قصر المربع

رحلة إلى مركز الملك عبد العزيز التاريخي الحلقة التاسعة

* *قام بها: د, عدنان عبد الحميد القرشي ود, عبدالله خلف العسّاف
المحتوى
((التعريف بقصر المربّع أسباب بنائه، وتاريخ إنشائه شكله المعماري،وحدوده الجغرافية، ومساحته المواد التي استُخدمت في تشييده بعض العناصر الفنية والمعمارية في قصر المربّع زخرفة قصر المربّع، وزينته الممرّات والجسور في قصر المربّع سور قصر المربّع، وبوّاباته تطوير قصر المربّع، وترميمه، وأهميته المعاصرة تعريف تفصيلي بمكوّنات القصر: الطابق الأول/ الأرضي، الطابق الثاني المراجع)).
أولاً التعريف بقصر المربّع
قصر المربّع هو اسم القصر الذي بناه الملك عبدالعزيز يرحمه الله خارج أسوار مدينة الرياض القديمة في مكان اسمه المربّع , وقد أخذ القصرُ اسمَه من انتسابه إلى هذا المكان, وقد كانت أرض المربع قبل بناء القصر عليها أرضاً خصبة تزرع شتاء عند نزول الأمطار, وكانت تُعرف بمربع آل سيفان, وهم من قدامى فلاحي الرياض, ولعل الأصل الأول للمربع يعود إلى الشكل ذي الأربعة أضلاع المتساوية المستقيمة من أربع زوايا قائمة, وهو شكل الأرض المنبسطة التي بُني عليها قصر المربع في شمال منطقة الرياض القديمة.
ثانياً أسباب بنائه، وتاريخ إنشائه:
أمر الملك عبدالعزيز في عام 1937م بالشروع في بناء قصر جديد خارج سور الرياض القديمة، وسمي بقصر المربع, وكان الغرض من بناء هذا القصر الجديد هو تلبية الاحتياجات المتزايدة للقصر الملكي والحكومة الجديدة في المملكة، وكذلك نظراً لاعتبارات الحكم التي استجدت، والأسرة التي نمت وكبرت بحيث لم يعد المجمّع القديم بقصر الحكم يفي بحاجة الملك عبدالعزيز السكنية ودوائره الرسمية، فضلاً عن اكتظاظ المنطقة منطقة قصر الحكم بالسكّان, فرأى يرحمه الله أن يقيم مسكناً خارج المدينة القديمة، ومجمعاً من القصور والأبنية تسدُّ حاجته على أن يترك المجمع القديم للدوائر الحكومية، والبلاط الملكي، والمستودعات، والأجهزة الأمنية، والاستعلامات الحكومية.
ثالثاً شكله المعماري،
وحدوده الجغرافية، ومساحته:
كان يحد موقع المربع من الناحية الشمالية سلسلة مرتفعات، ومن الشرق ضفافُ وادي البطحاء الوتر قديماً ، ويحده من الغرب مجمعات ومجاري وادي أبو رقيع، ومن الجنوب تحده بساتين الفوطة، والحوطه، والسويدي.
وكان قصر المربع يقع شمال مدينة الرياض القديمة على بعد نحو/2كم, وقد أقيم في بداية بنائه على شكل مستطيل تبلغ أبعاد أسواره حوالي/ 300متر إلى/ 400متر، ثم اتسعت مساحته, بعد ذلك فبلغت ستة عشر هكتاراً في أوائل الخمسينيات.
ومبنى قصر المربع هو عبارة عن طابقين بُنيا على الطريقة التقليدية من حيث الفناء الذي تُفتح صوبه جميع الغرف, وقد رُوعي في التصميم ضمان الحماية والستر إلى جانب المحافظة على الغرف باردة في شدة حرارة النهار.
لذلك فقصر المربع هو مثالٌ متميز للبيت التقليدي الملحق به فناء واسع تفتح نحوه جميع الغرف فيوفر لها الستر والنور والهواء معاً.
ويعتبر فناء قصر المربع كما كل البيوت التقليدية أشبه بنظام طبيعي لتكييف الهواء، فحين تنخفض درجة الحرارة أثناء الليل يتجمع الهواء البارد في الفناء، ويهب صوب الغرف المحيطة به, وحين ترتفع الحرارة أثناء النهار يشكل الفناءُ تيارات تعمل على تهوية الغرف وتلطّف من حرارتها.
