نار «الأصلية» أم هجير «التشاليح» ؟    492 ألف برميل نفط يومياً وفورات يومية    مقامة مؤجلة    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    أمير حائل يرفع التهنئة للقيادة نظير المستهدفات التي حققتها رؤية المملكة 2030    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    أمير جازان ونائبه يهنئان القيادة بما تحقق من إنجازات ومستهدفات رؤية المملكة 2030    60 مزارعا يتنافسون في مهرجان المانجو    هيئة السوق المالية تصدر النشرة الإحصائية للربع الرابع 2023م.    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    "أوبرا زرقاء اليمامة" تبدأ عروضها بحضور عالمي    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    الأخضر تحت 23 عاماً يواجه أوزبكستان في ربع نهائي كأس آسيا    أمين الرياض يحضر حفل السفارة الأميركية    تحول تاريخي    المملكة تبدأ تطبيق نظام الإدخال المؤقت للبضائع    العين يكشف النصر والهلال!    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    فلسطين دولة مستقلة    محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    الفيحاء يتجاوز الطائي بهدف في دوري روشن    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    لو ما فيه إسرائيل    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    مقال «مقري عليه» !    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة أمام الرياض    الكشف عن مدة غياب سالم الدوسري    أرامكو السعودية و«الفيفا» يعلنان شراكة عالمية    ريال مدريد في مواجهة صعبة أمام سوسيداد    مانشستر سيتي يضرب برايتون برباعية نظيفة    النواب اللبناني يمدد ولاية المجالس البلدية والاختيارية    الهجوم على رفح يلوح في الأفق    سلمان بن سلطان يرأس لجنة الحج والزيارة بالمدينة    رئيس الشورى يرأس وفد المملكة في مؤتمر البرلمان العربي    حزمة الإنفاق لأوكرانيا تشكل أهمية لمصالح الأمن الأمريكي    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    أمير القصيم يثمن دعم القيادة للمشروعات التنموية    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    مريض سرطان يؤجل «الكيماوي» لاستلام درع تخرجه من أمير الشرقية    "ذكاء اصطناعي" يرفع دقة الفيديو 8 أضعاف    مستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ فعالية "التوعية بالقولون العصبي"    «رؤية 2030»: انخفاض بطالة السعوديين إلى 7.7%.. و457 مليار ريال إيرادات حكومية غير نفطية في 2023    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة على المملكة    تسليم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي    أدوات الفكر في القرآن    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    النفع الصوري    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله بن محمد الفوزان(*)
خسارة وطن ومصاب أمة لمنبع الخير ورمز الإنسانية وأسير الابتسامة سلطان
نشر في الجزيرة يوم 28 - 10 - 2011

الموت أمر حتمي ونهاية جميع الوجود على كل من في هذا الوجود، لا يتميز أحد عن الآخر في الفناء، الكل يسير على هذا الطريق من الممر إلى المقر، عامل مشترك يجمع الكبير والصغير الفني والفقير صاحب المنصب والجاه والشخص البسيط.. هذه حقيقة كل بني البشر بأيّ مستوى وعلى أيّ مكانة، ولكن يبقى نهاية من له دوره في تجاه هذه الحياة ولما يشكله مقامه من تأثير بارز في محيط دنياه وما له من اعتبارات أساسية في مجتمعه وأمته البشرية تعدد نسبة درجاتهم وبقائهم على رحلة هذه الطويلة وإن كانت قصيرة، فمنهم ممن يكون بقاؤهم مدة قصيرة ومنهم متوسطة ومنهم أكثر.. وهناك من تمدد به الرحلة إلى آخر المطاف وهذه الآية القرآنية تدل معانيها على كيفية طريقة مسيرة الإنسان في حياته في قوله تعالى: {وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ}.. الآية.
ومهما بلغ البشر من الوجود في هذه الحياة فهو لابد له من الرحيل يختلف البشر في طبقاتهم ومكانتهم وجنسياتهم وأشكالهم ولكنهم في الآخر اتجاههم إلى طريق النهاية ولابد من النهاية.
