نائب أمير عسير: الخطاب الملكي يعكس ثقل المملكة السياسي وتجسيدها للإنسانية    أوقية الذهب تصعد الى 3645.04 دولار    نائب أمير منطقة عسير يتوّج المنتخب السعودي تحت 19 عامًا بكأس الخليج في نسخته الأولى    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    أرامكو تصدر صكوكاً دولارية دولية    إسهاماً في تعزيز مسيرة القطاع في السعودية.. برنامج لتأهيل «خبراء المستقبل» في الأمن السيبراني    «الفطرية»: برنامج لمراقبة الشعاب المرجانية    وزير الدفاع لرئيس وزراء قطر: نقف معكم وندين الهجوم الإجرامي السافر    200 شخص اعتقلوا في أول يوم لحكومة لوكورنو.. احتجاجات واسعة في فرنسا    السعودية ترحب وتدعم انتهاج الحلول الدبلوماسية.. اتفاق بين إيران والوكالة الذرية على استئناف التعاون    المملكة تعزي قطر في وفاة أحد منسوبي قوة الأمن الداخلي جراء الاعتداء الإسرائيلي الآثم    إثارة دوري روشن تعود بانطلاق الجولة الثانية.. الاتحاد والهلال يواجهان الفتح والقادسية    هوساوي: أعتز برحلتي الجديدة مع الأهلي    الدليل «ترانسفير ماركت»    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل رئيس فريق تقييم أداء الجهات الحكومية المشاركة في تنفيذ الخطة العامة للطوارئ    منافسة نسائية في دراما رمضان 2026    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025.. موروث ثقافي يعزز الأثر الاجتماعي والحراك الاقتصادي    نائب أمير المنطقة الشرقية: الخطاب الملكي الكريم خارطة طريق لمستقبلٍ مشرق    اليوم الوطني.. نبراس للتنمية والأمان    حساب المواطن ثلاثة مليارات ريال لمستفيدي شهر سبتمبر    فيلانويفا يدافع عن قميص الفيحاء    باتشيكو حارساً للفتح    واشنطن تستعد لتحرّك حازم ضد موسكو    سكان غزة.. يرفضون أوامر الإخلاء ومحاولات التهجير    هيئة الشرقية تنظّم "سبل الوقاية من الابتزاز"    الكشافة السعودية تشارك في الجامبوري العالمي    مبادرات جمعية الصم تخدم ثلاثة آلاف مستفيد    العراق: الإفراج عن باحثة مختطفة منذ 2023    الفضلي يستعرض مشروعات المياه    "التعليم" توقع اتفاقية "الروبوت والرياضات اللاسلكية"    «آسان» و«الدارة» يدعمان استدامة التراث السعودي    «سلطان الخيرية» تعزز تعليم العربية في آسيا الوسطى    «الحج والعمرة» تُطلق تحدي «إعاشة ثون»    التأييد الحقيقي    "الشيخوخة الصحية" يلفت أنظار زوار فعالية العلاج الطبيعي بسيهات    إنقاذ حياة مواطنَيْن من تمزّق الحاجز البطيني    2.47 تريليون ريال عقود التمويل الإسلامي    59% يفضلون تحويل الأموال عبر التطبيقات الرقمية    الهجوم الإسرائيلي في قطر يفضح تقاعس واشنطن ويغضب الخليج    هل توقف العقوبات انتهاكات الاحتلال في غزة    المكملات بين الاستخدام الواعي والانزلاق الخفي    مُحافظ الطائف: الخطاب الملكي تجسيد رؤية القيادة لمستقبل المملكة    الأمير فهد بن جلوي توَّج الملاك الفائزين في تاسع أيام المهرجان    تعليم الطائف يعلن بدء استقبال طلبات إعادة شهادة الثانوية لعام 1447    السبع العجاف والسبع السمان: قانون التحول في مسيرة الحياة    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: " ثمرة تماسك المجتمع تنمية الوطن وازدهاره"    نائب أمير منطقة تبوك يستعرض منجزات وأعمال لجنة تراحم بالمنطقة    ختام بطولات الموسم الثالث من الدوري السعودي للرياضات القتالية الإلكترونية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية الوقاية من الجريمة "أمان"    البرامج الجامعية القصيرة تمهد لجيل من الكفاءات الصحية الشابة    أمير المدينة يلتقي العلماء والمشاركين في حلقة نقاش "المزارع الوقفية"    أحلام تبدأ بروفاتها المكثفة استعدادًا لحفلها في موسم جدة    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    "التخصصي" يفتتح جناح الأعصاب الذكي    إنتاج أول فيلم رسوم بالذكاء الاصطناعي    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد: سلطات الاحتلال تمارس انتهاكات جسيمة ويجب محاسبتها    أهمية إدراج فحص المخدرات والأمراض النفسية قبل الزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفردوسي رائد الملحمة الفارسية
أوراق فارسية
نشر في الجزيرة يوم 08 - 03 - 2000

جاء حين من الدهر كان الباحثون في تاريخ الأدب العربي يشعرون بشيء من الخجل المشوب بشيء من الحرج لخلو الشعر العربي من الملاحم، وكيف يكون لليونان ملاحم كالألياذة والأوديسة ويكون للروم ملاحمهم، وللهنود المهاباراتا ولا يوجد للعرب شيء يوازي هذه الشوامخ في الآداب الأخرى؟ ولكن لو عد الباحثون الأدب العربي أدبا واسعا متعدد الفروع ممتد الأجنحة لوضعوا أيديهم على ملحمة الفردوسي العظيمة التي تضارع ان لم تتفوق على بعض الملاحم الأخرى.
