أمير منطقة تبوك ونائبه يواسيان مدير مركز الإنتاج الاذاعي والتلفزيوني بالمنطقة بوفاة والدته    الخارجية: المملكة تتابع بقلقٍ بالغ ما تداولته وسائل الإعلام بشأن طائرة الرئيس الإيراني    الأمير سعود بن نهار يلتقي رئيس مجلس إدارة اتحاد الغرف التجارية    بعد سقوط طائرته.. الغموض يلف مصير الرئيس الإيراني    الخلافات تتفاقم.. وزير يميني يطالب نتنياهو بحل مجلس الحرب    وزير الخارجية يبحث مع إسحاق دار ترتيبات زيارة ولي العهد إلى باكستان    مبادرة "طريق مكة" تسخّر أفضل الخدمات لضيوف الرحمن في بنجلاديش    طاقات عربية واعدة تجعل الإنتصار ممكنا    كاسب الرهان محمد بن سلمان    مانشستر سيتي بطلًا للدوري الإنجليزي 2023/24    بايرن ميونخ يتطلع للمستقبل بعد موسم بدون ألقاب    أمير منطقة تبوك يرأس اجتماع جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية    مكتبة الملك عبدالعزيز تطلق مهرجان القراءة الحرة    أرامكو السعودية توقع ثلاث مذكرات تفاهم خلال زيارة وزير الطاقة الأمريكي    اتحاد الغرف يعلن تشكيل لجنة وطنية للتطوير العقاري    صندوق تنمية الموارد البشرية يطلق منتج "التدريب التعاوني" لتزويد الكوادر الوطنية بخبرات مهنية    «الموارد»: رفع ساعات العمل للعامل المرن إلى 160 ساعة شهرياً لدى منشأة واحدة    سمو محافظ الخرج يتسلم تقريراً عن الحملة الأمنية لمكافحة المخدرات في المحافظة    إعفاء مؤقت للسعوديين من تأشيرة الدخول إلى الجبل الأسود    أمير تبوك ونائبه يواسيان مدير مركز الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني بالمنطقة بوفاة والدته    بطولتان لأخضر الطائرة الشاطئية    1.8% نسبة الإعاقة بين سكان المملكة    الشلهوب: مبادرة "طريق مكة" تعنى بإنهاء إجراءات الحجاج إلكترونيا    استمطار السحب: حديث الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد حول مكة والمشاعر يمثل إحدى فرص تحسين الطقس    نائب وزير الخارجية يشارك في اجتماع رفيع المستوى بين مركز الملك الفيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وتحالف الحضارات للأمم المتحدة ومركز نظامي جانجوي الدولي    غرفة أبها تدشن معرض الصناعة في عسير    يايسله يوضح حقيقة رحيله عن الأهلي    الجمعية العليمة السعودية للصحة العامة ساف تشارك في مؤتمر يوم الابحاث    علامة HONOR تعلن عن رعايتها لمسابقة إجادة اللغة الصينية بعنوان "جسر اللغة الصينية" في المملكة العربية السعودية    ملتقى النص المعاصر: احتفالية شعرية وفنية تُضيء سماء نابل    سفير إندونيسيا لدى المملكة: "مبادرة طريق مكة" نموذج من عناية المملكة بضيوف الرحمن    وزير الصحة الماليزي: نراقب عن كثب وضع جائحة كورونا في سنغافورة    مستشفى دله النخيل ينهي معاناة عشريني يعاني من خلع متكرر للكتف وكسر معقد في المفصل الأخرمي الترقوي    رياح مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من الشرقية والرياض    الديوان الملكي: تقرر أن يجري خادم الحرمين فحوصات طبية في العيادات الملكية في قصر السلام بجدة    بيريرا: التعاون فريق منظم ويملك لاعبين لديهم جودة    ولي العهد يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    شهداء ومصابون في قصف لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    الأوكراني أوزيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع في الرياض    رفضت بيع كليتها لشراء زوجها دراجة.. فطلقها !    