منصة "التقييم الذاتي" تمكّن أكثر من 117 ألف منشأة من تعزيز امتثالها    القيادة تهنئ رئيس جمهورية طاجيكستان بذكرى استقلال بلاده    جمعية رواد العمل التطوعي تنفذ ورشة عمل تحت عنوان "إدارة الفرص التطوعية"    القبض على (22) مخالفًا لنظام الحدود لتهريبهم (320) كيلوجرامًا من "القات" بجازان    ارتفاع عدد الشهداء في غزة إلى 64.605    مؤثرون ومشاهير    هناك فرق بين شخص تعرفه وصديقك    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي غدًا الأربعاء    إعطاء أفضلية المرور يسهم في تحقيق السلامة المرورية    الأهلي يبتعد عن الأحمد    فييرا: "السعودية مركز عالمي للرياضات القتالية"    دراسة متخصصة: ثقة الجمهور بالإعلام الرقمي "متوسطة" وتطوير مهارات الصحافيين مطلب    وزارة الصناعة والثروة المعدنية و ( ندلب) تطلقان المنافسة العالمية للابتكار في المعادن    النائب العام يرأس وفد المملكة في مؤتمر الرابطة الدولية للمدعين العامين بسنغافورة    المرور : كن يقظًا أثناء القيادة    رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه يحضر أول مواجهة"Face Off" بين كانيلو وكروفورد    الذهب يرتفع إلى 3651.38 دولار للأوقية    إثيوبيا تدشن اليوم سدا ضخما لتوليد الطاقة الكهرومائية    نيبال تتراجع عن حجب مواقع التواصل الاجتماعي    أمير منطقة المدينة المنورة يرعى حفل افتتاح ملتقى "جسور التواصل"    في ختام معسكره الإعدادي.. الأخضر يرفض الخسارة أمام التشيك    تجاوزو فان بيرسي.. ديباي هدافاً ل «الطواحين»    القيادة الكويتية تستقبل تركي بن محمد    9 إجراءات إسبانية ضد إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية    قاتل المبتعث «القاسم» يدعي «الدفاع عن النفس»    الجيش اللبناني ينتشر في الجنوب لضبط الأمن    نائب أمير المنطقة الشرقية يعزي أسرة الزامل    «السفارة بجورجيا» تدعو المواطنين لتحديث جوازاتهم    أطلقها وزير الموارد البشرية لتعزيز صحة العاملين.. لائحة لخفض معدل الأمراض والإصابات المهنية    بدء استقبال طلبات تراخيص«الحراسة الأمنية»    الإطاحة بملوثي البيئة «بمواد خرسانية»    الفرنسي «ماتيو باتويلت» يحمي عرين الهلال حتى 2027    محامي الفنانة حياة الفهد ينفي دخولها في غيبوبة    أنغام تشدو من جديد في لندن ودبي    تفاهم بين «آسان» و«الدارة» لصون التراث السعودي    دواء جديد يعيد الأمل لمرضى سرطان الرئة    140 ألف دولار مكافأة «للموظفين الرشيقين»    "الصحة" تستكمل التحقق من فحوص اللياقة والتطعيمات للطلبة المستجدين    50.2 مليون بطاقة صراف آلي تصدرها البنوك    إصبع القمر.. وضياع البصر في حضرة العدم    عندما يكون الاعتدال تهمة    حين يحترق المعلم يذبل المستقبل    33.8% زيادة عالمية بأسعار القهوة    يوم الوطن للمواطن والمقيم    علاج جديد لارتفاع ضغط الدم بمؤتمر طبي بالخبر    رصد حلقات زحل بجوار خسوف القمر    إسرائيل تواصل تدمير غزة وتقبل اقتراح ترمب    انطلاق أولى ورش عمل مبادرة "سيف" بمشاركة أكثر من 40 جمعية من مختلف مناطق المملكة    ضبط 68 مروجا و603 كيلوغرامات من المخدرات    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: "التماسك بين الشعب والقيادة يثمر في استقرار وطن آمن"    إطلاق المرحلة الثالثة من مشروع "مجتمع الذوق" بالخبر    صحن الطواف والهندسة الذكية    كيف تميز بين النصيحة المنقذة والمدمرة؟    السعودية تحمي النسور ب«عزل خطوط الكهرباء»    وزير الحرس الوطني يناقش مستجدات توطين الصناعات العسكرية    تحت رعاية وزير الداخلية.. تخريج الدورة التأهيلية لأعمال قطاع الأمن العام    النسور.. حماة البيئة    رقائق البطاطس تنقذ امرأة من السرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظام حماية الطفل .. والقرار السامي
