الأهلي يدعم وسطه بالفرنسي أتانجانا    جولف السعودية يدعم بطولة أرامكو هيوستن في سلسلة PIF العالمية    معدلات قياسية تجاوزت المستهدف.. السعودية..1.4 تريليون ريال استثمارات محلية وأجنبية    6 حالات لا يحتسب فيها المشروع خبرة ل «المقاول»    تصاعد ضحايا المجاعة إلى 382 شخصاً.. الاحتلال يدمر أبراجاً سكنية في غزة    بعد خطة للجيش لتنفيذ خارطة طريق أمريكية.. حزب الله يرفض نزع سلاحه    بناء على مقترح قدمته السعودية.. الأمم المتحدة تقر استئناف مؤتمر حل الدولتين    القيادة تعزي رئيس البرتغال في ضحايا حادث انحراف قطار جبلي عن مساره    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 121 خريجًا من الدورة التأهيلية ال54 للضباط الجامعيين    محافظ الطائف يتوّج الفائزين بكؤوس«اللقايا» ضمن مهرجان ولي العهد للهجن    وزير الدولة للشؤون الخارجية يلتقي عددًا من الشخصيات المشاركة في منتدى البيت الأوروبي    «إعلان سعودي» يحصد جائزة «إيمي»    1400 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ خلال أسبوع    خسوف كلي للقمر بالسعودية يستمر 83 دقيقة    الشهري إلى الرابعة عشرة    «المجهولة».. فيلم سعودي بمهرجان تورونتو الدولي    «الجوهر ولمنور» يحييان ليلة طربية بجدة    تقديراً لجهودها في مهرجان التراث والحرف.. محافظ بني حسن يكرم اللجنة الاستشارية    رشقات غير مرئية تمهّد للبرق    مراهقة تسافر عبر الزمن ذهنيا    مصر تتصدر عالميًا بالولادات القيصرية    3 دقائق تكشف ألزهايمر    السفر للفضاء يسرع شيخوخة الخلايا    كانسيلو: مرتاح مع الهلال.. واللعب في السعودية ليس سهلاً    تخريج الدورة التأهيلية للضباط الجامعيين ودورة بكالوريوس العلوم الأمنية بالرياض    فهد بن سعد يطلع على تقرير أمن المنشآت بالقصيم    اليوم الوطني.. عزّنا بطبعنا    تبرع ولي العهد بالدم.. تواصل استراتيجي    مشروعات عصرية عملاقة بمكة المكرمة تتجاوز صلابة جبالها    الانهيار الأرضي المميت غربي السودان.. «الناس فقدوا كل شيء»    بشراكة مع Veeam: «كلية البترجي الطبية» تُسرّع نموها العالمي بتحقيق استعادة للبيانات أسرع بنسبة 80 %    قطاع السفر العالمي يشهد 30 مليار زيارة سياحية بحلول 2034    عبادي يسرد القصة ولمنور تطرب في جدة    مكتبة الملك فهد بجدة.. صرح ثقافي بارز    "الإسلامية" تستعرض تطبيقاتها الرقمية في موسكو    خطيب المسجد الحرام: الحسد داء خطير وشر مُستطير    28% من الاستثمار الأجنبي بالصناعات التحويلية    السعودية في صدارة صفقات الدمج والاستحواذ    تقلبات حادة بسوق الأسهم    المملكة توزّع (1.565) سلة غذائية بإقليم خيبر بختونخوا في باكستان    الأخضر يواصل استعداده للقاء التشيك بمشاركة سالم والجهني    هارون كمارا لاعبًا في النصر    ضبط شخص في عسير لترويجه (1,391) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    خسوف القمر بين الرؤية الفلكية والتأصيل والتدبر    وزير الشؤون الإسلامية يوجّه بإقامة صلاة الخسوف في مساجد المملكة مساء غد الأحد    تهجير قسري جديد تحت غطاء المناطق الإنسانية في غزة    المملكة تشارك في منتدى أمبروزيتي    أوغندا تُعلن حالة التأهب عقب تفشي فيروس «إيبولا» في الكونغو    المزارع الوقفية حلقة نقاش لتعزيز التنمية المستدامة    الأمم المتحدة تعتمد مقررًا سعوديًّا فرنسيًّا بشأن استئناف مؤتمر التسوية السلمية للقضية الفلسطينية    المعتذرون والمغفرة    الإعلان عن علاج جديد لارتفاع ضغط الدم خلال مؤتمر طبي بالخبر    إلا إذا.. إلا إذا    إدراج منهج الإسعافات الأولية للمرحلة الثانوية لتعزيز مهارات السلامة    «سمكة الصحراء» في العُلا... طولها يعادل طول ملعبَي كرة قدم    حين تتحول المواساة إلى مأساة    القيادة تعزّي رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان    أربعون عاما في مسيرة ولي العهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدهشة الضائعة
نشر في الجزيرة يوم 25 - 09 - 2016

درجنا على تسمية الكتابة الأدبية (إبداع)؛ والمصطلح بحدّ ذاته يحمل لغوياً دلالة إيجابيّة لإنتاج الفعل لا تنفيها لكنك لا تريد القطع بها (لا تريد أن تقول بالمطلق: إن كلّ عمل إبداعي هو إبداع)؛ فأبدع فعل إجادة، ويكتب (إبداعاً) لا يعني إطلاقاً أبدع في كتابته.