صقور السلة الزرقاء يتوجون بالذهب    خادم الحرمين يأمر بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    البرق يضيء سماء الباحة ويرسم لوحات بديعة    المقبل رفع الشكر للقيادة.. المملكة رئيساً للمجلس التنفيذي ل "الألكسو"    27 جائزة للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة في آيسف    انطلاق المؤتمر الأول للتميز في التمريض الثلاثاء    الماء (2)    جدول الضرب    «التعليم»: حسم 15 درجة من «المتحرشين» و«المبتزين» وإحالتهم للجهات الأمنية    زيارات الخير    "مبادرة طريق مكة" تواصل تقديم وتسهيل خدماتها في ماليزيا    «تيك توك» تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    330 شاحنة إغاثية إلى اليمن وبيوت متنقلة للاجئين السوريين    تحدي البطاطس الحارة يقتل طفلاً أمريكياً    دعاهم إلى تناول السوائل وفقاً لنصائح الطبيب.. استشاري: على مرض الكلى تجنّب أشعة الشمس في الحج    مختصون ينصحون الحجاج.. الكمامة حماية من الأمراض وحفاظ على الصحة    كيلا يبقى تركي السديري مجرد ذكرى    قائد فذٌ و وطن عظيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقد لأوهام فائضة عن تطوّر الدماع بأثر الآلات! الكتابة والقراءة قادتا التطوّر عبر تدجين الفكر البدائي والارتقاء به
نشر في الحياة يوم 07 - 01 - 2014

لننس قليلاً ما يتهاطل باستمرار من شاشات هوليوود (غالباً باقتباس من روايات متفاوتة الجودة في الخيال العلمي) عن تطوّر دماغ الانسان تحت تأثير الذكاء الاصطناعي للكومبيوتر والشبكات الرقميّة والشاشات الذكيّة. الأرجح أن كثيراً من الرغبة الفائضة في اللعب على خيال «الإنسان المتفوّق» الذي داعب خيال فيلسوف متطرف مثل الألماني فريدريك نيتشه، يسرح ويمرح في ظلال هذه الأفلام، إذ يتخيّل معظمها أن إنسان القرون المقبلة ربما تمتّع بذكاء خارق بسبب تطوّر دماغه تحت تأثير التعامل المتواصل مع الذكاء الاصطناعي للكومبيوتر والشبكات.
لعل استوديوات صناعة الخيال تستسهل رسم دماغ متفوّق لبشر الغد، بل أن شيئاً من هذا الخيال حضر في عمل هوليوودي أشرف عليه مفكر متضلّع كجان بودريار، فضمّت أشرطة «ماتريكس» Matrix (سلسلة أفلام بدأ باخراجها الإخوة واتشوفسكي في ختام القرن الفائت، وأشرف بودريار على أوّلها) خلاصاً للبشرية يتولاه عقل قريب من أن يكون متفوّقاً وبالتالي منقذاً. ولعل الأكثر جدّة في مجال هذا الخيال هو صورة عن «إنسانيّة ثالثة» يرسمها الكاتب الفرنسي برنار فيربر في الجزء الثاني من روايته «البشر المُصَغّرون» (تصدر قريباً عن دار «آلبين ميشيل»).
ويتخيّل فيربر أن البشر يصلون إلى مرحلة من التقدّم العلمي تمكّنهم من التلاعب بالشيفرة الجينية للجنس البشري قاطبة، ما يؤدي إلى ظهور أناس أقل حجماً بكثير لكنهم أسطع ذكاءً بما لا يقاس، مع تركيزهم خصوصاً على تطوير الذكاء الآتي من الأنثى، باعتبارها الأقدر على مصالحة الذكاء العقلاني مع التوجهات الإنسانيّة العاطفيّة التي تميّز الكائن البشري.
التدجين بديلاً من... داروين
على مسافة بعيدة من هذا الخيال، ثمة ألسنة علميّة تتحدّث عن تطوّر دماغ الإنسان بطريقة أكثر تواضعاً وعمقاً، إذ تستند إلى رؤى عن ماضي تطور هذا الدماغ بالترافق مع مسار الحضارة، كي تحاول رسم آفاق الآتي من التطوّر. غني عن القول إن تلك الرؤى العلميّة متفاوتة، بل متناقضة في أحيان كثيرة، فالتناقض والتفاوت والتضارب والخلاف في الآراء هي أمور شائعة في مسار العلم، بل ربما كانت أحد أهم الآليات التي تحفز تقدّمه وتطوّره.
