* القسم الثقافي محمد الدبيسي: عفوية متناهية.. ولغة فصيحة حادة.. بساطة وسماحة.. ومزاج أعرابي صرف.. تلك هي مرتكزات شخصية الباحث: عاتق بن غيث البلادي الفائز بالجائزة لهذا العام. لم يكمل تعليمه.. وتوقف عند شهادة الثانوية.. وحاز شهادة في اللغات.. وأخرى في الإعلام.. وعركته الحياة العسكرية.. وشارك في حروب.. وامتطى صهوة البحث.. والقراءة.. والتحليل. عكف على قراءة تاريخ الجزيرة «الحجاز» تحديداً.. فأعطى.. وأنجز.. لم يكن له سند غير نفسه.. ولا عون سوى همته.. وإرادته.. عن بعض «ذلك» حاورناه.. وكان سؤالي الأول له: * ماذا يعني لك الفوز بجائزة أمين مدني للبحث في تاريخ الجزيرة العربية..؟ كل طالب يجد ويجتهد ليفوز في نهاية السنة بالنجاح. ونجاحي هنا اعتبره في تقييم وتقدير ما قمت به من جهد طيلة السنوات الماضية في مجال دراسة جغرافيا وتاريخ وآثار بلادي، وقد وفقت بحمد الله إلى إخراج العديد منها للقراء والباحثين والمتابعين. وأتمنى أن أوفق في الاستمرار في هذا المجال. * في عام 1398ه صدر كتابكم (معجم معالم الحجاز) في عشرة اجزاء.. وتلاه العديد من المؤلفات.. فماذا أفدت من تجربتك في دراسة تاريخ اقليم الحجاز..؟ أقل ما خرجت به، معرفة بلدي وما مر عليه من أحداث وما يحوي من آثار وكنوز مادية ومعنوية. ولعلي اعتبر هذا الكتاب الذي استغرق وقتاً وجهداً من حياتي من أهم الكتب في مجاله.. وقد تناولت فيه وعبر التسلسل المعجمي أهم معالم الحجاز هذه المنطقة من بلادنا الغالية. والتي كانت مسرحاً للعديد من الأحداث التاريخية منذ العصر الجاهلي والإسلامي.. حتى وقتنا الراهن. وهذا المجال من الدراسات يتيح للباحث التعايش مع الأحداث التاريخية والوقوف على تواريخها وأمكنتها، كما يفسر له الكثير من الاشكالات حول المنطقة. والتي تحولت بعد توحيد الملك عبدالعزيز للبلاد. إلى واحة وارفة بالأمن والطمأنينة. ويكفيني أنني ومن خلال دراستها قد عايشت الأحداث المهمة التي مرت بها، متفقاً مع قول الشاعر العربي: إذا عرف الإنسان أخبار من مضى تخيلته قد عاش من أول الدهر * اهتمامك بالدرس التاريخي، قارئا ودارساً ومؤلفا.. ألم يجد سنداً من مراكز البحث العلمي، والجامعات.. طيلة هذه السنوات؟ الحقيقة انني مؤمن بضرورة ما تنتجه لي امكاناتي العلمية، وكذلك ضرورة أن أتجشم مراحل هذه الدراسات بنفسي. وأن أقف عليها عن كثب وكان ذلك منذ سنوات مضت.. وقد نقبت في أمهات كتب التاريخ العربي القديم والحديث. وكان اهتمامي منصباً على اضاءة العديد من الجوانب التي لم يتناولها الدارسون والمؤلفون. فأخذت على نفسي مهمة دراستها والوقوف عليها وزيارتها ومن ثم الكتابة عنها. وبما أنني قد اخترت دراسة هذه الجوانب من دافع ذاتي خالص فقد اعتمدت بعد توفيق الله على جهدي الذاتي، ولم أعرض أعمالي على أي من الجهات التي ذكرتها في سؤالك.. ورحم الله الطغرائي إذ يقول: وإنما رجل الدنيا وواحدها من لا يعول في الدنيا على رجل وأحمد الله كثيراً على أن وفقت إلى اخراج هذه المؤلفات. * ما المؤَلَّف.. الأقرب إلى نفسك.. مما أصدرته من كتب..؟ معجم معالم الحجاز..! * ما طبيعة علاقتك بالباحثين والدارسين في هذا المجال..؟ علاقة الأخوة، ومعرفة حق كل من ساهم في نشر العلم. والباحث والدارس في المجالات العلمية بجميع اشكالها، يقدر مايبذل من قبل الباحثين.. في سبيل توضيح فكرة.. أو إيصال معلومة.. أو كشف جوانب مهمة تكون مساهمة في نشر العلم والمعرفة.. فإنما اعتبر نفسي طالب علم. ومبتغي معرفة، ابحث عنهما.. وأعمل ما بوسعي للوصول اليهما. ولم اعتمد على اسم بعينه في سبيل وصولي الى ذلك. ولكل مجتهد نصيب. * ما طبيعة العلاقة التي ربطتك بعلامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر رحمه الله . العلامة حمد الجاسر رحمه الله شيخي وصديقي وقريبي، وإن كانت القرابة بعيدة. وقد كان في جهده العلمي والتاريخي مناراً لكل طالب علم وباحث. كما كانت جهوده في دراسة آثار وتاريخ الجزيرة العربية عوناً لكل الباحثين في هذا المجال. وقد لقي في حياته تكريماً يليق به من قبل الدولة، والمؤسسات العلمية. وأتمنى ان يفيد الباحثون من جهوده التأليفية ومن دراساته التاريخية في هذا المجال. * ما أبرز المعوقات التي واجهتها خلال جهدك البحثي والتأليفي ؟ هذا المسار من الدراسات، لا تتحدد منابعه من خلال مصدر معين ولذا فإنه يتطلب مزيداً من الجهد والعناء والمثابرة، فقد كان بعض الاشكالات يتطلب سفراً وانتقالاً إلى مكان معين، وبعضها يتطلب مزيداً من الدرس والتحليل، والآخر يحتاج إلى مقارنة وموازنة إلى آخر متطلبات البحث ومنهجياته. والطريق إلى العلم مليء بالصعوبات.. وطريق نشره أصعب. «وإذا عظم المطلوب عزّ المساعف» وأرجو أن أكون صادقاً إذا قلت: أنني ذللت كل عقبة اعترضتني. * ماذا تقول للباحثين في تاريخ الجزيرة العربية..؟ طلب العلم، من أسمى المطالب.. وأشرف المقاصد.. والعلم نور يهدي الأمم، ويعلي من قيمة الشعوب. ويزكي من نفوس المشتغلين به. كما انه يضيء ويكمل المشاريع التنموية التي تتآلف معه، لتكون منظومة حضارية لأي بلد.. ولذا.. فإنني أقول لأولئك: إلى الأمام على الدوام..! * وبعد هذا العمر.. وهذه التجربة.. ما الذي يشغلك الآن..؟ أرجو ألا يشغلني شيء عن ذكر الله.