في حياة الأمم رموز تدل على عناوين لعالمهم ولأوطانهم وهذا شاهد على مر التاريخ وهناك دول لها حضور قوي، وكان لبعضها من رجالها دور في حضورها بين الأمم، هناك شخصيات منذ العصور الأولى رفعت أسهم دولها ومجتمعاتها. وفي هذا العصر برز رجل ذو حكمة وصاحب شجاعة حقق معجزة عظيمة في تأسيس دولة حديثة في زمن وجيز في عمر الزمن، حقق من خلالها بطولة تاريخية تسجل في أروقة التاريخ هذا ما أنجزه الملك عبدالعزيز، فجعل المملكة العربية السعودية ذات مكانة كبيرة يسجل العالم إعجاباً بها إلى اليوم وستظل.
رحل الملك عبدالعزيز وهذا هو ما المعني بالموضوع وهو صنع الرجال وكيفية تعويضهم، ترك عبدالعزيز إرثاً من عظماء الرجال ممن ساروا على نهجه في مسيرة بناء الأوطان ورفع شأن البلاد، رحل منهم من رحل، وكل منهم ترك إنجازات خلدها التاريخ وبقيت أفعالهم تتحدث عما صنعوه.
وحينما يدور الحديث عن مذكرات صناعات الرجال وكيف كانت أعمالهم وإنجازاتهم وعطاؤهم في نوعية الفرق بين الخسائر في حجم فقدان الرجال بعضها عن الآخر، فإن هذا فيه مفرقات كبيرة بين ممن تسخره الحياة ويخسره المجتمع وهناك فرق من لا يخسره إلا القليل بالأحرى ممن يحيطون به.
عالم بشر كثير وكبير غادروا ولم تتأثر لهم الحياة بأثير خسارتهم من خروجهم منها وبالمقابل حدثت كوارث حياتية في مآثر على رحيل بشر آخر لما لهم من ثقل في ركن حياة أوطانهم، وآخر شاهد على مثل هذه الحوادث الكبيرة ما حدث من اهتزازات كبيرة.
على أراضي المملكة العربية السعودية المترامية الأطراف دمرت كل البشرية الموجودة على كل شبر منه في يوم سبت لم تشرق نهاره المعتادة الحدث، جرى انفجار وقوعه خارج نطاقها من مسافة طويلة وبعيدة عنها، ولكن راجفة الحدث وقفت في محيطها، أخبار انتشرت عبر كل الرسائل الفضائية فجر ذلك اليوم المشين العنوان الأمير سلطان بن عبدالعزيز في ذمة الله ولا إيمان إلا بالله وعليه الاتكال.
كان الأمل بأن هو قريباً سيحط الرحال إلى هذه الأوطان بعد رحلة الألم ولكن لم تحقق هذه الأمنية التي كان يتطلع إليها أفئدة تطالب خالقها بأن يعود لها سالماً معافى، كيف لا وهو ملك هذه الأفئدة بفؤاده الكبير؛ قدرة الله وليس هناك اعتراض أمام قدر الله قدر الله وما شاء فعل، كان هناك تفاؤل بأن سيكون الانتصار على هذا المرض الذي خاض معركته على ميدان هذا الجسد المرهق من عناء الألم في جروح هذا المجروح، لقد استوطنت في داخل بدنه منذ سنوات قليلة، وكان يواجهها بالإيمان والاحتساب، وليس بالاستسلام قاوم رغم شدة المواجهة المرضية وكان يرسم التفاؤل.
مع صعوبة المواجع لقد شل هذا المرض على مواطن كيان هذا الإنسان وسيطر عليها وسلت سياف المنايا سيوفها حتى أشلته من دنياه وتم القضاء في النهاية ولله الأمر من قبل ومن بعد، الموت قبض على روح إنسان، ولكن من هو هذا الإنسان؟.. إنسان ولكن ليس بحجم إي إنسان..
