حفلات لم تكن معروفة في الماضي القريب على الصعيد الإنشادي، والآن أصبحت أغلب الألبومات أو الكليبات، لا تقام إلا بحفلات قوية في المجمعات التجارية والأسواق الكبرى، وهي ما يسمى الآن ب“حفلات التدشين” التي ذاع صيتها في الفترة الأخيرة، وأصبحت مكانًا لجلب الإعلاميين والجماهير، ولكن يبقى هناك سؤال قائم: هل بالضرورة أن تحقق هذه الحفلات الحديثة نجاحًا كبيرًا على المستوى الإنشادي! أم أن أصحاب هذه الفكرة ربما بالغوا نوعًا ما فيها؟ “الرسالة” استطلعت آراء بعض المنشدين ممن أقاموا هذه الحفلات، وكذلك المنظمين لها فكانت الحصيلة التالية: خدمة المنشد بداية يقول المنشد عبدالعزيز عبدالغني الذي قام بتنظيم إحدى هذه الحفلات قبل فترة قصيرة: “هذه الفكرة تصب في صالح المنشد أولًا، وتساعده في أعمال الدعاية والترويج للألبوم أو الكليب الذي انتهى من إنجازه، وهذه الحفلات التي انتشرت مؤخرًا لا يعيبها أنها ليست ذات طابع رسمي، فالذي نراه هو قلة القنوات الفضائية وكذلك الإعلاميين، ولكن في المقابل نرى إقبالًا جماهيريًا غفيرًا عليها، ومن المفترض أن تقلب الكفة وتكون ذات طابع رسمي في المقام الأول”. وأوضح عبدالغني أن هذه الألبومات لا تختلف كثيرًا في نشر الألبوم عن الماضي، ففي السابق كان المنشد أو الشركة الراعية يقومون بعمل الدعايات لألبومهم عن طريق مواقع النت والمنتديات، لكن الآن أصبحت فكرة حفلات التدشين تساعد المنشد على تقديم أعماله بشكل مرموق وفني أكثر من ذي قبل. واختتم عبدالغني بنصيحة وجَّهها للقائمين على هذه الألبومات، هي أن يرتبوها وينظموها ويساهموا بإظهارها إعلاميًا؛ لأنها فكرة جيدة على أغلب المقاييس، فهذه الحفلات تأتي بمختلف الأفكار والتراث، فتجد بها التراث الخليجي واليمني والشامي والمصري، ونرى الجماهير يتسابقون عليها، وهي مما يساعد في جلب شريحة كبيرة جدًا من المتابعين لهذا الفن، وكذلك غير المهتمين في هذا الشأن. ظاهرة جميلة أما المنشد إحسان المشتاق فقد أبان أن بزوغ هذه الحفلات هي ظاهرة جميلة؛ لأننا في الفترة الأخيرة أصبحنا نرى ضعفًا في المجال الإنشادي على مستوى الخليج العربي بشكل عام، فلم نعد نرى الحفلات الإنشادية كما كانت في السابق، فهي وإن كانت ضعيفة إلا أنها ازدادت ضعفًا في كل الأحوال. وأشار المشتاق إلى أن هذه الظاهرة إيجابية في أغلب الأحوال؛ لأنها تساعد في نشر هذا الفن، وقال: أتمنى أن تزداد هذه الحفلات، وأن تنال حظها من الحضور الجماهيري بالشكل المطلوب، فبعض المتابعين لا يعرفون شيئًا عن المنشدين، وعن هذا المجال بشكل عام، فما يميز هذه الحفلات هي إقامتها في أماكن عامة ومزدحمة لتصل للجماهير بصورة أسرع وأشمل. وعن نجاح حفلات التدشين أوضح المشتاق أنها قد تكون مقدمة لنجاح الألبوم نفسه، وقال: إن كان الألبوم ناجحًا من الأساس من جميع النواحي سواء الكلمات أو الألحان والأداء، واجتمعت هذه الثلاثة وكانت بالصورة المطلوبة، فبإذن الله سنرى كليبًا أو ألبومًا متميزًا، ولا يضيره إن كان الحضور الجماهيري لحفلات التدشين كبيرًا، فالنجاح أولًا وأخيرًا بيد الله. قلة الحفلات وطالب المشتاق القائمين على هذه الحفلات أن يكثروا أيضًا من الحفلات الإنشادية وليس فقط التدشين، وقال: الحفلات الإنشادية قلت كثيرًا في الفترة الأخيرة وافتقدها الجمهور وكذلك المنشدون، فبعض المهرجانات التي أقيمت تعتبر خير وسيلة للتسويق بالنسبة للمنشد، وهي من تقدم المنشد أمام الجماهير. واختتم المشتاق حديثه بقوله: قد يكون هناك منشد متميز ولكنه لم يجد الدعم الكامل فمن الصعب إقامة هذه الحفلات؛ لأن حفلات التدشين الإنشادية تختلف كليًا عن الغنائية، فالمنشد في بعض الأحيان يخرج ميزانية الألبوم بعد عناء، فكيف سيقيم مثل هذه التدشينات؟ مراحل التدشين من جانبه أوضح مدير مؤسسة بارقة للصوتيات والمرئيات الأستاذ أيمن بن محمد اليوسف أن حفلات التدشين بدأت كظاهرة جديدة قبل سبع أو ثمان سنين، وكانت حفلات التدشين بدائية جدًا، ولكنها الآن بدأت تظهر بصورة أفضل. وقال: حفلات التدشين تعد ظاهرة مميزة تنمي روح المنافسة بين المؤسسات، ولكن المهم أن يكون الذي سيتم تدشينه مميزًا، وكذلك المنشد حتى لا تفقد ثقة الجماهير، فلابد من اختيار ضيوف كبار لهم جمهورهم من رياضيين وغيرهم كي يكون لهم ثقلهم في الوسط الناس، فهؤلاء لهم دور كبير بظهور الحفل وبروزه إعلاميًا الأمر الذي من أجله وضع الحفل. وعدَّد اليوسف إيجابيات هذه الحفلات قائلًا: الإيجابيات كثيرة ومتعددة إذا وظِّفت بالفعل لخدمة العمل وليس لخدمة الشخصية، ومن أهمها: إظهار المؤسسة بقوتها ونشاطها, وكذلك إبراز أهمية المنشد وإخبار للجمهور بصدور الألبوم أو المنتج. طريقة التنظيم ونفى اليوسف أن تكون التكاليف المادية العالية بمثابة خسارة للمنظمين، وقال: إذا رُتِّب الحفل ترتيبًا جيدًا بحيث يكون مكان الحفل مميزًا والتجهيزات قوية، والفقرات مرتبة لا أن تكون مملة، واختيار الضيوف بعناية، وكان حضور الإعلاميين بارزًا فلابد أن يكون الحفل رائعًا، فسوف تكون لهذا الحفل آثار اقتصادية جيدة على المنشد والمنتج مستقبلًا. حداثة الفكرة أما مدير مؤسسة رئام لتنظيم المهرجانات والفعاليات السياحية والمعارض الأستاذ أحمد الجعيثن، فقد أوضح أن هذه الظاهرة هي جديدة وقريبة ففي الماضي لم نكن نسمع بمثل هذه الحفلات، وقال: هذه الحفلات هي وسيلة من وسائل الدعاية ففي الغالب لا يقيم المنشد هذه الحفلات، بل تقوم بها المؤسسة أو راعي الألبوم أو الكليب من باب الدعوة لوسائل الإعلام لإشهار وإبراز الألبوم والكليب، فهي وسيلة مختصرة لإيصال الكليب لجميع أطياف المجتمع، ولو أخذت هذه الكليبات أو الألبومات حقها إعلاميًا فسوف تسوق جماهيريًا، وهذه الحفلات في الغالب تكون خاصة للإعلاميين لكتابتهم بخصوص الحفل دون أن ينشر الإعلان. دراسة المشروع واستبعد الجعيثن أن تكون هذه الحفلات خسارة، فهي من الأساس لم توضع من قبل أي أحد إلا بدراسة الموضوع فهي وسيلة دعائية مختصرة لإيصال الأفكار، فعند إقامة الحفلة ودعوة الصحفيين والقنوات الفضائية فإن الجميع سيغطي عنها، وفي المستقبل القريب ستكون هذه الحفلات من أهم الوسائل الإعلامية. وطالب الجعيثن القنوات الفضائية بتغطية هذه الحفلات، ولو أنها قامت بالتغطية فإنه سوف تبثه عبر شاشتها، وسيصل لعدد كبير جدًا من الجماهير، ولكن للأسف بعض الحفلات تغطيتها ضعيف جدًا. متوقعًا بأننا في المستقبل القريب سنرى المنشدين البارزين ولهم تاريخ في هذه الحفلات سيسارعون لعمل هذه الحفلات لجميع أعمالهم الإنشادية، وكذلك سنراها مع المنشدين المبتدئين.