تناولت في مقالات سابقة العديد مما يحكم العلاقة الزوجية وما يجب أن تكون عليه، وكانت آخر المقالات «ترويض الأسود» وجاءت معظم المقالة لما ينبغي أن تكون عليه المرأة الصالحة، واستطاعتها - إن أرادت - أن تملك قلب زوجها مهما كانت قسوته، وضربت بذلك مثلاً للمرأة التي طلب منها أحد الحكماء إحضار شعرة من ظهر الأسد.. إلخ القصة حتى لا يتم تكرارها ونصيحته لها بأن تعمل على ترويض زوجها كما روضت ذاك الأسد بالإحسان إليه، ومما ورد في سير الأولين وقصص الآخرين من النساء الصالحات اللاتي أنجبن أبناء متتاليين على الرغم من سوء آبائهم ودور الآباء والأمهات في تعزيز العلاقة الزوجية المتينة بين الزوجين. ومما ورد في تعقيب متأخر على هذا الموضوع من رجل حكيم، وليست من امرأة غيورة تطالب النساء، أو تدافع عنهن، ولها الحق في ذلك، أقول: هذه الرسالة الجميلة وردت من أحد الرجال يقول: إن على الرجل ما على المرأة من حقوق، بل أكثر مما على المرأة في استقرار الحياة الزوجية، وأن الحكماء والعقلاء من السالفين يدركون ذلك، ولم يغب عنهم، وساق على ذلك مثالاً للإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - وقال: إن هناك قولاً مأثوراً عنه، وقال: كما أوصيت النساء فإنني آمل منك أن توصي الرجال، وأن ترسلها عبر زاويتك، ومن باب إحقاق الحق والإنصاف لجميع الأزواج. فوصية الإمام أحمد بن حنبل لابنه يوم زواجه حري بكل أب أن يمليها على ابنه، وعلى كل زوج مهما قدم زواجه أن يتذكر الكلمات الطيبة والوصية الصادقة من أب لابنه يقول الإمام أحمد لابنه رحمهما الله: أي: بني، إنك لن تنال السعادة في بيتك إلا بعشر خصال تمنحها لزوجك، فاحفظها عني، واحرص عليها: أما الأولى والثانية: فإن النساء يحببن الدلال، ويحببن التصريح بالحب، فلا تبخل على زوجتك بذلك، فإن بخلت جعلت بينك وبينها حجاباً من الجفوة ونقصاً في المودة. وأما الثالثة: فإن النساء يكرهن الرجل الشديد الحازم، ويستخدمن الرجل الضعيف فاجعل لهنَّ صفة مكانها فإنه أدعى للحب وأجلب للطمأنينة. وأما الرابعة: فإن النساء يحببن من الزوج ما يحب الزوج منهن من طيب الكلام، وحسن المنظر، ونظافة الثياب وطيب الرائحة، فكن في كل الأحوال كذلك. أما الخامسة: فإن البيت مملكة الأنثى، وفيه تشعر أنها متربعة على عرشها، وأنها سيدة فيه، فإياك أن تهدم هذه المملكة التي تعيشها، وإياك أن تحاول أن تزيحها عن عرشها هذا، فإنك إن فعلت نازعتها ملكها، وليس لملك أشد عداوة ممن ينازعه ملكه، وإن ظهر له غير ذلك. أما السادسة: فإن المرأة تحب أن تكسب ودَّ زوجها ولا تخسر أهلها، فإياك أن تجعل نفسك مع أهلها في ميزان واحد، فإما أنت وإما أهلها فهي إن اختارتك على أهلها فإنها ستبقى في كمد تنقل عداوة إلى حياتك اليومية. أما السابعة: فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وهذا سر الجمال فيها، وسر الجذب إليها، وليس هذا عيباً فيها «فالحاجب زينة العوج» فلا تحمل عليها إن هي أخطأت حملةً لاهوادة فيها تحاول تقويم المعوج فتكسرها، وكسرها طلاقها، ولا تتركها إن هي أخطأت حتى يزداد اعوجاجها وتتقوقع على نفسها فلا تلين لك بعد ذلك ولا تسمع إليك، ولكن كن دائماً معها بين بين. أما الثامنة: فإن النساء جبلن على كُفر العشير، وجحدان المعروف، وإن أحسنت لإحداهن دهراً ثم أسأت إليها مرة قالت: ماوجدت منك خيراً قط، فلا يحملنك هذا الخلق على أن تكرهها، وتنفر منها فإنك إن كرهت منها هذا الخلق رضيت منها غيره. أما التاسعة: فإن المرأة تمر بحالات من الضعف الجسدي و التعب النفسي حتى إن الله سبحانه وتعالى أسقط عنها مجموعة من الفرائض التي افترضها في هذه الحالات، فقد أسقط عنها الصلاة نهائياً في هذه الحالات، وأنسأ لها الصيام خلالهما حتى تعود صحتها، ويعتدل مزاجها، فكن معها في هذه الأحوال ربانياً كما خفف الله - سبحانه وتعالى - عنها فرائضه أن تخفف عنها طلباتك وأوامرك. أما العاشرة: فاعلم أن المرأة أسيرة عندك، فارحم أسرها، وتجاوز عن ضعفها تكن لك خير متاع وخير شريك. ولن أثبت أو أنفي هذه الوصايا للإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - ولكنها وصايا بليغة وشاملة وجدت أن صاحبها محق بطلب نشرها، ونقول للرجال كما قلنا للنساء: إن الحياة تبنى على الود والمحبة والتسامح، والمسابقة إلى تقديم المعروف والعفو عن الزلات، والتغافل عن التقصير والخطأ والمبادرة إلى الإحسان مهما قصر أو أخطأ أو نسي الطرف الآخر والتماس العذر لأي طرف. وهذا من الصفات الفاضلة التي يحمد عليها المرء، والله الموفق. [email protected]