حدث في ما بعد أن المرحوم غازي القصيبي -وكان سفيرًا للمملكة في لندن- أن جاء وفد من بريطانيا لزيارة المملكة واجتمع بولي العهد الأمير عبدالله آنذاك واستأذنوه في زيارة مجلس الشورى، كان ذلك الوفد أول من يحضر جلسات مجلس الشورى من خارج أعضائه، قبل تلك الحادثة بشهر أو شهرين جاءنا وفد من صحافيي مجلة العربي بدولة الكويت وقاموا بتصوير الأعضاء قبل بداية الجلسة، وجد الشيخ ابن جبير أن حضور الوفد لجلسات المجلس سابق لأوانه فشرحنا لهم الوضع وطلبنا منهم عدم نشر الموضوع وتجاوبوا معنا مشكورين. عندما جاء الوفد البريطاني واستأذن الدكتور القصيبي -عليه رحمة الله- من ولي العهد أن يحضر الأعضاء لجلسات المجلس وافق ولي العهد على ذلك، عندما حضر ذلك الوفد الجلسة اندهشوا مع أن لديهم مجلس العموم ومجلس اللوردات وأشادوا بمجلس الشورى السعودي إشادة كبيرة لا يمكن تخيلها، أعجبوا في البداية بانضباط الجلسة، وعدم غياب أي من الأعضاء، والهدوء الذي ساد الجلسة، والأداء، والصراحة، وقاموا بإيصال كل هذه الملاحظات للملك عبدالله فأشار بعد ذلك بفتح الباب أمام الصحافيين. لا معارضة * نسمع كثيرًا عن الاختلافات بين أعضاء المجلس.. فإلى أي درجة يمكن أن تصل هذه الخلافات؟ ** لم تكن هناك معارضة. * ألم يكن بينكم اختلاف الآراء؟ ** هناك فرق بين أن نختلف أو أن نتشاتم كما يحدث في بعض البلدان، يمكنك أن تقول رأيك بأدب وبصراحة وبإمكان الآخر أن يقول رأيه أيضًا بأدب وصراحة، كل عضو كان يقول رأيه بشكل واضح وبأدب، لكن لم تكن لنا أي مآخذ على بعضنا البعض. * كنت أمينًا للمجلس.. فكيف كنتم توازنون بين الآراء المختلفة؟ ** كانت مهمتي أن أسجل ما يحدث وأن أرصده. * من الذي كان يوزّع فرص الحديث للأعضاء؟ ** رئيس الجلسة هو الذي يفعل ذلك بطبيعة الحال، نحن في الأمانة لم نكن نتدخل إلا في تنظيم الجلسات والإعداد لها ورصد وقائعها وتسجيل كل ذلك في محضر ومن ثم رفعه للمجلس للاعتماد. معايير أخرى * يلاحظ أن أعداد أعضاء المجلس في تزايد مستمر.. بحسب خبرتكم في مجلس الشورى واطلاعكم على وضع المملكة من ناحية السكان هل تتوقعون أن هناك حاجة للتوسع في هذا العمل وزيادة أعضاء المجلس؟ ** زيادة عدد الأعضاء أو نقصهم ليست هي المعيار الوحيد للفعالية وهناك معايير أخرى أهم، لكن كلما زادت عضوية المجلس كانت هناك فرصة أكبر للتعبير عن الآراء، وبالتالي أتحت الفرصة بصورة أكبر لتمثيل جميع مناطق المملكة، لكن يبقى أن العدد ليس هو العامل الحاسم الوحيد لتحديد الكفاءة وقياسها، قد يكون العدد قليلًا والكفاءة عالية، وقد يكون العدد كبيرًا والكفاءة بسيطة، المهم في الأمر هو تنوع الخبرات العلمية وكذلك حسن تمثيل المناطق، ليس مهمًا تمثيل العائلات الكبيرة أو غيرها، ولكن أعني تمثيل المناطق الجغرافية من شمال وجنوب وشرق وغرب، إذا وجد ممثلون من جميع المناطق لتبادل الآراء فهم حتمًا سيصلون إلى القرارات التي يكون بها نفع كبير للوطن بصورة عامة. تجربة قديمة * ما هو تقييمكم لتجربة الشورى كرجل برلماني؟ ** أرى أن تجربة المملكة العربية السعودية ممتازة، فالشورى في المملكة ليست حديثة بل هي قديمة؛ بدأت منذ أيام الملك المؤسس عبدالعزيز رحمة الله عليه، وبمجرد أن بدأت في ذلك الوقت كانت عن طريق الانتخاب. فصل الصلاحيات * كيف يمكن تفعيل التعديل الذي حدث مؤخرًا من فصلٍ في الصلاحيات بينكم وبين مجلس الوزراء وكيف ترى فعالية هذه التعديلات؟ ** في البداية لم يكن المجلس يقوم بدراسة أي شيء إلا بعد إحالته له من مجلس الوزراء أو من المقام السامي، حتى بعد أن يتخذ قراره فإنه يحيله للملك الذي يحيله بدوره إلى مجلس الوزراء ويمكن أن يقبل قراره أو يعاد إليه ثانية، تم تعديل الوضع بحيث أصبح ممكنًا لمجلس الشورى أن يشرع في دراسة أي قضية حتى ولو لم تتم إحالتها إليه، ويتم عرض القضايا للنقاش بواسطة رئاسة المجلس أو لجانه أو أعضائه، إذن أصبح بإمكان المجلس إذا رأى حاجة لدراسة موضوع معين أن يبدأ في ذلك فورًا وبعد أن يدرسه يقوم بإحالته للملك رأسًا، إن اعتمد المجلس القرار يكون نافذًا، وإذا لم يعتمده يقوم بإحالته إلى مجلس الوزراء، إذا حدثت أي اختلافات يمكن أن يحال القرار ثانية إلى مجلس الشورى.. مجلسا الشورى والوزراء لدينا يقومان بالدور الذي يقوم به مجلسا العموم واللوردات في بريطانيا ومجلسا الشيوخ والنواب في الولاياتالمتحدة، قضية أن تعرض قرارات مجلس الشورى على مجلس الوزراء يمكن أن تكون لها فائدة في أن مجلس الوزراء ربما تكون له خبرات أكثر؛ لكن مجلس الشورى ليس ملزمًا بأي حال بعرض قراراته على مجلس الوزراء، بل يعرضها على المقام السامي الذي يمكن أن يعتمدها فورًا أو يحيلها إلى مجلس الوزراء إن رأى ذلك. * ألا ترى أن هناك ازدواجية في المهام والصلاحيات بينكم كمجلس دستوري وتشريعي وبين الشُعب التي تتبع لمجلس الوزراء كشعبة الخبراء؟ ** لا أستطيع الحكم لأن صاحب القرار هو مليكنا، أعتقد أن عرض قرارات مجلس الشورى على مجلس الوزراء سببه هو عدم وجود مجلس برلماني آخر في المملكة على غرار مجلس اللوردات البريطاني، ما دام الوضع كذلك فإن مجلس الوزراء يقوم مقام مجلس اللوردات. صلاحيات إضافية * هناك من يرى أن تجربتنا الشورية لا زالت تحتاج إلى تفعيل دورها الرقابي وأن مجلس الشورى تنقصه هذه الناحية الرقابية؟ ** أنا كذلك أتمنى أن يمنح المجلس مزيدًا من الصلاحيات في هذا الشأن، وأن يقوم مجلس الشورى بمتابعة الأداء النمطي للدواوين الحكومية الذي يعاني من التعطيل بسبب البيروقراطية والروتين. قرارات تأخرها اللجان * ما هو تفسيركم لتأخير إقرار الأنظمة في مجلس الشورى، حيث يقال إن المجلس يدرس بعض الأنظمة لفترات زمنية طويلة؟ ** هذه القرارات تتأخر لأنها تحال إلى لجنة بمجرد ورودها إلى المجلس، هذه اللجنة تدرس القرار وتستفسر عنها مجموعة من المسؤولين المختصين وبعد ذلك تقوم بعرض القرار على المجلس، إذا رأى أعضاء المجلس بعض الثغرات، التي تحتاج لأن تعالج فإنهم يعيدونه إلى اللجنة مرة أخرى؛ لكن القرارات بصورة عامة تتأخر لدى اللجان، هذه اللجان تجتمع لديها كثير من القرارات والموضوعات، وبالمناسبة فإن مجلس الشورى السعودي يعقد من الجلسات أضعاف ما تعقده المجالس البرلمانية الأخرى. عطلة أعضاء المجلس لا تزيد على شهر ونصف أو شهرين على الأكثر، كذلك يعقد المجلس جلستين أسبوعيًا على أقل تقدير، ولدى المجلس أعمال كثيرة وهو مع ذلك كله ينجز الكثير. إيجابيات وسلبيات * بعد هذه التجربة الطويلة نسبيًا من العمل الشوري.. ألا ترى أنه قد آن الأوان لأن يأتي أعضاء المجلس عن طريق الانتخاب حتى يتحقق لنا التمثيل البرلماني والشعبي بصورة انتخابية؟ ** قضية انتخاب الأعضاء لها إيجابيات وسلبيات في ذات الوقت، من إيجابيات الانتخابات أن العضو يشعر أنه مختار بواسطة الشعب وبالتالي يشعر أنه مسؤول أمامه، في حين أن العضو المعين يشعر أنه ليس مسؤولًا إلا أمام السلطة، من جانب آخر فإن من سلبيات نظام الانتخابات أن بعض الأعضاء قد يدخلون إلى عضوية هذه المجالس عن طريق شراء الأصوات في حين لا يكونون مؤهلين أساسًا لدخول المجلس، لعلنا نرى في بعض الدول التي حولنا كيف يتعامل هؤلاء مع بعضهم البعض وكيف يتشاجرون في ما بينهم بينما يؤدي إخوتنا في مجلس الشورى السعودي أعمالهم بثقة في أنفسهم وهدوء. آلية استدعاء الوزراء * كيف تتم آلية الاستدعاء لكبار المسؤولين من وزراء وغيرهم للمثول أمام المجلس.. وهل تستأنسون في ذلك برأي الملك مثلًا أم أنكم تبادرون من تلقاء أنفسكم باستدعاء من تريدونه من المسؤولين؟ ** استدعاء الوزراء وكبار المسؤولين يتم عن طريق رئيس مجلس الوزراء. * ولكن لماذا يتم إغلاق جلسات الوزراء وكبار المسؤولين في العادة ويتم إبعاد جميع وسائل الإعلام من حضورها وتغطيتها؟ ** لأنه تذكر فيها معلومات قد يسيء بعض الإعلاميين استخدامها، مما قد يؤدي مستقبلًا إلى عدم تجاوب المسؤولين مع المجلس وعدم الحديث بصراحة، هذا ما أعرفه عندما كنت في المجلس أما الآن فلا أعرف ما يحدث. جهود المرأة * البعض يرى أن مجلس الشورى كتمثيل برلماني معطَّل بغياب نصف المجتمع وهو المرأة.. كيف ترى ذلك؟ ** أنت تعلم أن المرأة في المملكة العربية السعودية لم تدخل كثيرًا من المجالات إلا مؤخرًا، وبالتالي أرى أنها ستدخل يومًا ما إلى عضوية المجلس ولكن هذا الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت حتى يتحقق. * ما تقييمكم لمردود عمل المرأة كمستشارة للمجلس كما كان معمولًا به حدث في الماضي؟ ** أرى أن جهودها كانت جيدة وكانت لها إسهامات وجهود ملموسة. شكاوى المواطنين * كانت لديكم آلية لتلقي الشكاوى من المواطن العادي فهل تم وضع هذه الآلية بواسطة أعضاء مجلس الشورى أم أنها كانت ضمن النظام الأساسي لأننا نلاحظ أنها أتت في دورات متأخرة؟ ** في البداية كانت الآلية هي أن ترفض، ولكن مؤخرًا أخذت تُعرض على اللجنة المتخصصة لتقوم بدراستها وبعد ذلك تعرض على المجلس وإذا وجد أن هناك حاجة لاستدعاء مسؤول ما للإجابة عليها فإنها حينئذ تعرض حسب الآلية المتبعة. * ولكن لماذا اتجهتم إلى الاستماع إلى صوت المواطن.. هل نتعرف على الظرف التاريخي لذلك؟ ** لا أتذكره في الحقيقة. نشأة وتطور “إنسان” * اتجهتم إلى العمل الخيري والتطوعي من خلال جمعية “إنسان”.. فماذا عن هذه الجمعية من حيث كيفية الإنشاء والظروف المحيطة بها؟ ** كانت هناك مجموعة من المواطنين تنظم مجموعة من الاجتماعات وكنت أنا من بين هؤلاء، اجتمعنا مرة في الغرفة التجارية وقررنا أن نقوم بإنشاء هذه الجمعية، بعد اتخاذ القرار قمنا برفع الأمر لأصحاب الصلاحية فجاءت الموافقة على إنشاء الجمعية، عندما بدأنا في الجمعية وفقنا الله سبحانه وتعالى وأعاننا وحصلنا على تعاطف الجميع مع هذه الفئة الغالية، وكان لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان دور كبير في نجاح الجمعية لأنه أصبح في ما بعد رئيسًا لمجلس إدارة الجمعية، كل هذه التطورات وشيوع التعاطف مع الأيتام كلل الجهود التي بُذلت بالنجاح إلى وفقنا الله سبحانه وتعالى بعمل تشكيل إداري متميز، حيث يؤدي هؤلاء عملهم بصورة جيدة وانضباطية عالية، لكل ذلك نجحت الجمعية نجاحًا كبيرًا ليس فقط على المستوى الداخلي للمملكة العربية السعودية بل إن الجمعية حصلت على العديد من الجوائز من خارج المملكة بسبب حسن أداء العاملين فيها، في الجمعيات الشبيهة داخل وخارج المملكة نجد أن العميل أو المحتاج يأتي إلى الجمعية ويقف في طابور طويل ويضطر للمجيء مرة واثنتين وثلاث مرات، الوضع في جمعية “إنسان” يختلف، في البداية كان الوضع مشابهًا لما قلته ولكنها تخلصت من ذلك الأسلوب بتوزيع عملها إلكترونيًا وعبر استخدام وسائل التقنية. اتفقنا مع العثيم على أن يكون مع هؤلاء الأيتام كروت مختصة بالمواد الغذائية والأشياء الحياتية بحيث يذهبون مباشرة ويأخذون احتياجاتهم وتُخصم القيمة من حساب الجمعية، وفي ما يتعلق بالملابس هناك كروت أخرى، حيث يذهبون إلى شركة أخرى اسمها شركة الهرم لاستلام ملابسهم، وفي ما يتعلق بمصروف الجيب تم الاتفاق مع مصرف الراجحي، حيث لكل واحد من هؤلاء حساب حيث يبقى الحساب مفتوحًا ولو لم يكن به سوى ريال واحد، على أن تتم تغذيته وفقًا للفئة التي تخص العائلة وأفرادها، حيث يتلقون مصروفًا شهريًا، إذن فالأيتام ليسوا في حاجة أبدًا لأن يأتوا للجمعية للمراجعة، كذلك إذا وجدت أي مشكلة فإن هناك فريق بحث اجتماعيا يضم رجلًا وزوجته أو رجلًا وأخته، حيث يذهبون للأسرة في بيتها ويشاهدون وضعهم على الطبيعة ويناقشونهم، وبعد ذلك يقومون بكتابة تقرير عن الحالة بدلًا عن تعريض هؤلاء للمشقة وكثرة الذهاب للجمعية. * هل الجمعية مختصة فقط بالأيتام أو الفئات التي هي بحاجة أم أنها جمعية خيرية بشكل عام؟ ** الجمعية تعمل مع الأيتام الذين يعيشون مع أسرهم بعد أن توفي والدهم. أما مجهولو الهوية فهؤلاء لهم وضع خاص ولا يتبعون للجمعية. * هذا يعني أنكم مختصون بالأسر المحتاجة؟ ** نحن نعمل مع أسر الأيتام المحتاجة، وهؤلاء لهم تصنيفات متعددة (أ) و(ب) و(ج) وكل فئة تختلف من حيث الأغذية والملبس والمصروف وغير ذلك. دلالة الاسم * اسم “إنسان” لا بد أن تكون له قصة كانت تقف وراء اختياره لأنه اسم لافت في حقيقة الأمر؟ ** قمنا بعمل مسابقة داخلية بيننا لاختيار الاسم، تم وضع العديد من الاقتراحات لاختيار الشعارات، من ضمن هؤلاء ابن عبدالله المقيرن هو الذي اقترح الاسم والشعار، في البداية استُبعد اقتراحه، ولكن عندما اجتمعنا قررنا إجراء تصويت مرة أخرى فأجري التصويت وفاز هذا المقترح. * هل للجمعية فروع أخرى أم أنها خاصة بمدينة الرياض فقط؟ ** الجمعية خاصة بمنطقة الرياض ولها فروع في الخرج والأفلاج والدوادمي والزلفي والمجمعة. ثقة مبذولة * انطلاقًا من هذه التجربة الرائدة لكم في العمل الخيري، كيف ترى درجة استقبال رجال الأعمال والمجتمع بشكل عام للنشاط والعمل الخيري بشكل عام وبغض النظر عن جمعية إنسان؟ ** مجتمعنا والحمد لله هو مجتمع خيِّر ويده ممدودة لمن يحظى بثقته، إذا وُجدت جمعية أو مؤسسة موثوق بها فإنها تجد الدعم والمؤازرة. الحمد لله أن جمعية “إنسان” هي محل ثقة الناس؛ لذلك حتى في أثناء الأزمة المالية العالمية التي حدثت مؤخرًا لم تتأثر الجمعية ولم ينقطع أهل الخير عن مساعدة الجمعية ومد يد العون لها. جمعيات مشبوهة * كانت هناك حملة إعلامية سواء في الداخل أو في الخارج عملت على تخويف المجتمع من هذه الجمعيات، كيف ترى تأثير هذه الحملات على أعمال الجمعيات الخيرية بشكل عام حيث أصبحت ثقة البعض في هذه الجمعيات مهزوزة؟ ** هذا لأن أسماء بعض الجمعيات كانت تتعرض للاستغلال في فترة من الفترات، وكان هناك نوع من سوء الاستخدام، لأن الثقة كانت مطلقة في هذه الجمعيات، بعض الجمعيات التي تعمل خارج المملكة كان لها ممثلون داخل المملكة ممن يحظون بثقة الناس، اتضح مؤخرًا أن هناك نوعًا من سوء الاستخدام لهذه الأموال، بل إن بعض هذه التبرعات كان يتسرب لجمعيات مشبوهة، لهذا وجدت المراقبة بقصد التأكد من أهداف هذه الجمعيات ومن أن الأموال المدفوعة لها تُصرف في النشاطات المحددة. * ما هو دور المرأة في هذا العمل الخيري وهل لها جهود أو مشاركة معكم في جمعية “إنسان”؟ ** للمرأة جهود كبيرة في هذه الجمعية. * هل هناك عاملات فيها؟ ** نعم، هناك عاملات يتولين كثيرًا من الأعمال، كما أن هناك بعض العضوات في جمعية “إنسان”. الطرح الإعلامي * بصفتك كاتبًا في الصحف، كيف ترى الطرح الإعلامي الحالي من خلال ما يطرحه الكُتَّاب بشكل عام؟ ** الكُتَّاب الصحافيون يتفاوتون؛ هناك من يريد فقط إبراز نفسه، وهناك بالمقابل من يريد أن يعالج بعض القضايا. هناك من هو جريء وهناك من هو متردد، هؤلاء يكملون بعضهم البعض والقارئ في النهاية هو الذي يحكم. * هل فعلًا هناك ارتفاع في حرية التعبير أو هامش الحرية كما يتردد كثيرًا هذه الأيام؟ ** نعم. حدث هذا خلال السنوات الماضية. * هل لك بعض المقالات التي منعت من النشر؟ ** لا أذكر ذلك. نقلة نوعية * كيف ترى وضع جامعاتنا بعد وجود الجامعات الناشئة؟ ** الجامعات السعودية تحركت في الفترة الأخيرة بصورة متسارعة وأخذت مكانًا متميزًا بين الجامعات العالمية وكان القيادة في ذلك لجامعة الملك سعود ومديرها الدكتور العثمان، عندما تمر في هذه الجامعة تجد أنها عبارة عن ورشة عمل في كل شيء، لذلك أحدثت جامعة الملك سعود نقلة كبرى في مستوى الجامعات السعودية كافة، الجامعات السعودية تتسابق في الوقت الحالي في أخذ مكان متقدم في التقييم العالمي، وجامعة الملك سعود كانت فوق الثلاثمائة وأصبحت الآن تحت المائة. صلة مستمرة * هل تحاضر في الجامعة الآن وهل لك محاضرات؟ ** نعم؛ اليوم بعد الظهر كانت لي محاضرة، أنا أحاضر في قسم الإعلام. * إذن لماذا نجد أن كبار المسؤولين من الوزراء عندما يغادرون الجامعات يتعالون عليها عندما يكونون في أماكن المسؤولية بعكس ما نجده في الغرب حيث تزداد خبرات هؤلاء وفي نفس الوقت يواصلون في عملهم في الجامعة؟ ** لا أدري؛ ولكني شخصيًّا لم أنقطع حتى عندما كنت أمينًا عامًا لمجلس الشورى كنت أقوم بالتدريس، أحس بالانتماء للجامعة لذلك أقوم بعملي في التدريس الجامعي حتى الآن ولم أنقطع عن التدريس عندما كنت أمينًا عامًا لمجلس الشورى أو في وكالة الجامعة. مع استقلالية الجامعات * كيف ترى دعوة البعض إلا استقلال الجامعات؟ ** حتى أنا أدعو لذلك، وأتمنى أن تكون قطاعات التعليم والخدمات الصحية أهلية على أن تدفع الحكومة الرسوم للطلاب أنفسهم، لا أدري كم تبلغ تكلفة تعليم الطالب في الجامعة، لكني على ثقة أنه لو كانت جامعة الملك سعود أهلية لتغير مردود الطلاب والعملية التعليمية بشكل عام. ---------------------------------------------------------- د.حمود البدر.. أمين قبّة الشورى السابق تحفل مسيرة معالي الدكتور حمود بن عبدالعزيز عبدالمحسن البدر المولود بالزلفي في العام 1358 / 1939م بالعديد من المحطات المهمة، حيث درس الصحافة في جامعة القاهرة، ثم نال درجة الماجستير في الإدارة التربوية من جامعة ميتشيجان الحكومية في العام 1389ه/1969م، والدكتوراه من الجامعة نفسها في العلاقات العامة من جامعة عام 1392ه/1972م، لينخرط من ثم في المجال العملي شاغلاً منصب مدير عام العلاقات الخارجية والمؤتمرات وزارة العمل في الفترة ما بين 1383-1385ه، ثم مدير عام البحوث والدراسات والإحصاء وزارة العمل 1392ه، وعميد شؤون القبول والتسجيل جامعة الرياض 1396ه، ثم وكيلاً لجامعة الرياض في الفترة ما بين 1396 - 1408ه، وأستاذًا بقسمي الإعلام والتربية بجامعة الملك سعود ما بين 1408-1414ه.. وغيرها من المناصب الأخرى، كما كان له نشاط رياضي تمثل في رئاسته لنادي مرخ بالزلفي في الفترة من 1392-1393ه، ورئيسًا لاتحاد السعودي للجمباز 1397 - 1401ه، وفي المجال الصحفي شغل منصب مدير تحرير مجلة الخليج 1381ه - 1961م، ثم مدير تحرير جريدة اليمامة لعام 1383-1384ه (تفرغ جزئي) كما أنه كاتب عمود في عدد من الجرائد والمجلات السعودية. كما تولى منصب الأمين العام لمجلس الشورى في الفترة ما بين 1414-1419ه. له من المؤلفات: أسس العلاقات العامة وتطبيقاتها، وهذا هو الإسلام، والإعلام الغربي في دول الخليج العربية بالإضافة إلى 27 بحثًا ودراسة في الإعلام والتربية.