ولعلّ المصطلح نتج عن «الابتداع» بدلالة إيجاد ما هو غير موجود وليس الجودة؛ وهنا يتقاطع الابتداع والبدع مع الاختلاف والاختلاق والتكاذب والتخيّيل؛ فكتابة التاريخ ليس ابتداعاً/بدعاً، لأن المؤرّخ يسجّل ما هو موجود، بغضّ النظر عن أمانته في التدوين وأجندته ونواياه: ما أخفاه من الواقعة وما دوَّنه وما أنقصه وما زاده، فذلك جميعاً يضمره ولا يعلنه، فهو يقدم عمله على أنه تدوين لما حدث: «على أنّه الحقيقة، ولا غيره الحقيقة»؛ وشيء من هذا التصوّر يجعله قريباً من السلطة أو على تخومها كمادّة من ضرورات السلطة وتابعة لها.
أمّا إذا صرّح الكاتب بنواياه أنّه: (يكذب وينقص ويزيد ويخلط ويركّب، ويعيد كتابة الأحداث انتصاراً لمعانٍ معيّنة تجاهل التاريخ في عموميّاته، أو يعيد محاكمة التاريخ نقداً لاستنادات سياسيّة تعتمده السلطة..) فإن هذا النوع لحق مبدأيّاً (بالإبداع)؛ وشيءً من هذا التصوّر يجعله قريباً من نقد السلطة ومؤسّساتها، ويدور في تخوم يسارية كمادّة ضروريّة للإنسان في استمراريّة النقد دون مواجهات (كسر العظم).
وعلى هذا النسق اعتبر الشعر، القصة، المسرح، الدراما، الفن (إبداعات)، فكأنما الشرط الأساس للإبداع هو عدم التطابق الكامل مع الموجود (أو عدم ادّعاء التطابق)، وإلا كيف جاز لنا الاطمئنان على وقوع اللفظ/ المصطلح على هذه الأعمال إن لم يمكن هذا الاشتراط هو أساس علّة المصطلح؛ وهي العلّة التي يحملها الإنتاج الإبداعي في عدم التطابق مع الموجود/الواقع؛ وعلى هذا الاقتضاء فإنّ أي تطابق تامّ ومستمرّ يخرج الكتابة من مجال الإبداع إلى مجال آخر ينتمي إليه الكلام، كالتاريخ والوثائقيّات.
* *
يبدو الإبداع إلى انزواء أو ندرة على وفرة وجوده (وهذا بارادوكس)، تحت تأثير قانون وفرة المطروح وضياع النادر فيه؛ فكأن الوفرة رفعت عن الإبداع فرادته؛ أو ربما أيضاً تعب الخيال الإبداعي، وهذا يرمينا في ساقية العود الأبدي عند نيتشة «ورجيعُ كعب بن زهير» في تصوّره: «ما أرانا نقول إلا رجيعاً ومعاداً من قولنا مكرورا»؛ أليس النقد الإبداعي مسؤولاً عن إيجاد الحدود التي يقدر الإبداع أن يفلت من «مكائد» العود الأبدي والرجيع دون أن يففد طبيعته الروائيّة ويتحوّل إلى طبيعة سرديّة محضّة، متأثّراً ومنساقاً وراء هدير الإنتاج المعروض على النت، وتمدّده (الأكول) لكلّ الإبداعات الأخرى؟! كيف يخرج الإبداع من التشابه ونحن نرى النقد ينجرّ إلى شروط اعتباطيّة يفرضها المشاع الافتراضي؟ هل تعب النقد كما تعب الخيال قبله؟ هل يحتاجان إلى حيلٍ تُحرّرهما من سجن (لقد قالوا كلّ شيء)؟
* *
إشكالية (القصة، الحكاية، الرواية) في بنائها وفي محدوديّة قوالب البناء الروائي وما تحمله من تفاصيل قدر ما اختلفت فإنّها تُهدّد دائماً بالتقاطع مع الروايات الأخرى تحت تأثير الأشياء المتشابهة في الأبنية الروائيّة، وهي الإشكاليّة التي قد لا نجدها بذات التأثير في الشعر؛ وشيء من هذا يتصوّره «أمبرتو إيكو» في كتاب (آليات الكتابة السردية، ترجمة سعيد بنكراد) في تفريقه بين الرواية والشعر: «يجب بناء هذا العالم وستأتي الكلمات...، فامتلاك الأشياء سابق على وجود الكلمات، وهو عكس ما يحدث في الشعر حيث امتلاك الكلمات سابق على امتلاك الأشياء»؛ وإيجازاً: فإن إشكاليّة السرد كامنة في محدودية الأشياء وقوالب البناء، بينما لا محدودية الكلام وتركيبه في الشعر تجعله قادراً على إعادة الحياة إليه، وتبقى الرواية مهدّدة بفقدان الدهشة، والتي بدونها قد يضع القارئ الرواية جانباً، ويمضي إلى مواقع التواصل الاجتماعي وعالمه الافتراضي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.