وانطلق الحدث الرياضي الأكبر على مستوى الكرة الأرضية والمتمثّل بمونديال كأس العالم لكرة القدم، حيث تتجه عيون ملايين البشر على وجه المعمورة صوب ألمانيا مستضيفة ومنظمة أكبر حدث رياضي يُقام في لعبة واحدة كل أربع سنوات منذ ولادته في عام 1930م في الأورجواي. فيما يبدو للنقاد والمراقبين فإن ألمانيا تسير في الطريق الصحيح نحو تحقيق تنظيم أفضل وأكثر أمناً للمهرجان الكروي العالمي. تستمر البطولة الثامنة عشرة من منافسات كأس العالم لمدة (4) أسابيع في (12) مدينة ألمانية خلال الفترة من (9 إلى 9) يونيو الجاري وحتى يوليو المقبل. وأتوقّع كغيري أن تكون الاستضافة الألمانية مثالية لما عُرف عن الألمان من دقة وانضباط وجودة حتى في شأن صناعاتهم التي يصدرونها لنا نحن المجتمعات المستهلكة. لذا فنحن ننتظر من الألمان مزيداً من الجودة والنوعية في الشأن التنظيمي والابتكار والتسامح والانفتاح على الآخرين من حيث التعامل وكذلك الانسيابية في سير الأمور المونديالية خلال أيام البطولة ال (28) يوماً. وخصوصاً أن ألمانيا بدأت الاستعداد لهذه الاستضافة التاريخية منذ عام 1993م عندما قرَّر الاتحاد الألماني لكرة القدم الترشح للاستضافة. لغة الأرقام لغة الأرقام تقول: سيشاهد (3) ملايين متفرج المباريات ال (64) المقررة في النهائيات والتي ستُقام على (12) ملعباً في (12) مدينة ألمانية، ويقدر الحضور الإعلامي بنحو (14) ألف إعلامي و(300) قناة تلفزيونية تنقل عبر الفضاء المباريات ليشاهدها نحو (3) مليارات مشاهد في مختلف أرجاء العالم إلى جانب أكثر من (5) ملايين شخص سيحضرون احتفالات المشجعين في المدن التي تستضيف المباريات. وتشير لغة الأرقام ايضاً إلى أن ميزانية البطولة تبلغ قيمتها (430) مليون يورو وقد توفرت من عدة مصادر هي مبيعات التذاكر التي تدر (200) مليون دولار، والاتحاد الدولي لكرة القدم - الفيفا - الذي دفع (170) مليون يورو إلى جانب (60) مليون يورو من الرعاة الرسميين. أما مصاريف الفيفا فإنها تصل إلى (600) مليون يورو من بينها (215) مليون يورو تمنح للمنتخبات المشاركة في المونديال، و(20.7) مليون يورو لاستعدادات المنتخبات المشاركة، و (194.2) مليون يورو مكافآت. مزايا المونديال ثمة مزايا وفيرة تجنيها الدول من وراء تنظيم مونديال كأس العالم والخطة التسويقية المصاحبة للتنظيم التي تسهم في أثر مباشر وغير مباشر في زيادة تسويق المنتخبات المحلية والطلب السياحي وانتعاش الأنشطة السياحية بمختلف أنواعها وكذلك الطلب على وسائل النقل طيلة فترة الاستضافة. إلى جانب توفر عديد الملاعب العالية الجودة التي تخدم البلد المستضيف وأجياله الكروية القادمة على المدى البعيد. فالمونديال حدث كبير وفرصة ضخمة قد لا تتكرر، ينبغي استثمارها كما ينبغي من أجل إبراز هوية ومعالم البلد المستضيف وإرثه الثقافي وتعزيز الوضعين الاقتصادي والسياحي على وجه الخصوص، بل قد نقول إن المونديال الوعاء الأنسب لاستيعاب البطالة في البلد المنظّم من خلال فرص العمل المتاحة للأيدي العاملة. صداع مزمن بيع تذاكر المباريات وأمن الملاعب أو حفظ الأمن أثناء وبعد المباريات الهاجس الأكبر للمنظمين إن لم يكن يمثِّل الصداع المزمن لرأس المنظمين، فوتيرة المشكلات تتصاعد مع انطلاقة مباريات المونديال واحتدام المنافسة. وكلنا نتذكر حالات الشغب والتخريب التي تطول الممتلكات الخاصة والعامة التي أدى بعضها إلى الوفاة. ويقف مشاغبو (الهوليجانز) على رأس قائمة المشجعين الخطرين فهم أبرز إن لم يكن قادة أحداث الشغب وأعمال العنف في ملاعب المستديرة وخارجها. لكن السلطات الألمانية أظهرت مهارة في التحضيرات لحفظ الأمن وسرعة التدخل بحزم والسيطرة على الأمور من خلال (بروفات) الشغب المحتمل وقوعها وسط إجراءات قانونية وأمنية صارمة. كل ما نتمناه أن يظهر مونديال ألمانيا بصورة آمنة وممتعة وخالية من أعمال الشغب، وقبل ذلك أن يحالف (الأخضر) السعودي التوفيق والنجاح في مشواره في الاستحقاق العالمي.