«المركزي الروسي» يرفع الدولار ويخفض اليورو واليوان أمام الروبل    سان جيرمان يسعى لفوز شرفي لتوديع مبابي    استمرار هطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    جيرارد: فخور بلاعبي الاتفاق    نيفيز: الهلال لا يستسلم أبدًا    تيليس: ركلة جزاء الهلال مشكوك في صحتها    "تيك توك" تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    آلية الإبلاغ عن الاحتيال المالي عبر "أبشر"    الحج تحذر: تأشيرة العمرة لا تصلح لأداء الحج    "الذكاء" ينقل مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    السمنة والسكر يزيدان اعتلال الصحة    مهارة اللغة الإنجليزية تزيد الرواتب 90 %    الهلال يتعادل مع النصر في الوقت القاتل في دوري روشن    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    ضمك يتعادل مع الفيحاء إيجابياً في دوري روشن    رقم جديد للهلال بعد التعادل مع النصر    موعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والترجي اليوم في نهائي دوري أبطال إفريقيا    مستقبلا.. البشر قد يدخلون في علاقات "عميقة" مع الروبوتات    العلماء يعثرون على الكوكب "المحروق"    «الدفاع المدني» محذراً: ابتعدوا عن أماكن تجمُّع السيول والمستنقعات المائية والأودية    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يحصد 27 جائزة في «آيسف 2024»    الصين تستعرض جيش "الكلاب الآلية" القاتلة    الأمير سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    طريقة عمل مافن كب البسبوسة    طريقة عمل زبدة القريدس بالأعشاب    طريقة عمل وربات البقلاوة بحشو الكريمة    تأكيد مصري وأممي على ضرورة توفير الظروف الآمنة لدخول المساعدات الإنسانية من معبر رفح إلى غزة    القبض على مقيم ووافد لترويجهما حملات حج وهمية بغرض النصب في مكة المكرمة    الأمن العام يطلق خدمة الإبلاغ عن عمليات الاحتيال المالي على البطاقات المصرفية (مدى) عبر منصة "أبشر"    تدشين أول مهرجان "للماعز الدهم" في المملكة بمنطقة عسير    ولي العهد في المنطقة الشرقية.. تلاحم بين القيادة والشعب    السالم يلتقي رواد صناعة إعادة التدوير في العالم    «هيئة النقل» تعلن رفع مستوى الجاهزية لخدمات نقل الحجاج بالحافلات    «تعليم جدة» يتوج الطلبة الفائزين والفائزات في مسابقة المهارات الثقافية    استكمال جرعات التطعيمات لرفع مناعة الحجاج ضد الأمراض المعدية.    المملكة تتسلم رئاسة المؤتمر العام لمنظمة الألكسو حتى 2026    خادم الحرمين الشريفين يصدر أمرًا ملكيًا بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    الإعلام الخارجي يشيد بمبادرة طريق مكة    ‫ وزير الشؤون الإسلامية يفتتح جامعين في عرعر    النفط يرتفع والذهب يلمع بنهاية الأسبوع    قرضان سعوديان ب150 مليون دولار للمالديف.. لتطوير مطار فيلانا.. والقطاع الصحي    بوتين: هدفنا إقامة «منطقة عازلة» في خاركيف    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    رئيس الوزراء الإيطالي السابق: ولي العهد السعودي يعزز السلام العالمي    محافظ الزلفي يلتقي مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    الكليجا والتمر تجذب زوار "آيسف 2024"    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    الشريك الأدبي وتعزيز الهوية    صالح بن غصون.. العِلم والتواضع        مدير عام مكتب سمو أمير منطقة عسير ينال الدكتوراة    ابنة الأحساء.. حولت الرفض إلى فرص عالمية    حراك شامل    العام والخاص.. ذَنْبَك على جنبك    حق الدول في استخدام الفضاء الخارجي    كلنا مستهدفون    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفضال لا تنسى (5).. عبد الرحمن العثيمين (1)
وكان من خبره
نشر في الجزيرة يوم 22 - 02 - 2020

يسوق الله الخير للعبد من حيث قَدَّرَ أو لم يُقدِّر. قد يأتي الخير من خلال مشروع فاشل، أو عمل خامل، أو نجاح كلا نجاح، لكنه بوابة إلى ما يجعل الله فيه خيرًا كثيرًا.
