غياب المسابقات الإنشادية “العالمية”.. لماذا؟

يلحظ جميع المتابعين للساحة الفنية ذات الطابع الإنشادي أن الفن الغنائي يحظى بالمسابقات العالمية لاختيار من هم أحق وأبرز في الظفر بهذا المنصب، لكن عند رؤية الجميع لفن “الإنشاد” فإنهم سيرون مسابقات ضعيفة ولا ترتقي للمستوى العالمي، مما جعل بعض المنشدين ذوي السمعة الضعيفة أو من لم يأخذ حقه في هذا المجال أن يبحث عن هوية مفقودة.
“الرسالة” تطرح تساؤلها على مجموعة من المهتمين بهذا الجانب لمعرفة الأسباب الحقيقية لعدم وجود هذه المسابقات وكذلك ما يتوجب على القائمين فعله في المستقبل القريب لجعل هذا الفن راقًا ومعروفًا على المستوى العالمي.
اهتمام ضعيف
بداية أوضح الأستاذ وليد السند مدير مؤسسة “نيو فيو” المهتمة بالمجال الإنشادي أنه من الخسارة عدم وجود مسابقة إنشادية عالمية تهتم بهذا الفن الراقي والنظيف، ففي الماضي كان الإنشاد به معاني غير واضحة وكان الجميع يتخبط في معرفة ماهية النشيد من الأساس ولكن الإعلام حاليًا بدأ في إيضاح صورة النشيد فقط ولكنه لم يهتم بالمواهب الإنشادية التي لم تر النور بعد.
الإعلام أولًا
وطالب السند: إن أردنا إنشاء مسابقة إنشادية عالمية يعرفها الجميع فعلينا أن نهتم بالجانب الإعلامي أولًا؛ لأنه هو من يصنع الحدث المهم فلا بد من عمل اللقاءات الصحافية وكذلك دعوة وكالات الأنباء العربية والأجنبية لرؤيتها إضافة لتعاونهم مع بعض القنوات الفضائية لإبرازها، فهذه المسابقات لا بد من تكاتف الجميع معها سواء أكانت شركات راعية ومؤسسات داعمة إضافة إلى الجزء الأكبر في الأمر وهو الإعلام لكي ترى هذه المسابقات النور ويقتدي الجميع بها.
متابعة محدودة
موضحًا السند أنه إلى الآن لم يسمع بأي مسابقة إنشادية تستحق أن يطلق عليها مسابقة عالمية ولم يعرف عنها الجميع غير أن هناك فئة محدودة فقط من الناس تتابع المسابقات الخاصة بها ولكن إلى الآن لم يجتمع الجميع على مسابقة بعينها تجمع هواة هذا الفن تحت خيمة واحدة وتبرزهم فيه.
الاقتداء بالغير
مطالبًا السند في الوقت ذاته بأن نقتدي ببعض البرامج الفنية السابقة من ناحية فكرتها بجلب جميع المنشدين ثم عمل تصفية فيما بينهم لاكتشاف المواهب الجديدة والجديرة بأن يعرفها الجمهور على مستوى الساحة، فالمشكلة تكمن بأنه لدينا مواهب ولكنها لم تأخذ حقها كاملًا في الإعلام، وهذا الواقع بخلاف المجال المنافس “الغنائي” الذي نرى أنه يقيم أفضل المسابقات لإبراز من هم أحق بالظهور، فلا بد أن تكون بدايتنا قوية من أجل الرقي بهذا الفن ومنافسة الباقيين ولا بد من عمل تصفيات دقيقة في هذه المسابقة لتخرج إلى الجميع بالصورة المطلوبة.
ضعف المسابقات
من جانبه أوضح المنشد عبدالمحسن السلطان أن هناك مسابقات كثيرة مهتمة بالمجال الإنشادي تقام ولكنها ليست عالمية كما ينبغي أن تكون ومن أهمها مسابقتي “منشد الشارقة” التي انتهت قبل فترة وجيزة ومسابقة “صوتك واصل” فهذه المسابقات قد نستطيع الحكم عليها أنه شبه عالمية لكنها في نفس الوقت ليست بالدرجة المطلوبة من قبل بعض المتابعين والمهتمين بهذا المجال، ونوه أن بعض هذه المسابقات كان أثر صداها في جميع الدول العربية وقد امتازت هذه البرامج بنوعية أفكارها ونجحت على المستوى العربي في الفترة السابقة، ونوه السلطان بأن هذه المسابقات ظهر عليها الوهن نوعًا ما في الفترة الأخيرة وقل تأثيرها عما كانت عليه سابقًا.
توفيق من الله
وبين السلطان أن نسبة كبيرة من المنشدين لا تكون له فرصة في المشاركة فيها إلا بتوفيق الله عز وجل ولكن على جميع المنشدين أن يعرفوا أن هناك مدارس فنية لتعليم هذا الفن ومن خلالها يستطيع كل فرد أن يظهر نفسه دون الرجوع لهذه المسابقة التي تساهم في إبرازهم ولكن عليهم أن يضعوا أمام أعينهم أن المرء لن ينال مناه إلا بالجد والاجتهاد والتوكل على الله والعمل برسالة النشيد.
