يقول المثل الشعبي: «جبناك يا عبدالمعين تعين لقيناك يا عبدالمعين تنعان»، وهو قول ينطبق تماماً على من نستقدمهم درءاً للمشكلات والقيل والقال من حكام أجانب لمبارياتنا المهمة والحساسة، والتي لا يغتفر فيها الخطأ... ولا تقبل الهفوة... ولا تقال العثرة، وكل شيء فيها هو مع سبق الإصرار والترصد، نحضرهم ونفرط في دلالهم والترفيه عنهم حد البذخ، وكأنهم قادمون من كوكب آخر، منتظرين أن يقدموا لنا تحكيماً مختلفاً، ولكن لأننا حقل تجارب، فمن يحضر لا يعنينا نصاعة تاريخه في التحكيم بقدر ما نبحث ونتقصى عن سجله في الكروت الحمراء والصفراء، وكأننا نبحث عن جلاد وليس حكماً، ولا يهم ان ارتكب أخطاء فادحة أو مؤثرة، بل إننا نمعن في الاحتفاء به ومعاودة إحضاره مرتين وثلاثاً وأربعاً، كلما احتجنا لحكم (أليس أجنبياً). نماذج من يحضرون غريبة وعجيبة، بعضهم مكفهر الوجه عابس، وبعضهم متعال يتصرف بفوقية وغرور، والآخر يسحب قدميه كأنه مكره على المجيء، ومع ذلك لا نجد الاحتجاج أو المناقشة بل يتقبل منهم كل شيء، وإن كان على مضض من البعض على طريقة مكره أخاك. لكن غير المقبول والمرفوض هو جسيم الأخطاء التي يرتكبونها، وهي توازي ما يرتكبه حكامنا السعوديون وتزيد أحياناً، ولعل مباراة الهلال والأهلي خير شاهد على أنهم (في الأخطاء إخوان) باحتساب هدف من تسلل بيّن، وغض الطرف عن عنف بعض اللاعبين والضرب المتعمد على رغم قربه من الحدث، ولو كان سعودياً من ارتكبها لنصبت له المشانق واتهم في ذمته ولا مانع من عقله. الاتحاد السعودي ليس هو من يتكفل مادياً بإحضار الحكام بل هي الأندية، وعليه فمن حقها المطالبة بحسن الاختيار واشتراط الكفاءة المهنية وليس الشكلية باحتساب عدد بطاقاته، وكأنها معيار لقوة شخصيته أو ذكائه وفطنته، فما الهدف من وجود حكام أجانب (هم المتردية والنطيحة) في بلادهم، إن لم يحدث وجودهم إضافة فنية في دورينا بتحكيم راق نزيه يتحقق به العدل، ويطبق فيه القانون وبه يقطع دابر الشك وسوء الظن والطعن في الذمم، أما أن يكونوا مجرد عبء مالي فلا مرحباً بهم. ليس هناك مانع من أن يتم احضار حكام أجانب، وهو حق مشروع للأندية المتضررة من الحكم المحلي الذي تذهب بعض أخطائه نقاطاً ثمينة لفرق تتنافس على الصدارة مثل الهلال والشباب والاتحاد، ولكن أن يتم احضار حكام أجانب لمجرد أنهم أجانب، فتلك «مصيبة»، خصوصاً أن الفرق أيضاً قد تخسر بحضرتهم وبأخطائهم نقاطاً أخرى، قد تتسبب في خسارتهم للقب، ولكن هذه الخسارة ستكون هذه المرة بعيون «ملونة».