للزراعة في الخرج قصة رائعة تمثل مشروعاً وطنياً كبيراً يتجاوز في مدخراته حدود الاقليمية الضيقة لينطلق على مساحة الوطن الكبير. ارض خصبة..مياة وفيرة.. دولة تقدر استغلال الثروات بما يعود على الوطن بعموم الفائدة.. هذه عوامل نجاح اكبر مشروع زراعي متكامل تمثله الخارطة الخضراء لمحافظة الخرج.. تابعوا السطور التالية لتتعرفوا على بداية هذا الانجاز الكبير. بعد توحيد المملكة العربية السعودية وبعد استتباب الامن فيها، اتجه نظر صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه الى تأمين الغذاء ومن انتاج بلده وخاصة بعد ما شعر بأن نذر الحرب العالمية الثانية قادمة فاتجه بنظره الى مملكته الواسعة فوجد منطقة الخرج ذات العيون المائية الجارية والارض الخصبة الشاسعة والقريبة من العاصمة هي المكان المناسب لتحقيق الامن الغذائي للمملكة، ويقول الاستاذ «احمد عبدالغفور عطار» في كتابه «الخرج والشرائع» الصادر في عام 1365ه مانصه: فالخرج فكرة الملك عبدالعزيز ابداها لابن سليمان واقامه عليها لتحقيقها فتسلمها ابن سليمان مختومة بختم الملك ودرس الفكرة درسا جيدا ثم عمل على تحقيقها مهتديا بتعاليم متبعة. واستطرد قائلا: فجلالة الملك من ثقته في ابن سليمان جعله القيم على تنفيذ فكرة زراعة الخرج وذلك في العام 1354ه، وباشر العمل في هذه التوجيهات حيث ارسل الى كثير من الدول يطلب الآلات الفنية والميكانيكية والبذور والسيارات وفي توجيه كريم من جلالة الملك للمواطن السعودي للعمل في الزراعة فقد امر جلالته ان يتم استدعاء العمال ومن لديهم الخبرة في الزراعة والاعمال الادارية من مختلف مناطق المملكة للعمل بالمشروع مع الشركات الاستشارية لكسب المهارة والخبرة التي ينشدها جلالته لهم ليحلوا محل هذه الشركات بعد ذلك. حيث عمل ابن سليمان على استقدام بعثات من عدة دول عربية واجنبية لتعمل على زراعة الارض وتنظيم اعمال الري فتم شق قنوات الري وجداول الماء ثم تم استقدام بعثة امريكية واول عمل قاموا به تجفيف المستنقعات واصلاح مصادر الماء وتمشيط الارض وزراعتها وقد احضرت هذه البعثة معها تقاوي الخضار والفواكه الجيدة غير المعروفة في ذلك الوقت وبدأت التجارب الاولى لهذه الزراعة في العام 1358ه، ويقول الاستاذ احمد عبدالغفور عطار ما نصه «نعم لقد نجحت التجربة نجاحا منقطع النظير واثبتت ارض الخرج بالامتحان كفاءتها بأن تنتج قمحا من احسن انواع القمح واجودها، وبدأ المشروع يشق طريقه بخطوات حكيمة واصبح ينتج الى جانب القمح كثيرا من التمور والخضروات والفواكه والى جانب ذلك الانتاج الحيواني والذي يتمثل بالآتي: الابقار الحلابة لانتاج الحليب ومشتقاته وعجول التسمين لانتاج اللحوم، والدواجن بانواعها «الدجاج البياض واللاحم والرومي والبط والاوز والارانب» ويمكننا ان نقول ان هذا المشروع هو اول مشروع زراعي على مستوى المملكة العربية السعودية الذي يتبنى الانتاج النباتي والحيواني وايضا يمكن القول ان المشروع من اكبر المشاريع المتكاملة عالمياً حيث كانت مساحته ما يزيد على 000 ،24 هكتار في المناطق خفس دغرة والسيح والسهباء، وقد بلغ عدد النخيل في هذه المناطق ما يزيد على 12000 نخلة مزروعة باحدث طرق زراعة النخيل، وقد تعاقبت على ادارة المشروع عدة ادارات وشركات استشارية عملت مع الخاصة الملكية ووزارة المالية وبعد ان اطمأنت الدولة على سير العمل ووجود فئة من الناس يستطيعون ادارة مشاريع زراعية بما اكتسبوه من خبرة اثناء عملهم بالمشروع. تأجير الاراضي بعد ذلك قامت الدولة بتأجير اجزاء من اراضي المشروع بايجارات رمزية وكذلك منح اجزاء اخرى لانشاء مشاريع زراعية اخرى لانتاج الحبوب والخضار والتمور والدواجن والالبان، وسلمت ما تبقى من اراضي المشروع