أكد رسوخ الوفاء والمبادرات الإنسانية.. محافظ الأحساء يكرم مواطناً تبرع بكليته لوالده    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة علي الصباح    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ علي عبدالله الأحمد الجابر الصباح    «التجارة»: 59% نمو سجلات الألعاب الإلكترونية    ارتفاع طفيف بتكاليف البناء    المدينة المنورة.. عالمية في تقنيات المدن الذكية    الليث.. وجهة بحرية    جذب شركات واستثمارات أجنبية واعدة..القويز: 1.2 تريليون أصول مدارة في السوق السعودية    نتنياهو يؤكد العمل مع واشنطن لتحقيق السلام.. ونائب ترمب: مهمة نزع سلاح «حماس» صعبة    بالونات مجهولة تثير مخاوف الأمريكيين    أداة جديدة لتوليد صور الحالة ب «واتساب»    ترمب يعلن إلغاء الاجتماع مع بوتين: «لم أشعر بالراحة»    رئيس وزراء مملكة إسواتيني يستقبل نائب وزير الخارجية    السعودية إلى كأس العالم    في الجولة الثالثة من «يوروبا ليغ».. أستون فيلا لمواصلة الانتصارات.. واختبار أول لدايش مع نوتينغهام أستون فيلا لمواصلة الانتصارات.. واختبار أول لدايش مع نوتينغهام    في الجولة السادسة من دوري روشن.. كلاسيكو مثير بين الاتحاد والهلال.. والنصر والأهلي في ضيافة الحزم والنجمة    ملك مملكة إسواتيني يستقبل نائب وزير الخارجية    تشيلسي يكرم وفادة أياكس بخماسية    المرور: الانحراف المفاجئ أبرز مسببات الحوادث    زوجة الجفري في ذمة الله    القعيري يحتفل بزواج عبدالله    اللواء الدكتور صالح المربع يرأس الاجتماع السنوي لقيادات الأحوال المدنية    برنامج ثقافي سعودي- فرنسي يمتد حتى 2030.. 50 مليون يورو لدعم مشروع «مركز بومبيدو»    «السمحانية».. جمال المكان وروح التاريخ    السينما.. ذاكرة حضارية    عرض مسرحية «المايسترو» مطلع نوفمبر    بيع 3 صقور ب 399 ألفاً في «المزاد»    أمر ملكي بتعيين الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    معقم الأيدي «الإيثانول» يسبب السرطان    نادي الساحل يكرم حملة التطعيم    نجاح عملية دقيقة لرضيع مصاب بالجلوكوما    339 مبتعثا يدرسون الأمن السيبراني بأمريكا    78 % ارتفاع عقارات مجاورة لمترو الرياض    الذهب يفقد بريقه مؤقتا تراجع عالمي حاد بعد موجة صعود قياسية    التراث يحفّز الاستثمار ويقود ازدهار المتاحف    تداول يغلق على ارتفاع ب40 نقطة    الفوزان مفتيا للمملكة    الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المشتركة تنظم فعالية "يوم المسعف الميداني" في وزارة الدفاع    ترمب: لا أريد اجتماعاً «بلا نتيجة» مع بوتين    النصر ينتصر على غوا الهندي ويعزز صدارته للمجموعة الرابعة بدوري أبطال آسيا 2    غداً .. انطلاق بطولة كأس العرب للهجن 2025 في وادي رم بمشاركة السعودية    قمة بروكسل: غزة في قلب الأجندة السياسية والإنسانية    المملكة تدين مصادقة الكنيست على قوانين لفرض سيادة إسرائيل على الضفة    سمو الأميرة نجود بنت هذلول تزور أمانة الشرقية    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال70 لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة    الأمير ناصر بن محمد يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي    نائب أمير منطقة الرياض يرعى حفل جائزة الاستدامة المالية    محافظ الأحساء يرعى توقيع اتفاقيات إستراتيجية لجمعية زهرة    وزير الثقافة يلتقي وزيرة الثقافة الفرنسية    غرفة الطائف تبحث فرص الاستثمار في التعليم الأهلي    أمير حائل يستعرض خطط وبرامج جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة    "الوداد" تحصد جائزة الأميرة نورة للطفولة في مجال جودة الحياة والرفاه النفسي للطفل    "القارب الفارغ".. كيف تتقن فن الهدوء وسط زحام الغضب؟    شريحة ذكية تعيد البصر ل84% من المكفوفين    محمد بن عبدالعزيز يشيد بمنجزات «محكمة إدارية جازان»    حراك متنامٍ    العنزي مديرا للإعلام والاتصال    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الأسلحة الكيماوية والنووية... و«التوازن الاستراتيجي» مع إسرائيل!
