تَكلَّمنا بالأمس عَن المُباراة؛ التي جَرَت بين «مصر وإنجلترا»، وانتهت بفوز الإنجليز على المَصريين بثلاثة أهداف لهدفٍ واحد، واليوم نَتحدَّث عن سلوكيّات الجمهور، وقَبل الدّخول في سلوك المُشجّعين مِن الطَّرفين، يَجب أن أُشير إلى ظَاهرة لاحظتها في الكُرَة، وهي أنَّ الفرق العربيّة دَائماً تَبدأ بالتّسجيل في أوّل المُباراة، وما أن تَنتهي حتَّى يَكون -هذا التّسجيل- وَبالاً على الفريق، لأنَّه يَخرج مَهزوماً بأكثر ممَّا بَدأ التَّسجيل به، ولا أدري ما تَفسير هذه الظَّاهرة، أهي سُرعة القَذف الكروي، أم هو الخَلط بين السُّرعة والتسرُّع، أم الغرور المُبكِّر، أم التأثُّر بسباق المَسافات القصيرة، أم هو جُزء مِن الغَباء العربي؛ الذي دَائماً ما يُركِّز على المُقدِّمة ويَنسى المُؤخِّرة؟!.. فالنصر دَائماً يُحسب لمَن يَضحك أخيراً، وليس أولاً.. وقبل أن أتكلَّم -أيضاً- عن سلوك الجَماهير، أُحبُّ أن أؤكد أنَّني عَقدتُ العَزم عَلى تَشجيع إنجلترا لسببين، أولهما: أنَّ زَميلي وصَديقي «محمد الشيخ» رَجُل يَابس اليَد، بَخِل عَلى بلاده بدَراهم مَعدودات، لو دَفعها لنَقَل بلاده مِن مَنطقة «الهَزيمة» إلى مَنطقة «النَّصر».. ثَانيهما: أنَّني رَجُل أتدثَّر ب«ثياب الوَفاء»، فأنا أعيش في «إنجلترا» وضواحيها، البَلدة التي أرجو أن يَكون مُبارك ما حولها، حيثُ أعيش فيها مُنذ خمس سنين، وآكل مِن خيراتها، وأستنشق هَواءها، لذا سأُداري أهلها وأرضيهم، لأنَّ الأثر يَقول: «دَارِهم ما دُمتَ في دَارهم، وارْضِهم مَا دُمتَ في أرضهم».. (حتَّى لا يَظن القارئ «السَّطحي» أنَّني «أهبل»، أمشي مع الرِّيح أينما اتّجَهَت، مِن غير تَفسير أو تَبرير)..! حسناً.. لنعود إلى سلوك المُدرَّجات، لقد تَعمدتُ أن أجلس في المُدرّج الإنجليزي، وقُرب المُدرَّج المَصري.. أولاً: نكايةً بصديقي «محمد الشيخ» الذي لم يَدفع، ثَانياً: لأسمع ما تقوله الأصوات.. فتَسمع الإنجليزي يُشجِّع ويَقول: «إنجلترا.. إنجلترا.. إنجلترا» وكفى، في حين أنَّ الأصوات في المُدرَّج المصري؛ هي تشجيع مَصر مِن ناحية، وشَتم اللاعبين الإنجليز مِن ناحيةٍ أخرى.. كُلّ هَذا لا يَهمني، ولكن ما لَفت نَظر أكثر مَن تَابع المُباراة، هو تلك الصّيحات والتّحطيمات المُتمثِّلة في «أوه.. أوه.. أوه»، عندما تَصل الكُرَة إلى كابتن إنجلترا السابق «جون تيري»، ولذلك قصّة تُروى، حيث تَقول الصُّحف الإنجليزيّة هذه الأيام: (إنَّ هذا اللاعب قَد خَان صَديقه، حين قَام بمُغازلة خطيبة زَميله في المَلعب، وهي عَارضة أزياء فَاتنة، الأمر الذي جَعل «فابيو كابيللو» مُدرِّب إنجلترا يَنزع منه شَارة «القيادة»، ويُعطيها لآخر.. مِن هنا يَتّضح أنَّ سُكَّان المُدرَّجات الإنجليزيّة، يَرفضون «الأخلاق الرَّديئة» و«حَركات النَّذالة»، ولكنَّهم لَم يُدمِّروا مُستقبل اللاعب «جون»، بَل أوحوا إليه بأنَّهم يَرفضون سلوكه، مَع تَقديرهم لموهبته، كَما أنَّ المُدرِّب يُشركه في اللعب، ولكن مِن غير أن يكون هو «الكابتن»، مُؤكِّداً أن ما قَام به اللاعب «جون» هو عَمل «غير أخلاقي»، و«الكابتن» يَجب أن يَكون «قدوة».