جولة أمير جازان ترسم ملامح المستقبل والتنمية في فيفاء والعيدابي    مطارات المملكة.. تنافسية في خدمات المسافرين    تطبيق «كود مشاريع البنية التحتية» بالرياض 7 أغسطس    «اللوري الأحمر».. مركبة سكنت الذاكرة الخليجية    الإسناد نموذج تشاركي يعزز جودة الخدمات    21.827 سجلا تجاريا لبيع القهوة    تداول يفقد 137 نقطة    العربية في الرياض: رمزية الحدث وأبعاد التحول    عراقجي: لن نتخلى عن تخصيب اليورانيوم    ميلان يتعاقد مع المدافع الإكوادوري إستوبينان    أمير الإنسانية والعطاء    السوبر بدون طعم    جمعية اللاعبين القدامى بالشرقية تكرّم المدرب الوطني حمد الخاتم    قوميز يستأنف تدريبات الفتح ويُطلق أولى ودياته المحلية لرفع الجاهزية    الأهلي يعوض غياب الهلال عن السوبر    المَملكة ترفُض المَساس بأمن ووحدة سُورية    نبض العُلا    «السينما.. فن المكان» شعار مؤتمر النقد السينمائي    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة فيفاء    القبض على مصري في جدة لترويجه مادة الحشيش المخدر    الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي لكسر حصار غزة    ليلة بنكهة الإحساس في موسم جدة    الاتحاد يفتح باب الترشح لرئاسة وعضوية مجلس إدارته للدورة الجديدة    أمريكا تستهدف الحوثيين بعقوبات جديدة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل رئيس ووكلاء جامعة جازان    عملية نادرة في مستشفى الملك سلمان تعيد النور لمريضة تجاوزت 111 عامًا    أمير حائل يستقبل استشاري تبرع بجزء من كبده لطفلة مريضة    فيصل بن مشعل يرعى توقيع اتفاقية دعم "أهالي البكيرية الوقفية" لبرنامج المدينة الصحية    أمير القصيم يدشّن مشاريع بلدية بمحافظة البكيرية ب 140 مليون ريالا    البيئة تعلن تمديد مهلة الحصول على رخص استخدام مياه الآبار لمدة عام    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    أكثر من 7 آلاف طفلٍ استفادوا من مركز ضيافة الأطفال في المسجد النبوي    'الحياة الفطرية' توضح حقيقة ظهور قرود البابون في الرياض    الشؤون الإسلامية في جازان تشارك في اليوم العالمي للعلاقات العامة 2025 م        الجمعية للثقافة والفنون بالشمالية تنظم مسرحية 'الراعي' بعرعر يوم الأربعاء    حرارة مرتفعة في الرياض والشرقية و رياح على معظم المناطق    أمير نجران يثمّن جهود الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    أمانة منطقة الباحة تطلق مبادرة "التنشيط السياحي" لتعزيز الحراك السياحي والاقتصادي في صيف 2025    أمير القصيم يدشن مشروعين خيريين في البكيرية بتكلفة 10.5 ملايين ريال    تقنية تحسن عمى الألوان    الوحدة ليست وباء بل تجربة إنسانية    دعوا لوقف فوري للحرب.. 25 دولة تستنكر قتل المدنيين الفلسطينيين    أكاديمية الإعلام السعودية تقيم اللقاء الافتتاحي لمسار "قادة الإعلام"    رئيس باكستان يمنح رئيس أركان القوات البحرية وسام "نيشان الامتياز" العسكري    الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي وزير الدولة لشؤون الأمن بوزارة الداخلية البريطانية ويزور ثكنات ويلينجتون العسكرية    10 ملايين زائر للمواقع والفعاليات الثقافية في 2024    فيلم «الشاطر» يتجاوز ال 15 مليون جنيه خلال 4 أيام    أكدت أن أمانات المناطق ترصد المخالفات.. "البلديات والإسكان": 200 ألف ريال غرامة تقسيم الوحدات السكنية ل»الاستثمار»    بدء التقديم على مقاعد دراسة التمريض في البحرين    المفتي يطلع على أعمال جمعية البر    تحركات صينية لعقد لقاء ثلاثي.. الكرملين: لا نستبعد قمة بين بوتين وترامب في بكين    "واتساب" يدخل الإعلانات لحسابات المستخدمين    محامية تعتدي على زملائها ب" الأسنان"    مليون ريال غرامات بحق 8 صيدليات مخالفة    أكد رفع التنفس الاصطناعي خلال 4 أيام.. الربيعة: استقرار حالة التوأم "يارا ولارا" بعد عملية الفصل    «تطوير المدينة» تُنفّذ 16 مبادرة لخدمة ضيوف الرحمن    1.9 مليون مصلٍ في روضة المسجد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأساة الروهينجا بعيون باكستانية
نشر في الجزيرة يوم 04 - 08 - 2012

المصادمات الأخيرة بين طائفة الراكين البوذية المتطرفة وطائفة الروهينجا المسلمة في ميانمار (بورما سابقا) خلقت حالة من الاستقطاب الواضح في باكستان.