رابعاً المواد التي استخدمت في تشييده:
شيّد قصر المربع على الطريقة التقليدية النجدية، وروعي في بنائه تحقيق أعلى مستويات براعة العمل والتصميم, وقد بُنيت الجدران الضخمة والسقوف الداخلية والخارجية المصنوعة من الأثل وسعف النخل بسرعة فائقة بدءاً بعام 1936م، ليصبح قصراً جديداً للملك عبدالعزيز، وللحكم في المملكة العربية السعودية الناشئة آنذاك.
وقد استُخدم في بناء قصر المربّع مواد مختلفة من أهمها الأحجار التي كانت في أساسات القصر والأعمدة الحاملة للأسقف، كما استُخدمت الأخشاب للأبواب والنوافذ، وجعل منها شرائح للاستخدام، وزُيّنت بزخارف هندسية غائرة وبارزة، ومسامير ذات رؤوس كبيرة.
واستخدم في بناء الجدران الطوب المجفف بأشعة الشمس والمغمور في ملاط مخلوط بالقش, وكانت تُغطى الأسطح بالجير، وكان يستعمل الجص المحروق والمسحوق لتغطية جدران الحجرات والممرات والواجهات المطلة على الأفنية.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن جميع المواد الأولية التي استخدمت في بناء قصر المربع هي من المواد المتوفرة محلياً, فالجدران مبنية من مادة الأرض نفسها، فيما كانت الأخشاب وجريد النخيل المستعملة للسقوف مأخوذة من أشجار تُستنبت محلياً.
وقد تم بناء القصر بأيدي مواطنين سعوديين استخدموا فيها مهارات تقليدية كانت تمارس في فن البناء في شبه الجزيرة العربية منذ مئات السنين.
خامساً بعض العناصر المعمارية
والفنية في قصر المربع:
يتميز قصر المربع إلى جانب ما تقدّم، وكما يذكر الأستاذ عبدالرحمن الرويشد ببعض الميزات المعمارية والفنية؛ فحين تُجمع تلك العناصر مع العناصر المذكورة سابقاً، فإنها تعطي معاً صورة واضحة لقصر المربع بطابعه التقليدي المميز, ومن أهم تلك العناصر:
أ استواء الأسقف بحيث لم تُستخدم في القصر القباب، أو أي نتوءات أو أقبية, واقُتصر في صناعة الأسقف على خشب الأثل المستقيم، وبُسطت عليه جرائد النخيل المجرودة، وغطيت بأهداب الجريد، ثم بالطين الممزوج بالتبن وهدب الأثل.
ب ومنها أيضاً الوضع المميز للأدراج المؤدية من الطابق الأسفل إلى الطابق الأعلى, وهي عبارة عن كتل بنائية مكونة من الحجر والطين المغطى بطبقة من الاسمنت.
ج ومن تلك العناصر الأعمدة, وهي من أهم العناصر الإنشائية في قصر المربع حيث تقوم بحمل الأسقف, وهي تتألف من صخور مدورة الشكل بواسطة مادة الجص، ولها تاج في الأعلى, وأغلب تلك الأعمدة مصمتٌ خالٍ من الزخارف, وتقع هذه الأعمدة في المجالس الكبيرة في الساحات، وفي الممرات المطلة على البهو، والممرات المؤدية إلى المخارج.
د ومنها أيضاً البروزات الخارجة عن سمت الحيطان، وتستند إلى روابط خشبية، وتكون مواقعها في الجزء الأعلى من جدران سترة السطح مباشرة.
ه ومنها وسائل تصريف مياه السيول والأمطار عن سطوح المساكن والقصور بواسطة (ميازيب) خشبية تساعد على تصريف الماء المنهمر, والميزاب هو عبارة عن قطعة خشبية بطول مترين مشقوقة من الوسط، فيها مجرى ينقل الماء من الأسطح إلى الخارج.
