أوصى المشاركون في مؤتمر «الاقتصاد الخلاق» الذي استضافته كوريا الجنوبيّة في مدينة ديجيون، برعاية من ال «يونيسكو» UNESCO و «الجمعية الدولية لمدن التكنولوجيا» WTA، بضرورة التركيز على العنصر البشري، وتبادل الخبرات دوليّاً. وحثّوا على بناء القدرات للمديرين والعلماء والكوادر البشرية في العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وضمان تأهيل أجيال من الباحثين والمبتكرين ورواد الأعمال في مختلف الدول. وحضّوا على تعظيم دور الجامعات في الاقتصادات الوطنّية وربطها بشركات القطاع الخاص والشركات الوطنية والإقليمية كوحدات للبحث والتطوير، بهدف حلّ مشكلة تمويل البحث العلمي، وكسب ثقة صُنّاع القرار. وشدّدوا أيضاً على ضرورة الاهتمام بتوفير بيئة مناسبة لتطوير حدائق التكنولوجيا التي اعتبروها قاطرة اقتصاد المعرفة المعتمد على الابتكار والأفكار الخلاق. كذلك حض مؤتمر «الاقتصاد الخلاّق» على نشر ثقافة الاقتصاد الخلاق المستند على الابتكار، باعتباره سبيلاً لتحقيق تراكم الثروات والارتقاء بمستوى المعيشة في مختلف المجتمعات، حتى الفقيرة والنامية منها. واعتبر المؤتمر أن «الاقتصاد الخلاّق» يساهم في تقديم حلول تكنولوجية متقدّمة ورخيصة يستفيد منها الجميع، خصوصاً من لا يتمتّعون بقوة شرائيّة كبيرة. وخلص المؤتمر إلى ضرورة الاهتمام بتبادل الخبرات والتجارب بين المؤسّسات والباحثين والمبتكرين وكوادر الابتكار في الدول كلها، من أجل مواجهة عمليات احتكار المعرفة تسويقاً وإنتاجاً. وشارك في فعاليات المؤتمر كوادر وقيادات الابتكار في ما يزيد على 30 دولة عربيّة وغربية منها: السعودية، ومصر، والكويت، وألمانيا، وفرنسا، والصين، وماليزيا، وكندا، والإمارات العربيّة المتحدة، وكورية الجنوبية، وجنوب أفريقيا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة. وفي المؤتمر، أكّد الدكتور عصام خميس، مدير «مدينة البحوث العلميّة والتطبيقيّة التكنولوجيّة» (مقرّها الإسكندرية)، على ضرورة ربط المؤسّسات الأكاديمية والبحثية بالقطاعات الصناعية المجتمع. واعتبر خميس أن توظيف البحث العلمي لخدمة الاقتصاد والصناعة يحقّق المصلحة العامة، ويزيد من الوزن المجتمعي والاقتصادي للباحثين والمبتكرين، ويوفر البيئة المحفزّة لهم، إضافة إلى التمويل الضروري لتحويل أفكارهم الابتكارية إلى منتجات على أرض الواقع. وأوضح خميس أيضاً أن أهم مشاكل الباحثين تتمثل في توفير التمويل اللازم لانجاز البحوث العلمية، مشيراً إلى أن شركات القطاع الخاص تقدر على توفير التمويل، «إذا تيقّنت أن هدف البحوث سيكون التنمية الاقتصادية والتطوير الصناعي، وليس لمجرد الترقيات الوظيفيّة». وتحدث خميس عن ما تقدّمه «مدينة البحوث» في البحوث وبراءات الاختراع التي تغطي مجالات متنوعة تشمل الهندسة الوراثية، والتكنولوجية الحيوية، والمعلوماتية والاتصالات، والمواد الجديدة، والتكنولوجية المتقدّمة، وزراعة الأراضي القاحلة. وخلص للقول إن «مدينة البحوث» تهتم بالمشروعات البحثية ذات الأهمية التطبيقية، باعتبارها قادرة على المساهمة في الاقتصاد المبني على المعرفة. دور «المؤسّسة العربيّة للعلوم والتكنولوجيا» في المؤتمر عينه، أشار الدكتور عبد الله عبد العزيز النجار، رئيس «المؤسّسة العربيّة للعلوم والتكنولوجيا»، إلى أن ذلك الحدث الدولي يتمتع بأهمية كبيرة في مجال تبادل الخبرات بين الدول. ولفت إلى مشاركة ما يزيد على 1200 خبير ومتخصص في مجالات الابتكار والابداع العلمي والتكنولوجي، في فعاليات المؤتمر. وأوضح النجّار أن ورشة حدائق التكنولوجيا شهدت مشاركة ما يزيد على 230 خبيراً من 30 دولة. ولفت إلى تزامن تلك الفعاليات، مع تنظيم معرض للابتكار عرض فيه عدد كبير من الابتكارات التي تحوّلت شركات مبدعة في إطار مُدن التكنولوجيا. ولفت النجار أيضاً إلى أن «المؤسّسة العربيّة» تهتم بالمشاركة المنتظمة في ذلك الحدث الدولي، لأنه يتماشى مع أهدافها ورسالتها التي تسعى للصنع مُدُن تكنولوجيّة («تكنوبوليس» Technopolis)، معتبراً أنه أمر ينسجم مع وضع العلم في خدمة الاقتصاد العربي. إذ تشكّل مُدُن التكنولوجيا إحدى القضايا المحوريّة لأنها تمثل قاطرة الاقتصاد المعتمد على الابتكار، وأساساً لمستقبل التنمية المستدامة. وفي السياق، أوضحت الدكتورة غادة محمد عامر، نائبة رئيس «المؤسّسة العربيّة للعلوم والتكنولوجيا» أن المؤتمر شهد عروضاً لقصص نجاح وتجارب رائدة في كوريا الجنوبيّة وعدد من الدول المتقدّمة. وأضافت: «قدّم في المؤتمر نماذج رائدة من الدول العربيّة والشرق الأوسط، ضمنها قصة نجاح عمره 14 عاماً ل «المؤسّسة العربيّة للعلوم والتكنولوجيا» التي استطاعت تأسيس ما يزيد على 74 شركة قائمة على الابتكار التكنولوجي، إضافة إلى دعمها لما يزيد على 110 شركات في مختلف مجالات التكنولوجيا الخلاقة». وأشارت عامر أيضاً إلى ضرورة تغيير ثقافة الباحثين والأكاديميين، بهدف التواصل بين الجامعة من جهة، والمجتمع والاقتصاد من الجهة الثانيّة. واعتبر الأمر فرصة لاقتناص ثقة صانع القرار السياسي والاقتصادي، بهدف حثّه على توفير حزمة من القوانين والتشريعات واللوائح التنفيذية، تُعظم دور المؤسّسات البحثية والأكاديمية في الاقتصاد والمجتمع. وخلصت عامر إلى الإشارة لعملية الانتقال حاضراً من مرحلة مجتمع ما بعد المعلوماتية إلى مجتمع المعرفة النوعيّة، المستند إلى استثمار البحث العلمي والابتكار التكنولوجي، في صورة منتجات قابلة للتداول في الأسواق.