استكمالاً لما بدأته في هذه الزاوية في الاسبوع الماضي وما يستوجب المرء من توسيع دائرة ثقافته ( وثقافة البر احدها) فان الرحلة لهذا العام انطلقت يوم 28 يناير حين كنا على موعد مع الزملاء الافاضل اعضاء الهيئة التأسيسية للبر، كانت الانطلاقة من الرياض من خلال طريق القصيم السريع الى الغاط تلك المدينة الصغيرة الحالمة النظيفة بعد ان مررنا بمدينة المجمعة وشاهدنا عن بعد المدينة الجامعية بها وقد اوشكت على الانتهاء، وعلى بعد حوالى عشرة كيلومترات عن الغاط وصلنا الى مزرعة الفاخرية التي كانت تسمى سابقاً “الفاجرية” فاقترح الامير عبدالرحمن السديري يرحمه الله نقل النقطة من الجيم ووضعها في الاعلى فاصبحت الفاخرية هناك كانت محط المعسكر (فئة خمس نجوم) الا ان اجواء الانضباط في كل شيء مخيمة على هذا المعسكر فلا تجد من يسهر حتى منتصف الليل والكل يهجع الى النوم مبكراً والاستيقاظ عند الساعة الخامسة والنصف فجراً ويشرف على هذا الامر رجل عسكري عرف بكفاءته (بمرتبة لواء) واذا كان مفهوم المعسكر يطلق دوماً على قاطنيه من الشباب فان ما يميز هذا المعسكر انه يخلو من الشباب الا ما ندر وجلهم في سن اليأس (من القواعد من الرجال) - ان جازت هذه الدعابة - ولكنهم يملأون الوقت بكل نافع ومفيد حتى رياضة المشي يصحبها بعض النكات والاهازيج والتعليقات الساخرة برعاية الزميل الاستاذ محمد بن عبدالله الشريف. على بعد احد عشر كيلومتراً تقع مزرعة البندرية وبها استراحة جميلة ومن هذه المزرعة نتذوق يومياً من انتاجها من التمر (الونان) حيث المذاق الخاص المعروف عنها وقد سبق ان تذوقنا (الخلاص) من مزرعة الفاخرية ولكن حباته فاخرة في الوقت الذي نعرفه ان ما يصلنا من الاحساء (الخلاص) حباته صغيرة وخسرت الرهان مع احد الزملاء عندما احتكمنا الى أخينا زياد السديري وهو الخبير بعالم النخيل وسألته عن تجربة سابقة لي حيث كنت ازور مدينة (بالم سبرنج) بجنوب كاليفورنيا ونشتري منها افخر انواع التمور المسمى (ميدجوول) والبرحي فاخبرني بأن الحبات فاخرة لكن المذاق يختلف قليلا وان اصل الميد جوول جاءهم من المغرب والبرحي جاءهم من العراق، وأثناء رحلة المشي بين الفاخرية والبندرية سألت أبو طارق عن المساحة التي تترك بين النخيل فافاد بأن 8 أمتار هي الامثل وهناك تجارب على بعض الانواع تصل بينها الى 12 متراً وتخضع المسافة في بعض الحالات عند رغبة المزارع في جني الثمار مبكراً او الرغبة في تأخيره. ان الحديث عن فوائد الرحلة البرية عديدة جداً ويصعب حصرها في هذا الحيز الضيق ولكنها اتاحت لي الفرصة لمشاهدة صيد الحباري وصيد الارانب على الطبيعة وشرب حليب الناقة، فضلا عن تهذيب النفس وترويضها. كما عرفتنا على المواقع الاثرية في المنطقة والمراكز الحضارية كمركز الرحمانية بالغاط والمكتبة العامة والبساتين كما مكنتنا من زيارة جبال طويق ووقفنا على قبر والد ووالدة (أبو طارق) يرحمهما الله في قمة مطلة على أحد الاودية المليئة بالنخيل وقمنا بالمشي على سفح سلسلة جبال طويق وكانت الرحلة مشبعة بالخبرات فضلا عن المكاسب التي يجنيها المرء عند صحبة الاخيار وقد تلقى كل منا كتاباً صادراً عن مركز الرحمانية الثقافي المنبثق عن مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية بعنوان ( ما وراء الصناديق السيادية: تحويل الاقتصاد الريعي وتحسين مستوى الادارة من خلال انشاء اوقاف مستقلة) لجياكومو لوشياني وهي ورقة قدمت ضمن فعاليات منتدى الرحمانية السنوي المنعقد في يناير 2009م بالغاط ونشر ضمن بحوث الرحمانية. لقد اضفت الى خبراتي الكثير وساحرص على نقلها للآخرين مثمنا لجميع الاصدقاء والزملاء ممن اسهموا في اثراء التجربة واسعدوني بصحبتهم. [email protected] فاكس:026980564