ويدورالجدل حول الطريقة التي يجب على باكستان أن تتعامل بها مع العنف الذي يتعرض له المسلمون في ميانمار. هذا الجدل يثير الليبراليين ضد المحافظين بطريقة تكشف عن المجتمع الباكستاني وحالة التوتر التي يعاني منها الخطاب الوطني الباكستاني أكثر مما يكشف عن أزمة طائفة الروهينجا.
عندما احتجت نقابة محاميي مدينة كراتشي الباكستانية على قتل عشرات من أبناء الروهينجا فإن الكثير من الأصوات أعربت عن رفضها لهذا الموقف عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت وتساءلوا لماذا لم تتخذ النقابة هذا الموقف الإنساني ضد العنف الطائفي المستمر في المدينة الباكستانية نفسها.
جوهر الكتابة عن هذا الجدل الحاد في باكستان هو محاولة الإجابة عن السؤال عما إذا كان غضب الباكستانيين من العنف في ميانمار مبررا، وسواء كان يجب أولا يجب علينا الاهتمام بالروهينجا فهذا ليس السؤال. فأخبار مأساة كتلك التي تجري في ميانمار ستصيب بعضهم بالصدمة والرعب أو الغضب بالطبع. ويتحدد مدى رد الفعل من خلال عدة عوامل لا يتحكم فيها الناس كثيرا وبخاصة معالجة الإعلام الدولي للقضية.
تعاني طائفة الروهينجا من الحرمان من كل حقوقها الأساسية في ميانمار التي لا تعترف بأبناء هذه الطائفة كمواطنين على مدى عقود. وقد أصبحت أزمتهم الآن في بؤرة اهتمام الإعلام بسبب موجة العنف الأخيرة التي جاءت في أعقاب الجولة الأوروبية التي قامت بها زعيمة المعارضة في ميانمار أونج سان سوتشي. فقد أصابت سوتشي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام المجتمع الدولي بخيبة أمل كبيرة عندما التزمت الصمت تجاه هذه الأزمة التي يتعرض لها المسلمون في كلماتها أمام جمهورها الأوروبي .
كما أن القضية نفسها أصبحت عنصرا من عناصر معركة انتخابات الرئاسة الأمريكية عندما انتقدت أصوات عديدة عدم ممارسة إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أي ضغوط على ميانمار لتحسين أوضاع حقوق الإنسان فيها في ظل التقارب الحالي بين أمريكا وميانمار،جاءت موجة العنف الأخيرة في ميانمار لكي تعكس ضعف أداء السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي الباحث عن فترة رئاسة جديدة في الانتخابات المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل. وباعتبارها أزمة إنسانية في المقام الأول فإن مأساة مسلمي ميانمار تقدم نفسها باعتبارها أساسا لتغطية إعلامية بسيطة مقارنة بالصراعات المعقدة الأخرى في العالم مثل الأزمة السورية أو الأزمة في مالي التي ضحاياها من المسلمين أيضا لكنها لم تثر ردود فعل محلية بدرجة كبيرة.
بمعنى آخر فإن غضب الجناح اليميني في باكستان بسبب أزمة الروهينجا ليس مشكلة في حد ذاته وإنما المشكلة في طريقة توظيف هذا الغضب في السياق الاجتماعي والسياسي العام في باكستان. والسؤال الذي يجب طرحه على الليبراليين ليس عما إذا كان مسلمو الروهينجا يستحقون تعاطفا أكبر أو أقل من التعاطف الذي تستحقه الأقليات المضطهدة في باكستان، وإنما عما يكشفه هذا التعاطف من سمات السياسات المحلية والأيديولوجيا والخطاب العام في باكستان.