نعم لقد صيغت ملحمة الفردوسي باللغة الفارسية، ولكن الجو الثقافي العربي والاسلامي كان يلوح في ثناياها، فلقد كانت اللغة العربية في ايران ذات نفوذ عظيم جبار لا يستطيع الافلات من نطاقها الساحر أحد, وكانت العربية لغة رسمية في بلاط السامانين الذين نشأ الفردوسي في احضانهم فكان المثقف الفارسي يومذاك مطلوبا منه الالمام التام بالثقافة العربية الاسلامية الى جانب الفارسية الحديثة التي كانت وليدة تخطو أولى خطواتها في عالم البيان والابداع في ايران.
صحيح ان الفردوسي قد أنشد هذه الشاهنامة ليتغنى بأمجاد قومه الفرس في المقام الأول، وهذه رسالة جميع الملاحم عند كل الأمم, ولكن الفردوسي أشاد بدور الاسلام في اخراج ايران من الظلمات الى النور، ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار الشاهنامة ملحمة اسلامية بوجه من الوجوه.
ان ما يزعمه بعض الدارسين من خلو الشاهنامة من الالفاظ العربية بشكل مقصود ومتعمد زعم لا يؤيده الواقع والدراسة المتأنية لابداع الفردوسي الشعري, لأن القاموس العربي متجذر في اللغة الفارسية بحيث تعد أية محاولة لتخلص منه نوعا من العبث كان الفردوسي أول من يعرف مدى تلك العبثية.
كنت والصديق العزيز المرحوم محمد صديق العوض خلال دراستنا في ايران نقضي اجمل الاماسي في مقاهي طهران الشعبية في ميدان الأميرة فوزية في طهران، وكان أمتع ما في تلك الجولات هو الجلوس في المقاهي الشعبية والاجتماع الى الرواة الشعبيين النقالين الذين كانوا يقرءون أشعار الشاهنامة بشكل تمثيلي بارع يصاحبه العزف على الآلات الموسيقية التي تصور اجواء البطولة والأبطال, فيا لها من أماكن ملأى بالحماس والمتعة فمن هذا الفردوسي وما قصة الشاهنامة؟
كان الفردوسي وما زال يحتل مكانا شامخا في نفوس الفرس لايدانيه أي مبدع آخر في تاريخ الفكر الايراني، فالشاهنامة ومبدعها يعتبران خزانا من الابداع لا ينصب الهم وما زال يلهم الفرس الوانا من الفن لا نهاية لها.
يقول العروض السمرقندي في كتابه المقالات الاربع جهار مقاله : كان الاستاذ ابو القاسم الفردوسي من دهاقين طوس من قرية يقال لها باز وهي قرية كبيرة من نواحي طبران، وكان للفردوسي في القرية جاه عظيم ومكانة مرموقة، وكان يعيش من دخل ضياعه الكثيرة, وكانت له بنت وحيدة وكان مشتغلا بنظم الشاهنامة، راجيا ان يحصل على مكافأة مجزية من عمله الشعري هذا يجعله ذخرا لابنته الوحيدة, فقضى ثلاثين عاما في نظم الشاهنامة حتى أتمها واكملها, ودفع بالكلام فيها الى أعلى عليين,, وجعلها في العذوبة كالماء المعنى,, ولا اعرف عند العجم كلاما بهذه العذوبة والبلاغة والفصاحة، ولا أظن ان في اللغة العربية ما يضاهي بلاغة الشاهنامة.
وقد ذاعت هذه الملحمة الفارسية الكبيرة في مختلف انحاء العالم الاسلامي شرقا وغربا، وترجمت الى كثير من اللغات الاسلامية كالعربية والتركية واهتم بها الدارسون كثيرا, ولعل اهم الترجمات العربية للشاهنامة هي ترجمة البغدادي التي قام المرحوم الدكتور عبدالوهاب عزام أحد أهم الرواد في الدراسات الشرقية بدراستها دراسة علمية قيمة واذاعتها بين المهتمين بالدراسات الشرقية.
وقيمة الشاهنامة العلمية الحقيقية تكمن في انها جمعت التاريخ الفارسي المبعثر في ملحمة تاريخية واحدة.
كان التاريخ الايراني مبعثرا في بطون الوثائق المتعددة التي تتحدث عن سير ملوك الفرس، وقد كتب ذلك التاريخ باللغات الفارسية القديمة والوسيطة واللغة العربية أيضا وخاصة تاريخ الطبري الذي قام العلماء الفرس بترجمته الى اللغة الفارسية الحديثة.
جمع الفردوسي هذا الركام المبعثر ونظم شاهنامته العتيدة, وكان الفردوسي حائزا لجميع الشروط اللازمة لشاعر ملحمي عظيم, فقد كان واسع الدراية بتاريخ ايران القديم والمعاصر له, وصاحب قدرة خارقة على اختيار اللغة والتراكيب الحماسية وخلق الأجواء البطولية، ووصف المناظر الحماسية المختلفة، وابراز شخصيات ابطاله وتصويرهم تصويرا فنيا أخاذا رائعا لا يدانيه فيه السابقون الذين حاولوا ذلك ولايقدر على شق غباره اللاحقون الذين حاولوا مجاراته.
ذلكم هو ابو القاسم الفردوسي رائد الحماسة في الأدب الفارسي.
يقول ابو القاسم:
بنيت من الشعر صرحا أغر
يمل الرياح ويعي المطر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.