أما تصريف الماء في النظافة والغسيل والاستعمالات الأخرى من الحمامات والقاعات وأماكن الاستخدام، فإنه يُصرف بواسطة مجار مغطاة بمادة الاسمنت أو الجص الأخضر إلى الحفر خارج القصر تسمى البلّاعة , وهي حفرة مربعة أو مستطيلة أو مستديرة خارج القصر تنحدر إليها المياه من الحمامات، ومياه السيول التي تتساقط من الأفنية المكشوفة.
سادساً زخرفة قصر المربع، وزينته:
إن الداخل إلى قصر المربع والمتأمل فيه يكتشف أنه يمثل ذروة الفن المعماري التقليدي النجدي, فالجدران فيه مزخرفة بأنماط هندسية منقوشة في الجص، في حين تحمل عوارض السقف صفوفاً منتظمة من الخطوط المطلية بألوان مختلفة، ونقط سوداء وحمراء فوق خلفية من اللون الاصفر الفاتح.
ولعل فكرة الزخرفة التقليدية التي استخدمت في قصر المربع كان هدفها تجسيد العراقة في هذا المكان، خاصة أن هذا النوع من الزخرفات مرتبط بقرون من البناء التقليدي في شبه الجزيرة العربية، وكذلك بالأنماط الهندسية البسيطة التي تعود إلى عصور قديمة.
سابعاً الممرّات، والجسور في قصر المربّع
يوجد في قصر المربع ثلاثة جسور رئيسية تربطه بالقصور الخاصة التي كان الملك عبدالعزيز يسكنها مع أسرته، وبالمسجد الذي يصلي فيه, وهذه الجسور هي عبارة عن ممرات تُحمل على أعمدة من أحجار، ومسقوفة بالأخشاب.
والجسر الأول كما يذكر الأستاذ الرويشد يقع في الجهة الغربية من القصور، ويتجه غرباً ليخترق بعض القصور والمرافق الأخرى، ويقع أسفل هذا الجسر مباشرة المدخل الرئيسي للقصر.
ويتجه الجسر الثاني مباشرة من القصر إلى المسجد في الجهة الجنوبية, ولهذا الممر نوافذ تساعد على الإضاءة، وتحسّن من الرؤية.
ويقع الجسر الثالث في الجهة الشمالية حيث يصل القصر الأوسط بالقصر الشمالي, وهو مقر الملك عبدالعزيز ومكان مبيته الليلي.
ثامناً سور قصر المربع، وبواباته:
لقد كان من أهم عناصر قصر المربع، وما حوله من بيوت طينية السّور المنيع المكوّن من الطين المسلّح بالأخشاب والحجر الذي يصل ارتفاعه كما يذكر المؤرخ عبدالرحمن الرويشد إلى سبعة أمتار, وهذا السور يحيط بقصر المربع وماحوله من بيوت طينية, وقد دُعم ذلك السور بأبراج مربعة الشكل يرتفع نصفها الأعلى عن أعلى السور، ويتراوح ارتفاعها مابين ستة أمتار إلى سبعة.
ويبرز جزء من هذه الابراج خارج خط السور وداخله, وتظهر في السور حصون عديدة يرتفع بناؤها عنه، وتبرز داخله وخارجه مكونة حصوناً شاهقة من دورين ونصف، لاتقل مساحة كل حصن عن مئتي متر, وقد خُصصت تلك الابراج للسكن والمراقبة, وهي مشغولة سكنياً بوحدات الشرطة، وبمجموعة من العساكر والضباط التابعين للحرس الملكي, وعدد هذه الأبراج لايقل عن ستة عشر برجاً للجهات الأربع.
ويوجد في السور من الناحية الجنوبية بوابتان رئيسيتان تؤديان إلى خارج السور، ويقوم عليها حراس أشداء يقيمون في الجزء العلوي من البوابة, وتدعى إحدى هاتين البوابتين الدروازة الجنوبية ، أو الكبيرة وهي المدخل المخصص للملك عبدالعزيز والداخلين إلى القصر من الرجال فقط, أما البوابة الثانية فتقع في منتصف السور الجنوبي وتسمى الباب الجنوبي أو دروازة العناني ، وسُميت أيضاً بباب الحريم لأنها مخصصة لدخول النساء.