أولا وقبل كل شيء فإن المسارعة باستغلال أزمة مسلمي ميانمار على أساس «نحن مقابل الآخرين» وتعميق الشعور بدور الضحية لدى مسلمي باكستان هو أحد أشكال الانتهازية السياسية للأحزاب اليمينية في باكستان واستخدام رخيص للدين من أجل تحقيق مكاسب سياسية ومعنويةكبيرة.
لم تكن مفاجأة أن تسارع الأحزب الدينية السياسية والزعيم السياسي المحافظ عمران خان إلى اقنتاص الفرصة لتحقيق مكاسب سياسية. وقد وصف خان ما يجري ضد الروهينجا بأنه إبادة جماعية ودعا حكومة باكستان إلى اتخاذ إجراء دبلوماسي ضد ميانمار. وهناك أحزاب دينية محددة في باكستان قطعت شوطا أكبر في طريق استغلال هذه الأزمة بصورة غير مناسبة حيث عدلت صورا فوتوغرافية لحوادث عنف جماعي في الصين وتايلاند وقدمتها باعتبارها أدلة على الظلم الذي يتعرض له مسلمو الروهينجا. هذا التلاعب بالصور يخدم غرضا سياسيا في السياق الباكستاني ولا يرتبط بالحقيقة بدرجةكبيرة.
وكما كتبت الدكتورة عائشة صديقي فإنه لا أحد يريد يتذكر أن هذه التوترات بين الروهينجا والبوذيين في ميانمار لا تقوم على أساس الاختلافات الدينية وإنما على قضايا الحق في إقامة دولة والسيطرة على الأرض.
والحقيقة أن معالجة الأحزاب الدينية الباكستانية لهذه الأزمة تعتمد على سياسات مضطربة أكثر من الاعتماد على سياسات سليمة. وقد أصدرت حركة طالبان الباكستانية بيانا بشأن الروهينجا وبعد أيام عديدة من صدوره أصبح محورا للجدل عبر وسائل الإعلام وتعامل معه السياسيون. والحقيقة أن محاولة أي شخص المزايدة على مواقف حركة طالبان من قضية الروهينجا ستعكس بدرجة واضحة إلى أي مدى تبدي الأحزاب الدينية والسياسيين في باكستان استعدادا لاستغلال الشعور بالاضطهاد لدى المسلمين من أجل تحقيق مكاسب سياسية. والحقيقة أن استغلال الغضب الشعبي من اضطهاد أقليات مسلمة تعيش في دول بعيدة كان جزءا أساسيا في منشورات وخطب المتطرفين الباكستانيين لكنه الآن أصبح جزءا من الخطاب اليومي للجميع في باكستان.
تجدر الإشارة إلى أن العناصر المحافظة في المجتمع الباكستاني أيضا وليس فقط الجماعات المسلحة المتطرفة تستخدم هذه الورقة. وبدلا من التركيز فقط على فكرة تعرض المسلمين للاضطهاد فإن بيان حركة طالبان الباكستاني استغل المناسبة لكي يهاجم حكومة إسلام أباد. ورغم ان الحركة تعهدت في البيان بالثأر لمسلمي الروهينجا فإنه هدد أيضا باستهداف مسئولي الحكومة الباكستانية إذا لم تغلق سفارة ميانمار في إسلام أباد.
في ظل حالة الاستقطاب الحالية كيف يمكن إجراء حوار وطني بناء عن اضطهاد الأقليات المسلمة في الخارج؟ في كل أنحاء العالم تشتعل أعمال العنف ضد المجموعات الدينية المختلفة لأسباب محلية مثل الأوضاع القائمة بعد انتهاء الاستعمار الغربي أو السياسات العرقية أو ضعف سيطرة الحكومة أو نقص الموارد الطبيعية وغيرها. وبدلا من المسارعة لاستغلال مثل هذه الأعمال لترسيخ شعور المسلمين بأنهم ضحايا للآخرين على الباكستانيين بذل جهدا أكبر من أجل معرفة حقائق كل موقف. القدرة على فهم الآليات المعقدة التي تقود العنف الديني في أي مكان يمكن أن تعطينا رؤية أفضل للصراعات العديدة التي تواجهنا في الداخل.
* (دون) الباكستانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.