نشر في الجزيرة يوم 02 - 12 - 2014

تعتبر قضية العنف ضد الأطفال واحدة من أهم القضايا الاجتماعية والنفسية المعقدة التي تواجه دول العالم أجمع مع اختلاف أو تباين ارتفاع معدلاتها العالمية من مجتمع إلى مجتمع حسب درجة الوعي المجتمعي والعمق الحضاري والبعد الثقافي للمجتمعات بشكل عام حيث باتت هذه الظاهرة العالمية تحظى بالكثير من الاهتمام والعناية في عالمنا المعاصر لارتباطها المباشر بأساس المجتمع (الأسرة) ووظائفها الاجتماعية والتربوية والنفسية, ولذلك يتعرض.. (اليوم) ملايين الأطفال في جميع أنحاء العالم من كافة الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية والفئات العمرية والأديان والثقافات لغول العنف ومظاهره ويعانون من هذا المرض الاجتماعي ومثالبه.. وهناك ملايين آخرون معرضون للمخاطر طبقا للإحصائيات والأبحاث العلمية.. الصادرة من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف), كما تشير التقارير المهنية من المنظمة العالمية في هذا السياق.. إن (الأطفال) في أنحاء العالم يتعرضون لأشكال العنف «البدني والنفسي والرمزي والصحي» والإيذاء بما في ذلك الاعتداء والاستغلال الجنسي والعنف المسلح والاتجار بالأطفال والترهيب على الانترنت وختان الإناث وزواج الأطفال والممارسات المصحوبة بالعنف الجسدي أو العاطفي.. وغيرها من الممارسات اللاإنسانية والاعتداءات البشعة والسلوكيات المناهضة للقيم والمعايير الأخلاقية, التي تحدث في داخل النسق الأسري, وفي المدارس ونظم الرعاية الاجتماعية والأماكن العامة.. إلخ، نتيجة للصراعات النفسية والمنازعات الأسرية والمشكلات الاجتماعية.. الأمر الذي يضعف قدرتهم على التعلم البنائي والاندماج الاجتماعي, ويؤثر بالتالي على الصحة النفسية للأطفال واعتلالها, ولاشك أن مجتمعنا السعودي الفتي الذي يعيش مرحلة شبابه في واقعه المعاصر, باعتبار أن فئة الشباب تشكل ما يقارب 65% من تركيبته الديموغرافية (السكانية).. ليس بمعزل عن المجتمعات الأخرى التي تعاني من قضية عنف الأطفال وانتهاك حقوقهم.. وهي قضية (معقدة)كيميائيا في نسيجنا المجتمعي بدأت دائرتها تأخذ حيز الاتساع.. لما اعترى وظيفة التنشئة الاجتماعية والأخلاقية والنفسية والعقلية في النظام الأسري من تحولات رهيبة وتغيرات سريعة يشهدها مجتمعنا السعودي في واقعه المعاصر نتيجة التحديث والمستجدات التي طرأت على سطحه الاجتماعي. أدت بالتالي إلى ظهور أنماط جديدة من السلوك الاجتماعي والممارسات غير الإنسانية في كثير مالاتجاهات الفكرية والسلوكية والقيمية المخالفة لقواعد الضبط الديني والاجتماعي والأخلاقي.. ومنها ما يسمى (بالعنف ضد الأطفال وانتهاك حقوقهم), التي حرّمتها جميع الأديان السماوية، بما فيها ديننا الإسلامي الحنيف الذي اهتم بالآداب الاجتماعية وقيمها النبيلة التي تساعد في تعاون أفراد المجتمع وتكاملهم من أجل بناء مجتمع صالح يقوم على مبادئ الاحترام المتبادل والتعامل الحضاري مع الطفل والمرأة وحفظ الحقوق من الانتهاك والإيذاء والاستغلال ومظاهر العنف التي تتنافى مع الفطرة السليمة وطبيعة التكوين البشري باعتبار أن الأصل في الحياة وفي المنظومة التعاملية.. هو مبدأ السلم والعفو والتسامح واحترام الكرامة البشرية، أما القسوة والعنف والإيذاء فهو الاستثناء الذي لا يلجأ إليه إلا (الخارجون) عن قواعد الضبط الأخلاقي والقيمي والاجتماعي.. و(العاجزون) عن التعبير بالوسائل السليمة.