في عامَي 1416- 1417ه عملت على كتاب شيخنا محمد العثيمين رحمه الله (مختصر مغني اللبيب) فكان تجربة أولى في التعامل مع النص بالعناية والتحقيق، ولم أكن قد درست هذا الفن منهجيًّا، إلا تعليمًا ذاتيًّا، أو محاضرة عابرة في مقرر دراسي في المرحلة الجامعية، تناولناها على عجل، فكنت أتعلم بالممارسة؛ تأتي المعلومات شيئًا فشيئًا، من هنا وهنا، بالمحاولة والخطأ، وبالمقارنة والاحتذاء تارة، وبالسؤال المباشر، أو عرض العمل على الأساتذة تارة أخرى؛ فاستفدت من جمع من الأساتذة والأصدقاء، كالدكتور حسن هنداوي، والدكاترة (فيما بعد) إبراهيم البطشان وخالد الشبل.
ولما صدر العمل كان دافعًا إلى المتابعة، وترغيبًا في هذه الطريق، وتدرُّجًا في سلمه؛ فوقعت بعد مدة يسيرة على كتاب الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله (التعليق وكشف النقاب على نظم قواعد الإعراب)، فنسخته، وشرعت في تحقيقه، غير أن العمل - وقد جاوزت ربعَه - ضاع، لما انمحى من جهاز الحاسب الذي أعمل عليه!
وفي أواخر سنة 1419ه عزمتُ على تحقيق كتاب شرح لامية الأفعال لبَحرَق اليمني، فشرعت في جمع نسخه، وقد وجدت من الشيخ سامي الصقير حفظه الله، وهو الجار والأخ والصديق، تعاونًا وتحمُّسًا، فوصلني بالشيخ عبد العزيز المشيقح؛ إذ كان لديه نسخة من الشرح، فصورها لي، جزاه الله خيرًا، ونصحني بالتواصل مع أبي سليمان د. عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، فاتصلت به، وسألته عن أمور متعددة في شأن النسخ وفرزها، واختيار المعتمد منها، ثم ضرب موعدًا للقائه، فكان.
فشلت في تحقيق شرح اللامية، لكني نجحت نجاحًا عظيمًا في معرفة د. عبد الرحمن. كنت أعرفه باسمه قديمًا، لما قرأت كتاب د. محمد السلمان (عنيزة) في سلسلة (هذه بلادنا)، أول ما صدر، وأذكر اسمه جيِّدًا، ومكانه في جدول الحاصلين على الدكتوراه من عنيزة، وجهة تخرجه، ومكان عمله، غير أني لم أحظَ بلقائه. وإني لأستغرب أيما استغراب؛ كيف لم تسنح الفرصة سنواتِ الدراسات الجامعية بذلك، وهو القريبُ مكانًا ومكانة، والعلاقات الاجتماعية بين عائلتَيْنا قائمة راسخة، جيرة وصداقة، وكان يتردد إلى عنيزة كثيرًا خلال العام، وأما إجازة الصيف فيمضيها كلها فيها! لما استقبلني في استراحته في حي الأشرفية في عنيزة، أوائل عام 1420ه، بهرني حديثه؛ تكلم في كل شيء.. كل شيء.. في العلم والأعلام، النحو والفقه، والجغرافيا والتاريخ، من عنيزة إلى أوروبا، ومن المشرق إلى المغرب. لم يكن معنا أحد؛ فكان حديثًا ليس لي فيه شريك. كان لقاءً عظيمًا ثريًّا. لم ألبث إلا وقد عاودت الزيارة. كنت في تلك الأيام أستعد للزواج، فلم يثنني الاشتغال به عنه، وكان يعتَب إن تأخرت، ويسأل إن تغيبت، ولم أنقطع إلا مدة يسيرة جدًّا، كنت فيها حديث عهد بعرس، حيث عذرني بذلك.