وهناك بوابة ثالثة تقع وسط السور الغربي تُسمى البوابة القبلية, أما البوابة الرابعة فتقع في السور الشمالي, والجدير بالذكر أن جميع هذه البوابات كانت تغلق ليلاً وتفتح نهارا طيلة حياة الملك عبدالعزيز سواء أكان في القصر أم خارجه.
ولهذه البوابات حراس مكلفون بالإقامة فيها ليلاً ونهاراً, وهم من الشرطة والحرس الملكي.
تاسعاً تطوير قصر المربع،
وترميمه، وأهميته المعاصرة:
خضع قصر المربع إلى التطوير مرتين, الأولى في عصر الملك عبدالعزيز، حيث أمر جلالته بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية بإعداد قصر على أنقاض بعض الدور الصغيرة في مجمع قصور المربع فيما بين الديوان والقصر الشمالي يكون على النمط الحديث, وشمل التطوير الثاني إعادة ترميمه حين ضُمّ إلى مركز الملك عبدالعزيز التاريخي, وقد تبنّى الترميم الأخير له مكتب التراث بالرياض عام 1998م.
ويعتبر قصر المربع اليوم من أهم العناصر الموجودة في منطقة مشروع المركز المذكور لما له من قيمة تاريخية، وتراثية وفنية عالية فهو من جهة أول المباني الرسمية التي بُنيت خارج السور القديم لمدينة الرياض، وهو من جهة أخرى من أول المباني الطينية المهمة التي أقيمت في المدينة.
ويحتل قصر المربع الآن ضمن مركز الملك عبدالعزيز التاريخي مساحة قدرها (1680)متراً مربعاً، وتبلغ مساحة مبانيه بوضعها (2957)متراً مربعاً, وهو يُطل داخل المركز على الميدان الرئيسي من جهة الغرب, وقد تم إصلاح الأجزاء المتداعية فيه مثل بعض الأسقف والجدران لإعادته إلى الوضع الذي كان عليه تماماً في أواخر عهد الملك عبدالعزيز, وقد تمّ تأثيثه بالطريقة نفسها التي كان عليها الوضع في تلك الفترة ليكون جزءاً من العناصر المتحفية الهامّة في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي.
عاشراً تعريف تفصيلي بمكوّنات القصر:
يتضمّن قصر المربع مجموعة كبيرة من الغرف والمكاتب موزّعة على طابقين، تُشرف جميعا على فناء مربّع واسع تحيط به, ولكل غرفة، ومكتب اختصاص محدّد ظلّ عليه كذلك حتى وفاة الملك عبدالعزيز.
ومن خلال نظرة مجملة لتوزيع اختصاصات الغرف والمكاتب يُلاحظ الزائر أنها تتكامل معاً بحيث إن من يدخل القصر يجد فيه كلّ شيء, ولذلك، فقد وُزعت بشكل مدروس بحيث يحقق كل منها الشكل الأمثل لمتطلبات الملك في المكان والتفكير والمتابعة السياسية وإدارته للمملكة والنظر في قضايا الناس.
فهناك غرف لمجلس الملك الصيفي والشتوي، وأخرى لإدارة شؤونه الخاصة، وهناك مكاتب لحرس الملك الشخصي وحرس القصر، وغرف للزوار، والنظر في قضايا الناس، واخرى للشؤون السياسية والاتصالات، وكتّاب الملك والخويا ومخازن الطعام والوقود.
ولو حاول الزائر لذلك الصرح التاريخي الهام أن يعود بالزمن قليلاً إلى الوراء، ورحل إلى قصر المربع في عصر الملك عبدالعزيز للاحظ للوهلة الأولى وهو يقف أمام بوابته حركة وازدحاماً، وأُناساً يدخلون، وآخرين يخرجون، ولو تجاوز البوابة إلى المدخل سيُشاهد أن الحركة تزداد أكثر, فهناك الزوّار والضيوف وعامة الناس، وهناك الحرّاس والخويا والمرافقون والمستشارون والمتخصّصون في الشؤون المختلفة, وهناك في الاتجاه الآخر عمّال الخدمات والطباخون الذين يقدّمون للخاصّة والعامّة يوميّاً وجبتي طعام في الغداء والعشاء.
ويمكن فيما يلي استعراض بعض ملامح الغرف والمكاتب، وأبرز مهامها في قصر المربّع.