إنسان متميز، وزن قيمته تعدل أوزان الكثير والكثير من بني الإنسان..
إنسان متعدد الصفات والخصال الحميدة والجميلة..
إنسان برغم ظهور معالمه الكبيرة منذ طفولته..
إنسان عرف كيفية مواجهات الحياة مع انطلاقة صباه..
إنسان تعلم معاني الرجولة من مطلع بدايات شبابه..
إنسان كافح في سبيل طريق النجاح منذ صغره في نهله لعلم في مختلف علومه..
إنسان قبل كل ذلك إنه إنسان تعلق بدينه ثم دينه وتسلح بالإيمان الرباني في نشأته..
إنسان أشرقت ابتسامته محياة مع إشراقة نور حياته ولم تغب إلا في آخر لحيظات مع غروب حياته وإن كانت باقية في ظهورها..
إنسان نبض فؤاده بالود والحنان فكان قليله الكبير متسعاً للجميع الكبير والصغير والقريب والبعيد، الفقير والغني، الكل له مكان في قلب هذا الإنسان الكبير، إنسان يمتلك الإنسانية بكل معانيها وقيمتها.
إنسان ولا كل إنسان، إنسان يحمل أصنافاً متعددة الأشكال، يتربع على قمم السلطة ويمتلك المال ويتبوأ المنصب ويحقق المكانة والجاه ويتمتع بالنفوذ بالسلطان.. يسير على نهر الخير دائماً ويتوقف باستمرار على شواطئ العطف والحنان والشفقة، ويغوص في بحر الإنسانية.. هذه جوانب محيطة في عالم هذا الإنسان. هناك ما هو هواية يرغبها ويجاهد من أجلها ويحرص بشكل كبير في إنجازها، وآخر لا يعتمد عليها ولا يعيرها أيّ اهتمام.. وهذا ما يتعلق بالسلطة والتحفظ بالمال والاهتمام بالمنصب والحرص على الفخامة وحب المكانة والجاه. وأظن أنه يفضل التجريد من هذه الاعتياد التي يتمسك ويعض عليها بالنواجذ بعض القيادات، وفي المقابل من المستحيل أن يساوم في الأعمال الثابتة التي يؤمن أنها هي الكنز الباقي له والثروة العظيمة التي لا تنقطع، وهما الأساس في حياته وفي آخرته.. هذان العملان الجليلان هما الأعمال الإنسانية والخيرية، فهو يفاخر بالأول ويعتز بالثاني ويراهما تاجاً على رأسه، هذا هو الرمز الإنساني والعلامة الخيرية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه-.. هذه من سمات سلطان الخير مشتق من خيرات سلطان والإنسانية مستثناة من إنسانية سلطان الود والعطف مكتساه في قامة سلطان العفو والسماحة عنوان يبرزان معاني هذا الإنسان سلطان التواضع والبساطة، علامات مضيئات من معالم سلطان الكرم والجود والسخاء والعطاء والبذل والفطنة والذكاء والحنكة مميزات تميز سلطان العلم والحكمة والشجاعة والرأي والإنفاق؛ كلها شعارات مكتوبات في جبين سلطان، صور حية واضحة مبروزة في كيان سلطان الإدارة والإدارة والحزم واللين من مآثر سلطان. عجباً لأمر هذا السلطان الذي سلطه الله على فعل جلب الخيرات وحسن صدق النيات.. سلطان رجل دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهذا ما حدث منذ البداية مع أول خوضه معترك الحياة وأدى دوراً عظيماً في إنجازات كبيرة منذ بكورة رجولته، فقد أنيط بأعمال معروفة ومشهورة منذ عهد والده المؤسس الملك عبدالعزيز؛ الذي تربى ونشأ على يده وقام بتعليمه وتوجيهه وعلمه أصول الحياة، وهذا نموذج لمدرسة الملك عبدالعزيز مع أبنائه.