نشر في الحياة يوم 27 - 09 - 2013

يعرف «الحليفان الاستراتيجيان» في دمشق وطهران، جيداً وقبل غيرهما، أن لا مستفيد من نزع الأسلحة الكيماوية السورية وتدميرها أكثر من إسرائيل، إذا لم تكن المستفيد الوحيد.
لكنهما وأترابهما في المحور الذي يرفع لافتة «المقاومة» و«الممانعة» في المنطقة، لا يشيرون إلى هذه الحقيقة ولو تلميحاً.
وإذا كان السؤال الذي يطرح نفسه هنا عن الجهة التي قدمت هذه الهدية الثمينة لإسرائيل: روسيا، صاحبة المبادرة لتقديمها بعد التهديد الأميركي بتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري، أم الولايات المتحدة التي لا تني تؤكد التزامها أمن إسرائيل والدفاع عنها، أم هو النظام السوري نفسه من أجل بقائه بعد أن بات عنقه تحت المقصلة، فلا حاجة للنقاش في أن اتفاقاً بين الأطراف الثلاثة مفتوحاً على الطرف الرابع (إيران) كان في صلب قرار التخلي عما وصف دائماً بأنه عامل «التوازن الاستراتيجي» مع القدرة النووية الإسرائيلية.
وهذا يطرح بدوره السؤال الأساسي: هل انتقل الحليفان والمحور الذي يدور في فلكهما إلى «الخطة ب» في حربهما الإقليمية والدولية الشاملة، والتي تعني كما في كل معركة خاسرة، مجرد البقاء على قيد الحياة بعد أن سدت في وجههما كل الطرق والأبواب، أم أن ما حدث هو انحناء أمام العاصفة كسباً للوقت من ناحية وإعادة تجميع للقوى استعداداً لمعركة أخرى من ناحية ثانية؟.
الواقع أن قرار النظام السوري التخلي عن أسلحته الكيماوية لا يمكن فصله عن قرار المرشد الإيراني علي خامنئي تزكية انتخاب السياسي المعتدل حسن روحاني رئيساً للجمهورية في بلاده، ولا بعد هذا الانتخاب دعم مواقفه لجهة الانفتاح على الغرب والمنطقة، بما في ذلك أساساً ما يتعلق بالملف النووي الإيراني الذي أدى إلى عزل إيران ومحاصرتها وفرض عقوبات اقتصادية قاسية عليها على مدى الفترة الماضية.
وهو، بهذا المعنى، يشير إلى أمر من اثنين: إما أن هذا التحالف، الذي طالما وصف نفسه بأنه رأس حربة (بالتعاون مع روسيا والصين ودول البريكس) لإقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب على أنقاض نظام القطب الواحد، فضلاً عن نظام إقليمي جديد في منطقة الشرق الأوسط، قد اكتشف عجزه على الجبهتين معاً فقرر التراجع مكتفياً ببقاء الأنظمة والتشكيلات التي يتألف منها، أو أقله بحفظ ماء الوجه تغطية للعجز، أو أنه عاد مجدداً إلى تكتيكه القديم القائم على التقية والمناورة انتظاراً لمرحلة أخرى يستعيد فيها سيرته الأولى.
وأياً تكن الحال، فلا حاجة للقول إن رياحاً مختلفة بدأت تهب على المنطقة في الوقت الراهن، وأن زمناً قد يطول أو يقصر قبل أن تنجلي غيومها وتعرف شعوب المنطقة ودولها إلى أين تتجه في خلال المقبل من الأيام.
