الأسبوع الماضي شاركت في مناسبة أدبية دعيت إليها في الدوحة بقطر الجميلة أدبا وناسا. كانت المناسبة إصدار كتاب جمع قصائد لشاعرات وشعراء من دول الخليج ومنها بضعة قصائد لي شخصيا. عنوان الأنطولوجيا هذه يليق بكونها حصيلة شعر الخليج: «حشد التيار» وهي مشروع تطلب الكثير من الجهد وقد قامت به فجمعت وترجمت القصائد جامعة فرجينيا فرع قطر وأصدرتها كأنطلوجيا باللغة الإنجليزية. وأقيمت على هامش تدشين الكتاب فعاليات ثقافية متعلقة: قراءات وحوارات مفتوحة للجمهور على مدى ثلاثة أيام. في هذه الأجواء المتناقضة - بين الربيع الطبيعي الذي يشرعه شهر نيسان والربيع العربي الذي جاءت ثماره غير ما توقعها من أشرعوه قبل عام - تستيقظ في وجداني تساؤلات علاقتي شخصيا بالوطن. ولعل قصيدة «مطلع نيسان الأزرق» تبلور انعكاسات عمقها: أحيانا يأتيني وجهك يا وطني وأنا غارقة في صحو صدى إيقاع نِداك أنقض وشوشة الظلِّ المختمر بأعيننا صمتاً أو ثرثرةً ملساء أنفض ما علق بأوتاري من عزف رؤاك ** تأتيني تشعل في صمتي جذوة أشواقي لِلقاك بوميض الحيرة وبقايا أفراح الشمس تجتاح اللهفة والدمعة واليأس تتسلل من ساكن جرحي تلمسني في وجع الأشواك أتسلل أبحث عن وجهي إذ يشحب ما بين الأصداء ** أتذَكّرنا.. أتذَكّرنا بمواعيد الأزل المغلول بنا نغرس أحلاما متوثبة الأفياء ونسمرها متسربة من ماضٍ كان نسقيها الضحكة واللهفة والهمس خرير لهاث الأشواق وتفاجئنا!! تورق بين حنايانا وصخور ذراك متبرعمةً بربيعٍ لا يهجره مطلع نيسان يتلاشى في نبض الأعماق متى ما أورق زهر الأحزان تشرين العاصف وحرائق آب الحرمان وتراودنا أصداءُ الطير المحبوس وراء كمامات الأشجان لا ينزف ورقا أصفر أيلول النسيان ** أحيانا تحملني أصداؤك باكيةً حيرى أنسكب رماداً.. ورداً منسحق الأوراق ولماذا يا وطني ما اخترت سواك؟ لا أدري كالجرح الكامن في صدري ينزف نيسان الموعود وسؤالٌ يرتد بدائرةِ الأفلاك أنهارَ بكاء ** نيسان الضاحك فينا ينتحب بأودية أخرى؟ ينفصم بنا الوجدان!! ** وللقصيدة تتمة في حوارنا القادم.