ومن الأعمال التي أسهم في تحقيقها على أرض الواقع توليه إمارة منطقة الرياض، وقد كان له لمسات في إبرازها، وكذلك تقلده منصب وزارتي الزراعة والمواصلات في ذلك العهد، وكان له دور في رفعة الوطن من خلال دوره في تحسين ما يختص في تلك الجهات؛ وكان ذلك قبل عقود طويلة من الزمن، ولما عرف عنه بحسن القادة والشطارة في الأعمال الجسام وعلى ضوء ذلك أنيط به جهاز حساس جداً، ولاسيما وأن هذا الجهاز هو ما يخص الدفاع عن الوطن والحفاظ على مقدساته وممتلكاته.. وقد كان شكل خطاً دفاعياً صلباً أصبح المرور حوله خطاً أحمر صعب الاقتراب منه. فقد صدر أمر ملكي قبل قرابة الخمسة عقود بتولي سموه وزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة، وقد ناضل من أجل الدفاع عن دينه ووطنه وأمته على مدى خمسين عاماً ويعلم القاصي قبل الداني كيف القوات العسكرية المسلحة السعودية.. ماذا كانت وكيف هي الآن أصبحت. فهي تعد من أقوى القوات في الشرق الأوسط.. وهناك عسكريون كبار عالميون أذهلوا بما واكبته القوات المسلحة من تطوير وتحديث وتجديد وإعداد بشري مسلح بالإيمان قبل العتاد وأسلحة من أعلى المستويات.. وهذا ما تحقق إلا بحكمة وقدرة دهاء سلطان.
ومن إنجازات سلطان تقدم عالم الطيران، فقد شهدت الخطوط السعودية إنجازات فريدة وتحولت من أعداد متواضعة في الطائرات إلى مجموعات كبيرة من الأساطيل الفخمة، وهذا ما كان يتوقع لولا دور الأمير سلطان الرئيس الأعلى للخطوط السعودية، وهناك الكثير الذي نهض به الأمير سلطان بن عبدالعزيز على المستوى الداخلي، وفي مقدمتها الإصلاح التعليمي وكذلك التطوير الإداري ورئاسته للفنون الإسلامية وغير ذلك من المهام التي قام بعملها على أكمل وجه.. أما على المستوى الخارجي فقد تحمل أعباء سياسية كبيرة، فقد كلف على رئاسة المباحثات المتعلقة بالحدودية السعودية اليمنية وكذلك الحال مع الجانب السعودي القطري.. وقد ساهم منذ صغره في الاحتكاك الدولي وهذا ما حدث خلال مرافقته والده المؤسس المملك عبدالعزيز وكذلك تواجده ضمن وفد سياسي سعودي إلى إحدى الدول مع شقيقه الراحل فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله-.. وكان له مساهمات دولية مع أشقائه الملوك خالد وفهد -رحمهما الله- ومع أخيه الملك عبدالله -رعاه الله-.. وفي الكثير من المباحثات والزيارات والاهتمامات الدولية، وزياراته للدور الكبير في كثير من المناسبات وقد مثل بلاده خير تمثيل.
سلطان ودوره في قضايا بلاده الساخنة
يجمع السياسيون على مختلف جنسياتهم ودياناتهم في قضايا وطنه وأمته على دور سلطان السياسي، وقد شارك في الكثير من المحافل الدولية، وقد بنى علاقة متينة مع قادة العالم ويعد شخصية قيادية سياسية دبلوماسية على مستوى رفيع في الحوارات السياسية، وكان حريصاً على أن يكون عالمه العربي وقضاياه محل اهتمام أنظار سلطان السياسي في قضايا وطنه وأمته، وقد شارك فقيد الأمة والعالم أجمع، فهو شخصية عسكرية بزي مدني، سياسي محنك وقد تجمعت سياسته العسكرية أثناء الغزو العراقي الكويتي مطلع التسعينيات الميلادية، وكيف كان دوره وهمته في الحدث الآثم وكيف كان مرابطاً مع قوات جيشه الكبير في أحر صحراء من الجزء الشرقي لمملكته، وكان معهم في كل لحظة يساند ويوجه وكان متألماً من الجرح الكبير، وكان له دور كبير في عودة الكويت والمسارعة في تحريرها في وقت وجيز.. ولا يزال أهل الكويت قيادة وشعباً يتذكرون هذا الموقف الكبير للأمير القائد الكبير سلطان في عودة الأمور إلى نصابها والحق عاد لأصحابه وكان له الأثر الكبير في الحفاظ على أمن بلاده من هذا المخطط السافر.