لوزارة الزراعة والمياه كمحطة ابحاث للانتاج الحيواني وذلك في 1/7/1397ه والتي بدورها اسندت ادارته الى هيئة الري والصرف بالاحساء بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 15 بتاريخ 1/2/1401ه وبدأت الهيئة في مباشرة مهامها بعد استلام المشروع من الوزارة. ومن الاهداف الرئيسية لهذا المشروع تربية وتغذية الابقار العائدة له بتوفير الاعلاف اللازمة لها من خلال زراعة اراضيه وتوفير الرعاية البيطرية التي تحتاجها هذه الابقار وتصنيع انتاجها من الحليب ومشتقاته وذلك وفق اسس علمية وفنية على نحو يعطي النموذج الجيد للمهتمين بتربية الابقار في المملكة، اضافة الى القيام بنشاطه البحثي في مجال تربية الابقار من خلال مشروع بنك الاصول الوراثية والتلقيح الصناعي الذي تم تنفيذه بتوجيهات صاحب المعالي وزير الزراعة والمياه رئيس مجلس ادارة الهيئة لتقديم خدماته الى مربي الابقار في جميع مناطق المملكة بهدف تحسين سلالات الابقار لديهم والمساهمة في تنمية وتطوير الثروة الحيوانية بصورة عامة كما يقوم المشروع بتوجيهات من مجلس ادارة الهيئة ضمن خطته لتحقيق تلك الاهداف ببيع ما يزيد عن حاجته من الابقار ذات السلالات الجيدة لمربي الابقار مباشرة باسعار مناسبة للابقاء على هذه السلالات والاستفادة منها في تحسين القطيع الموجود لديهم. وبهدف تطوير امكانات المشروع وتدعيم اهدافه وبتوجيهات من معالي الوزير رئيس مجلس ادارة الهيئة قامت الهيئة بتنفيذ الآتي: 1- تنفيذ مشروع ساقي الخرج بطول «16» كيلومتراً من الخرسانة المسلحة بارتفاع «5 ،1» متر وعرض مترين لنقل مياه عين الضلع لري اراضي المشروع بدلا من الساقي الترابي القديم الذي كان يتسبب في ضياع نسبة كبيرة من المياه كما تم تنفيذ عدد من المرافق على الساقي منها بركة سباحة للاهالي واربع عبّارات وتسعة جسور مع توسعة احد الجسور الى 12 مترا ليتناسب مع عرض الطريق المار منه. 2- استيراد حوالي «600» رأس من الابقار الحلوب من نوع الهولشتاين فرزيان ذات الصفات الوراثية المتميزة من حيث انتاج الحليب والتكاثر وملاءمتها لمناخ هذه المنطقة. 3- زيادة الرقعة الزراعية للمشروع من 150 الى 700 هكتار باستصلاح مساحات من اراضي المشروع لتوفير كفاية ابقار المشروع من الاعلاف ولاسيما بعد تضاعف اعدادها وهذا من المساحة المسامة لوزارة الزراعة والمياة. 4- انشاء حظائر حديثة على مساحة «64000» متر مربع مع كامل مرافقها من معلف ومشارب وانارة وسفلتة ومستودعات للاعلاف ومكاتب للرعاية البيطرية وكذلك حظائر للعجول الصغيرة بمساحة «476» متر مربع مكونة من وحدتين لرعاية العجول وترميم الحظائر البدائية السابقة التي كانت مقامة من الطين وسعف النخيل. 5- انشاء محلب آلي حديث مؤلف من «24» وحدة حلابة بالاضافة الى ثلاث وحدات فرعية لحلب الابقار التي يتعذر وصولها الى المحلب. 6- انشاء مصنع جديد للالبان يكون مجهزا بأحدث المعدات ومزودا بمكائن تعبئة اتوماتيكية للمنتج داخل كراتين وفق افضل المواصفات المتعلقة بها وذلك بدلا من الادوات القديمة المستخدمة وذلك نظرا لعدم استيعابها للانتاج الحالي من الالبان. 7- انشاء ثلاجتين لتخزين الحليب والالبان بمساحات مناسبة «8*4*3» امتار، «4*4*3» امتار للمحافظة على انتاج المشروع من الحليب ومشتقاته. 8- انشاء ورشة لصيانة معدات المشروع وتزويدها بالعمالة الفنية اللازمة لذلك. 9- ادخال طرق الري الحديثة في زراعة اراضي المشروع وذلك بتأمين وتركيب «15» جهازا محوريا للري بالرش لما يوفره ذلك من مزايا اقتصادية من حيث الانتاج وتخفيض نسبة استهلاك مياه الري. 10- انشاء سور لواجهة منشآت المشروع بطول «1100» متر وارتفاع «3» امتار تقريبا من الطوب الاحمر والحديد المشغول مزود باربع بوابات وثلاث غرف للحراس على امتداد مرافق المشروع الرئيسية. 