(يموت قليلا من يموت صديقه .. وإن كان يبدو الشامخ الصامد الصلبا). هذا ما تذكرته وأنا أودع جزءا عميقا من وجداني برحيل ابن الخال والصديق والأخ حمدان بن عبد الله الزهراني، رحل بعد أن قضى قرابة ثلاثة عقود معلما ومربيا.. ورغم العديد من التحديات في هذه المهنة النبيلة.. إلا أن شغفه بحب الخير وزرع مبادئه في الآخرين.. كان القوت الذي يتزود منه للتغلب على معضلاتها.. كان حمدان رحمه الله صبورا وحليما ومحتسبا وحسن الخلق، وهي ذات الصفات التي أنزلته منزلة العلو والقيمة في قلوب من عرفوه.. وهنا لي وقفة مع أبنائه الطلاب الذين أحبهم وأحبوه.. يقول أحدهم: «لم يعلمنا الاستاذ حمدان دروسا منهجية في الدين والمعاملة من واقع الكتاب المدرسي فحسب، بل كان يترجم لنا على أرض الواقع المعنى الحقيقي لمفردات الصبر وحسن الخلق والحلم والإخلاص.. كانت تلك دروسا عملية عشناها معه ساعة بعد ساعة ويوما بعد يوم» .. الجمعة بتاريخ 13 / 6 / 1433 كان موعدا لفراقك أيها المربي الفذ، أيها المؤمن المحتسب كما نحسبك والله حسبيك وحسيب عباده المخلصين شهور وسنين عديدة مضت وأنت تحمل في داخلك آلام المرض ولا تعبر عنها سوى بالتواري عن الأنظار والخلوة بالنفس والقرب من الله. أخي حمدان، لقد كان يوم الجمعة يوما مشهودا لجميع محبيك إخوانا وأصدقاء وزملاء وطلابا.. فبعد أن افتقدت في قاعة الدرس يوم السبت، قدم جميع طلابك، أو أبنائك كما كان يحلو لك أن تناديهم، ليمتلىء منزلك بهم والحزن يرتسم على وجوههم البريئة بفقدهم أحد أبرز أساتذتهم. ولا نقول إلا مايرضي ربنا «إنا لله وإنا إليه راجعون» ..، وعزاؤنا أنك رحلت في يوم قال فيه سيد الخلق صلى الله عليه وسلم : (ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر)، رواه أحمد والترمذي. د. محمد بن سعيد العلم الزهراني