الأمير سلطان لا يهدأ له بال ولا يتلذذ للراحة والخلد إلا أن ينعم الوطن بالأمان ورغد العيش والطمأنينة لمواطن هذا الوطن وجميع المحيط به من بعض الأوطان.
الوطن أهم من الصحة
ما حدث أخيراً من أحداث أمينة في أحد حدود الوطن الحد الجنوبي وكيف دخلت شرذمة دنيئة مجموعة تسمى (الحوثيون) -قبحهم الله- والتسلل على منفذ من منافذ هذه البلاد -حفظها الله- وكيف دخلوا بطريقة غير نظامية وظهورهم بالقوة والشجاعة وأن النصر من نصيبهم، فقد خدعوا أنفسهم وزينت لهم أهواؤهم الفاشلة عموماً لم تكن مدة محاصرتهم إلا أياماً معدودة وبأقل تكلفة عسكرية خلال هذه الظروف كان القائد سلطان يتابع الحدث وهو على سرير المرض ولم يراع معاناة المرض بقدر ما كان يهتم بتفاصيل على ما جرى على حدود الوطن لأن تراب الوطن والمقيمين عليه أغلى على روحه من نفسه ولم يكتف بالمتابعة وحضور عسكري آخر تعلم هذه العسكرية منه وهو القائد العسكري الآخر الأمير خالد نجله الأكبر الذي دخل في معامع هذه المعركة.. فقد كان الأمير سلطان حريصاً على أن يرى ويتابع أحداث هذه التداعيات بنفسه وشارك رجاله الأبطال عندما أصر على التواصل معهم في وسط الميدان وتابع أحوالهم واطمأن عليهم فرداً فرداً، وعلى ما أظن كان في مستشفى الملك فيصل التخصصي بجازان ولم يكتف بذلك بل قبّل رؤوسهم، وهذا من النادر أن يتنازل بالقيام في هذا الأمر بعض من القادة العسكريين والحكام ولكن هذا هو سلطان التواضع والحب.
ما أروعك يا سيدي سلطان في كل شيء في الحرص على دينك الذي هو كما تؤكد أنه لا نرضى بالمساس في الدين، وهذا ما ذكرته عندما ذكرت في تطوير مناهج التعليم لن نغير شيئاً في عقيدتنا وشريعتنا، يرضى من يرضى ويأبى من يأبى، لا نقبل التدخل في ديننا من أيّ دول كانت ولما لهذا الدين من ثقل عظيم ومكانة كبيرة عند هذا الرجل الصالح، فقد أعتيد منه حبه وبذله في كل شيء، يعتني بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.. كيف لا وهو دستور هذه البلاد التي سارت عليه منذ انطلاقتها. وكان دوماً يحث على السير على هذا المنهج ويوجه ويؤازر بكل ما من شأنه رفعة وقيمة هذا الكتاب العظيم عملاً وتطبيقاً؛ ويسعد ويفاخر في مشاركاته في الأعمال التي لها شأن بالقرآن، وهذا ما هو ظاهر للعيان من خلال دعمه وحضوره في كثير من المشاركات القرآنية من خلال المسابقات التي تقام سنوياً وتحمل اسم سموه الكريم. ومن ضمن دعمه لها كان قبل فترة قصيرة في المحافظة على تراب هذا الوطن والدفاع عنه في كل ما تملك وتطالب بعدم المساس أو المساومة فيه.