11- حفر ستة ابار لتدعيم مياه الري اللازمة لاراضي المشروع وتجهيزها بوحدات الضخ اللازمة للاستفادة منها. 12- انشاء قناة خرسانية بطول «108» متر بعمق متر لري بعض اراضي المشروع. 13- انشاء مستودع جديد للاعلاف الجافة بمساحة «2100» متر مربع وارتفاع سبعة امتار ومستودع آخر بمساحة «1440» متر مربع بارتفاع «5 ،5» امتار كما تم انشاء مستودع بمساحة «300» متر مربع لتخزين الاعلاف المركزة ومستلزمات تعبئة الالبان. 14- انشاء عيادة بيطرية لابقار المشروع ملحق بها صيدلية بيطرية اضافة الى تأمين وتركيب جهاز لتعقيم صناديق عبوات الالبان بالبخار. 15- انشاء طريق اسفلتي بين ادارة المشروع وادارة الحلابة وبنك الاصول الوراثية والتلقيح الصناعي وزراعة اشجار كمصدات رياح في الجهة الشمالية للبنك. بنك الأصول الوراثية والتلقيح الصناعي امتداداً للنهج الذي اختطه خادم الحرمين الشريفين ويتابع تنفيذه بكل دأب معالي وزير الزراعة والمياه رئيس مجلس ادارة الهيئة لتنمية وتطوير النشاط الزراعي في المملكة والذي كان له اثره المباشر في زيادة الانتاج الزراعي في كافة مجالاته.. وبهدف توفير الاسس المناسبة لمساهمة اكثر فعالية في تنمية قطاع الثروة الحيوانية، ومن خلال الاهتمام والمتابعة التي يوليها معالي الوزير لنشاط مشروع الخرج الزراعي في مجال تربية الابقار وما وفره معاليه من دعم مبكر لهذا المشروع باستيراد ابقار ذات نوعيات متميزة عالميا من حيث السلالة الانتاجية فقد تم بتوجيه من معاليه وبالتنسيق مع اجهزة الوزارة تنفيذ مشروع بنك الاصول الوراثية والتلقيح الصناعي على مساحة تزيد عن «12500» متر مربع وتجهيزه بالمعدات والاجهزة الحديثة والذي بدأ تشغيله الاولي بتاريخ 11410/2/7 ه لتحقيق اهدافه التالية: المساهمة في تحسين سلالات الابقار لدى المزارعين من مربي الماشية في جميع مناطق المملكة. - المحافظة على نوعيات الابقار الجيدة التي سبق للمملكة استيرادها والتي حققت كفاءة عالية من حيث الانتاجية بجانب تأقلمها مع مناخ المملكة والعمل على تنميتها وانتشارها. - تجنب استيراد سائل منوي حامل لامراض معدية يؤثر على سلامة القطيع الموجود لدى المشروع المستورد له، اضافة الى تجنب اثر اختلاف جودة السائل المنوي المستورد باختلاف مصادره على نسبة الاخصاب وما لذلك من آثار سلبية على مواسم الولادة وبرامجها ومعدل انتاج الحيوان. - توفير المبالغ الكبيرة التي تدفعها مشاريع الابقار لاستيراد السائل المنوي من خارج المملكة وتجنبها المشاكل والصعوبات التي تلاقيها في هذا الصدد. امتلاك تكنولوجيا التلقيح الصناعي بما يتيح التأكد من جودة الصفات الوراثية في اللقاحات وخلوها من الامراض، اضافة الى اتاحة فرص التدريب للعمالة الفنية الوطنية وتنمية قدراتها ورفع كفاءتها في هذا المجال. وقد تم الانتهاء من تنفيذ وتجهيز هذا المشروع واعداد الخطة التشغيلية اللازمة لتحقيق اهدافه المشار اليها بالتنسيق مع الاجهزة ذات العلاقة بالوزارة والبدء في المراحل الاولية لتنفيذها بعد اعتمادها من معالي الوزير. في اطار ذلك فقد عقد البنك دورتين تدريبيتين في مجال التلقيح الصناعي عام 1411ه الاولى للمساعدين البيطرين والثانية للاطباء البيطريين حضرهما متدربون من مديريات الزراعة والمياه بالمملكة وشارك في التدريس والتدريب اساتذة من جامعة الملك فيصل وجامعة الملك سعود بجانب المختصين في البنك وادارة الثروة الحيوانية بالوزارة وتوالت بعد ذلك الدورات المتخصصة في التلقيح الصناعي وبلغ عدد الدورات التدريبية ثماني دورات حتى 1418ه ومازال المشروع يتابع نشاطه في خدمة التنمية الزراعية ولاسيما الثروة الحيوانية ضمن الخطة المرسومة له.