القيادة السعودية تعزي ملك المغرب في وفاة 37 شخصا بسبب فيضانات آسفي    تألق ثلاثي دوري روشن في نصف نهائي كأس العرب    الذهب يسجل 4338.26 دولارا للأوقية مدعوما بضعف الدولار    ارتفاع الطلب العالمي على النفط ب 860 ألف برميل يوميا خلال 2026    أمير الكويت يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    القادسية في مفترق طرق.. غونزاليس يغادر ورودجرز قريب من الإشراف الفني    عبدالعزيز بن سعد يستقبل رئيس جامعة حائل المكلّف    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل منتخب جامعة جازان    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    المؤتمر الصحفي الحكومي يستضيف وزير الصناعة والثروة المعدنية الأربعاء المقبل    ومن الهذيان ما قتل AI الإنسانية    فيصل بن مشعل يتسلّم التقرير الختامي لمبادرة "إرث ينطق"    "إثراء" يحتفي بيوم اللغة العربية على مدار ثلاث أيام    الجاسر يفتتح فعاليات النسخة ال 7 من مؤتمر سلاسل الإمداد    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    "سعود الطبية" تنجح في إجراء قسطرة علاجية نادرة لطفلة بعمر خمسة أشهر    تقييم الحوادث يعلن نتائج تحقيقاته في عدد من الادعاءات المنسوبة لقوات التحالف    غداً .. "كبدك" تُطلق برنامج الطبيب الزائر «عيادة ترحال» ومعرضًا توعويًا شاملًا في عرعر    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية مبرة دار الخير    أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية مبرة دار الخير ويطّلع على برامجها التنموية    أمانة المدينة ترفع كفاءة شبكات تصريف المياه    شفيعًا تشارك في فعاليات جمعية أصدقاء ذوي الإعاقة لليوم العالمي لذوي الإعاقة بجامعة الفيصل    أمير منطقة جازان يستقبل إمام المسجد النبوي    الكرملين يعتبر بقاء كييف خارج الناتو نقطة أساسية في المفاوضات    دور إدارة المنح في الأوقاف    لقاء تاريخي حافل لأبناء عنيزة القاطنين بمكة المكرمة    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات بحق 40 سفينة من " أسطول الظل"    التضخم في المملكة يتراجع إلى 1.9% في نوفمبر مسجّلًا أدنى مستوى في 9 أشهر    وفد أعضاء مجلس الشورى يطّلع على أدوار الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة    مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بالحزام الناري، ما الأسباب وطرق الوقاية لمن هم فوق الخمسين عاما    قبيلة الجعافرة تكرّم الدكتور سعود يحيى حمد جعفري في حفل علمي وثقافي مهيب    ثلاث جولات في مختلف مناطق المملكة ، وبمشاركة أبطال السباقات الصحراوية    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    صينية تعالج قلقها بجمع بقايا طعام الأعراس    مواجهات مع مستوطنين مسلحين.. اقتحامات إسرائيلية متواصلة في الضفة الغربية    بحثا تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.. ولي العهد ووزير خارجية الصين يستعرضان العلاقات الثنائية    ديبورتيفو الكوستاريكي يتوّج ببطولة مهد الدولية للقارات لكرة القدم    "أمِّ القُرى" تعقد لقاءً تعريفيًّا مع التَّقويم والاعتماد الأكاديمي    الخريجي: الحوار البناء أداة تفاهم بين الشعوب    القراءة الورقية.. الحنين إلى العمق والرزانة    من القمة.. يبدأ السرد السعودي    نجوم القارة السمراء يستعدون لترك أنديتهم.. «صلاح وحكيمي وأوسيمين» تحت المجهر في كأس أمم أفريقيا    السعودية تدين الهجوم الإرهابي.. دمشق توقف 11 عنصراً للتحقيق في هجوم تدمر    رابطة العالم الإسلامي تدين الهجوم الإرهابي بمدينة سيدني الأسترالية    دعت جميع الشركاء في المنظومة لتفعيل البرنامج.. «الموارد»: 5 مجالات لتعزيز التنمية الشبابة    موسم جدة 2025 يستعد لإطلاق «ونتر وندرلاند»    أمير نجران يُشيد بإنجازات "الصحة" في جوائز تجربة العميل    دراسة: دواء جديد يتفوق على «أوزمبيك» و«ويغوفي»    في ورشة عمل ب"كتاب جدة" خطوات لتحفيز الطفل على الكتابة    أمانة الرياض تطلق فعالية «بسطة» في حديقة الشهداء بحي غرناطة    الأحمدي يكتب.. وابتسمت الجماهير الوحداوية    الغامدي يزور جمعية عنيزة للخدمات الإنسانية    اختتام المؤتمر الدولي لخالد التخصصي للعيون ومركز الأبحاث    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    الغرور العدو المتخفي    بدء المرحلة الثانية من مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات الفطرية بالمملكة    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(كان يوم كنت)