في أعمال الخير التي هي كل شيء في حياتك توزع الخير على الجميع داخلياً وخارجياً وأنت لا تحب إظهارها وشمالك لا تعلم ما قدمته بيمينك.. الخير أنت رجل الخير ويكفي ما أرخه شقيقك سلمان في موثقته التاريخية عندما أوجز رسالته لجميع الناس بأن الأمير سلطان جمعية خيرية لجميع منذ صغره تأكيداً على أن هذا الإنسان محب للخير لكل الناس في إنسانيتك يا رمز الإنسانية لما تمتلكه شعور وإنسانية كبيرة يندر وجوده في عالم الإنسان اليوم وهناك الكثير من القصص التي ظهرت للناس ولعله من الملفت للانتباه قصة ذلك الطفل الذي طلب منه الكشف على قلبه في أحد المجمعات الطبية في نجران ولبى طلبه وعندها أحبب التعرف على نتيجة هذا الكشف فرد عليه بكل عفوية قلبك أيها القلب الكبير متسع لكل الناس.
والموقف الآخر للطفل الذي أتى به والده في مقر مكتبه يطلب منه الوقوف معه في حالته الصحية فما كان منه -جزاه الله خيراً- إلا أن سارع وبادر في إجراءات ما يتطلب في موضوع وضعه الصحي وخلال هذا اللقاء ردد الطفل أنا أحبك يا بابا فرد عليه بحنان الأبوة وأنا أحبك أحبك.. ومن الجوانب الإنسانية العظيمة للأمير الشهم حرصه الشديد على الأرواح البشرية وذلك من خلال وقوفه الدائم جانباً إلى من قد حكم عليه بالقصاص وما يقوم به من فعل خير في إعتاق الرقاب من مال وعون ووجب كان هناك الكثير ممن تم الحكم عليهم بالقصاص إلا أن تدخل وشفاعة سموه رحمه الله كانت كتبت حياة جديدة للكثير منهم على مشارف ساحات القصاص وأحن الله إليه.. ومن المواقف الإنسانية لهذا الإنسان شغفه وحبه لمساعدة ذوي الحاجة أو ملهوف أو من جبرته ظروف دنيوية، فقد خصص موقعاً خاصاً في هذا الأمر لأجل مساعدة المضطر وإغاثة الملهوف وقضاء حاجات الناس لمن يتطلب الحاجات، وقد كان له وقفات في الكثير من عطاءات ومساعدات للبعيد والقريب ممن هم معروفون ومنهم غير معروفين وكان دائماً صاحب مبادرات للوقوف مع أحوال الناس، وهناك أسر وأفراد كانت لأيادي سلطان البيضاء في تحسين أوضاعهم وتحقيق طلباتهم من خلال شملهم برعايته.
وخير الناس بين الورى رجلا
تقضي على يده للناس حاجات
فكم يسر على معسر وكم أفرج عن مكروب، وكم أخرج أناساً من ضيق إلى فرج، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. وللحالات المرضية الطارئة حالة استثنائية عند الإنسان سلطان، فهو يوجه بشكل مستمر في نقل الإخلاء الطبي لعامة الناس في الداخل والخارج، وكثير تم إخلاؤهم بشكل سريع نتيجة صرف صحي في كل موقع. ومن أعماله الإنسانية إشرافه ومتابعته على هيئات الإغاثة للدول التي تواجهها الكوارث والنكبات.
وضمن اهتماماته في العيش الكريم لمن يفقد سبيل الحياة الكريمة فقد أنشأ مساكن للفقراء ومتابعة أحوال المحتاجين، وهناك روايات كثيرة وكبيرة ليست حاضرة تتحدث عن نفسها وهناك الكثير من الأرقام الإنسانية لإنسان سلطان وما خفي أعظم.
