آخر فتوحاتي المَكتبيّة..!

سيّداتي آنساتي سَادتي، نَحنُ عَلى مَقربة مِن إحدَى المَكتبات في مَعرض الكِتَاب، والمايكروفون مَعي مُحدّثكم «أحمد العرفج»، ليَصف لَكم عَبر نَقل غَير مُباشر مُباراة قَارئ ضدّ جيش الكُتب، ومَازالت النَّتيجة صفر - صفر، فلا القَارئ اشترَى، ولا المَكتبة أغلقت..!
دَخلنا المَكتبة فوَجدنا في المُقدِّمة كِتَابًا اسمه: «صَدمة الحَدَاثَة» لأسعد عرابي، مِن هَذا العنوان أدركتُ أنَّ العَرب لَن يُغادروا لُغة الصَّدمة، فهُم مِن صَدمة الحَدَاثة إلى صَدمة العَولمة، ومِن صَدمة التّكنولوجيا إلى صَدمة الإنترنت، ومِن صَدمة الإرهَاب إلى صَدمة البَطالة، ومِن صَدمة البَطالة إلى صَدمة التَّضخُّم..!
ومَعروف عِند أهل الخِبرَة أنَّ كَثرة الصَّدمات تَدلُّ عَلى أنَّ المُجتمع غَشيم أو «عليمي»، لأنَّ الصَّدمة في أبسط مَعانيها تَعني أنَّ الإنسَان لَم يَضع خططًا للمُستقبل، ولَم يَستعد لِمَا هو آتٍ، ومَا جَاءه مِن صَدمات يَستحقّها، إن كَانت مِن الصَّدمات الهيّنات أو القويّات..!
اتجهتُ إلى الرَّف فوجدتُ كِتَابًا اسمه: «دولة القلاع» للباحث أحمد علي الزهرة، فقُلتُ: إنَّ العَالَم العَربي قلاع يُحيط بَعضها ببَعض، وأسوَار يَتطاول كُلّ مِنها عَلى الآخر، مِن هُنا يَبدو العنوان أجمل إذا كان «دول القلاع» وليس «دولة القلاع»..!
ثُمَّ انصرفتُ بنَظري غَربًا، فوَجدتُ تَحت هَذا الكِتَاب كِتَابًا آخر اسمه: «ثمرات العلوم» لأبي حيان التوحيدي، فقُلتُ: لِلّه مَا أجمل وأحكَم هَذا الرَّجُل، فهو الذي عَلَّمَنا المُقابسات واللغة الرَّاقية، والخواطر البَاذخة، وها هي ثَمرات علومه تَعيش بيننا، مَا أجمله لَو كَان الآن بيننا، وأعطانا كُتبًا جَديدة مِثل: «ثمرات الصحف الإلكترونيّة»، و«ثمرات الفيس بوك»، و«ثمرات تويتر»، و«ثمرات الإيميل»، إلى غَير ذَلك مِن الأفكَار والأطروحات..!
حَسنًا.. يَبدو أنَّ المَوضوع لَم يَعجب الكثيرين، لنُغيّر وجهة الكُتب، حينها لَمحتُ على الرَّف كِتَابًا اسمه: «كذبات بوش الخمس» لمجموعة مِن المُؤلِّفين، فصعقتُ كَيف يَكون الكِتَاب لمَجموعة مِن المُؤلِّفين، وكُلّ الذي أتوا به خمس كذبات؟! فعلاً مِثل هذا النَّوع مِن المُؤلِّفين يَنطبق عليهم كلام أهل الحجاز -عَليهم شَآبيب الرَّحمة- عِندما قَالوا: طَالت غيبتهم وجَاءوا بخيبتهم..!
وبصفتي ممَّن يُحبّون «بوش» في السِّر والعَلَن، أفرَح كَثيرًا بأن جيش البَاحثين هَؤلاء لَم يَجدوا عَلى «بوش بن بوش - الفَاتح بن الفَاتح» سوى خَمس كذبات، في حين أنَّ بَعض الحُكَّام العَرب صَار اسمه الكَذَّاب الأشر مِن كثرة كذبه، لأنَّه يَكذب مَع كُلّ وَجبة طَعام يَتناولها..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي القَول: إنَّ الجلوس في المَكتبة أصبح عَملاً مُحبَّبًا بالنّسبة لي، فأنا هُنا أوبِّخ مَن أشَاء، وأتطاول عَلى مَن أشَاء، مِن دون حَسيب أو رَقيب، لذلك سأطلُّ عَليكم عِدَّة مَرَّات وأنا متجوّل في المَكتبة، فمِنِّي الجُهد والتَّجمُّل، ومِنكم الصَّبر والتَّحمُّل، والله المُستعان عَلى مَا تَقرؤون..!.