الانتخابات نوع من أنواع التعاون الاجتماعي، وتؤتي ثماراً نافعة إذا جرت في إطار التعاون على البر والتقوى، وفي جو محاط بالمودة والإخاء وسعة الصدر وإفساح المجال لاستيعاب جميع آراء أهل الرأي السديد والفكر النير والعمل الصالح. الناخب: وينبغي حتى تكون الانتخابات ناجحة أن تُقصر على أهل الحجا أهل العقول الراجحة والمعارف النافعة والنوايا الصادقة التي تُعرف نواياهم من خلال أعمالهم الصالحة وما يظهر من حالهم وبركة إنتاجهم ونفعه للمجتمع، ومن أنس منه ذلك ينبغي أن يحث على المشاركة وعليه ألا يتأخر، بل عليه أن يسد الفراغ ولا يفسح المجال لمن ليس أهلاً لأن ينتخب، وليست لديه معرفة وخبرة بوضع الشخص المناسب في المكان والزمان المناسب، وإذا لم يفعل نطقت الرويبضة وأسند الأمر إلى غير أهله، وفشلت الانتخابات ومتى نطقت الرويبضة وتدخلت في شأن العامة أفسدت فساداً ذريعاً يستغله الشيطان وسفهاء الكون، من اليهود وغيرهم ويكون المجتمع المبتلى بذلك مضطرباً مائجاً لا رواسي له ولا ثوابت، وفي مجتمعنا السعودي ننعم بالأمن والاستقرار والرخاء وقيام الدين على قدر رفيع لا يوجد في أي مجتمع آخر ولله الحمد والمنة، لأن المجتمع السعودي قام على ثوابت ورسى على رواس كالجبال الشامخة، منها الاعتصام بالكتاب والسنة، لدى الحكام والمحكومين، ولدى العلماء والأمراء، حتى أصبحت جنسية السعودي تعني رمز الإسلام والسنة وتذكر بمهبط الوحي ومنطلق الدعوة الإسلامية، ومشرق النور على العالم كله والمواطن السعودي هو جزء من وحدة وطن التوحيد الذي وحده الملك عبد العزيز بالتوحيد الذي هو حق الله على العبيد فينبغي ان يكون الناخب مستشعراً هذه الثوابت شعوراً يختلط بلحمه ودمه وتنطلق منه آماله وتطلعاته، ومن ليس كذلك فلا ينبغي أن يعتد به ناخباً، ولا فائدة في إضافة صوته إلى الأصوات، فالعبرة ليست بالكثرة قال الله تعالى {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} المنتخب: أما المرشح المنتخب فينبغي ألا يُنتخب إلا من هو موثوق بإخلاصه وخدمته لدينه ووطنه ومليكه ومواطنيه، يبتغي بذلك وجه الله ورضوانه وثوابه في الآخرة، وأن يتحرى موافقة الكتاب والسنة في جميع تصرفاته وأحواله وأعماله الباطنة والظاهرة، أما من يسارع في ترشيح نفسه فذلك نوع من التزكية للنفس والله يقول {فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ} لكن قد يرشح نفسه من أنس منها القدرة وتحرى نفع الناس وخشي أن يترشح ذو غرض أو هوى أو بدعة ووافقه على ذلك جملة من أهل الرأي الراشد من الناخبين، مع انه ينبغي الحذر من الغرور بالنفس واللجوء إلى الله تعالى وطلب معونته والاستعانة به ألا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يعصمه من الزلل بالتوكل والاعتماد عليه وحده لا شريك له. ومتى صدق في نيته وتحرى الصواب على ضوء الكتاب والسنة بجد وإخلاص وفقه الله تعالى، وليشعر نفسه أنه تكليف وواجب لا مغنم من مغانم الدنيا، وإنما واجب يحتسب بالقيام به الأجر والمثوبة من الله تعالى والله ولي التوفيق.