لقد فتح لنا -رحمه الله- بابًا كان من قبلُ موصدًا، خاصة في مصادر النحو واللغة، مطبوعها ومخطوطها، وأعلامها، وكبار محققيها، مع نوادر الأخبار، وطرائف المواقف، وملح العلم ونكته.
كان يتردد عليه جمع من المشتغلين بالعلم، منهم في نظره طلبة علم، ومنهم طلبة شهادة. فأما طلبة العلم فينصرف إليهم، ويمدهم ويعينهم، وأما الآخرون فلا، يستقبلهم ويكرمهم، ولكنهم يطلبون فيتجاهل، ويسألون فيوجز، ولا يلتفت إليهم إلا إن رأى جدًّا وحرصًا.
ولما أنهيت السنة المنهجية في دراسة الماجستير، مطلع عام 1423ه، لم أطلب منه موضوعًا للرسالة، إلا على سبيل الاستشارة، أَنفة أن أشابه أولئك في نظره، أو أن أخلط تلك العلاقة والمودة بشيء المنفعة.
غير أن الحاجة أدت إلى ذلك بعد بضع سنين، في مرحلة الدكتوراه، حيث دفعني أستاذنا د. تركي العتيبي -حفظه الله- إلى العودة للتحقيق فرضًا بعد أن كان ندبًا، وجدًّا يسلتزم خوض غماره، ومُعالجة لُجَجِه، في مرحلة أشق وأدق، فكان علي أن أجد مخطوطًا مناسبًا، حجمًا وقيمة، فجعلت أتردد على أبي سليمان، أسأله وأستشيره، وطالما حذرني من عمل لا نتيجة فيه، يستغرق الوقت والجهد بلا ثمرة، ككتاب أو موضوع لا قيمة له ولا أثر.
وكان -رحمه الله- أخبرني غيرَ مرةٍ فيما انصرم من سنوات لقائنا خبر عثوره على مخطوطات نفيسة، في رواق الأتراك في الأزهر، منها جزء من الغرة لابن الدهان، ثم أخبرني بأنه جمع نُسَخَه، فكان عنده منها أربع، وشرع في تحقيقه.
فلما أعياني البحث، قال لي في معرض الحديث: (خذ الغرة)! فسكتُّ لحظة، لا أدري ما أقول، إذ إني أعدها غنيمة كبرى، ثم أردف: شاور مشرفك، وانظر أحقق أم لا، وتوكل على الله. لقد تفضل علي -رحمه الله- بذلك، فاتفقنا على أن نشترك في تحقيقه، فأبدأ من حيث انتهى، وأختص بمقدار معين، ثم يعود هو لإكمال الباقي. اتفقنا، وكتب وثيقة بهذا، تضمنت الاتفاق على النسخ ورموزها، وعاد هو إلى ما حققه ينظر فيه، فقد مضى على توقفه عن العمل به حوالي تسع عشرة سنة، فكم حقق بعد توقفه من مخطوط، وكم نشر من دراسة. سار الأمر كما أردت، وسُجل الموضوع رسميًّا في الجامعة، وبدأت العمل، متواصلاً مع المشرف، وبُعيد التسجيل بأسابيع قليلة قال لي أبو سليمان، بعتَب: ما أطلعتنا على عملك! فاتفقنا على أن ألتقي به الساعة العاشرة، ليلة الثلاثاء، غير أنَّ اللقاء لم يتم.. بل بدِّل اللقاء انقطاعًا طال أمده، والحمد لله على كل حال.
** **
أ.د. فريد بن عبد العزيز الزامل السليم - أستاذ النحو والصرف - جامعة القصيم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.