لكن، وعلى رغم ذلك، لا بد من ملاحظة عدد من المفارقات على الشكل الآتي:
أولاً، إقامة «سلام عملي» مع إسرائيل (العدو التاريخي للتحالف، وفق خطابه السابق) إن على مستوى النظام في دمشق الذي تخلى عن سلاح التوازن الاستراتيجي معها، أو على مستوى النظام في طهران الذي بادر رئيسه حسن روحاني إلى تهنئة يهود العالم في عيدهم الأخير، كما قال وزير خارجيته محمد جواد ظريف أنه لا يجوز إنكار المحرقة ضد اليهود في ألمانيا، أو على مستوى «التزام المبادئ الدولية» و«التسامح مع شعوب العالم كلها» كما قال روحاني في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويتناقض ذلك جذرياً مع مواقف التحالف التي كانت تبدأ وتنتهي طيلة الفترة السابقة، تارة عند مقولة «إزالة إسرائيل من الوجود» بلسان الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، وأخرى عند نبوءة «قرب اقتلاع هذه الشوكة» بلسان الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله، فضلاً عن إحياء «يوم القدس» سنوياً منذ عهد آية الله الخميني واعتبار التحالف وسلاحه واقتصاده مجرد تحضير ل «المعركة الكبرى» ضد إسرائيل والصهيونية العالمية.
ثانياً، اعتماد الحوار بدلاً من الحرب الشاملة مع الولايات المتحدة، رمز ما يسمى «الاستكبار العالمي» في خطاب التحالف الدائم، إن في ما يتعلق بالملف النووي الايراني الذي «لا نريده عسكرياً، لأنه يتناقض مع تعاليمنا الدينية» كما قال خامنئي أخيراً، أو في ما يتصل بالعلاقات مع السعودية ودول الخليج العربية التي «نعتبرها شقيقة وصديقة» كما قال روحاني من ناحيته، أو حتى في ما يتعلق بالموقف من بشار الأسد عندما أكد هذا الأخير أن بلاده ستؤيد أي رئيس ينتخبه الشعب السوري بعد التوصل إلى حل للأزمة الحالية في سورية.
وكل ذلك يختلف جذرياً كذلك مع ما كانت تقوله إيران وتفعله على امتداد الأعوام ال35 السابقة، وإلا فما هي الأسباب التي أدت إلى عزلها وفرض عقوبات دولية ضدها على خلفية ملفها النووي... وتلك التي أدت إلى «حرب باردة» بينها وبين دول الخليج والدول العربية الأخرى على خلفية تدخلاتها المذهبية والسياسية والأمنية في شؤونها... وأخيراً هذا الموقف الذي تتخذه من الثورة ضد حليفها نظام بشار الأسد وإعلانها أن سورية ليست سوى واحدة من المحافظات الإيرانية التي يجب على الدولة أن تدافع عنها بكل ما تملكه من وسائل؟.
ثالثاً، بدء سياسة إيرانية مختلفة بدورها تقوم على الانفتاح السياسي والاقتصادي والمالي في الداخل أملاً في حل مشكلات إيران على هذه الصعد، وكذلك الانفتاح على الخارج تدعيماً وإنجاحاً لهذه السياسة.
وكان لافتاً في هذا المجال إفراج روحاني عن عدد من الناشطين السياسيين الذين كانوا معتقلين منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2009، ومد يده إلى الولايات المتحدة والغرب لمعالجة قضية العقوبات المفروضة على بلاده وإنهاء حظر تصدير نفطها إلى الخارج (انخفض إنتاجها اليومي من 2,4 مليون طن سابقاً إلى مليون طن فقط الآن)، وتكرار دعواته منذ انتخابه قبل شهرين إلى «التعاون الاقتصادي» مع دول العالم ودول المنطقة بشكل خاص من أجل خير إيران وخير هذه الدول.
فأين «تحالف المقاومة والممانعة» ضد إسرائيل والصهيونية العالمية من ذلك كله؟، وأين هو من «الاستكبار العالمي» ممثلاً ب «الشيطان الأكبر» الأميركي، كما ممن دأب على وصفهم بعملاء هذا العدو وذلك الشيطان من العرب؟، بل أين «حقوق» الشعب الفلسطيني التي قسمت الأرض والشعب إلى كانتونين وشعبين بدعوى العمل من أجلها، تماماً كما حصل ولا يزال في السودان والعراق وإلى حد كبير في لبنان؟.
أم أن ما يحدث في حقيقته هو «التقية» إياها، بهدف الإبقاء على التحالف والأنظمة والتشكيلات الملحقة بها هنا وهناك، بانتظار مرحلة أخرى يعود فيها كل شيء إلى سابق عهده؟
* كاتب وصحافي لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.