وأمام تزايد حالات العنف ضد الأطفال في مجتمعنا الفتي التي تمخضت في واقعه المعاصر لأسباب قد تكون عوامل اجتماعية.. مثل الخلافات الأسرية والمنازعات الزوجية, وصراع الأدوار الاجتماعية والنموذج الأبوي المتسلط..! أو عوامل اقتصادية.. مثل الفقر الذي تعاني منه بعض الأسر, وبطالة رب الأسرة.. أو عوامل نفسية.. مثل فقدان الإشباع العاطفي داخل الكيان الأسري والمعاناة من القلق والاكتئاب و الاغتراب النفسي والاجتماعي, وضعف الإحساس الوجداني بالمسئولية تجاه أفراد الأسرة وبالذات الأطفال..!! كما ان الوسائل الإعلامية تلعب دوراً مؤثراً في تشكيل ثقافة الإيذاء، ونشر حالات العنف وأنماطه في النسيج الاجتماعي عن طريق التقليد والمحاكاة والنمذجة من خلال ما تعرضه بعض وسائل الإعلام المرئية من مظاهر العنف ومشاهد الضرب والتعذيب الوحشي بالإضافة إلى الألعاب الإلكترونية.. وجرعاتها الزائدة من العنف التي تفاقم السلوك العدواني وتعمق مفهومه لدى الطفل منذ صغره، وبالتالي يكبر ويتطبع وربما تصبح شخصيته ذات نزعة عدوانية تميل للعنف والقسوة والوحشية, ففي دراسة أمريكية حديثة أظهرت معطياتها العلمية إن ممارسة الألعاب الفيديو (الإلكترونية) التي تعتمد على العنف يمكن أن تزيد من الأفكار والسلوكيات العدوانية عندهم، وأمام تزايد هذه الحالات من العنف ضد الأطفال في مجتمعنا.. بات من الأهمية بمكان مواجهة هذه الآفة الاجتماعية باعتراف وحلول علمية، ففي آخر إحصائية صادرة أكدت أن أكثر من 30% من الأطفال في المملكة يتعرضون للعنف والإيذاء، وقد يكون اعتداء جسدي أو عنف لفظي أو نفسي أو رمزي (الاحتقار والازدراء والإهانات), وهذا مؤشر خطير على اتساع دائرة هذه الآفة المرضية, وضرورة الاعتراف بمثالبها.. والاعتراف نصف الحل, كما يقول رائد علم الإدارة الحديثة «هنري فايول»..! والنصف الآخر دراستها دراسة شاملة ومتكاملة في قالبها العلمي وإيجاد الحلول الناجعة التي تكفل في ضبط توازنها،والحد من انتشارها في المجتمع.، واستشعارا بخطورة هذا الظاهرة النفسية الاجتماعية على البناء المجتمعي ووظائفه.. وافق مجلس الوزراء الموقر -قبل أيام- على نظام حماية الطفل الذي يهدف إلى توفير آلية حماية الطفل في المجتمع السعودي من العنف والإيذاء والإساءة وإعداد لائحته التنفيذية التي تستغرق صياغتها ثلاثة أشهر من قبل وزارة الشئون الاجتماعية.. ومن أبرز ملامحها حماية كل شخص لم يتجاوز ا18من عمره من الإيذاء والإهمال والاستغلال وكافة أشكال ومظاهر العنف في البيئة المحيطة به, وتعميق الوعي بحق الطفل وتنمية الإحساس بالمسئولية الأسرية تجاه الطفل.. ولاشك أن هذه المبادرة المهنية التي تلامس هموم وشئون الطفل.. تعتبر خطوة حضارية ذات دلالات سامية, ومعاني إنسانية.. لكون نظام الحماية نظاما شاملا حدد أنواع الإيذاء وكيفية التبليغ عن القضايا، وكذلك العقوبات في حق كل من ينتهك حقوق الطفل والإقدام على تعنيفه وإيذائه أو تعريضه للاستغلال والتحرش به والتمييز ضده لأي سبب عرقي أو اجتماعي أو اقتصادي.. إلخ, وبذات السياق يبقى دور المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية والاجتماعية والصروح الأكاديمية والتعليمية..في رفع سقف (الوعي الأسري) وتنوير المجتمع بخطورة العنف ضد الأطفال وآثاره على البناء المجتمعي... أمراً حتمياً ومطلباً وطنياً.. تفرضه التغيرات الاجتماعية والاقتصادية وتحدياتها الثقافية..!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.