دراسة دقيقة
واستطرد السلطان بقوله: نحن بمجهودنا الذاتي من الصعوبة علينا أن نعمل مسابقة عالمية ويشارك فيها الجميع فلا بد أن ترعاها شركة ضخمة تتحمل المصاريف الناتجة عن هذه المسابقة ولا بد من تكاتف الداعمين الناجحين ثم التعاون مع بعض القنوات الإنشادية وقبل هذا لا بد أن تكون هناك دراسة دقيقة من قبل أستاذة هذا الفن من منشدين وملحنين وموزعين وأدباء من أجل إنجاح مسابقة عالمية بمعنى الكلمة.
طريقة البروز
وقدم السلطان نصيحة لجميع المنشدين الذين لم يأخذوا حقهم كاملًا بأنه يفترض على كل منشد أن يصنع بنفسه أنشودة عالمية ذات لحن وكلمات قويين بمصاحبة أداء وتوزيع على مستوى عال من أجل الظهور بشيء جديد وفكرة حديثة يستطيع من خلالها إبراز نفسه وبشكل سريع، ومن ثم يقوموا بعرض هذه الأنشودة على القنوات الإنشادية وقبل كل هذا عليهم عرضها على كبار المخرجين والإعلاميين لتظهر بالصورة الملائمة.
موجودة على مستوى الوطن
أما المنشد عبدالسلام الفواز بين أن المسابقات الإنشادية أو ترشيح أفضل منشد من قبل لجنة تحكيم هي موجودة سواء على نطاق السعودية أو على مستوى العالم العربي، مبينًا أنه قد أقيمت مسابقات إنشادية كبيرة مثل مسابقة منشد الشارقة التي عرفت على مستوى العالم العربي والتي ظهر منها عدة نجوم أمثال “عبدالعزيز عبدالغني ومحمد الجبالي” ولهم أعمال حالية ويشهد لها بالنجاح.
وبين الفواز أنه إذا أردنا في المستقبل القريب أن نجعل هذه المسابقات على المستوى العالمي ويعرفها الجميع فعلينا جميعًا بذل مجهود كبير ومضاعف، لأننا سنحاكي عدة مجتمعات وثقافات مختلفة، لكنه بالإمكان استغلال هذه النقطة من خلال الإعلام وعمل حملة خاصة في كل دولة تناسب ثقافتها لأنها ستكون نقطة صافرة بداية لتحقيق ما يصبو إليه جميع عشاق هذا الفن، وقال متحسرًا: “مثل هذه المهرجانات لم تعمل من قبل على مستوى العالم إلا في المجال الموسيقي”، فمثلًا برنامج “سوبر ستار” هو برنامج عالمي والجميع سلط الضوء عليه لكن ما يميزه أنه عمل له دراسة دقيقة ومطولة من قبل مختصين ولكن علينا في السعودية أن نأخذ فكرة الدراسة ونكملها مع إضافة بعض التعديلات.
رابط “المنتج”
مختتمًا الفواز بقوله: المنشدون بانتظار الفرصة والمستمعون كذلك بانتظار الجديد المناسب والرابط الذي سيجمعهما هو (المنتج) فمع وجود منتجين يحترمون مسامع الناس ويهتمون بطاقات المنشدين سنجد حركة فنية في هذا المجال.
الداعم المزيف
من جهته أوضح المنشد عبدالله الحميداني أن المسابقات التي ينتظرها معظم المنشدين والمتابعين في حقيقة الأمر غائبة على مستوى الساحة، فهذه المسابقات لن تقوم على دعم المتبرعين فحسب ولكنها بحاجة إلى تكاليف مادية طائلة إذا رغبوا في جعلها على المستوى العالمي، ففي الفترة الأخيرة قامت عدة مسابقات وكان من أبرزها مسابقة “شاعر المليون” والجميع يعرف أن هذه المسابقة قامت على فكرة التصويت من الجمهور، والتي ساهمت نوعًا ما في تعويض التكاليف التي صرفت على المسابقة إن لم يكن هناك ربح مادي أو فوائد مادية، وبعد فترة وجيزة من انتشار هذه المسابقة بجميع أنواعها ضعف الإقبال عليها وتقلص عدد الجماهير المتابعين والمصوتين “الداعم الحقيقي” لهذه المسابقات ولكنه ضعف الإقبال عليها بعد أن تعقل الجمهور أن هذه لعبة تجارية.
الداعم الرسمي
واعتقد الحميداني بعدم نجاح أي مسابقة حتى يكون هناك راعٍ رسمي لها، والذي يقوم بدعم المسابقة ماديًا ويقف على تكاليفها ومصاريفها، ويدعمها دعمًا يغنيها عن اللجوء لفكرة التصويت والتعويض من الجمهور، مما يجعل اللجان القائمة على المسابقة تعمل بثقة وجدية، فعندئذ سيكون هناك إقبال ومتابعة من الجمهور وتظهر المسابقة بمظهر منافس وغير عادي.
وسائل حديثة
مستطردًا الحميداني بتعليقه على وسيلة الظهور للمنشد بأنها ليست بالأمر الصعب، فالمنشد عندما يكون ذا صوت جميل سيتطلع إليه الجمهور ويصعد به إلى النجومية، ونحن نعيش الآن في عصر الإنترنت والبلوتوث وهاتين الوسيلتين هما أسهل وأسبق دعاية بين المنشد والجمهور، فهي لا تفرض على الطرفين رسومًا مادية يعيق انتشارها.