الشاعر خالد سالم أبوتمام المعاصرين

أنا شاعر هزَ القلوب بشعره
َوأتى بأحلى من رضاب الكوثر
كم جئت في شعري بكل يتيمةٍ
عصماء لم تُرْسم ْ بريشة عبقري
أنا ذلك الجبل الأشمُّ معاندٌ
هوجَ الرياح وظلّ دون تأثّر
هذا هو خالد سالم الشاعر المدني الفذّ المتربع على عرش الشعر الحديث، أمير الحرف المدني في رومانسيته وأمير النهج الشعري في كلاسيكيته، هو أبوتمام المعاصرين، قتله شعره إبداعًا والتزامًا، انعتاقًا واحتراقًا.. وهب الشعر سكونه؛ فكان الشعر شجونه:
أي قلبٍ مثل قلبي قد خفق
ويراع كيراعي قد صدق؟!
يسهر الليل ويضنيه الأرق
باذلاً من جهده فيض العرق
جاد بالدرّ على كلّ عنق
وعليه القوم ضنوا بالورق
خالد سالم الذي صدح بتسعة دواوين مطبوعة، وستة لم تزل تبحث عن كُوّة لتنطلق.. خالد سالم الذي أصدر عدة مؤلفات أدبية.. الدكتور خالد، الذي درس الأدب العربي في جامعة طيبة منذ عام 2001م، الدكتور خالد سالم عضو نادي المنورة الأدبي، عضو اتحاد كتاب مصر عضو جماعة أبوللو الجديدة، عضو رابطة الأدب الحديث بالقاهرة، عضو رابطة المؤرخين والأدباء لأبناء شعوب حوض البحر المتوسط، عضو المنظمة العالمية للكتاب الأفاريقيين والآسيويين، عضو نقابة المهن الموسيقية بالقاهرة، عضو مجلس الأمناء بمركز الاتحاد للتنمية وحقوق الإنسان، المستشار الإعلامي والثقافي بمفوضية العلاقات الأوروبية العربية، الحاصل على الزمالة الفخرية من جماعة أبوللو وعدة شهادات تقديرية وجوائز تكريمية وعضويات فخرية.. يرحل عنا بصمت ويوارى البقيع - على ساكنيه رضوان الله - دون أن تهتز لفقده حروف الوفاء أو تبرق لتأبينه باكيات الكلم.
خالد سالم شاعر جدير بأن تصدح الإذاعة والتلفاز السعودي بأناشيده الوطنية المسجلة، خالد عاشق المدينة الذي أحنى دواخلنا إعجابًا وإجلالاً وإكبارًا بقصائده الفريدة في المنورة الفيحاء على ساكنها أجل السلام، خالد الذي عطر ألسنتنا بالصلاة على المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، كلّ جمعة بمقطوعاته: (نفحات الجمعة)..
رحل وليس إلا الصمت يلفّ الأمكنة والأزمنة، رحل في هدوء كما عاش في وداعة، رحل وترك لنا حروفه المدوية:
آه لو تدرون قلب الشاعر
الرقيق الحسِّ مثل الطائر
قلبه الخفاق كالطفل الوديع
أخضرالحب كأوراق الربيع
قدّم الأشعار في نظم بديع
فتلقى شعره العذب الجميع
أسفا قد ضاع ذّياك الصنيع
قوبل المعروف بالنُكرِ الوضيع
ظلّ يهدي، ظلّ يسدي في شغف
بيد الفن التي لا ترتجف
قدّم الإبداع في أغلى تُحف
بمداد من فؤاد قد نزف
وبعد:
أمَا من جهة تمد لمسيرة الشاعر العبقة يد الوفاء؟! ألا يستحقّ الشاعر الدكتور خالد سالم أن تصُفّه الأحياء ضمن شهداء الحرف الخالدين؟! ووصيته لكل من وصله حرفه منا قد غرد بها فم الزمان إذ يقول عليه رحمة الله:
فاذكروا الشاعر إن هلّ الربيع
ومغاني الحسن والروض البديع
واذكروه إن غدا ذكرى توارت
اذكروه إن توارى في البقيع