بات تقرير غولدستون الذي اتهم إسرائيل وحركة «حماس» بارتكاب جرائم حرب في غزة، في عهدة مجلس الأمن، بعدما تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة توصيات التقرير في جلسة استثنائية أمس، بما فيها تلك التي تدعو إلى إحالة الملف على المحكمة الجنائية الدولية، في حال لم يجر الطرفان «تحقيقات ذات صدقية» خلال ستة أشهر.وفي هذه الأثناء، ارجأت مصر توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية، من دون أن تحدد موعداً جديداً لعقده، بعد يوم من طلب حركة «حماس» مهلة إضافية للتشاور قبل تسليم ردها النهائي. واعتبرت حركة «فتح» أن «الستار أسدل على مرحلة الحوار من دون التوصل إلى اتفاق... ولا يعنينا التمديد». وتبنى مجلس حقوق الإنسان القرار الذي أعدته السلطة الفلسطينية، بتأييد 25 دولة، في مقدمها الدول العربية والأفريقية وروسيا والصين، ومعارضة ست دول قالت مصادر فرنسية ل «الحياة» إنها الولاياتالمتحدة وإيطاليا وهولندا وأوكرانيا والمجر وسلوفاكيا، فيما غابت عن الجلسة فرنسا وبريطانيا وأنغولا ومدغشقر وقيرغزستان. وامتنعت 11 دولة عن التصويت. ويصادق القرار الذي تبناه المجلس على توصيات التقرير الذي أعدته لجنة برئاسة القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد غولدستون. ويطالب «الأطراف المعنية كافة، بما فيها أجهزة الأممالمتحدة، بضمان تطبيق» التوصيات، بما فيها الإحالة على مجلس الأمن لمتابعة تنفيذه. ويدعو كذلك الجميعة العامة للأمم المتحدة إلى النظر في التقرير، كما يطالب الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون بإبلاغ مجلس حقوق الإنسان بمدى التزام إسرائيل بالتقرير. وإضافة إلى ذلك، يدين القرار «في شدة كل السياسات والإجراءات التي اتخذها الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك فرض قيود على وصول الفلسطينيين إلى أملاكهم وأماكنهم المقدسة، خصوصاً في القدسالشرقيةالمحتلة». ورغم «الفيتو» الأميركي المتوقع في حال وصول التقرير إلى مجلس الأمن، فإن القرار سيبقي الضغوط على إسرائيل ويسلط الضوء على انتهاكاتها، كما يفتح الباب لمقاضاة قادتها في محاكم أوروبية. وفي حين بررت فرنسا انسحابها بأنها «لم تكن راضية (عن القرار) لأن الفلسطينيين لم يأخذوا بتوصيتها بضرورة إدخال تعديلات على نصه»، نقلت وكالة «أسوشيتدبرس» عن السفير الأميركي في المجلس دوغلاس غريفيث تعبيره عن «خيبة أمل» واشنطن إزاء القرار. وقال: «عملنا من أجل إصدار قرار يعترف بحق دولة في اتخاذ عمل مشروع لحماية مواطنيها في مواجهة تهديدات لأمنهم، وفي الوقت ذاته يدين انتهاكات القانون الدولي بغض النظر عن الفاعل... للأسف هذه ليست مواصفات القرار الذي أمامنا». واعتبر السفير الفلسطيني لدى المجلس إبراهيم خريشة أن «ساعة التقرير بدأت». ورحبت السلطة الفلسطينية بالقرار، داعية إلى «متابعته وفق آليات تنفيذ في مجلس الأمن، وأن يعتمده (المجلس) ضد الجرائم الإسرائيلية لضمان عدم تكرارها». وأعربت عن أملها في «اعتماد القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة». وبدورها، رحبت حركة «حماس» باعتماد التقرير، وتعهدت التحقيق في توصياته. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن الناطق باسم الحكومة المُقالة في غزة طاهر النونو شكره «الدول المصوتة لمصلحة التقرير... وندعو إلى أن يكون التصويت على القرار بداية لمحاكمة قادة الاحتلال». أما إسرائيل، فانتقدت تبني التقرير. واعتبرت وزارة خارجيتها في بيان أنه «يضر بالجهود لحماية حقوق الإنسان التي تتفق مع القانون الدولي، وكذلك بجهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط... ويشجع المنظمات الإرهابية في أنحاء العالم ويقوض السلام العالمي»، فيما اعتبر وزير الداخلية الإسرائيلي ايلي يشائي أن القرار «مناهض لإسرائيل... ومهزلة ديبلوماسية». وكان لافتاً موقف القاضي غولدستون الذي أعد التقرير، إذ تراجع عن موقفه الداعم للقرار الفلسطيني الذي عبر عنه قبل أسبوعين، قائلاً إن «مسودة القرار هذه تحزنني لأنها لا تتضمن سوى اتهامات ضد إسرائيل، وليست فيها عبارة واحدة تدين حماس مثلما فعلنا في التقرير». من جهة أخرى، أعلنت القاهرة إرجاء توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية. وقال مسؤول مصري في بيان أمس إن حركة «فتح التزمت بالتوقيت المحدد (لتوقيع الاتفاق) والموافقة على كل ما جاء فيه من دون تعديلات، في حين طلبت حماس مهلة من الوقت لمزيد من الدراسة والتشاور، علماً أن مشروع الإتفاق هو نتاج جهد مصري - فلسطيني على مدى شهور، وكل ما جاء فيه هو نص ما ورد في اتفاق اللجان الخمس التي شكلت من ممثلي الفصائل والقوى الفلسطينية». وأشار إلى «موافقة جميع الفصائل، بما فى ذلك فتح وحماس، على المقترح المصري لحل القضايا الخلافية التي ظلت عالقة». ووعد بالقيام «بالجهد اللازم لإنهاء الحالة التي نتجت من تداعيات تقرير غولدستون وتوفير المناخ المناسب لتوقيع هذا الإتفاق وتنفيذه في أقرب فرصة ممكنة». واعتبر رئيس كتلة «فتح» في المجلس التشريعي عضو وفدها إلى الحوار عزام الأحمد إن «الستار أسدل على مرحلة الحوار من دون اتفاق منذ الخميس الماضي». وقال ل «الحياة» إن حركته «تأمل في أن تقوم القاهرة بما سبق ووعدت به... وأن تعلن مَن عطل الحوار وعرقل إنجاز المصالحة». وشدد على أن «مرحلة الحوار السابقة انتهت، ولا يعنينا التمديد».