وما دام الحديث يدور حول الإنسانية لهذا الشخص الإنساني الاستثنائي إنشاء مدينة كبيرة طبية تشكل عالم طبي كبير على مستوى فريد من معالم الطب الحديث بما تمتلكه من أجهزة طبية عالية وكادر طبي بشري على مستوى.. وهناك إنجاز خيري آخر لسلطان الخير والمتمثل في مؤسسة الأمير سلطان الخيرية، كانت تأخذ اهتمامه ومتابعته، وقد كرس جهده من أجل إنجاح تحقيقها وهذا من أحد إنجازاته الكبيرة.
وقد آثر أن يجعل ما يختزنه ويملكه في سبيل رفعة هذه المؤسسة المباركة بإذن الله، وقد أكد منبع الخير أن كل يملك من أملاك وثروات فهو لصالح هذه المؤسسة التي يفتخر بأن تحمل اسمه العظيم الخالد وفي خوض بحر خير سلطان فحري أن أعرج لعمل خيري آخر يتعلق في المرأة ولما للمرأة من مكانة في نفس الأمير سلطان فهو من الذين يعززون مكانتها وأكبر شاهد على ذلك إنشاء مركز الأمير سلطان لسيدات الأعمال في المنطقة الشرقية، وكان له يد طولى في إنجاز هذا المشروع ولا أغفل في مسيرته الحافلة بالخير دوره في مساهمته في جمعية الأيتام وجمعية المعاقين وتواصله المستمر مع هذين القطاعين الإنسانيين وما لهما من اهتمام كبير من إسهاماته الخيرية تجاههما.
وبما يمثله الطب من أهمية في حياة الناس فقد حظيت منطقة القصيم من مشروعات الأمير سلطان الخيرية وهو مركز الأمير سلطان للقلب في مستشفى الملك فهد التخصصي بمدينة بريدة منطقة القصيم ولا زلت أذكر خلال افتتاحه له قبل سنوات كيف كان يخفف من معاناة المرضى من خلال اطمئنانه عليه والتحدث معه وقبل ذلك كله ابتساماته التي هي البلسم لكل الآلام التي يعانون منها، وأذكر خلال هذا اللقاء تحدثه بعفوية إنسانية مع ذلك الرجل الذي تجمعني فيه شيء من القرابة، وكان هذا الرجل يدعو له وكان رده عليه رحمه الله أنه لا يريد إلا المثوبة من الله وأنه واجب يحث عليه دينه ويتطلب منه وطنه، وهناك مشروعات أخرى لسلطان الخير في وطن الخير.. وضمن نطاق دوره في تنمية الوطن وتواصله واطلاعه على ما يدور في الساحة الثقافية ومعرفة كل ما يدور في هذا الجانب ولأهل الثقافة مكانة عند سموه ويلم بكل ما يتعلق في هذا العالم. ومن ضمن الاهتمامات للأمير الراحل حرصه على المشاركة في رياضة وطنه في مختلف المجالات الرياضية وفي طليعتها ظهوره المناسبات الرياضية وتكريم الفرق الفائزة وبخاصة البطولات التي تحمل اسمه وأيضاً دعمه الكبير للمنتخبات والأندية التي تمثل الوطن والاستقبال المتواصل الكبير في كل ما من شأنه رفعة وتطور الوطن من خلال نطاق الرياضة، المشاعر كلها حل في موطنها الحزن وتربع عليها الأسى، رحيلك صعب، كيف هو التعبير والوصف كله مؤثر إلا أن يقول:
جزاك الله خير الجزاء يا رجل الخير يرددها البعيد قبل القريب..
بيض الله وجهك يا سلطان القلوب يلهج بها من هنا ومن هناك..
أباحك الله يا من دافعت عن دينك ووطنك وأمتك يقولها القاصي قبل الداني.
