بعد الإعلان عن توقيع اتفاق «ماشاكوس» بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان في شهر يوليو الماضي سرعان ما توقفت المفاوضات في 6 سبتمبر الحالي وذلك بسبب استيلاء الحركة الشعبية لتحرير السودان على مدينة «توريت» في جنوب السودان وأيضا بسبب تفاصيل الاتفاق التي أظهرت الكثير من الثغرات ولذا اشترطت الحكومية السودانية عدة شروط للعودة إلى المفاوضات ولكن الوسطاء «الإيجاد الولاياتالمتحدةالأمريكية» ناشدتا الجانبين للعودة إلى طاولة المفاوضات دون أية شروط. فهل الفترة الحالية تعتبر هدنة أم تجميدا للاتفاق؟ سؤال طرحته «الجزيرة» على القوى السياسية السودانية المختلفة «الحكومة والحركة الشعبية والأحزاب» فكانت هذه الحصيلة: مصدر مسؤول بسفارة جمهورية السودان بالقاهرة يؤكد ان هذه ليست هدنة وإنما تجميد لاتفاق ماشاكوس إلى حين الاستجابة للشروط التي وصفتها الحكومية السودانية وتتمثل في وقف التصعيد العسكري من قبل جيش الحركة الشعبية للتحرير السوداني وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الاستيلاء على مدينة «توريت» ووقف التحركات الرامية للاستيلاء على مناطق جديدة والشروع في ترتيبات لوقف شامل لإطلاق النار، ومن المعروف انه في الجولة الثانية لمفاوضات ماشاكوس أن «الإيجاد» رفضت شروط جون قرنق رئيس الحركة الشعبية فيما يختص بالحدود وضم جبال «الانقسنا وربياي» إلى الجنوب والآن توجد مساعدة أمريكية وجهود من قبل منظمة الإيجاد للعودة إلى معادلة المفاوضات مرة أخرى وعلى الحكومة أن تتمسك بشروطها. ماشاكوس إطار تفاهم فقط جورج لوج ممثل الحركة الشعبية لتحرير السودان يقول: بعد أن توقفت مفاوضات ماشاكوس فإن الكرة الآن في أيادي الوسطاء وأعتقد أنهم يتحركون للعودة إلى مساندة المفاوضات ولكن متى هذا غير معروف، ومشكلة السودان ليست الحرب والاستيلاء على مناطق وإنما المشكلة تكمن في عدم إيجاد حل سياسي شامل وأعتقد أن ماشاكوس يعتبر إطار تفاهم وليس اتفاقا والدليل على ذلك انسحاب حكومة السودان من المحادثات فهناك ثغرات كثيرة في الاتفاق والإيجابية الوحيدة فيه هو وقف إطلاق النار الذي لم ينفذ بعد والحكومة معترضة على مسألة الحدود لأنها كانت تعتقد أن التنفيذ سيكون حتى حدود الجنوب عام 1956م في حين أن الحركة الشعبية ترى أن جبال الانقسنا وابياي يحاربون معهم منذ 16 عاماً كما أن الحركة مطالبة بتحييد الخرطوم العاصمة. حزب الأمة والحل الشامل وقال ابراهيم عبدالقادر ممثل حزب الأمة بالقاهرة: أعتقد أن تجميد الاتفاق مؤقت نظراً لأن الضغط الخارجي لاستمراره كبير والقوى الخارجية والإقليمية تعمل على استمرار المفاوضات والدليل على ذلك مناشدة أطراف المفاوضات للعودة مرة أخرى وأعتقد أن هذا التوقف مرحلة للقوى السياسية الأخرى لطرح جميع الموضوعات المعلقة وترتيب الأوراق على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي فلا يمكن أن يتم حل مشكلة السودان بين طرفين فقط وحزب الأمة في البداية أيّد الاتفاق كخطوة أولية لإيقاف نزيف الحرب وبعد حصوله على وثيقة الاتفاق تحفظنا حول نقاط معينة وطرحنا حلولاً لها والحزب أول من رفع شعار الحل السياسي الشامل وبعد التطورات الأخيرة ناشد الحزب الطرفين الحكومة والحركة أن يعدلا من آرائهما ويأخذا بآراء القوى السياسية الأخرى ويستخدما ميثاقا وطنيا فيه توحيد للجميع والمفاوضات والحوار هو المطلوب الآن كخيار أوحد مناسب. التجمع ولجنة المساعدة وقال د.الشفيع خضر عضو التجمع الديمقراطي وممثل الحزب الشيوعي السوداني: هناك ترحيب من قيادة التجمع الوطني الديمقراطي باتفاق ماشاكوس على أن يتم مناقشته ونقده داخل التجمع وأصدرنا قراراً بالتزام الحركة الشعبية للرجوع الى هيئة التجمع الوطني قبل التوقيع النهائي وايضا قمنا بتكوين لجنة مساندة من التجمع للحركة في المفاوضات ووجدت عدم تفاهم بين الطرفين فالحكومة تريد اقتسام السلطة بينها وبين الحركة التي تريد حل مشكلة السودان من جذورها فلذا حدث تباعد خاصة بعد ظهور تفاصيل الاتفاق وبعد استيلاء الحركة على مدينة «توريت». والخلاصة أن قضية السودان لن تحل بالاتفاق بين طرفين مهما كانت قوتهما وأعتقد أن التفاوض فيه صعوبة أكثر من العمل العسكري والسودان بظهور البترول فيه دخل الصراع الدولي ولكن الحل في النهاية في أيدي الشعب السوداني. بروتوكول غير مكتمل وقال الفريق عبدالرحمن سعيد نائب رئيس التجمع الوطني الديمقراطي: نحن لم نكن بعيدين عن رؤى الحركة الشعبية لتحرير السودان خاصة في إنهاء الحرب وفي الفترة من 20 يوليو وحتى 6 سبتمبر فترة توقيع الاتفاق إلى أن توقفت المفاوضات لم تكن فترة ركود بل كانت هناك آراء شخصية في جميع وسائل الإعلام وفي نفس الفترة حضر د.جون قرنق إلى التجمع في اجتماع أسمرا من 14 16 أغسطس وشرح لنا رؤية الحركة للاتفاق وخلصنا إلى رؤى موحدة وقلنا أن بروتوكول ماشاكوس غير مستكمل مع تقديرنا للجهد الدولي والاقليمي فيه لأنه يحتوي على إيجابيات وسلبيات في نفس الوقت ولذا أوفد التجمع إلى المحادثات التي توقفت لجنة مساندة مكونة من 4 أعضاء. سقوط توريت خدم الحكومة وقال د. أبو الحسن فرح عضو المكتب التنفيذي السابق للحزب الاتحادي الديمقراطي: الاتفاق تم بين الحكومة والحركة دون وقف إطلاق النار ولذا ما ظلت الحرب مستمرة واستولت الحركة على مدينة توريت ووجدت الحكومة فرصتها في هذا الحدث لتخدم أغراضها فأرسلت رسائل إلى الجامعة العربية وبعض الدول العربية لطلب الدعم ورسالة أخرى إلى الشارع السوداني للتعبئة العامة ورسالة ثالثة إلى القوات المسلحة التي كانت متذمرة من الاتفاق لعدم طرحه بشكل واسع داخلها فعملية «توريت» خدمت الحكومة بشكل غير مباشر وفي رأيي أن الحكومة مرغمة على العودة إلى المفاوضات بعد أن يضع الوسطاء سيناريو العودة لأن «ماشاكوس» تعتبر مبادئ إطار لمفاوضات والمبادئ العامة فيه ملزمة للطرفين الحكومة والحركة.