أولاً الطابق الأول الأرضي
وهو يتضمّن مجموعة من الغرف والمكاتب، مهمّتها تتوزّع لتأمين الأعمال الخدمية والأمنية والإدارية لقصر المربّع.
وهذا عرض سريع لأبرز الغرف والمكاتب واختصاصاتها في هذا الطابق.
1 غرف الحرس:
وهي متعدّدة، معظمها في هذا الطابق، وبعضها في الطابق الثاني, فهناك عند المدخل الرئيسي غرفة الحرس الأولى، وكانت مخصّصة لاستعمال حرس الأمن الملكي أثناء دوامهم عند المدخل الرئيسي للقصر, وكانت مهمّة الحرس الملكي توفير الحراسة الشخصية للملك.
وتتبع هذه الغرفة غرفة أخرى تقع ضمن الفناء الداخلي للقصر، وكان يستعملها حراس الملك والمسؤولون عن الأمن في القصر.
وهناك مكتب آخر كان مقراً لرئيس الحرس الملكي، ويتبعه مكتب آخر كان يستخدم مقراً لأفراد الحرس الملكي المسؤولين مباشرة عن حماية الملك.
وقد كان أغلب أفراد الحرس من المواطنين السعوديين الذين برهنوا على ولائهم أثناء الحروب التي قامت لتوحيد المملكة, ويقع إلى جانب مكاتب الحراسة السابقة مكتبان آخران، أحدهما كان مقراً لنائب رئيس الحرس الملكي، والآخر مخصص لمساعد نائب رئيس الحرس الملكي.
2 ومما يتضمنه هذا الطابق الأول أيضاً مجموعة من الغرف والمكاتب المخصصة لخدمة الملك:
وكان يطلق على شاغليها خويا الملك , والخويا هم حاشية الملك الذين يكرسون أنفسهم لخدمته, وأغلبهم رجال برهنوا على ولائهم وشجاعتهم في الحملات التي استهدفت توحيد البلاد، ثم عينوا في خدمة الملك, وكان الخويا يلبسون عباءات من قماش لونه قرمزي أو أصفر ليموني تطرزها خيوط الذهب في الياقة والأكمام.
وكان لهؤلاء الخويا غرفتان في الطابق الأول، خُصصتا لاستخداماتهم المختلفة، وبخاصة الغرفة الثانية التي استخدمت كجناح للخويا, وهي تبرز الفن المعماري التقليدي الذي كان سائداً في المنطقة، والتصميم الهندسي للعوارض الخشبية، والسقف المصنوع من سعف النخل، وخشب الاثل.
وعلى الامتداد نفسه توجد غرفة الخدم التي كانت مخصصة لاستعمال حاشية الملك.
3 غرف مخازن القصر:
وكانت تستخدم لحفظ المواد الغذائية والأواني التي كانت تُقدّم لاستضافة زوار القصر وضيوفه، كما استخدمت مكاناً لحفظ مواد القهوة والشاي والعسل والتمر التي كانت تتميز بالجودة الفاخرة.
وكان من المراسم التقليدية في الضيافة عمل القهوة والشاي، أو التمر والحلوى مصحوبة برائحة زكية من العود والطيب، وتقديمها لضيوف القصر وزواره.
ويتبعُ غرف المخازن هذه غرفةٌ أخرى خُصصت لحفظ حطب الوقود والفحم المستحطب من الصحراء الذي كان يُستخدم في المجلس.
ويتضمن هذا الطابق أيضاً غرفة مشرف المصعد الملكي, ويعتبر المصعد الذي رُكبَ في قصر المربع أول مصعد دخل الرياض, وقد وُضع تحت الاستخدام بعد أن وجد الملك عبدالعزيز صعوبة في صعود السلم نتيجة للجراح التي أُصيب بها في معاركه من أجل توحيد البلاد.
وتوجد بمحاذاة هذه الغرفة غرفة التبريد التي كانت توضع فيها قِرَبُ المياه لتُبَّردَ عن طريق التبخر.
ثانياً الطابق الثاني
وهو يتضمن مجموعة من الغرف والمكاتب، أبرزها مجلس الملك ، والشؤون السياسية، والاتصالات، والشؤون الخاصة، والضيافة.