شكر الله مساعيك الخيرة الكبيرة ويودعك بها الأيتام والمعاقون والأرامل والفقراء والمحتاجون، إن شاء الله مكانك في روضات الجنات في مقعد صدق عند مليك مقتدر، يتأملها ويرجوها جميع الملايين يخطئ من يعتقد أن قائد الخير وزعيم الإنسانية سلطان أنه قرب غروب شمسه لا أظن أن يرى أحد أن يكون ذلك لا وألف لا أن يغرب شعاع ووهج سلطان، طالما الشمس لم تشرق من مغربها، يجهل من يرى أن الابتسامة السلطانية المعتادة اختفت بعد اختفائه الدنيوي أبداً ومن الصعب أن يؤكد ذلك أيّ كائن أمراً غير صحيح ليعلم الجميع أن البسمة ستظل علامة مختصة لا ينفرد بها إلا سلطان، ستظل عبر سيرته العطرة، لا شك أن هذه الرحلة الإجبارية التي غادر معها سلطان لن تعود.
الأمر محزن لما تركته آثار كبيرة في دواخل مشاعري كل مودة ومقدراً لهذا الأمير الجليل ولكن يبقى هذا الرجل الفذ في قلوب كل محبيه، نعم هناك شيء مؤثر فرضته النهاية على نهاية هذا الإنسان الكبير وهو عدم تجدد البسمة الجميلة الطلقة من ذلك المحيا من جديد والبشاشة الصادقة التي كانت تسعد كل متأمل لها ما أصعبها من خسارة جمعت طيبة ومحبة وابتسامة تعدل كل الابتسامات البشرية للأمير الفذ سلطان، ولا استطيع الحديث أكثر، ولكن الحمد لله إن القلب ليحزن وأن العين لتدمع إنا على فراقك يا أبا خالد لمحزونون، ولا أستطيع الحديث أكثر عن فقيد الأمة والعالم أجمع إلا أن أسأل الله أن يرحم ولي العهد الأمين ورئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز؛ وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله وأبناءه والأسرة المالكة والشعب السعودي الصبر والسلوان.. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
كما أتقدم بخالص العزاء لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسيدي سمو النائب الثاني وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز وسمو أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز وكافة أشقائه والعائلة المالكة جمعاء؛ وأخص أبناءه أصحاب السمو الملكي الأمراء خالد وفهد وبندر وفيصل وتركي وجميع أشقائهم وجميع أفراد الشعب السعودي الكريم.
لرجل الوفاء وعنوان الوفاء سلمان الوفاء تحية إجلال وتعظيم, لوفائك الكبير تعرف الرجال حقائقهم في مواقف الشدة الأمير سلمان بن عبدالعزيز تمرس على المواقف الصعبة عرف أنه رمز من رموز الوفاء.. وهذا يعود إلى فترات متباعدة، فهو دائماً في مثل هذه الظروف يصر على الوقوف بجانب من تواجههم هذه الظروف من رحلات المرض عندما تكون الظروف الصحية تستوجب البقاء مع من لديهم مشاكل صحية في مواقع طبية بعيدة. وسلمان الوفاء مضرب في هذا المثل وفي هذا تذكير في هذا الجانب عندما تعود الذاكرة إلى الوراء كيف كان أبو فهد بجانب شقيقه الملك فهد -رحمه الله- قبل سنوات وخلال هذه الرحلة العلاجية تكبد وتحمل هذه لمواصلة الطويلة رغم مشاغله الجسام، بل كان يتابعها وهو في هذا المكان البعيد عن أهله ومحبيه ونفس الموقف كان له موقف أخوي كبير مع توأم روحه شقيقه الأمير سلطان -رحمه الله- من بدايات رحلته العلاجية رحمه الله، والقيام بالواجب في صلة الرحم نحو أحبائه شقيقيه الراحلين فهد وسلطان، وإن كان للأمير سلطان دروس في علم الوفاء فهو أيضاً كان له وقفته التاريخية من خلال مرافقته لأخيه الراحل الملك خالد رحمهم الله جميعاً.. شكراً سلمان على موقفك الأخوي الذي أنت أبرزته عنواناً للوفاء والمحبة والإخلاص والذي لا تريد منه سوى المثوبة والأجر من الله.
(*)أمانة المنطقة الشرقية - الدمام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.