لم يكن عادل الجبير يطمح إلى أن يصبح الرجل الرابع الذي يجلس على كرسي الديبلوماسية السعودية، بعد الملك فيصل بن عبدالعزيز، وإبراهيم السويل، والأمير سعود الفيصل (جميعهم أمضوا نحو 85 عاماً في وزارة الخارجية)، لكنه بالطبع كان يتطلع إلى أن يكون رقماً مميزاً في الديبلوماسية السعودية، منذ ظهوره الأول في وسائل الإعلام الغربية. لم يقلد في ظهوره أحداً ممن سبقوه. حاول أن يكون كما يعرف ذاته. استفاد من دراسته العلوم السياسية في جامعة أميركية شهيرة، كما استفاد من إجادته اللغتين الإنكليزية والألمانية، طبعاً إضافة للعربية. استغل إجادته اللغة الإنكليزية (خصوصاً اللهجة الأميركية) ليكون قريباً من رجل الشارع الأميركي، لهذا استطاع عادل أن يخترق صفوف النخب السياسية الأميركية في فترة وجيزة، ليكون الرقم الأميز. انتقل الجبير من ألمانيا، إذ كان يعمل والده، إلى الولاياتالمتحدة، واستطاع أن يتأقلم مع المجتمع الجديد، ليس هذا فحسب، بل استطاع أن يبني لنفسه المكان الذي يتطلع إليه، بعد أن عينه السفير السعودي السابق في واشنطن بندر بن سلطان كمتعاقد محلي، إذ لم تمضِ أيام كثيرة حتى كسب ثقة السفير، وأصبح الرجل الأقرب للسفير بندر بن سلطان. ترك بندر بن سلطان العمل في واشنطن. خلفه في المنصب الأمير تركي الفيصل، الذي ترك هو الآخر العمل في واشنطن، فابلغت الرياضواشنطن في عام 2006 بنيتها تعيين الجبير سفيراً لها في الولاياتالمتحدة، وذلك بعد أن أمضى عادل الجبير أكثر من عقدين في العمل الديبلوماسي بالسفارة السعودية الأكثر أهمية. تمكّن الجبير المولود في محافظة المجمعة عام 1962 أن يخاطب المجتمع الغربي ويحدثه عن بلاده بلغة يفهمها المواطن الغربي. كان يخاطب العقل الغربي، لا السياسي الغربي. تكمن صعوبة مهمة الجبير هذه في أنها جاءت بعد أحداث ال11 من سبتمبر، وبعد حرب كونية قادتها الولاياتالمتحدة ضد العراق، إضافة إلى تفشي ظاهرة الإرهاب التي يتهم بها الغرب العالم الإسلامي عامة والسعودية خاصة. استطاع الجبير أن يرسم ملامح صورة جديدة للإنسان السعودي في الإعلام الغربي. كان يقف في مقابلاته على طرفي نقيض، لكنه لم يقطع شعرة معاوية في جميع مقابلاته، وإن اتهمه «جناح ما» بالميل إلى «جناح آخر». في النهاية اختار عادل المستقبل مسرحاً لدوره في الديبلوماسية السعودية، وربما لهذا الاختيار كشفت واشنطن في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 عن محاولة إيرانية لاغتيال الجبير أراد تنفيذها منصور اربابسيار (أميركي من أصل إيراني) وغلام شكوري الذي يعتقد أنه من الحرس الثوري الإيراني. يأتي عادل الجبير إلى وزارة الخارجية اليوم في وقت يمر به العالم العربي بمنعطف تاريخي لم يسبق أن مرت به الأمة. دول شبه ساقطة، وأخرى تترنح، وثالثة تقف على بعد خطوتين من خطوط النار، فيما الجزء المتبقي يخوض حرب وجود ضد التمدد الإيراني في المنطقة.