فاجأني نعي الشيخ عثمان الصالح مفأجاة أليمة، وقد كنت في منزله مساء الجمعة لزيارته والسؤال عنه، ثم فُوجئت في المساء بانتقاله إلى رحمة الله، وقد يتردد الإنسان ويتلجلج به القلم أحياناً في الكتابة عن شخصية أحبها وعرفها بمنهجها الأخلاقي عندما يريد أن يكتب رثاء عن صديق عزيز، له عندي من التقدير والمحبة والاحترام ما يوجب عليَّ أن أترحَّم عليه، لقد كان - رحمه الله - رحمة واسعة وأحسن إليه بقدر ما قدَّم لأمته من أعمال جليلة وخدمات تربوية وفكرية واجتماعية مشهودة وكان مدرسة كبيرة.. لقد كان لوفاته وقع حزين وصدى عميق بالأسى لفقد هذا الرجل المشهود له بالحب والخير والخلق الرضي، والعطاء الجم، عرفته صديقاً وفياً غزير المعرفة طيب السيرة لطيف المعاشرة.. لقد أعطى لأمته ومجتمعه ما هي به جديرة. كان - رحمه الله - يتمتع بشخصية محبوبة رائدة إلى جانب اهتمامه البارز بالعلاقات الاجتماعية وحب الناس، فهو علم من أعلام التربية والثقافة والأدب.. كانت مجالسه مفعمة بالعلم والثقافة والفكر المستنير، وكنا نلتقي في صالونه الأدبي اثنينيته الشهيرة العابقة بالثقافة والموضوعات التي تُطرح فيها فيما يهم المجتمع بكل شرائحه وإبراز الفكر وإثراء الحركة الثقافية والتأكيد على الهوية الثقافية الأصلية لبلادنا وما تعيشه المملكة من نهضة علمية وثقافية وفكرية وحضارية شاملة، ولقد كانت له مشاركات واعية في الصحافة والمناسبات الثقافية والأدبية، ولقد تخرَّج على يديه حينما كان مديراً لمدرسة المجمعة ثم مدرسة الأنجال ثم معهد العاصمة مئات الشباب ممن يتسلّمون اليوم مراكز قيادية في الدولة، ولقد أحب الجميع فيه خصالاً كريمة كانت عنوانه وسمته.. كان محبوباً من الجميع لا مبغض له، لقد رافقته في رحلات كثيرة في الداخل والخارج، وكان يحظى بمحبة الجميع لأنه محب للجميع يتحلى بصفات كريمة وروح عالية والكل أصدقاء له يجدون فيه الكلمات الطيبة والتشجيع بأريحية ومحبة وسخاء عنوانه دائماً الود والحب والخلق الرضي ولسانه دائماً يفيض بالحب والود والإحسان والسماحة. لقد فقدنا بفقده والداً عزيزاً وأخاً حبيباً وصاحباً مضيافاً وصديقاً وفياً ومربياً نبيلاً وكلها صفات وخلال كريمة.. لقد فقدنا بغيابه شخصية متميزة في الساحة التربوية والثقافية والاجتماعية - رحمه الله رحمة واسعة - ولا شك أن فقد العلماء والأدباء والمصلحين والمربين والرجال الأفاضل خسارة، لكن هذا هو حكم الله في خلقه.. {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله}ولقد قيل: والموت نقَّاد على كفه جواهر يختار منها الجياد رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} *أمين عام دارة الملك عبدالعزيز الأسبق