وبكلمات بسيطة، من المستطاع القول بأن دماغ الإنسان تفاعل مع الطبيعة وقواها ومعطياتها من جهة، ومع مسار ثقافي متصاعد لحضارة البشر من ناحية ثانية. ومن الممكن الاستناد إلى معطيات هذا التفاعل للوصول إلى بعض الاستنتاجات في شأن تطوّر الذكاء الإنساني وأثره في الدماغ. واستباقاً، يميل كثير من العلماء الى التحّفظ الشديد في شأن حدوث تغيير في تركيبة الدماغ نفسه، لكنهم أكثر تفاؤلاً بشأن تطوّر ذكائه. ولعل هذا الفصل بين الأمرين (الدماغ والذكاء) هو ما يعطي هذا النقاش حيويّته، على غرار ما يذهب إليه العالِم الأميركي مارك شانغيزي، وهو اختصاصي في علوم البيولوجيا العصبيّة التطوّرية. ويدير شانغيزي قسم «الإدراك الإنساني» في مختبر متخصّص في جامعة «بويس» في الولايات المتحدة. ويلخّص شانغيزي رؤيته عن ماضي تطوّر الدماغ الإنساني وذكائه (وكذلك رؤيته لمستقبلهما) في كتاب بعنوان يمكن ترجمته على النحو التالي «كائن مُروّض: كيف عملت اللغة والموسيقى على تقليد الطبيعة وحوّلتا القرد إنساناً» Harnessed- How language & music mimicked nature & transformed ape to man. وفي العام 2009، وضع شانغيزي كتاباً مثيراً بعنوان «ثورة في الإبصار: كيف بدّلَت البحوث المعاصرة كل ما ظننا أننا نعرفه عن البصر عند الإنسان» Vision Revolution: how the latest research overturns everything we thought we know about human vision. ويستند شانغيزي إلى معطيات شبه بديهية، على غرار القول بأن التطوّر الثقافي يسير أسرع بما لا يقاس من الانتقاء الطبيعي، وأن الثقافة دجّنت ما كان لدى الإنسان البدائي من قدرات، فتولّد من هذا التفاعل «التدجيني» مسار صعد تدريجياً بقدرات الدماغ، من دون المساس بتركيبته بصورة أساسيّة. في كلمات شانغيزي إشارات نقديّة عميقة إلى مقولات شهيرة للعالِم الإنكليزي الشهير تشارلز داروين عن الانتقاء تحت تأثير تفاعل الانسان مع الطبيعة وقواها، خصوصاً امتحان القدرة على البقاء بمعنى الاستمرار والتطوّر وبقاء الأصلح.
لم يتغيّر
إذاً يخالف شانغيزي الأنصار التقليديين لداروين في مناحٍ اخرى. فهو يرفض السؤال الذي يطرحه هؤلاء عادة عن آفاق التغيّر في دماغ الإنسان بالاستناد إلى دروس الحقب الماضية من تطوّره. كذلك يقلب شانغيزي هذا السؤال ليطرحه بالصيغة التالية: كيف اشتغل التطوّر الثقافي لحضارة الإنسان على «تدجين» (تماماً على غرار ما يفعل البشر مع الحصان مثلاً) القوى الأساسيّة للإنسان، في سياق صنع الحضارة؟
يشدّد شانغيزي على أن بشر اليوم لديهم دماغ لا يختلف كثيراً عما كان لأسلافهم في حقب بعيدة، من حيث التركيب، بل أن مكوّنات الدماغ تتولى صنع قوى عقلية كانت مهمة أيضاً لأجدادنا القدماء. ويرى أن كثيراً من «برنامج الذكاء» في دماغنا يعمل اليوم كالأمس الغابر تماماً، خصوصاً تلك القوى العقليّة التي تتصل بأشياء نراها نحن شديدة البداهة، كتلك التي تتحكم بالمشي المنتصب على قدمين، ومعاينة الأشياء بالبصر والحس، والتعرّف الى ظروف المكان والزمان. ويعتقد شانغيزي أن السؤال الأكثر حساسيّة يأتي من البحوث المعاصرة التي تشير إلى تقارب كبير بين تركيب دماغ إنسان الكهف وقاطن ناطحات السحاب، بل حتى تشابهه الكبير مع القردة العليا وأدمغتها. من أين تأتى للبشر هذا الذكاء المميّز والمتصاعد؟
يرفض شانغيزي بقوة القول بأن تركيب دماغ الإنسان تأثّر بالتطوّر، فظهرت فيه مناطق تستطيع التعامل مع معطيات عقلية معقدة كالموسيقى واللغة. ويرى ان تدجين ما يملكه الدماغ من قدرات أساسية وترويضها وتطويرها، هو المسار الذي أوصل إلى وضعنا المتقدّم حاضراً، وبالتالي من المستطاع التأمل في الحقبة التالية من تطوّر الذكاء، ربما عبر آلاف السنوات أيضاً، عبر مسار هذه العملية من التدجين للقدرات والقوى الأساسيّة في الدماغ، خصوصاً البصر والسمع ومجموعة القوى الإدراكية التي أعطت الإنسان دوماً قدرة متميّزة نوعيّاً في فهم المعلومات وإدراكها والتعامل معها وابتكارها أيضاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.