وفيما يلي عرض لأبرز مهام غرف هذا الطابق ومكاتبه وطبيعتها:
1 غرفة المجلس الصيفي للملك:
كانت هذه الغرفة الديوان الملكي حيث كان الملك يستقبل ضيوفه، وزائريه فيها أثناء فصل الصيف, وقد كانت مؤثثة بالسجاد الفارسي الذي يغطي أرضيتها، وبصف من الأعمدة الفخمة من الوسط، وبمقاعد وأرائك مزخرفة على طول امتداد الجدران.
لقد كان الملك عبدالعزيز يجلس جانب الساعة في الزاوية البعيدة من هذه الغرفة حيث كان يستقبل زائريه, وكان يجد المتعة في التحدث إلى الناس من مختلف المستويات، ويعامل الجميع بمنتهى الاحترام والاهتمام.
وقد وصف أحد الزائرين دخوله إلى غرفة المجلس الصيفي ليرى الملك عبدالعزيز واقفاً بثبات بقامته الطويلة في أقصى طرف الغرفة, وكان يلبس ملابس متواضعة مكونة من عباءة من القماش الرمادي الرقيق ومعطف بني اللون, ويُستَدَلّ على مقامه الرفيع بالخاتم المصنوع من الفضة والعقيق الأحمر الذي لا يحمل من النقوش سوى اسمه.
2 غرفة المجلس الشتوي للملك:
كان الملك يستقبل في هذه الغرفة ضيوفه وزائريه خلال فصل الشتاء, وقد كان المجلس في هذه الغرفة مؤثثاً تأثيثاً فاخراً، يُستعمل للاستقبالات الخصوصية, وهو يتميز بما يوفره من دفء خلال فصل الشتاء البارد.
3 مكتب الشؤون الخاصة بالملك:
كان هذا المكتب مخصصاً لاستعمال كاتب الملك لمباشرة شؤونه الخاصة, وكان مزوداً بثلاثة مصابيح معلقة على جدار الغرفة كانت تعمل بالكيروسين لإضاءة المكتب ليلاً, وكثيراً ما كان كاتب الملك يعمل فيه حتى وقت متأخر من الليل لإنجاز مراسلات الملك الخاصة.
4 مكتب الشؤون السياسية:
كان هذا المكتب المقرَّ الرئيسي للديوان السياسي للملك، وكانت مهامه تشمل علاقات المملكة بالدول الأجنبية، إلى جانب إدارة الشؤون الإدارية للدولة في الداخل.
وكان يوجد في هذا المكتب مقاعد مطرزة مصفوفة على طول الجدران التي كان يُعلق عليها عدد من الخرائط المدرسية لشبه الجزيرة العربية والعالم, وفي هذا المكان كان يتم تبادل أخبار اليوم الداخلية والخارجية, وفي إحدى الزوايا، وعلى رف إحدى النوافذ وُضعت الملفات التي تحتوي الصحف العربية والعالمية, وكان يتم تداول النشرات التي تصدر مرتين في اليوم عن طريق التقاط الإذاعات الرسمية.
5 مكتب خدمات الاتصال:
وهو عبارة عن غرفتين متصلتين كانتا مركز الاتصال للقصر والمملكة, وكان يتولّى الاتصالات اللاسلكية والبرقية موظفون ووكلاء في مختلف أنحاء المملكة, وتُجمع المعلومات والأخبار التي ترد إلى هذا المكان ليطلع عليها الملك ومستشاروه يومياً, واستُعملت هذه الوسائل أيضاً لنقل ردود الملك وتعليماته ليتم تنفيذها في الحال.
والغرفتان كانتا تحتويان على أجهزة الاتصالات اللاسلكية والبرقية التي تتيح الاتصال الفوري بجمع أنحاء المملكة آنذاك, ويتبع هذا المركز غرفة مخصصة لاستعمال رئيس خدمات الاتصال، ومكتب آخر مخصص لاستعمال مساعد مدير البرق.
وقد تمكن الملك عبدالعزيز بهذه الطريقة من تأسيس حكومة حديثة، فوق أرض شاسعة برزت في ذلك الحين بعد قرون طويلة من العزلة والحياة القبلية.