أ.د صالح بن الهادي رمضان
نشر في الجزيرة يوم 17 - 01 - 2013


كنت منذ أربعين سنة خلت مُولَعاً بالشيخ الطنطاوي، أتسقّط أحاديثه أينما وجدتها، كنت مُولَعاً بقدرته على التواصل الحيّ مع الآخر، معجباً بانفتاحه على قضايا العصر.. ومغرماً بأسلوبه في طرح تلك القضايا بلغة سلسة أخّاذة، وبالاستناد إلى الواقع الحيّ في السبعينيات من القرن الميلادي المنصرم.. والحق أنّني نسيت الأمر في زحام الحياة حتّى قرأت كتاب الدكتور أحمد آل مريع “كان يوم كنت" فاهتززت من جديد لذكرى الشيخ الطنطاوي.. ولكن لم أهتزّ في هذه المرة لأدبه وفكره الوقّاد فحسب، بل لفتت انتباهي هذه المقاربة الجديدة الطريفة التي ابتكرها الدكتور آل مريع، وأراد إجراءها على أدب علي الطنطاوي وهي مفهوم “الكنتية".. اكتشفت الشيخ الطنطاوي مرّة أخرى.. اكتشفت أعماله كما قدمها الدكتور آل مريع، ولكنّي اكتشفت كذلك أنّ لنا في النقد العربي الحديث بواكير فكر جديد يعمل أصحابه على تأصيل الأجناس الأدبية السردية المُشاكلة للتاريخ في تربة الثقافة العربية.. وفعلاً فقد قرأت أيضاً للدكتور آل مريع كتاباً مهمّاً عن السيرة الذاتية ففهمت أنه ملمّ بأدبيات هذا الجنس الأدبي في الغرب.. ولكنني بقراءة كتاب “كان يوم كنت" أدركت أنّ الباحث يسعى إلى تجنيس كتابة الذات أو كتابة السيرة الذاتية في المناخ العربي.. في البيئة الثقافية والروحية العربية.. وقد وجد في أدب الطنطاوي المثال الجيّد لهذه التجربة النقدية اللافتة للانتباه.. والتي ينبغي لعلماء الشعرية السردية الانتباه إليها.. لقد ألّف في التنظير للسيرة الذاتية الغربية رجالٌ كثر مثل جورج قيزدورف وفيليب لوجون ولكنهم انطلقوا من التجربة الغربية في العصر الذي سادت فيه قيم “الأنا" وقيم الفردانية حتّى قال أحد أعلامهم وهو جورج ماي في مقدمة كتابه السيرة الذاتية: “إن السيرة الذاتية جنس أوروبي".. وفعلاً فقد عوَّل كثيرٌ من الدارسين العرب على نظرية السيرة الذاتية عند الغربيين في قراءة كتاب الاعتبار لأسامة بن منقذ وأيام طه حسين وحياتي أحمد أمين وأنا وحياة قلم للعقاد وغيرهم ولكنهم ظلوا أسرى لهذا الفكر الأدبي ولما يستند إليه من خلفيات حضارية.. وإني أرى في مشروع الدكتور أحمد آل مريع مسلكاً للخلاص من هذه التبعية النقدية.. وشكلاً من أشكال التأسيس والتأصيل لهذا الجنس الذي بيّن من خلاله الباحث أن “كنت" ليست فعلاً قولياً سردياً دالاً على الماضي كما أدركته السيرة الذاتية الغربية وهي تنظر إلى الماضيبعين الحاضر، بعين الراوي المتماهي مع الشخصية بل إن الكنتية - عند علي الطنطاوي وربّما عند غيره - هي امتلاء للذات بالتاريخ الذي صنعته مع غيرها ولكن بعيداً عن الأنا البغيض الذي تفوح به رائحة السيرة الذاتية في الغرب وفي بعض التجارب العربية ذات الاتجاه الفرداني.. نعم لقد سبق فعل الماضي المسند إلى الغائب أو الزمن “كان" الفعل المسند إلى الأنا فسبق الموضوعي الأناني أو الذاتي، والعام الخاص، وكان تيار الزمن الزاخر بحدثان الحياة مقدّماً على قصة الحياة المتفرّعة عنه.. ولقد مثّل كتاب الدكتور أحمد آل مريع - فيما نعلم - أولى لبنات البحث في السيرة الذاتية المنخرطة بكل تواضع في فعل “كان يا مكان" الذات الأصيلة من خلال ابتكار مفهوم الكنتية، وهو بحقّ مفهوم يحمل طابع هذا الباحث عن الجذور وسمات النقد العربي المستشرف للفعل حديث ولكن الأصيل أيضاً.. ولعمري إن اختيار البحث في أدبيات الشيخ الطنطاوي بخاصة وسردياته على وجه أخصّ هو في ذاته اختيار للتعبير عن أصالة حديثة وعن حداثة أصيلة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.