أقصى مجلس الشورى السعودي من دون تبرير الإعلاميين مجدداً عن مناقشة موضوع يهم الشارع السعودي «وضع تنظيم خاص بمرتكبي جرائم التفحيط»، فيما عبّر أعضاء ومسؤولون في المجلس عن استغرابهم من فرض السرية على مناقشة موضوع مؤرق، ويشكّل انتشاره ظاهرة خطرة بين الشباب. وعلى رغم التعتيم الذي فرضه المجلس على مناقشة «التفحيط» في جلسة أمس (الثلثاء)، إلا أنه قام بنشر تفاصيل النقاش في بيانه الرسمي، وهو ما يزيد الأمر غرابة - بحسب أعضاء من المجلس في حديثهم ل«الحياة». وفتحت أبواب الشرفة الخاصة بالإعلاميين في المجلس على وقع صوت الدكتور فهد العنزي، وهو يتلو توصيات لجنته الاقتصادية لوزارة الاقتصاد والتخطيط بعد انتهاء مناقشة عقوبات التفحيط. ومع ذلك فإن أعضاء تحدثوا عن التفحيط أثناء مناقشة مواضيع أخرى في الجلسة – بحضور الإعلاميين، رابطين انتشاره بموضوع النقاش، منها حديث العضو سلطان السلطان أثناء مناقشة تقرير المدن الصناعية: «الشباب لو وجد برامج تعليمية تقنية، وبيئة محفزة وسكناً مريحاً، وتيسيراً لأمور الزواج لما توجهوا إلى التفحيط»، واستشهد العضو مفلح الرشيدي أثناء مناقشة عقوبة التشهير للجرائم الإلكترونية «قبل قليل ناقش المجلس تطبيق عقوبات بعد أكثر من 40 عاماً، على هذه السلوكيات المدمرة». وفي شأن آخر، باءت محاولة العضوين فهد العنزي وفايز الشهري بالفشل لثني المجلس عن الموافقة على إضافة عقوبة التشهير لمرتكبي الجرائم الإلكترونية، إذ اعتبرها الشهري في عصر التكنولوجيا عقوبة ممتدة لا يمكن محو أثرها. وفي الجلسة ذاتها، وافق مجلس الشورى على أن تعمل وزارة الاقتصاد والتخطيط على توظيف الموازنات المخصصة لها وفق الخطط الموضوعة لتحقيق أهدافها بكفاءة وفاعلية، وتطوير آليات فاعلة لاستقطاب الكوادر البشرية المؤهلة وإيجاد بيئة عمل جاذبة ومحفزة في الوزارة. وناقش أعضاء الشورى التقرير السنوي لهيئة المدن الصناعية الذي لم يمثلها أحد في «الشرفة» - كما جرت العادة، وأبرز ما جاء فيها مداخلة العضو سلطان السلطان، حين ذكر حواره مع مسؤولي المدن الصناعية، عندما سألهم: «لماذا مناطق التقنية لا تستثمر؟، فأفادوه بأنه لا يوجد لديهم أراضٍ»، ونقل السؤال لأمين مدينة الرياض السابق، فأجابه بأنه: «لم يأت إليه أحد»، ونقل السؤال مجدداً إلى وزير التجارة والصناعة، فطلبه «أن يبحث عن مستثمرين». أعضاء يدافعون عن المرأة.. وآخرون يطالبون بعدم تمييزها عاد الحديث حول حقوق المرأة السعودية تحت قبة الشورى، ومدى قوتها وضعفها مقارنة بالرجل بسبب مقترح تقدمت به الدكتورة منى آل مشيط، طالبت فيه ببرامج صحية خاصة للمرأة، وأشعل الحديث الدكتور مشعل السلمي الذي رأى إعطاء الحق للمرأة فقط واستبعاد شرائح المجتمع الأخرى مثل الشباب لا يتوافق مع تعريف أنظمة المملكة لمصطلح المواطنة، مضيفاً: «جميع شرائح المجتمع تحتاج برامج صحية، وليست هناك شريحة أهم من شريحة». وتسلم راية الدفاع عن المرأة العضو سعود الشمري الذي بدأ حديثه ب«المرأة ليست نصف المجتمع بل المجتمع كله»، مضيفاً: «في كل دول العالم المتقدمة والمتأخرة، هناك برامج صحية تستهدف المرأة تحديداً، المرأة في أغلب المجتمعات كائن أضعف من الرجل، ولا تستطيع الحصول على حقوقها بشكل مثل الرجل أو غيرها من فئات المجتمع». وأشار إلى أن تعرض المرأة بشكل عام للعنف الأسري والجنسي والجسدي يستلزم برامج صحية خاصة، ولا يعني ذلك إهمال الفئات الأخرى، ثم قام رئيس الجلسة الدكتور محمد الجفري بمداخلة وقال ممازحاً: «لا أتفق معك أن المرأة ضعيفة»، وأعقبتها مشاركة نسائية يتيمة من الدكتورة ثريا العريض، التي أثبتت نظرية الجفري بحسب قوله. الشعلان تطالب بمناشط ثقافية وفنية لمحاربة الانغلاق وصفت عضو مجلس الشورى الدكتورة لطيفة الشعلان المدينة السعودية ب«الطاردة» لأنها غير مؤنسنة بأنشطة ثقافية وفنية، مستدلةً بتعطش المجتمع الكبير لحضور مثل هذه الأنشطة في إشارة إلى الإقبال الكبير سنوياً على معرض الكتاب الدولي. وطالبت الشعلان أثناء مداخلة في جلسات «الشأن العام السرية» (حصلت «الحياة» على نسخة من مداخلتها)، بإقامة معارض كتب ومناشط ثقافية وفنية في مدن المملكة الرئيسة كافة مع توفير الحماية المطلوبة لها من فوضى الاحتساب. وأكدت الشعلان أن نشر الثقافة من خلال تأسيس ثقافة الكتاب والقراءة والنشاط الفني سلاح مهم ضد فكر التطرف والتعصب والانغلاق، مشيرةً إلى الفكر المتطرف (حاضنة الإرهاب) ينهل من الفكر الأحادي والمنغلق، كما أن أربابه والمتطورين فيه من الشباب هم ممن تشربوا ونشأوا على مصادر معرفية محدودة ومنغلقة. متمنيةً أن تكون هناك استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب، بحيث يكون المكون الثقافي حجر الأساس فيها. واستغربت الشعلان استمرار ظهور من يطلقون على أنفسهم «محتسبين» في كل منشط ثقافي على رغم وجود جهة رسمية تقوم بذلك، موضحةً أن استمرار هذا الاحتجاج واللغط بالاحتساب يتعارض مع جود قرار ملكي صادر عام 1431ه، ينص على معاقبة من يقوم بالاحتساب بشكل فردي، واعتبار فعله دعوة مبطنة لإضعاف هيبة مؤسسات الدولة في النفوس.