6 وتضمن هذا الطابق الثاني
مجموعة من الغرف الخدمية الأخرى، مثل:
أ غرفة رئيس الخويا التي خُصّصت لاستعمال رئيس الحاشية الملكية الخويا ، وخدم الملك, وتتبع هذه الغرفة غرفة اخرى كان يستعملها الخويا للراحة والنوم.
ب غرفة استقبال الضيوف التي كانت تستعمل كغرفة انتظار حيث تُقدم للضيوف فيها بعض المأكولات الخفيفة والفاكهة، إلى جانب القهوة والشاي.
ج غرفة خدمة الجمهور التي كانت مخصصة كمكتب لكاتب العرائض وشكاوى الناس التي كانت ترفع مباشرة إلى الملك, وقد اتخذها الملك في أواخر أيام حياته مكتباً خاصاً له نظراً لقربها من المصعد.
د غرفة دورات المياه التي كانت تُستعمل حماماً، ومكاناً لقضاء الحاجة, وحين دخل استعمال السباكة والأدوات الصحية الحديثة، تُرك المكان لاستعمال الخدم.
7 وكان يوجد في هذا الطابق أيضاً مجموعة
من الممرات التي تؤدي أغراضاً مختلفة، أبرزها:
أ ممر الملك عبدالعزيز إلى المسجد, وهو يؤدي إلى جسر مغطى متصل بالمسجد, وقد كان الملك عبدالعزيز يعبره للذهاب لتأدية الصلاة في المسجد أثناء إقامته في قصر المربع.
لقد كان الملك عبدالعزيز رجلاً تقياً ورعاً يضع واجباته نحو الله تعالى فوق كل اعتبار آخر.
وهذا الممر كان يمكّن الملك من الذهاب إلى المسجد لتأدية فروض الصلاة اليومية.
ب الممر المؤدي إلى قصر الضيافة الذي يؤدي إلىجسر متصل بقصر الضيافة التابع للملك.
وكان مخصصاً لاستعمال كبار الزائرين والضيوف, وكان رئيس المراسم الملكية هو المسؤول عن قصر الضيافة.
ج الممر المؤدي إلى القصور الملكية الذي يتصل بجسر مرتبط بالقصور الخاصة التي كان الملك يسكنها مع أسرته.
د السلم الذي كان يؤدي إلى سطح القصر حيث المجلس الصيفي للملك.
وقد كان الملك عبدالعزيز يستعمل قصر المربع مجلساً ليلياً له خلال فصل الصيف، كان يلتقي في هذا المكان برجال الدين والعلماء والمسؤولين في الدولة للتباحث حول الشؤون الوطنية والمسائل الدينية والأوامر الإدارية.
خاتمة:
وهكذا تنتهي بحمد الله رحلة فريق العمل إلى مركز الملك عبدالعزيز التاريخي في مدينة الرياض التي استغرقت سنتين وبضعة أشهر, وهي على الرغم من مشقّتها كانت ذات إمتاع، وإثراء، وإفادة, وستبقى علامة مشرقة في الذاكرة، يعود الإنسان إليها بمزيد من الحنين كلّما ضاقت به السّبل.
آخر زيارة قام بها فريق العمل إلى مركز الملك عبدالعزيز التاريخي كانت في 1/6/2000م.
المراجع:
(1) الرويشد، عبدالرحمن بن سليمان: صحيفة الرياض، الأعداد التالية:
* الأحد 21 محرم 1419 ه مايو 1998 عدد (10919) السنة (35) ص (17).
* الخميس 25 محرم 1419ه 21 مايو 1998م العدد (10923) السنة (35) ص (38).
* الأحد 28 محرم 1419 ه 24 مايو 1998 العدد (10926) السنة (35) , ص (19).
* الأحد 6/صفر 1419ه 31 مايو 1998م العدد (10933) السنة (35), ص (19).
(2) كُتيب قصر المربّع: د, عبدالله خلف العسّاف د, عدنان بن عبدالحميد القرشي، تحت الطبع.
(3) زيارات فريق العمل الميدانية لقصر المربّع.
(4) مركز الملك عبدالعزيز التاريخي: إصدار الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض.